إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

من حسين الى حسين

الأمين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2012-09-18

إقرأ ايضاً


في أواخر ستينات وبدايات سبعينات القرن الماضي، كنت اتردد الى النبي عثمان، الهرمل، رأس بعلبك وقرى أخرى، حيث كان العمل الحزبي ناشطاً ونامياً.

في تلك الفترة، كان الأمين أنطون حتي ينظم زيارات أسبوعية الى النبي عثمان ليعاين المرضى مجاناً. اذ يصلها كان المنادي من مأذنة المسجد ينبىء عن قدوم الأمين الطبيب فيتوافد الأهالي الى طابق علوي كان يستقبل فيه الأمين حتي مرضاه.

في الطابق الأرضي كانت تقيم عائلة تعرّفت على ابنها البكر، حسين. أحببته قومياً ناشطاً، مؤمناً، ذكياً، مقداماً، يتحلى بكل الصفات الحلوة التي ترغب ان تراها في أي عضو من أعضاء الحزب.

ومضت الأيام، كنت كلما التقيت الرفيق حسين أسأله عن أهله، عن شقيقه حسن، شقيقته زينب، وكنت

أستعيد معه ذكريات العمل الحزبي في تلك السنوات الصعبة والحلوة، ومعاً نحلم بسنوات أحلى.

هذا الـ "حسين"، الرائع، سقط في أولى سنوات الحرب اللبنانية شهيداً في معركة الدفاع عن مركز الحزب في جل الديب. الى جانبه وقف رفقاء ورفيقات يواجهون سيل الهجمات ويردّوها، ويصمدون أشهراً الى ان اضطروا الى مغادرة المكان مع سلاحهم، مرفوعي الرأس، موفوري الكرامة، أمام دهشة الأهالي وإكبارهم من ان حفنة من المقاتلين القوميين الاجتماعيين استطاعت ان تصمد كل تلك الأشهر في مواجهة المئات المئات من المقاتلين المتدفقين من كل صوب بهدف إسقاط مركز الحزب.

منذ أشهر كنت في زيارة للأمين نصري خوري في مستشفى الجامعة الأميركية، اقترب مارد ليعرّف عن نفسه: أنا حسين أبن الكابتن. غمرته مستذكراً بلوعة وحب كبير، عمه الرفيق حسين. حدثته عنه. وشرحت له كم كان بطلاً، وقومياً اجتماعياً يحيا ايمانه مثالية ومناقب ووقفات عز.

يا ليتني لم أعرف حسين، الشهيد، ولم أعرف بعد ما يزيد على الـ 35 عاماً، حسين، المارد، الذي سقط في حادث سيارة، وهو يحلم، مثل كل قومي اجتماعي، ان يكون شهيداً في معركة، دفاعاً عن الأمة أو زوداً عن الحزب.

كلاهما باقيان في النبي عثمان، وفي حزبهما، ما بقيت النبي عثمان تنبض بحياة الحزب، وما دام حزبنا مغروساً في مجتمعه، ومصارعاً نحو الأعلى.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024