السويد تلك الدولة الواقعة في أقصى الشمال الأوروبي حيث الثلج و الصقيع والمتكئة بوداعة و أمان على بحر البلطيق ترتبط بالذاكرة الفلسطينية بالوسيط السويدي الكونت برنادوت فولك الذي اغتالته منظمة (ليحي)الصهيونية بعد أربعة أشهر من الإعلان عن قيام كيانها العنصري بسبب توصيته بسلخ النقب عن إسرائيل و ضمه إلى العرب.
تقترب السويد إلى حد كبير نحو تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بقضايا التحرر و حقوق الإنسان و كانت لها المبادرة على سيبل المثال بالاعتراف بكرواتيا عام 1992 و بكوسوفو عام 2008 رغم عدم سيطرة تلك الدولتان آنذاك على كامل جغرافيتهما الطبيعية.
يجتاح المجتمع السويدي موجة غير مسبوقة نحو تأييد الحق الفلسطيني في إقامة دولته و رفض شبه مطلق للاستيطان الصهيوني على الأراضي المحتلة عام 1967,و قد تم ترجمة هذا الرفض بإصدار مجموعة من
القرارات أصدرتها بعض المؤسسات الاقتصادية و المالية السويدية وحسب ما نشر على موقع ( والا
العبري) فقد أصدر صندوق التقاعد التابع لموظفي الحكومة السويدية قائمة تضم 16 شركة من دول مختلفة يسري عليها قرار المقاطعة بسبب انتهاكها لحقوق الإنسان لنشاطها و استثماراتها في المستوطنات الاسرائيلية و منها شركات وبنوك إسرائيلية (كبنك بو عليم و بنك ليئومي وبنك ديسكونت ) و (ِشركة
سيلكوم و بيزيك للاتصالات) كما مارس صندوقا تقاعد كبيران (ا ب 1-اب4) الضغوط على شركات أجنبية
لإلغاء مشاريعها في الأراضي المحتلة عام 1967 من ضمنها الشركات التي شاركت في إنشاء خط القطار الداخلي في القدس (شركة واؤليا و شركة ليستوم الفرنسية)
و أعلن صندوق تقاعد آخر تابع لوزارة المالية السويدية (ا ب 7) اعتزامه مقاطعة شركتين دوليتين بسبب نشاطه في المستوطنات الإسرائيلية كشركة البناء ( سيميكس) و شركة (اتش ب ) للحاسوب والالكترونيات بسبب صفقة أبرمتها مع الكيان الصهيوني لتزويدها بمعدات الكترونية كما قرر بنك نورديا السويدي و هو أكبر البنوك في الشمال الأوروبي مقاطعة شركة سيميكس الآنفة الذكر لنفس الأسباب.
مما سبق نستنتج أن قرار الحكومة السويدية الاعتراف بدولة فلسطين داخل حدود 1967 لم يكن قرارا انفعاليا أو متسرعا إنما جاء بعد دراسة متأنية ومتماهيا مع مزاج المجتمع السويدي. رغم ما تعرضت له من ضغوط أمريكية وإسرائيلية مكثفة لتعطيل هذا القرار.
بدون أدنى شك لقد شكل القرار السويدي العادل رافعة معنوية لنضالات الشعب الفلسطيني و دعم استمراريته حتى تحقيق هدفه بقيام دولته الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس كما أنه يشكل رسالة أكثر من سياسية للعدو الصهيوني بضرورة امتثاله للقرارات الأممية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وإدانة مباشرة لعدوانيته و عنجهيته العنصرية ضد الشعب الفلسطيني.
إن قرار الحكومة السويدية بقدر ما شكل دعما إيجابيا للمشروع الوطني الفلسطيني و صفعة قوية للمشروع الاستيطاني الصهيوني يعتبر خطوة أولية تحظى بتقدير كبير من الفلسطينيين شعبا وقيادة سياسية و لدفع الحكومة السويدية نحو القيام بخطوات أخرى داعمة للحق الفلسطيني لا يتحقق إلا بنشاط موحد و مكثف للجالية الفلسطينية والعربية في السويد بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني السويدي و الهيئات
السويدية ذات الصلة ليشكل مجموعهم مظلة و رافعة داعمة لصالح الحقوقالفلسطينية المغتصبة و لاختزال
زمن المعاناة و التشتت الفلسطيني.
|