من المعروف أنّ مقومات ايّ دولة تقام على الأسس التالية «السلطة والشعب والحيّز الجغرافي والقوانين والاحكام»، والولايات المتحدة التي تُعتبر من الدول القوية المؤثرة في العالم، تنتهج سياسة تدمير مقوّمات البلدان التي تخالفها، وبوسائل شتى، وبحسب اقتراب او ابتعاد أهمية الانصياع لتلك الأوامر.
وهذا ما شهدناه في كثير من الدول التي خالفت واشنطن من دول غربية وعربية، والأمثلة كثيرة، ولكن ما أودّ التركيز عليه هي دول الشرق الأوسط.
فمع بدء الحرب الإرهابية على سورية، ثم بالتزامن مع تسلم دونالد ترامب رئاسة البيت الأبيض، بدأت حماقات واشنطن تتكشف تدريجياً، وخاصة في الملف الإيراني، فالأسباب الحقيقية لفشل المخططات الأميركية تُعزى جميعها للجمهورية الإسلامية في إيران، ابتداء من تعاظم قوة حزب الله، والذي بدأت ملامحه تتأكد وتتشكل في حرب 2000 و2006، وصولاً الى الانتصار الذي يحققه محور المقاومة في عموم المنطقة.
هي أبجديات في قاموس السياسة الأميركية الغير مرغوب بها، فكيف لها ان توقف هذا الزحف الإيراني المقاوم؟ خاصة أنها تتلمّسه مباشرة على الارض العراقية، حيث وجود الحشد الشعبي المدعوم إيرانياً.
الحرب الإرهابية الاقتصادية وذريعة الملف النووي، لم تنجح في ثني إيران عن دعمها لمحور المقاومة، وهذا ما قصدته من ضرب إحدى أهمّ مقومات الدولة عبر الشعب، لتتسع دائرة الانهزامات بالجملة لواشنطن على ارض اعتبرها ترامب أرض رمال وموت، وحتى انّ ما صُنع على يد الولايات المتحدة بما يسمّى داعش، لم يؤت بالنتائج المرجوّة للقضاء على هذا المحور المقاوم، بل على العكس تعاظم في كثير من مجريات الحرب على سورية، وكذا في مختلف ساحات الصراع الإيراني الأميركي.
الانهزام والانكسار الأميركي ولّد لدى الرئيس ترامب حتمية ضرب إيران في صميم رجالاتها، عبر استهداف الجنرال قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني، ورفيق دربه النضالي الشهيد المقاوم أبو مهدي المهندس، وعلى أرض العراق.
الأسباب الحقيقية لاغتيال سليماني والمهندس ورفاقهما:
الشعور القوي للإدارة الأميركية عبر أجهزة استخباراتها وقواتها العسكرية على الأرض العراقية والسورية، بأنّ محور المقاومة أقوى مما كانت تتوقع.
* تضافر قوى المحور رغم الهيبة التي تتمتع بها سمعة الجيش الأميركي وحلفائه، والذي لم يشكل رادعاً لمحور المقاومة.
* وصول الحرب السورية الى خواتيمها بالقضاء على الإرهاب عبر التحالف السوري الإيراني، وما تقدّمه إيران عبر قيادييها للدولة والجيش السوريين.
*استمرار الدولة الإيرانية رغم كمّ الضغط والحصار الإرهابي الاقتصادي عليها لثنيها عن تحالفها مع الدولة السورية ومحور المقاومة بشكل عام.
* الشهيد سليماني يُعدّ ثاني أهمّ رجل في إيران، والذي يُشهد له في كثير من العمليات التي نُفذت على الارض العراقية والسورية.
*محاولة قذرة لإضعاف محور المقاومة عبر اغتيال أهمّ شخصية لشباب المقاومة ككلّ، والمعروف بشخصيته المؤثرة والفاعلة لإعلاء الحق عبر مكافحة الإرهاب.
* تحقيق رغبة الكيان الاسرائيلي في القضاء على أهمّ رموز قادة إيران والذين يشكلون العائق الاول الممثل لمحور المقاومة في تحقيق بنود صفقة القرن.
* السمعة التي يتمتع بها القائد الجنرال سليماني عالمياً، والذي جعل ترامب والبنتاغون يُقدمون على هذه الحماقة المدوية.
متغيّرات الساحة في الميدان السوري والعراقي، رغم مشهدية الحرب والفوضى، إلا ان أميركا ادركت ان اللعبة الغربية لن تجد لها مكانة في هذين البلدين، وانها غير قادرة على اختراق دولة إيران، فكان لا بدّ من انتهاك المقوم الثالث للبلد العراقي، وتنفيذ قرارها الأرعن بالاغتيال، والذي ادّى إلى استشهاد قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي الشهيد ابو مهدي المهندس.
محور المقاومة كان وما زال صامداً، وباستشهاد اهمّ رموزه لن يزيده إلا قوة وأضعافاً مضاعفة.
|