مجدل شمس التي تسجل العنفوان السوري في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، شهدت حضوراً قومياً اجتماعياً منذ ثلاثينات القرن الماضي.
من أبرز الذين انتموا من ابنائها الى الحزب نذكر:
- نور الدين كنج ابو صالح: انتمى على يد الامين كامل حسان عندما كان طالباً معه في الجامعة الوطنية في عاليه.
نور الدين دخل المدرسة الحربية ووصل الى رتبة لواء (1).
- كمال كنج ابو صالح الذي انتخب لاحقاً نائباً في مجلس الشعب السوري، وقد انتمى عندما كان طالباً في القدس حيث تعرّف فيها على مدرسين قوميين كانوا يعملون هناك.
عندما عاد الرفيق كمال الى مجدل شمس نشط في العمل الحزبي وأدخل في صفوف الحزب شباناً من عائلات ابو صالح، حداد ومرعي(2).
**
عن كمال كنج، كتب الصحافي والكاتب الرفيق محمد خالد قطمة، وأورد عنه وعن الرفيق كمال ابو لطيف، في كتابه "قصة الدولتين المارونية والدرزية" الصادر مع وثائق ومستندات في الكويت، في كانون الثاني عام 1985. وطبعة ثانية في بيروت في نيسان 1985.
في مقدمة كتابه يورد الرفيق محمد خالد قطمة قصة الدولتين، يقول:
" كنت في قبرص، صيف العام 1980. وفي صباح يوم من أيام تموز حملت الصحف نبأ مصرع الاستاذ رياض طه، نقيب الصحافة اللبنانية. وغمرني الحزن. فقد عرفت الرجل والتقينا مرات فجاء نبأ وفاته ليذكّرني باللقاء الاخير بيننا في الكويت.
لقد تربى رياض طه، رحمه الله، نفسياً في أجواء الحركة السورية القومية الاجتماعية، وذهب سياسياً في منحى العروبة مؤمناً بالوحدة العربية. وظل على ايمانه، فكان طبيعياً ان يثور ضد التجزئة حيث برزت لها أنياب او ظهر لنارها دخان. لذلك بادر يوم الثاني والعشرين من ايار 1973، وفي دار النقابة ببيروت، الى مصارحة اربعين صحافياً يمثلون مختلف الصحف السياسية اللبنانية ببعض ما لديه من معلومات عن المخطط الاسرائيلي لتقسيم لبنان الى دويلات طائفية ولإقامة دولة درزية في الجولان المحتل وجزء من الشوف والبقاع الغربي.
وتمضي الأيام والتقي النقيب رياض طه في فندق هيلتون خلال زيارة أخيرة قام بها للكويت. ويحدثني رحمه الله بخوفه على لبنان من أن يصبح دويلات ويبوح لي بما يملك من معلومات مذهلة عن المشروع الاسرائيلي.
وتبدأ رحلتي مع العذاب، بحثاً عن القصة التي ملأت نفسي بالرعب من ان ارى بلادي تمزق من جديد الى دويلات طائفية، بعدما نجحت فرنسا وبريطانيا بتمزيقها الى دول عبر اتفاقات سيفر ولوزان ومؤامرة سايكس-بيكو، والتي ادت الى اضعاف مركز القوة القومية فينا ومهدت الطريق لقيام الدولة اليهودية. وعدت الى كتاب الصحافي الهندي المعروف ك. كارنجيا "خنجر اسرائيل"، والى لقاء جمعني به في الكويت. ورحت أدوّن بعض الملاحظات التي اعثر عليها في الذاكرة او في أوراق صغيرة سجلت عليها ما سمعت. ولم أجد كبير عناء في الاقتناع بأن المخطط الاسرائيلي الذي بدأ بقيام دولة "اسرائيل" لن يتوقف الا بهزيمة "اسرائيل" العسكرية وتفسخها العرقي. أو بانتصارها علينا وتثبيت وجودها العرقي والديني بخلق دويلات طائفية، يصبح الوطن معها، أوطاناً يأكلها سرطان الطائفية فيلغي قوميتها ويضيع التراث ويسقط الانسان الذي علّم الدنيا الحرف وأقام الامبراطوريات وشاد للبشرية حضارات.
وعدت الى كمال الكنج وكمال ابولطيف ففهمت لماذا وضعا روحيهما على الأكف ولعبا مع الموت لعبة الرجولة، في وقت تعصف فيه الانهزامية في النفوس ويتصاعد مدّ الخوف وينحسر لهب الكبرياء. لقد اجتمع الرجلان على عقيدة قوية فهما قريبان، ويتحدران تاريخياً من أسرة واحدة، واستمرت العلاقة بين عائلتيهما دون انقطاع وأنهما يؤمنان بأن "كل مواطن خفير". "وأن دماءهما ملك أمتهما..."، لذلك لم ينحن كمال الكنج امام الإغراء الاسرائيلي والتهديد الاسرائيلي، ولم ينحن كمال ابولطيف أمام خطر السجن والمطاردة والاغتيال، فتعاهدا على فضح مؤامرة التقسيم وعملا من أجل الوطن حتى غاب الأول عن الدنيا بسبب التعذيب الذي لقيه في سجون الاحتلال، وذهب الثاني الى دنياه يعيشها بحساب من تنتظره رصاصة عند زاوية البيت او قنبلة في سيارته، كما حدث له قبل أمد قصير، فنجا منها بأعجوبة من أعاجيب القدر (3).
ولعلّ في نشري "قصة الدولتين المارونية والدرزية"، أزف الموت الى هذا الرجل، الشاهد الحي الأساس على المؤامرة، بل ربما كنت أسهم في سعي "اسرائيل" الى الانتقام منه وهي القادرة في لبنان على ذلك. ولكن ليعذرني كمال ابولطيف اذا كنت فضلت خدمة بلادي على حرصي على حياته. ألم يفعل هو الشيء ذاته حين خدع المخابرات الاسرائيلية وحوّلها الى أضحوكة، كما يظهر في هذه القصة؟ وإنني لأرجوه ايضاً، اذا قرأ كتابي، أن يكمل الطريق فيصحح ما أقع فيه من خطأ ويصوّب لي ما أكتب من المعلومات التي توفرت لي من ملفات الأحياء وملفات بعض الراحلين، ومن ملفات موجودة لدى أكثر من دولة عربية. كذلك فإن بعض هذه المعلومات وصل الي نقلاً عن أقارب وأحباء للمرحوم كمال الكنج، وتتوفر بكاملها تقريباً في ملف الدعوى رقم 14/69 التي نظرتها محكمة أمن الدولة العليا في دمشق".
***
1- من الجعبة - المجلد الثاني ص 192.
2- من الجعبة - المجلد الرابع ص 174.
3- استشهد الرفيق كمال ابو لطيف في منطقة راشيا في حادث مفتعل اودى بحياته صريعاً بالرصاص.
|