إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

إلى وليم بحليس 6 - الجزء الثالث

أنطون سعادة

نسخة للطباعة 1942-07-31

إقرأ ايضاً


الحزب السوري القومي


مكتب الزعيم



ولو انك وفؤاد تنصرفان إلى درس امكانيات دعم مكتب الزعيم وتأمين وسائل الإذاعة وإيجاد عدد من المتعاونين لكان ذلك أفضل لبلوغ ما يتمناه سواكما من المخلصين لأني حينئذ أتمكن من توزيع الأعمال المتعددة والقيام بعملية كبيرة واسعة في آن واحد تكفل مقداراً غير يسير من النجاح. أما إذا كنتما تعتقدان أني أحتاج إلى آرائكما قبل كل شيء وإلى نظريتكما في بعض أجزاء المجتمع كالأغنياء وغيرهم وان هذا ما يلزم للنجاح فأنتما في ضلال كبير. ولا يعني ذلك أنكما خاليان من كل رأي مفيد أو أنه ليست لكما لآراء يمكن الاستفادة منها، بل يعني انه يجب أن تهتما بالأكثر بما هو ضمن حدود معرفتكما ودائرة عملكما. فرأي فؤاد في استحسان إصدار بلاغ لمنع التقولات والتأويلات وان يكن قابل الاصطباغ بصيغة عامة كان رأياً بنياً على سبب في المحل عينه. وقد تبنيته وأصدرت بلاغاً في هدا الصدد. وهذا دليل على فهم الزعيم الواجب من الآراء وغير الواجب منها. فلو لزم كل واحد حدوده لما حصل تصادم. على أن المعلومات هي دائماً ضرورية وجميع الأعضاء الموظفين وغير الموظفين مكلفون بنقل المعلومات إلى مراجعهم أو إلى من يهمه الأمر. وصاحب الشأن يبني على المعلومات ما يشاء من الآراء. هذا هو النظام وبدونه لا يقوم عمل عام ناجح بل تصير الأمور والخطط فوضى آراء ومنازعات فردية.


وكم كنت وددت أن تكون أنت وفؤاد إلى جانبي. فقربكما إلي يمكني من إفادتكما من غير تعطيل الأوقات وعرقلة الأعمال. ولو أمكنكما أن تخصصا للعمل معي ضمن الخطة الكبرى لكان ذلك من أحسن ما أتمنى وحينئذ كنت أدربكما على القضايا والأعمال. ولكن أن تلزما حدوداً ضيقة من العمل القومي الاجتماعي ثم تقفزا فوق تلك الحدود كلما عنّ لكما أو لأحدكما وتطلب الإحاطة بحدود جميع الأعمال فأمر لا يمكن تحقيقه عملياً بدون إلحاق الضرر بأعمال المنظمة وخطتها. انه قد يخطر في بالك وفي بال فؤاد ان ما أقوله هو بعيد عما تقصدان. وقد يكون ذلك صواباً. ومع ذلك فقولي يعبر عن حقيقة الواقع التي قد لا تكونان فكرتما فيها.


تقول أن فؤاد يبدي رغبته في كتابة مقالات "للزوبعة" وانك شجعته. وأنا أود تشجيع فؤاد في ما يرغب فيه ويميل إليه. ولكن على فؤاد واجبات هو مسؤول عنها أكثر مما هو مسؤول عن التمرن على الكتابة وتعلم السياسة الاجتماعية – الاقتصادية بواسطة كتابة المقالات "للزوبعة". فهو قبل كل شيء رجل صناعي عملي مالي. ومعظم اجتهاده يجب أن يكون في هذه النواحي التي تخصص فيها ونجح. ولكن فؤاد قد استخف كثيراً بهذا الرأي الذي قاله الرفيق غالب بتعبير أعوج ومع ذلك فالرأي في أساسه وجوهره وجيه. فإذا كان المالي العملي يريد أن يصير أديباً وكاتباً سياسياً، مهملاً للأمور التي يحسنها ليجرب حظه في أمور لا خبرة ولا علم له فيها، والأديب والسياسي يريدان أن يصيرا صناعياً الواحد ومالياً الآخر، فما هي النتيجة التي تحصل للعمل القومي الاجتماعي؟ فوضى في فوضى. إن مبدأ توزيع العمل يقول بإسناد العمل إلى الذين يحسنون ولهم خبر فيه. وهو يقول أيضاً بعدم انتقال عاملين من جبهة أخرى إلا بأمر أعلى مبني على إلغاء تلك الجبهة أو على وجود من يحل محل العاملين المنتقلين. وإذا كان فؤاد يريد أن ينتقل من واجب درس قضايانا المالية وتسهيل أمورها بمقدرته العملية إلى الاهتمام بالشؤون الأدبية البحت أو الفكرية الاجتماعية التي لم يسبق له درس شيء من خصائصها العلمية والفنية فهذا لا يعني للحركة شيئاً غير مجاراة الميول الفردية البحت، لأنه لو كان الأمر على غير هذا الاتجاه لكان يكتفي بإبداء اآراء الفكرية أو العملية التي يراها مناسبة. فإذا وجدتها صالحة تبنيتها وكتبت أنا فيها أو كلفت من يكتب فيها ويكون فؤاد كفى نفسه مؤونة ترك ما يحسنه من الأعمال المفيدة ضمن دائرة اختصاصه والانتقال الى ما لا خبرة له فيه. وأقول لك أن اهتمام فؤاد بإصدار بلاغ عن موقف القوميين في أميركة ليس فكرة ما يمكن أن يتنبه لها غيره أو تغفل عنها الإدارة العليا. خصوصاً إذا وردتها معلومات بما يجري في بعض البيئات. وقد يخطر في بال فؤاد أن يصير مثل الذي حاول أن يصير سياسياً كبيراً ومتزعماً بالاستناد إلى مكانته المالية وكونه قد درس التجارة في الجامعة الأميركانية حين كانت لا تزال تدعى "الكلية السورية الإنجياية". وإلا فما هو السبب النظري أو العملي الذي يدفع فؤاد إلى الاهتمام بكتابة المقالات؟ وهل نحن في كل هذه الحاجة لتعدد أساليب الكتاب وزيادة عددهم.؟


لا بأس أن يكتب فؤاد مقالة كلما عنّ له ولم يكن ذلك معترضاً مع جهوده ضمن إختصاصه. فيوجد مجال لكتّاب يتناولون الموضوع بدراسة متفاوتة الرتية والمدى. أراك كاتباً ويوجد مجال لتكتب بدرس بين المدة والمدة وأن ترسل رسائل إلى "الزوبعة" تتحدث فيها عن حالة المستعمرة السورية في البرازيل وعن آراء الناس في الجريدة ومقالاتها في النهضة القومية الاجتماعية ومصيرها وهذا يفتح الباب لمعالجة ما يقال.


....


يتبع


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024