إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

تفجير أحـقـاد

أنطون سعادة

نسخة للطباعة 1937-11-26

إقرأ ايضاً


وجد أخصام الحكومة في لبنان، في حلها المؤسسات العسكرية وفي مظاهرة شبان الكتائب واصطدامهم مع الجند، منفذاً لتفجير أحقادهم على رجال الحكم، وما كانت هذه القضية تغضبها بعض الجرائد وبعض المقامات المشبوهة أقول، وما كانت هذه القضية سوى شهوة صغيرة تغرغر في النفوس محاولة أن ترتدي ثوب العفة لتستر مخازيها عن عيون العارفين.


هذه شهوة الانتهازيين يقتنصون الفرص لتفجير أحقادهم فيتخذون من الدفاع عن المبادىء والكرامات والحريات وتشريد الشباب المثقف، جبهة واسعة يسترون بها عورات نفوسهم وما في نفوسهم ثعالب!


أيها الناقمون، ما كانت نقمتكم للجميّل الباسل ورفاقه يقعون جرحى تحت اعقاب بنادق الجند كما تزعمون!


ما كانت غضبتكم لانتهاك الحريات العامة وللدفاع عن المبادىء الوطنية يدين بها شباب الكتائب كما تزعمون.


ما كانت غضبتكم للدستور كما تقولون.


ما كان انفجاركم لأن سجن الرمل ومستشفاه غص بالشباب اللبناني المثقف كما تتبجحون ..


لا، هذه أحقادكم وشهواتكم تنفجر وما تصيب شظاياها الأكم، والأفعى يميتها سمها. أيها الناقمون للجميّل العزيز ابن الدكتور أمين الجميل من بكفيا، تصيبه ضربة في مظاهرة كان هو بنفسه على رأسها، يا رجال السياسة في لبنان، أين كنتم يوم كان سعاده يقع صريعاً تحت وطأة الحمى الفتاكة في سجنه في غرفة باردة حقيرة، دون أن تتجرأ صحيفة واحدة من صحفكم فتشير الى واجب الحكومة نحو السجين القومي ابن الدكتور سعاده من الشوير، جارة بكفيا، أين كنتم أيها الزاعمون أنكن تدافعون عن الحريات، يوم كان الشباب القومي في طول البلاد وعرضها، مشرداً في السجون تائهاً يطارده الجند.


أين كنتم يوم كانت حرمات المنازل مهتوكة يروع الجند الأطفال والنساء؟


أين كنتم يوم كان الشباب القومي في بكفيا يقع مهشم الرأس مكسر الأضلاع تحت البنادق؟


أين كنتم يومئذ فما تجاسر رأس واحد من رؤوسكم أن يطل من نوافذ مكاتبكم؟


أين كنتم، أيها الغاضبون اليوم لحرية الصحافة؟ فلم تغضبوا من الحكومة تمنعكم من نشر أخبار القوميين في السجن وخارج السجن، فسكتم كأنكم أصنام.


أتنسون يوم كنتم تنظرون الى قوافل الشباب تسير الى قصر الرمل... وأنتم شامتون هازئون؟


أنسيتم يوم كنتم تطلبون من الحكومة أن تضرب بيد من حديد على أيدي هذه "العصابة الشريرة".


أنسيتم يوم قمتم تهاجمون سعاده ورجاله كلكم، من رجال الصحافة فيكم الى رجال الدين، الى رؤساء المدارس، الى مخاتير القرى ونواطيرها!؟


أما كان الشباب شبابكم يومئذ؟ أما كانت القضية قضيتكم يومئذ؟


أيها الشامتون بالأمس.


هاكم اليوم بيان الزعيم النبيل يوجهه الى رفقائه القوميين، يدعوهم الى الرصانة والتعقل وألا يشمتوا بأبناء قومهم، لأن الشماتة والوشاية ليست من صفات القوميين.


هذا هو سعاده الرجل الكبير، يتمنى للشيخ الجميّل سلامة الرأس وعافية الجسم وقد تمنى له الجميل فيما مضى عكس ما يتمناه هو له اليوم.


كونوا كباراً هكذا، في محنة الناس أيها الشامتون.


ما كان أحسنكم لو كنتم تغضبون للحق في كل حين. ما كان أكبركم لو قتلتم شوارد نفوسكم وأنانيتكم الصغيرة في سبيل المبدأ والعقيدة.


ما كان أنبلكم لو تقضون على تعصبكم الطائفي تتركونه يطل برأسه البشع، لتحاربوا خير الدين الأحدب وحبيب أبو شهلا، بإسم الحق والمبدأ والعقيدة. ما كان أسمى هذه القضية تثيرونها في المدارس وفي الشوارع، حكة رحيمة في أجسادكم، لو كانت في سبيل مطلب كبير نبيل.


حاربوا الحكومة في لبنان، عن غير طريق التشفي والانتقام، اذا كنتم مخلصين حاربوها عن غير النعرات الطائفية الحقيرة إذا كنتم رجالاً.


حاربوها عن حق ومبدأ وعقيدة بجرأة وأنتم أنئذ رجال.


ما أحسن حرب المبادىء إذا كانت للصالح العام وخير الأمة وما أقبح الحرب إذا كانت في سبيل مقاعد قصري البرج والنجمة...



النهضة، العدد 38 في 26 نوفمبر 1937.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024