منذ انعقاد منصة أستانا، وانبثاق مخرجاتها، والتي كان من أحد بنودها ملف لجنة مناقشة الدستور، برزت تحوّلات كثيرة ومعقدة تتلخص في الآتي:
بداية مع مسؤولية الأمم المتحدة عن تشكيل اللجنة الدستورية، والتي فُرضت من قبل المعارضة السورية، التي اتخذت من الحرب السورية مرتعاً لتغيير بعض قوانين دستور الجمهورية العربية السورية، رغم التغييرات التي أقرها الرئيس الأسد.
النزاعات التي حصلت نتيجة الخلاف بين المعارضة أنفسهم على التمثيل العددي لهم، والذي كان سبباً في تأخير الاتفاق، بالإضافة الى الرفض من قبل المعارضة لبعض الأسماء من جهة الدولة السورية.
التشرذم بين أفراد المعارضة أنفسهم في اتفاقهم على فرض جهة ثالثة لا تمثل الدولة ولا المعارضة بل مدنية.
مع فشل الأخضر الابراهيمي انتقل الملف السوري الى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، والذي لم يستطع إنهاء المهمة كما يجب تحت ذريعة عدم الاتفاق على العدد الممثل، بالإضافة الى تدخلات في التعيينات والذي رفضته الدولة السورية، لأنّ الحوار يجب أن يكون سوريا سوريا، وبلا إملاءات خارجية تنقلها المعارضة.
الأوضاع في الميدان السوري ومحاولة تأخير الاتفاق على تشكيل لجنة مناقشة الدستور، بذريعة عدم التوافق السياسي لما يجري ميدانياً، لإظهار الوضع الداخلي السوري انه في تراجع مع الاعتماد على اتهامات للدولة السورية باستخدامها للكيماوي، وادّعاءات كاذبة بسيطرة المسلحين على مناطق شاسعة من الجغرافيا السورية، والتي أجَّلت مسألة اللجنة بسبب التوترات المفروضة خارجياً.
اللعب على مسألة تشكيل لجنة مناقشة الدستور، لإطالة أمد الحلّ السياسي في المناطق التي تسيطر عليها فرق المعارضة الخارجية.
إلا انه وبعد كلّ المحاولات الفاشلة لمنع تشكيل هذه اللجنة، استطاعت الدبلوماسية السورية من جذب المعارضة الى طاولة الحوار، وفرض إملاءاتها بما يتناسب ويحافظ على الدولة السورية وسيادتها وحقوق شعبها.
ومع تسلّم غير بيدرسون حقيبة لجنة مناقشة الدستور، ومع كمّ الانتصارات الكبير الذي حققه الجيش العربي السوري والحليفان الروسي والإيراني، تسارعت خطى الإنجازات ليتمّ الاتفاق على الفروع الثلاثة والأسماء المُختلف عليها ضمناً.
ومع اقتراب مباشرة اللجنة لافتتاح أعمالها في 30/10/2019 في جنيف، يُعتبر انتصارا ًكبيراً يُضاف لانتصارات الدولة السورية في سياساتها الخارجية، وإنْ كانت تحت إشراف أممي، لتبدأ مرحلة جديدة من الحوار السوري السوري، والذي نادت به الدولة السورية خلال جميع مراحل اجتماعات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وبالتالي اتقلب السحر على الساحر، وما أرادته يد المتآمرين على سورية لم يلقَ مبتغاه، لأنه ورغم كلّ الضغوط السياسية والعسكرية على سورية، استطاعت قطع الطريق على من أراد لشعب سورية الفوضى والتمرد.
وأضحت طاولة الحوار الوطني السوري وعلى منصة جنيف بصيغة سوري سوري ، وهذا انتصار كبير ستنتقل مفاعيله الى تحت قبة البرلمان السوري عاجلاً أم آجلاً.
الجيش السوري ينتصر في شمال شرق سورية، والدبلوماسية السورية استطاعت استيعاب المعارضة تحت جناح الدولة الأمّ سورية، وما كان مفروضاً على سورية أصبح واجباً على المعارضة، لإثبات حسن النوايا، والقادم من نتائج الأعمال للجنة الدستورية سيثبت مدى أهمية إنشائها.
فالدولة السورية ركبت بحكمة سياسية موج المعارضة، ولكنها لن تسمح لهم بإغراقها، وكما قال وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم لجنة مناقشة الدستور بقيادة وملكية سورية ولا وجود لأيّ تدخل خارجي فيها ولا نقبل ايّ ضغوط أو تدخل في عملها .
|