إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

القضية الوطنية جزء 2

أنطون سعادة

نسخة للطباعة 1924-02-01

إقرأ ايضاً


إن البيان المثبوت آنفا يفيد بصورة لا تترك مجالا للغموض" أن السوريين ... مازالوا ولن يبرحوا يعدون سوريا بحدودها الطبيعية وحدة لا تتجزأ مهما طرأ عليها من التقلبات الوقتية..." وأيضا "أن السوريين لا يتحولون عن مطلبهم الجوهري الذي اتفقت عليه برامج أحزابهم المختلفة وهو استقلال سوريا التام بحدودها الطبيعية..." فهذه هي النظرية المعقولة وهذا محجة الصواب التي يخفق لها قلبنا اغتباطاً وفرحاً فلقد كانت الأيام الماضية التي كانت تذهب فيها المحاولات اثر المحاولات على غير طائل للإثبات بالعلوم التاريخية والفلسفية والمنطقية أن سوريا بحدودها الطبيعية وحدة لا تتجزأ والتي كانت فيها الأحزاب السورية مختلفة اختلافا كبيرا ومتضاربة بعضها مع بعض تضاربا عظيما لا تؤثر فيها نصائح أهل العلم ولا تعمل فيها إرشادات أهل الدرس والاختبار، أياما مُرة تبعث على اليأس والانسحاق حزنا أما الآن فإننا لا يسعنا إلا أن نسر لأن السوريين قد تعلموا، بعد خراب البصرة، من اختبارهم الذي كلفهم كثيراً ما لم يريدوا أن يتعلموه من اختبارات غيرهم ونصائح وإرشادات وطنييهم الخبيرين المخلصين الذين أذابوا أدمغتهم ومهجهم في سبيل إيقاف السوريين بعضهم إلى بعض كالبناء المرصوص وجمع كلمة الأحزاب السورية على طلب لاستقلال التام يوم كان الطلب يجدي بعض النفع ان لم يكن كله.

لا نريد الآن أن نعود الى تلك الأيام التي كانت لدى كل وطني مخلص يقدَر عواقب الأمور جحيما له على الأرض ولكننا نريد أن نبحث قليلا في هذه اللجنة التنفيذية للمؤتمر السوري الفلسطيني في بيان صريح هو الأول من نوعه على ما نعلم في تاريخ مؤتمراتنا ثم نلقي نظرة على تأثير هذه النظرية في النظرية المعقولة التي أجمع عليها السوريين والأحزاب السورية وأذاعتها نهضتنا الوطنية وما هو شأنها في حاضرنا ومستقبلنا من حيث كوننا أمة تريد أن تحيا حياة تفيدها في راحتها وسعادتها وتفيد الإنسانية في تقدمها وارتقائها وما تضعه أمامنا من الممكنات وما تجعله فينا من القوى التي تمكننا من السعي المتواصل والعمل المنتظم وانتهاز الفرص السانحة لنيل الاستقلال والحرية اللذين بهما وحدهما يمكننا أن نكون أمة حية لها حريتها وحقوقها في عالم الحياة وعليها فروضها وواجباتها نحو الإنسانية جمعاء التي تحتاج إلى الأمم الصغيرة الناهضة العاملة في بناء الحق أكثر كثيراً مما تحتاج الى الأمم الكبيرة العاملة في بناء الباطل.

النظرية المتقدمة هي التي قال بها كتابنا ومفكرونا وانتمى لها كل المتنورين منا لأنها النظرية الوحيدة التي يمكن تطبيقها على الحقائق الفلسفية والاجتماعية والتاريخية التي تتناول حياتنا نحن السوريين جاعلة منا مجموعا لا يمكن بعضه مهما كانت حجته أن يتنصل من البعض الآخر، وهذه النظرية يمكن إثباتها بدون الاضطرار إلى الالتجاء إلى العلوم الاختصاصية بل بالدروس الفلسفية وبعض الاجتماعات التي لا تجعلنا أن نتدرج من بحث ضيق محدود إلى بحث واسع غير متناه قد لا تقف فيه تأملات المفكر عند قرار فنحن هنا نريد أن ننظر في مجموعنا المنفصل عن سائر المجاميع الأخرى كما يجب أن ينظر فيه على هذه الكيفية لا على الكيفية السابقة لوجوده فيها كما كان ذلك ممكنا على عهد الفتح العربي أو على عهد الفتح التركي وهنا يجب علينا التنبيه إلى أن قضيتنا الوطنية التي تكلم عنها الغير كأنها قضيتهم الخاصة قضية خاصة بنا نحن ليس لأحد غيرنا أن يتصرف بها كما يرد وذلك باعتبارنا منفصلين عن غيرنا انفصالا تاما كما هو الواقع، لذلك يجدر بنا أن نتكلم عنها بالحرية في مثل هذا الموقف ولكن لا بد لنا قبل ذلك من أن نثبت انفصال مجموعنا ووحدته التي تكلم عنها بعض السطحيين كأنها شيء غير موجود ثم توصلوا بعد تفكير ممل كان أشبه بحساب " خمس وخمس ستة" إلى القول أنها شيء لا يمكن وجوده.

.... للبحث صلة،

"المجلة" الجزء الأول، السنة العاشرة، فبراير 1924



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024