إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

منصف المرزوقي أحدث موديل للرؤساء العرب

نضال حمد

نسخة للطباعة 2012-04-26

إقرأ ايضاً


ليست هي المرة الأولى التي يخرج فيها الرئيس التونسي منصف المرزوقي عن الأصول الدبلوماسية والأعراف الخطابية للرؤساء والحكام. فهو حين يقول ويصرح عبر وسائل الإعلام وفي الندوات أن رئيسا آخر لدولة أخرى ذات سيادة يجب ان يرحل حيا او ميتا ،إنما يسمح لنفسه التدخل في شؤون تلك الدولة. مما قد يسبب أزمة بين البلدين. ولا بد أن مواقف وتصريحات المرزوقي العدوانية والشرّانية اتجاه سوريا ورئيسها أن تترك آثارها على العلاقات الثنائية بين البلدين والحكومتين ، مع أمل بأن لا تؤثر كثيرا على علاقة الشعبين لأنهما شقيقين.

في الأسبوع الحالي تفرغ المنصف المرزوقي للخطابات المعادية للرئيس السوري بشار الأسد، وكأنه في دور تمثيلي مسرحي أعد ورسم له من قبل مخرج المسرحية. ففي اليوم الأول يطالب بتدخل عسكري عربي ضد النظام السوري ، ويفعل ذلك بعدما توقفت أبواق الناتو والبيت الأبيض عن الحديث في هذا الأمر. وفي حين المبعوث الدولي والعربي يواصل مهمته السلمية ، بينما المراقبين الدوليين يتوافدون الى دمشق. وفي اليوم التالي يقول ان الرئيس السوري سيخرج من سوريا حيا او ميتا. ، فيتنكر للجماهير السورية المؤيدة للرئيس السوري ويقف موقفا معاديا ومخزيا ضد سوريا وقيادتها القومية.

بالرغم من ان المرزوقي كان قد أعلن في مؤتمر أصدقاء سوريا والذي هو مؤتمر لأعداء سوريا معارضته لأي تدخل عسكري في سوريا ، وطالب بنفس الوقت الرئيس بشار الأسد وعائلته بترك السلطة واللجوء الى روسيا. وكان عرض أيضا على الرئيس السوري اللجوء في تونس. على الرغم من ذلك فقد طالب المرزوقي في تصريحات أطلقها يوم الأحد الموافق 22 ابريل الجاري بأن يكون هناك تدخل عسكري من قبل الدول العربية لإنهاء الأزمة السورية والمساعدة على الانتقال الآمن للسلطة هناك"، معربا "عن شعوره بالإحباط الشديد لما يجري في سورية .

غريب ان لا يحبط الرئيس المرزوقي مما يجري في دول عربية أخرى، وخاصة مما يجري في فلسطين المحتلة، حيث تخلى العرب جميعهم باستثناء سوريا وقيادتها عن مسؤولياتهم القومية اتجاه قضية فلسطين والصراع مع العدو الصهيوني. القدس مستباحة والاستيطان والتهويد فيها يجري على قدم وساق وحجاج الإسلام السياسي السلطوي يواصلون التطبيع عبر زياراتهم الى القدس المحتلة والمسجد الأقصى بتأشيرات دخول صهيونية وبحراسة من أجهزة الأمن والجنود الصهاينة. هؤلاء الذين ادعى مسيلمة مصر " المفتي علي جمعة" انه لم ير أي واحد منهم في الأقصى. مما جعل خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري يرد عليه ويقول له أنت كاذب لأنك جئت الى الأقصى بحراسة هؤلاء الجنود.

أما غزة الذبيحة والمحاصرة من قبل الصهاينة والنظام المصري والتي شهدت أبشع الجرائم والمذابح ومازال سكانها بلا كهرباء وأحيانا بلا ماء وغذاء ودواء ، لم تستدعي من الرئيس التونسي الجديد طلبا بتدخل عسكري عربي على الأقل لحمايتها وضمان حرية أهلها وفك الحصار عنهم ، على الأقل في غزة ، ولا نقول لأجل تحرير فلسطين فنحن نعرف انه لا المرزوقي ولا كل الحكام العرب من المحيط الى الخليج يملكون إراداتهم أو يستطيعون التقدم لو خطوة واحدة في هذا الاتجاه.

الرئيس المرزوقي المنتخب بشكل ديمقراطي في تونس لم يتوانى عن طرد السفير السوري من تونس مع أنه كان الأولى والأجدر به اتخاذ مواقف قوية مثل هذه اتجاه الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية وسفارات الناتو. فهل كان موقف المرزوقي اتجاه سوريا وسفيرها موقفا مبدئيا له علاقة بالالتزام بمبادئ الحرية والكرامة والعروبة والديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان؟ .. ام أنه جاء متسرعا وقراءة خاطئة للواقع السوري الذي ليس هو كما الواقع الليبي حين تم إسقاط القذافي وطرابلس عبر الفضائيات التي جندت العشرات أو المئات منها كبيرة وصغيرة للقيام بهذه المهمة. نعتقد أن قرار المرزوقي جاء عبر توجيهات غير تونسية أو جاء متسرعا لقلة خبرة سياسية وجهل بالدبلوماسية وادعاء بطولي في غير محله وفي غير مكانه وزمانه. وانحيازا فظا لطرف سياسي سوري يعتبر من حلفاء - أصدقاء المرزوقي - الذين يحكمون تونس الآن. فعملية طرد سفير سوريا ليست أكثر من موقف مشبوه متطرف سبق تطرف الإدارات الغربية وبالذات الفرنسية والأمريكية في الموقف من سوريا.

هل كان الرئيس التونسي او مازال يستطيع اتخاذ نفس الموقف بحق سفير البحرين مثلا ؟

لم نسمع المرزوقي ينتقد أعمال الإرهاب التي تقوم بها عصابات مسلحة وتنظيمات إرهابية وطائفية مدعومة من دول خليجية وعربية ومن تركيا والغرب والإدارة الأمريكية وذلك لخلخلة استقرار سوريا وتجزئتها وتقسيمها وإضعافها وتشتيت قوتها المسلحة التي تعتبر قوة عربية هامة جدا في مستقبل الصراع مع الصهاينة ومع أعداء هذه الأمة.

على كل حال هذا كله يمكن فهمه عندما يعود المرء ويراجع محطات سياسية في تاريخ المنصف المرزوقي ايام كان يعيش في المنفى الأوروبي.ولسوف يجد المتابع أن المرزوقي نفسه كان قد وقع يوم 22-5-2009 على رسالة موجهة لاوباما ، وقع سوية مع عتاة الصهاينة والماسونيين العالميين وأدوات أمريكا في المنطقتين العربية والإسلامية. الرسالة موجهة الى الرئيس الأمريكي اوباما و تطالبه بالتدخل في الشرق الأوسط من اجل تغيير الأنظمة ولكي تكون أنظمة جديدة تستوحي الديمقراطية الأمريكية.

جاء هذا في خبر منشور على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وفي موقع آخر رابطه باللغة الانجليزية موجود أسفل هذه الصفحة ، و يعود لتلك الحقبة من الزمن أي قبل الثورة التونسية ، حيث وقع المرزوقي مع مثقفين وشخصيات عالمية منها صهاينة وماسونيين على عريضة مشتركة مقدمة الى الرئيس الأمريكي بارك اوباما يطالبونه فيها بنشر الديمقراطية الأمريكية بالتعاون مع الحركات الإسلامية المعتدلة في الشرق الأوسط . ففي أيار عام 2009 تمت مخاطبة رسمية للرئيس" أوباما" للتدخل في الدول العربية والشرق الأوسط بهدف نشر الديمقراطية ووقع على الخطاب أشخاص أغلبهم من اللوبي الصهيوني والمحافل الماسونية.

و بحسب الخبر المنشور في فيس بوك فأنه في الصفحة 13 يوجد إمضاء السيد المنصف المرزوقي حيث يناشد المرزوقي أوباما وأمريكا للتدخل في البلدان العربية بهدف نشر الديمقراطية الأمريكية في بلاد العرب وشرق المتوسط. وكأن مصائب العرب ليست من صناعة الوحش الأمريكي الغربي الذي يتبنى الكيان الصهيوني ويدافع عنه بكل قوة وإصرار وتحدي للأمتين العربية والإسلامية.

بعد قراءة الرسالة الموجهة الى اوباما ورؤية توقيع المرزوقي عليها لا يجوز القول أن هناك مفاجأة في مواقف المرزوقي المعادية لسوريا.

*رابط للعريضة التي وقع عليها الرئيس المنصف المرزوقي

https://www.csidonline.org/documents/pdf/Open_Letter_to_Pres_Obama_about_Democracy.pdf

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024