إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الواسطة تبرر الغاية

أنطون سعادة

نسخة للطباعة 1937-12-05

إقرأ ايضاً


الحقيقة انه لم يصب مجلس من مجالس الأمم القديمة والحديثة بمثل ما أصيب به المجلس النيابي اللبناني في جلسة الأحزاب المصطنهة. فقد حشد كا من جاء المجلس نائباً، ليثبت وجودخ، كل قواه العاقلو غير العاقلو ليوهم الغوغاء انه قد اصبح ذا شأن خطير يدلك على ذلك انه يلقي خطاباً طويلاً في المجلس النيابي وانه قد بلغ من الخطورة حداً يتمكن عنده من "مهاجمة" الحكومة والحملة عليها او انه قد بلغ من المكانة بحيث يصد عن الحكومة "الهجمات" بخطاب بارد نت العبارات والحجج العادية التي لا يخلو منها مقهى او مجتمع عائلي. ويلاحظ المطالع انه بقدر ما كانت خطابات "المهاجمين" حامية من حرارة ما يلتهب في صدورهم من غيرة في محلها او في غير محلها، او من ضرام غاية وجدجت في حوادث الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي الواسطة المبررة لها كذلك خطابات المدافعين باردة بتأييد حالة لا يرون لهم واسطة تبرر الغاية منها.

كذلك كان خطاب النائب نجيب نكد الذي كان له حظ اتخاذ الموقف الخطابي الذي تركه له زميله معجز البلغاء وخاتمة الفصحاء فريدة عصره ونسيج وحده السيد توفيق لطف الله عواد. فإنه خبط في خطابه على ضلال وعلى هدى فلم يهد الضالين ولم برد في هداية المهتدين، بل على العكس قام يدافع فجلب الحق على وجهة نظره وكان بليغاً جداً في ضعفه فأبرز للناس صورة كانوا في حاجة اليها ليهاجموا الحكومة والائتلاف اللذين تصدى للدفاع عنهما. وإليك هذا المثال البديع من بلاغته الفائقة الحدود المعتادة:

"لقد انتقدوا على المجلس بالأمس اختلاف اعضائه فقالوا: اختلفوا على الكراسي. ثم عاد فتم الائتلاف فقالوا: اتفقوا على تقسيم الوظائف والغنائم، فبأي الرأيين يجب ان نأخذ؟"

بالرأيين كليهما يا حضرة النائب لأنهما يتجانسان كل التجانس ويتفقان كل الاتفاق ولا يبقيان حاجة في نفس يعقوب؟

جريدة النهضة، العدد 45 في 5 ديسمبر 1937


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024