...
وإذا كان من قبيل الخيانة للبنان فالخائنون أولاً قد صاروا خائنين ثانياً، صارت خيانتهم مضاعفة. ومن ادعى أمور هذا الجيل المنحط الى الدهشة اسراع الخائنين الى المباهاة بخيانتهم وجهلهم بلا اقل شعور بالخجل والعار!
الحقيقة ان جميع الأدلة والبراهين تثبت خيانة الأشخاص أصحاب منشور "الانسحاب من الحزب السوري القومي". فللحزب السوري القومي يمين يحلفها كل طالب الانضمام الى صفوفه وهذه اليمين تنص على كمال مبادىء الحزب وغايته وعلى الاخلاص لهذه المبادىء وهذه الغاية. والمبادىء والغاية واضحة كل الوضوح ومطبوعة ومنشورة في كراريس وصحف عديدة. والذين يحلفون يمين الحزب وفي نفوسهم الاستعداد لمخالفتها والانقلاب عليها هم خائنون اولاً والخائنون أولاً لا يمكن أن يكونوا خائنين اخرا وليس لخائنين من آخرة غير الذل.
وإن إدارة هذه الجريدة مرخص لها من قبل ذوي صلاحية في الحزب السوري القومي اذاعة طرد أصحاب منشور المروق والخيانة استناداً إلى اعتراف أصحاب المنشور بخيانتهم وتلاعبهم بالعقائد والقضايا المقدسة وإلى عضوية الحزب السوري القومي، خلافاً لجميع عضويات الجمعيات والأحزاب المائعة المبادىء، والمناقب، هي عضوية مؤسسة، من الوجهة الحقوقية، على مبداً التعاقد التي لا يملك حله إلا المنظمة ذاتها في هيئاتها القانونية، ونص دستور الحزب لا يدع مجالاً للالتباس من هذه الوجهة.
والراجح من تعمد أصحاب المنشور المذكور إحداث ضجة إستغلالية حول إنقلابهم على ايمانهم انهم يفعلون ذلك إما بدافع الظهور بطريقة من الطرق مهما كانت سافلة أو بعامل التودد إلى أصحاب الحكم الحاليين في لبنان أو بقصد الطعن المجاني في الحزب السوري القومي الذي بذل في سبيل تنويرهم وتنظيمهم مجهوداً لم يستحقوه. ولا يفلح القوم المنافقون.
ومهما يكن من أمر مروق أصحاب المنشور الذي ذكرناه فلا بأس من تناول الحجج الواهية التي اتخذوها ستاراً لفعل الخيانة الذي ارتكبوه وهي الحجج المتعلقة "باستقلال لبنان" وقضية الحزب السوري القومي الاصلاحي الاجتماعي.
لا نريد أن نجادل اولئك "الراجحي العقول" في أمر "استقلال" لبنان وهل هو صحيح أو وهمي وهل هو لفائدة الأمة السورية الموحدة المصير، التي لا يخرج لبنان عن أن يكون جزءا منها، او لفائدة أهل لبنان خاصة دون السوريين، بل نفترض ان استقلال لبنان صحيح، كامل الشروط السياسية والاجتماعية والاقتصادية وان أهل لبنان سينعمون به، خصوصاً وأن روسية السوفياتية قد اعترفت به وأعلنت مثل هذا الاعتراف اميركانية وبريطانية.
نفترض كل ذلك ونفترض اننا لا نرضى لأنفسنا إلا ما ترضاه لنا روسية أو "الدول المتحدة" ولكن ما لا نجد منطقاً يسوغ قبوله هو أن "استقلال لبنان" يلغي القضية السورية القومية الاجتماعية التي تعني، بنص صريح ومبادىء واضحة، توحيد سورية اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وشق طريق الحياة المثلى لشعيها.
اننا لا نجادل أحداً أراد أن ينبذ اليوم مبادىء اعتنقها بالأمس ولا نناقش من لا يعرف فرقاً بين مسألة "استقلال لبنان" وقضية حياة الأمة السورية ووحدتها ورقيها، لأننا نعرف أن المدارك والمواهب حظوظ وأن الأخلاق قضية ليس هنا مجال بحثها. ولكن لا نظامنا يقبل ولا عقولنا تستسيغ أن يكون انقلاب نفر أو رهط من العاجزين عن حمل رسالة عظيمة كرسالة الحزب السوري القومي الاجتماعي على العقيدة السورية القومية الاجتماعية ومبادئها وغايتها الكبرى "انتهاء لقضية الحزب السوري القومي الاجتماعي".
...
يتبع
"الزوبعة"، العدد 81 في 30 أيلول 1944.
|