لا يمكن أن تكون العنصرية مُحبّبة، ولا يمكن أن يكون المرء غير مبالٍ إزاءها أينما وجدت، كما لا يمكنه أن يكون استنسابياً أو تعسّفياً في إدانتها. ذلك أن إدانة أدولف هتلر مثلاً لأنه عنصري شيء، وإدانة عنصريته لأنها صادرة عن هتلر العدو شيء آخر.
في إسرائيل، تصل العنصرية إلى حدّ الإشباع، وتعمّ جميع المجالات: المؤسسات التعليمية والجيش والقيادة السياسية والقضاء والخدمات الاجتماعية والتخصيصات، كما أنها تَسِم الحياة اليومية للإسرائيليين في قبالة الفلسطينيين. ليس المقصود هنا مَن هم في الأراضي المحتلة عام 1967، حيث الكراهية والعنصرية تصلان إلى ما بعد حدودهما القصوى، بل أولئك الذين يحملون «المواطنة» الإسرائيلية نفسها، لكنهم «مواطنون» من الدرجة الرابعة في الأراضي المحتلة عام 1948.
بالأمس، كما قبله، وكذلك ما سيليه، جدد أحد حاخامات إسرائيل، الحاخام في مدرسة «أبناء دافيد» الدينية غيورا ردلر، نظرته تجاه ذاته والآخرين. بالصوت والصورة، نشرت «القناة 13» التلفزيونية الإسرائيلية، تقريراً حول الكلية الدينية (ييشيفاه) «بني دافيد» في مستوطنة «عيلي»، والمعروفة كمعقل لتنشئة أجيال من العنصريين ضد العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً، على يد حاخاماتها. تحدّث ردلر، في التقرير، عن نظرية التفوق العرقي وسموّه، قائلاً إن «العرب معيبون وراثياً، ويحملون جينات معيبة في تشكّلهم، ولهذا عليهم أن يكون عبيداً لنا، إذ إن اليهود هم العرق الأسمى والأعلى». وأضاف إن «هتلر كان محقاً في نظريته، وقام بما قام به في توافق مع قناعته، التي هي صحيحة مئة في المئة، ولا تختلف عما يرد من حاخاماتنا». وأكمل أن «هتلر ينتمي إلى العالم الرجولي الذي ننتمي إليه نحن أيضاً، وليس إلى العالم النسائي الذي يدير الخد الآخر للمعتدي عليه». هذه الغطرسة لو بدرت من أحد سواه، في غير «دولته»، لواجهت إدانة دولية ممتدة بلا توقف.
على أن العنصرية لا تطاول «الأغيار» فقط، بل تتجلى داخل الجماعة نفسها، إذ بحسب ردلر: «المحرقة ليست أنهم قتلوا اليهود. الثقافة العلمانية والتعددية هي المحرقة. المحرقة الحقيقية هي التعددية الفكرية»، في إشارة منه إلى الأحزاب الإسرائيلية العلمانية وأفكارها، بما يشمل كل الأحزاب غير الدينية، من اليمين واليسار والوسط.
وفي تعليقه على كلام رادلر، قال رئيس مدرسة أبناء دافيد، الحاخام أليعزر كشتييل، إن «الأسياد هم اليهود والعبيد هم العرب»، وأضاف: «من الأفضل لهم أن يكونوا عبيداً لدى اليهود، وهم سعداء في أن يكون عبيداً، لقد ألغوا العبودية من ناحية قانونية، وبسبب ذلك لدينا خلل، لكن بإذن الله، ستعود العبودية». ورداً على سؤال، أجاب: «نعم توجد عنصرية، ونحن نؤمن بالعنصرية، إذ إن هناك أعراقاً في العالم، وهناك سمات وراثية لها، ونعم نحن عنصريون».
|