إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هل يعطل بري وصول عون للرئاسة؟

روزانا رمّال - البناء

نسخة للطباعة 2015-08-12

إقرأ ايضاً


لطالما فرض النظام الطائفي «التسووي» في لبنان أجواء من التجاذبات والسجالات في الجلسات العلنية والمغلقة لدى بحث الاستحقاقات الكبرى، ولهذا النظام خصوصياته الكفيلة في صبّ الزيت على النار حتى قبل ان تتوضح الأمور وتتمظهر خواتيمها فتتجهّز الاصطفافات وتتهيّأ القواعد لمواجهة الخصم السياسي الآخر عند أي دعوة للنفير العام في تلك الفئة إعلامياً وسياسياً وفي بعض المرات عسكرياً.

التجاذبات هذه التي تطبخ في الخارج بناء على قرار متخذ في بث توتر سياسي داخلي تنتهي غالباً بحلول يصنعها هذا الخارج نفسه، بعدما تكون أرضية إعلانها قد نضجت فيعلن عن مؤتمر ما او مبادرة او في أقلّ تقدير يؤخذ «بالتعليمة» المفترض مفتاح الحلول.

وعلى انّ الحلول في لبنان تحتاج دوماً لإدارة ناجحة وحوارات منتجة، فإنّ دور رئيس مجلس النواب نبيه بري في هذا الإطار منذ أكثر من 30 عاماً معروف لجهة قدرته على إدارة العملية السياسية في البلاد وتقريب وجهات النظر حيناً واتخاذ موقف حيناً آخر أو تدوير الزوايا من أجل إبعاد مخاطر قد يسبّبها بعض التطرف في المواقف والتمسك غير المجدي أحياناً ببعض الحلول النافرة.

الرئيس بري متهم اليوم من قبل قاعدة التيار الوطني الحر بتعطيل او بالوقوف في وجه فرص وصول العماد عون الى سدة الرئاسة وأيضاً تعطيل وصول العميد شامل روكز إلى قيادة الجيش لحسابات خاصة تنطلق من مصالح وحصص يتقاسمها مع حلفائه «الدائمين» هم حلفاء كلّ زمن حسب تعبير بعضهم: جنبلاط الحريري، ليبقى حزب الله حائراً ما بين إرضاء عون من جهة والتمسك بمخارج بري الموثوقة من جهة أخرى.

لا ينفرد الرئيس بري غالباً بخيار يطرحه بل يناقش مع حلفائه وخصومه الخيارات الأخرى، أما حزب الله فهو متفق مع ما يرتضيه عون سلفاً، فهو معه منذ ما قبل طرح ملف الرئاسة على ثوابت، ويعرف حزب الله موقع العماد عون وقدرته في قلب هذه اللعبة السياسية ان يحفز باتجاه تغيير المعادلات تمكن بري ان يتصرف بعدها من موقع تلقي عائد هذه المتغيّرات فيعيد تدويرها، وهذا ما ليس واضحاً في ذهن كثر حتى الساعة، لأنّ التركيز على إمكانات بري التعطيلية لدى شارع عون باتت أكبر من إمكاناته الإيجابية لمصلحة حلفائه.

واقعاً يؤكد العارفون بموقف الرئيس بري انه «يتمنى ان تكون هناك فرصة للعماد عون للوصول الى رئاسة الجمهورية لكنه معنيّ ايضاً ان يكون دائماً منفتح على الخيارات والبدائل «طبيعة الدور الذي يتبناه الرئيس بري كرئيس مجلس نيابي لبناني يتيح له ان يأتيه قادة الدول ومبعوثوها من كلّ أنحاء العالم، فالرئيس بري سياسياً ليس فقط ضرورة لبنانية داخلية إنما ضروروة سورية وضرورة لحزب الله وضرورة عونية ايضاً، ليكون الخط مفتوحاً على لحظات تعمّ فيها تسويات إقليمية غالباً ما يكون لبري جزء أساسي في صناعتها، فهو الذي يوصل رسائل ويجيب على رسائل تتصل بسورية او باليمن في بعض الاحيان، فهو ركن في حلف عريض.

كلام الرئيس بري الذي يبدو في كثير من الاحيان مراعياً ومسايراً لا يعني انه في لحظة الحسم مصطف في مواجهة العماد عون كما يُشاع وكما يعمل الطرف الآخر من خلال إيحاء أجواء تقارب وامتعاض او تململ حلفاء عون منه، خصوصاً تيار المستقبل، ووقوفهم لجانب بري، فبطبيعة الصراعات التكتية لا يجوز ان تحجب الاستراتيجيات، ودليل على ذلك عدم خروج التيار الوطني الحر من المجلس النيابي على الرغم من انه ضدّ التمديد له، فلم يحتج ولم يعارض او يتظاهر ضدّ الرئيس بري، وايضاً اهتمام عون بالشرح لبري عبر نوابه انه لم يكن مستهدفاً عندما قال انّ المجلس النيابي غير شرعي، فارسل نواب كتلته يوضحون انّ ما قاله عون لا يعني انه كان يقصد أنّ المجلس النيابي «غير قانوني،»

وأراد عون التأكيد لبري أنه لم يكن مستهدفاً بهذا الكلام، وانّ عون حريص ويتوقى «فتنة العبارات»، لذلك أرسل نواب التيار للتوضيح»، وقد أجاب بري بعدها: «خياراتنا مع عون استراتيجية وواحدة رغم اختلافنا تكتيكياً».

يغفل من يصرّ على تحميل الرئيس بري مسؤولية قطع الطريق على وصول عون إلى الرئاسة أنّ بري غير قادر على ذلك اذا كانت هناك فرصة اقليمية حقيقية لوصول عون الى الرئاسة فالرئيس بري غير قادر على رفع الفيتو السعودي او الاميركي عن العماد عون، وبالتالي لا يمكن ان تتمّ محاسبته على هذا الاساس بتاتاً، اما من جهة اخرى اذا إراد بري طرح اسم آخر فإنه حتماً لن يمرّ بدون موافقة حزب الله واستطراداً التيار الوطني الحر.

لا تتمّ إعادة النظر عند حزب الله إلا اذا قرّر عون اعادة النظر بترشيحه، ومحاسبة بري تكون عندما يتلكأ أمام إمكانية فرصة حقيقية إقليمية وداخلية تؤكد مجيء عون وهو وحده من يرفضها، والحديث عن تكتلات مع آخرين لإسقاط عون غير صحيح، فبري يرابض مع الحلفاء ويتحاور مع المعنيين بانتظار فرصة اقليمية ليكون جاهزاً في اي مسار جديد يحسم الرئاسة.

يبقى تبني الرئيس بري لفكرة اقتراح قانون اللواء عباس ابراهيم رفع سنّ التقاعد للضباط قبل التسريح من الخدمة خير دليل على انّ مشروعه الفعلي لقيادة الجيش هو شامل روكز.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024