إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

البيت الأبيض «يتأهّب» للإرباك في «إسرائيل»

روزانا رمّال - البناء

نسخة للطباعة 2019-10-02

إقرأ ايضاً


هي المرة الأولى التي تعيش فيها «إسرائيل» إرباكاً سياسياً من هذا النوع الذي قد يضعها امام انتخابات مجدداً. الأمر الذي يعطل الحياة العامة بالكامل بانتظار هوية الحكومة الجديدة، لكنها المرة الأولى ايضاً التي يتكشّف فيها حجم التباعد الإسرائيلي الداخلي سياسياً وتباين المعارك السياسية والأجندات التي يطرحها ما تبقى من شخصيات إسرائيلية فذة قادرة على تحمل عبء «الكيان» وثقله على الجوار والعالم.

يحاول بني غانتس أن يدخل نادي الصقور في «إسرائيل» التي تربّع على عرشها كل من شيمون بيريز وارييل شارون من أسماء في هذا التاريخ المعاصر الذي عايشته أغلبية من يشهد اليوم على طبيعة المتغيرات الكبرى في «إسرائيل». وبعد ايهود باراك وبن يمين نتنياهو تغيّر شكل الصقور ودرجة توسّعهم في منطق احتضان ايديولوجية الكيان من توسعي الى انكفائي في محطات عدة فرضتها الظروف، خصوصاً بانسحاب «إسرائيل» عام 2000 في حكومة ايهود باراك، لكنهم بقوا في الخندق نفسه. واليوم يحاول غانتس عبر «ابيض ازرق» الصعود بزعامة جديدة تهيئ الكيان لنوع آخر من التحديات والدخول لنادي الصقور يعني تشكيل حكومة قوية لم يستطع غانتس حتى اللحظة السيطرة عليها في ظل خيار حكومة «موحّدة»، واقتراب النتيجة مع نتنياهو.

تتحدّث صحيفة الغارديان البريطانية عمّا أسمته شلل في «إسرائيل» بعد ان كلف الرئيس الإسرائيلي رؤفين ريفلين «نتنياهو» بتشكيل الحكومة على أمل أن يتمكن من التوصل إلى اتفاق لاقتسام السلطة مع تحالف «أبيض وأزرق»، بحيث يتبادلان السلطة خلال الفترة المقبلة وبأن أمام نتنياهو ستة أسابيع لتشكيل حكومته، لكن المحادثات توقفت في الوقت الراهن وألقى كل فريق باللوم على الفريق الآخر. وفي حال إعلان «نتنياهو» عجزه عن تشكيل حكومة فسيكلّف ريفلين في الغالب غانتس بتشكيلها، لكنه في الغالب سيعجز هو الآخر ليصبح الاحتمال الأقرب هو إجراء انتخابات ثالثة بعدما أفرزت الانتخابات الماضية والتي قبلها انقساماً كبيراً في الساحة السياسية الإسرائيلية.

الأزمة هذه هي موضع استنفار كبير يعيشه البيت الأبيض الذي يضع على جدول أعمال الرئيس الأميركي دونالد ترامب مسألة وضع «صفقة القرن» أو العصر موضع التداول الدولي الجدي كمبادرة أميركية لعملية «السلام» الشامل. وبهذا إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومعه نهاية الصراع العربي الإسرائيلي. وبهذا يُعاد ترتيب الملفات الكبرى في المنطقة وحسابات موازين القوى التي استجدت جراء هذه القضية، خصوصاً لجهة موقع ايران المتقدم بالمنطقة ومعها حلفاؤها. الأهم أن الرئيس ترامب يرى وصهره جاريد كوشنير في بن يمين نتنياهو الشخصية الأوفر حظاً لتمرير المشروع المرفوض من قبل قوى إسرائيلية بارزة والمقلق بالنسبة لترامب صار اعتماده بالانتخابات المقبلة على هذا الملف الكبير كأرضية لشحد همم الأميركيين واكتساب تأييد اوسع من اليهود الأميركيين داخل أميركا وخارجها. ترامب لا يجد في هذا الامر ملفاً عادياً، وقد كرّس أولى إشاراته بأولوية هذا المشروع بنقل السفارة الأميركية الى القدس المحتلة. وفي هذا نجاح كبير وسط صمت عربي غير مسبوق. تُضاف الى ذلك جهود أميركية لتطبيع عربي خليجي كامل مع «إسرائيل» تمهيداً للمشروع أيضاً وقد نجحت في استقطاب دول خليجية بارزة وتبادل زيارات لشخصيات ووزراء إسرائيليين.

الإرباك نفسه يعيشه البيت الأبيض جراء فشل في ردع إيران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي الذي وقعته مع الدول الكبرى في فيينا عام 2015 والذي كان من المفترض بحسب الأميركيين كبحها او ردها عن مخططها في المنطقة إلا ان هذا لم ينتج اي تراجع، بل على العكس نجحت وحلفاءها في تهديد أمن ونفط الخليج وآخرها عبر قصف «أنصار الله» منشأة أرامكو النفطية والتي سبقتها جولات في مياه وأجواء الخليج أهمها إسقاط طائرة الاستطلاع الأميركية الأحدث في العالم.

الشلل السياسي في «إسرائيل» يربك البيت الأبيض، لكنه ايضاً يجعل من روسيا محط اهتمام كبير، نظراً لعلاقة جيدة جداً تربط بين بن يمين نتنياهو والرئيس فلاديمير بوتين أيضاً والذي تداولت معلومات حيال دعم نتنياهو بالانتخابات الأخيرة. والأمر يتعلّق أيضاً بترتيب العلاقة والتسويات بالمنطقة، بحيث سيصعب على الروس بدء هذا المرحلة المقبلة على مفاوضات في سورية تحديداً وسط هوية جديدة للحكم في «إسرائيل» وأولويات أخرى حيال التعاطي مع المحيط. فبني غانتس مثلاً يرى في المفاوضات والابتعاد عن الحرب ضعفاً كبيراً لـ»إسرائيل» ككيان ووجود قائم على القوة. وهو الآتي من خلفية عسكرية ومتحمّس لفرض نوع جديد من الأجندة حتى ولو بدا هذا للبعض «تهوراً».

وبين هذا وذاك تعيش «إسرائيل» ضياعاً كبيراً يجعل من إمكانية تمرير مشاريع في المنطقة صعباً ويجعل من إمكانية اعتمادها رأس حربة في المواجهة مع إيران مستحيلة، ما من شأنه إضعاف موقف الأميركيين وحلفائهم في المنطقة اكثر، وربما التريث في اكثر من ملف وهو بدون شك توقيت جيد لإيران لرفع منسوب القتال والتصعيد وحلفائها. الأمر الذي ربما انطلق من اليمن منذ أيام وهو تصعيد لم تعرفه الساحة اليمنية السعودية منذ الأيام الاولى لبدء الحرب.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024