مضى أيار ويمضي حزيران، ولا يستطيع الرئيس المكلف سعد الحريري تشكيل حكومة العهد الأولى، ويُواجَه بتعقيدات وقيود وملاكمات كلامية، رغم المحسّنات اللفظية التي يلجأ اليها المشتبكون بعد جولات من «طولة اللسان».
فعلاً الرئيس المكلف في وضع لا يُحسَد عليه، وهو سجين مرسوم التكليف، وما إن تُسدّ ثغرة حتى تطالعه ثغرات، بفعل توزيع الحصص وتحديد الأحجام على أصحاب الحظوات وعلاكي الكلام الذي ليس فيه تناسب بين القول والسلوك!
والواقع الذي يواجهه الرئيس المكلف ليس جديداً ولا طارئاً، لأنّ لبنان «المزرعة» محكوم بالمتغيّرات الإقليمية والدولية وتقاطعها مع الداخل اللبناني. وهو الأخطر على الدولة الطائفية لكونها بيئة مخزونة بالمتناقضات ولا تنتج إلا أزمات كالشغور السابق في اختيار رئيس للجمهورية إلى تشكيل الحكومات إلى محاربة الفساد المحمي.. ومثله كثير.
أما الشعب اللبناني فيعيش ضنك العيش ووجع الفقر وانشغال البال والخوف من المستقبل والاكتواء بالمرض والفساد والحاجة، من دون أن يعني ذلك شيئاً للمتخاصمين على الحصص والمختلفين على الأحجام والمواقع والحقوق المزعومة، وقد رُويَ لنا أنّ الرئيس المكلف قال لأحد المستوزرين: خذ ما أعطيناك وكن من الشاكرين؟ فأجابه: «هيدا حقي ليش أنت عمبطعميني من جيبتك»؟
نحن لن نقول للرئيس المكلف ما قاله الأديب الروسي تولستوي: «إنّ الذي لا يستطيع أن يشرح نظريته في خمس دقائق يجب أن يعدل عن ذلك».
بل نعيد على مسامعه ما قاله سعيد تقي الدين منذ عقود عدة: «في لبنان ثلاثة فرقاء… الموالاة والمعارضة والذين هم على حق».
|