إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أعجوبة القرن: الأكراد يقاتلون في آن معاً تركيا وسورية و«داعش» والمعارضة المسلحة... كيف؟

ميشيل حنا الحاج - البناء

نسخة للطباعة 2016-08-30

إقرأ ايضاً


القرن الواحد والعشرون قرن غريب عجيب فعلاً، ففيه شهدنا المعجزات تحدث وتتجلى أمام أعين الجميع، من دون أن يتفضّل أحد بإيضاح كيفية حدوثها.

واذا كانت قضية غزو أفغانستان، ربما تكون مبرّرة، بذريعة قيام تنظيم «القاعدة» الذي يتخذ من أفغانسان مقراً لقيادته، بتنفيذ تلك التفجيرات المريعة فعلاََ في نيويورك وواشنطن، في الحادي عشر من أيلول 2001، فإنّ قضية غزو العراق، بعد عام ونصف العام تقريباً، لم يكن لها مبرّر إطلاقاَ، كما ثبت ذلك لاحقاً، بعد صدور تقرير اللورد جون شيلكوت، الشهير واعترافات توني بلير وكولن باول، ولاحقاً، اعترافات جورج دبليو بوش، نفسه، في مذكراته. فالغزو تمّ بشكل قاطع، استناداً إلى مبرّرات كاذبة وملفقة.

وهكذا، يكون المرور الآمن لغزو العراق، رغم ما سبّبه من مقتل قرابة مليون إنسان، وبقائه من دون ملاحقة المسؤولين عنه قضائياً وجنائياً، هو أحد أعاجيب القرن الحادي والعشرين النادرة. فهناك سوابق كثيرة لملاحقة آخرين على جرائم حرب، أو جرائم ضدّ الإنسانية، رغم أنّ جرائمهم، مهما كانت بشاعتها، ربما كانت أدنى بشاعة وآثاراً من جريمة غزو العراق. ومن هؤلاء الزعيمين الصربيين الوطنيين باتكو كيرادزيك وميدلاديك رادوفان، إضافة الى حسين هبري، الرئيس السابق لتشاد. مع وجود محاكمة قائمة، لكنها معلقة لعدم كفاية الشهود، للرئيس الكيني أونهورا كينياتا. ومذكرات توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير، وأخرى بحق الرئيس الراحل معمر القذافي، الذي لاحقته طائرات حلف الأطلسي، إلى أن تسبّبت في مقتله، في مخبئه، على يد ملاحقين آخرين له على الأرض. أما بوش، بلير، تشيني وغيرهم ممن ارتكبوا جريمة حرب، بل وجرائم ضدّ الإنسانية، نتيجة أعمال التعذيب التي مارسوها على عدد من العراقيين، فقد ظلوا طليقين وغير ملاحقين إطلاقاً، لا لشيء، إلا لكونهم ينتمون للدولة الأقوى في العالم، وزعمائها لا يخضعون لمحاكمات أو محاسبة ما على شرّ أعمالهم.

تلك كانت بحق وجدارة، أعجوبة القرن الحادي والعشرين الأولى. لكنها لم تكن الأخيرة، فقد تبعتها أعجوبة أخرى هي الظهور المفاجئ من المجهول لذاك المارد المسمّى «الدولة الإسلامية ـ داعش». وها نحن نشهد الآن معجزة ثالثة، هي ظهور مارد آخر، فجأة وبقوة غريبة أخرى، هو المارد الكردي، الذي بات الآن يقاتل وفي آن واحد، كلاً من تركيا وسورية و«داعش»، وأحياناً يقاتل التنظيمات المدرجة ضمن ما ما يسمّى «المعارضة السورية المسلحة»، التي اشتبك معها مراراً في الماضي، وما زال يشتبك معها أحياناً، بين الفترة والأخرى، خصوصاً كلما اقتربت من مواقعه.

أعجوبة ظهور «داعش»

قيل الكثير من قبل عن كيفية ظهور «داعش»، الذي لم يكن مفاجئاً تماماً، لدى بداية ظهوره. إذ كانت بداية ظهوره في عام 2006 كحزب سياسي عادي، باسم حزب «دولة العراق»، الذي سرعان ما استبدل اسمه بحزب «دولة العراق الإسلامية»، معلناً مبايعته لتنظيم «القاعدة». وجاء ذاك الظهور واستبدال الاسم والانتماء إلى «القاعدة»، تحت سمع وبصر قوات الاحتلال الأميركي. واقتصر دور «دولة العراق الإسلامية» المعلن، في البداية، على مقاومة الاحتلال الأميركي، وذلك بانخراطه ضمن تنظيم المجاهدين الاسلإميين العراقيين، الذي أسّسه أبو مصعب الزرقاوي. بل ووصل إلى مركز قيادته، خصوصاً بعد رحيل أبو مصعب الزرقاوي، الذي اغتاله الأميركيون في عام 2006 أيضاً.

لكن «دولة العراق الإسلامية» لم تكتف بدورها القتالي في العراق، إذ أنها بعد نشوب التمرّد المسلّح في سورية عام 2011، أرسلت بعضاً من رجالها للمشاركة، جنباً إلى جنب، مع «جبهة النصرة» المنتمية أيضاً إلى «القاعدة»، في القتال ضدّ الحكومة السورية. وظلّ الأمر كذلك، إلى أن بدأ الخلاف يدبّ بين أبو محمد الجولاني، أمير «جبهة النصرة»، وأبو بكر البغدادي، أمير «دولة العراق الإسلامية». فالجولاني طالب البغدادي بإبعاد رجاله عن الجبهة السورية والاكتفاء بدور لها في العراق. وهو الخلاف الذي أدّى إلى فكّ التحالف بين التنظيمين، وإعادة البغدادي تسمية تنظيمه ليصبح «دولة العراق والشام الإسلامية ـ داعش»، كمبرّر لبقاء قواته في سورية. وعندما احتكم الجولاني إلى أيمن الظواهري، أمير «القاعدة»، للفصل في الخلاف بين الطرفين، أقرّ الظواهري وجوب انسحاب قوات البغدادي إلى الداخل العراقي، مكتفياً بدوره هناك، فرفض البغدادي ذلك القرار، كما هو معروف للجميع، بل وأعلن فك ارتباطه بتنظيم «القاعدة»، الذي قطع تمويله عن البغدادي. وهنا ظهرت المفاجأة الثانية بشكل جلي وواضح.

فمظاهر النعمة والتوسع والتنامي في القوة والعدد والتسليح، بدأت معالمها تتجلى بوضوح سريع على «داعش»، من دون أن يدرك أحد مصدر هذا التمويل الجديد، الذي هلّ على «داعش» بعد انقطاعه عنه من قبل تنظيم «القاعدة». فتنظيم «دولة العراق الإسلامية» كان في مرحلة ما، أضعف التنظيمات المسلحة المتواجدة على الأرض السورية. وكان دوره ضئيلاً ومحدوداً، كما قال الأخضر الابراهيمي – أول موفدي الأمم المتحدة إلى سورية، لجيزيل خوري، في لقاء له معها على «بي. بي. سي»، ضمن برنامج «المشهد». إذ كان يقتصر دور التنظيم آنئذ، كما قال الابراهيمي، على السير وراء قوات المعارضة المهاجمة للقوات السورية. وعندما تنجح تلك القوات، بالسيطرة على موقع سوري ما، تدخل قوات «دولة العراق الإسلامية»، التي لم تكن قد تحوّلت بعد الى «داعش»، تدخل وراءها، فتفتتح لنفسها مكتباً هناك، وتنشئ محكمة إسلامية تصدر قراراتها الإلزامية الواجبة التنفيذ. أما بعد تحوّل «دولة العراق الإسلامية» إلى «داعش»، فقد تبدّل كلّ شيء، وباتت تتجلى للعيان بسرعة فائقة، كالتنظيم الأقوى والأشدّ بأساً، الذي لم يعد يسير وراء قوات المعارضة خلال تنفيذ عملياتها، بل بات يخوض بنفسه، معارك منفردة، ليس ضدّ القوات الرسمية السورية فحسب، بل أيضاَ ضد «الجيش الحرّ» مرة، وضدّ تنظيمات المعارضة الأخرى أحياناً أخرى. وفي بعض المرات، ضدّ جميع هذه القوات، في معارك متعدّدة منفردة معها. لكن لا يخوضها معها كلها في آن واحد. وهذا شكل فعلاً الأعجوبة الثانية، في القرن الحادي والعشرين. وهي أعجوبة تذكّر الآن، بما باتت قوات الحماية الكردية و«جيش سورية الديمقراطي»، تقوم به الآن أيضاً. إذ باتت تقاتل القوات السورية في الحسكة، والقوات التركية التي تعبر الحدود، كما قاتلت «داعش» في منبج، وتسعى لطرده من مدينة «الباب» الحدودية. وتشتبك أيضاً، مع قوات المعارضة السورية، المدعومة من تركيا، في معركة «جرابلس».

الأعجوبة الثالثة

تلك كانت بجدارة هي الأعجوبة الثالثة في هذا القرن الغريب، الذي تبدّلت فيه المناهج والأساليب، بل والتحالفات أيضاً. ونتيجة تبدّلها، تجلّت قوات الحماية الكردية و«جيش سورية الديمقراطي»، كقوة كبرى استطاعت بسرعة فائقة، أن تحرّر معظم الشمال السوري المحاذي لتركيا، من هيمنة «داعش» بما فيها تحرير مدينة منبج، والتوجه نحو مدينة الباب الحدودية. بل وعبرت أيضاً، شرق نهر الفرات، مما أثار الغضب التركي الذي اعتبر نهر الفرات «خطاً أحمر» لا يجوز أبداً عبوره، فتدخلت تركيا نتيجة ذلك بشكل مباشر، مستخدمة مدرّعاتها وجنودها، إضافة إلى غطاء شكلي من بعض قوات المعارضة المسلحة، لتعبر الحدود الرسمية مع سورية، بعد عملية قصف مدفعي مركز، وتتوجه نحو مدينة جرابلس لتطرد «داعش» منها وتسيطر عليها باسم قوات المعارضة السورية. وذلك بهدف وضع موطئ قدم لها يمكنها من الحدّ من توسع الأكراد في السيطرة على مزيد من المناطق الكردية، خصوصاً بعد عبورهم نهر الفرات.

وربما كان عبور الأكراد لنهر الفرات خطأ جسيماً، ولم يكن متوافقاً عليه مع داعميهم في الولايات المتحدة، بدليل أنّ جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي، بادر إلى الدعوة، وهو في تركيا، إلى وجوب انسحابهم إلى ما وراء النهر، وإلا خسروا الدعم الأميركي. وهكذا يبدو أنّ الأكراد في غمرة انتشائهم بالنصر الذي حققوه، أصابهم بعض الغرور، فتجاوزوا الخطوط الحمر التي رسمت لهم، في تحالفهم الواضح مع الولايات المتحدة.

فالتصريحات الكردية المتعطشة للسلطة وللاستقلال، مع توجه لعدم الاكتفاء بالحكم الذاتي، المتفق عليه أميركياً- كردياً، وربما أميركياً – روسياً، بدأت تتحدّث عن تحرير مدينة الرقة من «الدولة الاسلامية»، علماً بأنه من المتوقع رسمياً، وربما دولياً، أن تكون مهمة تحريرها، مهمة سورية بدعم روسي، تبدأ بعد الانتهاء من تصفية المسألة الحلبية. وكانت القوات السورية، قبل بدء معركة حلب، قد بدأت فعلاً بالتوغل داخل الحدود الإدارية لمحافظة الرقة، وسيطرت فعلاً على مساحة واسعة من أراضي المحافظة. لكنها عدّلت عن ذلك لاحقاً، بعد انشغالها بقضية حلب.

وهكذا، جاءت التصريحات الكردية الكاشفة عن النية للتوجه نحو الرقة لاحقاً وهي المدينة الكبيرة ، بهدف تحريرها بعد مدينتي الباب وجرابلس، لتدق أجراس الخطر للحكومة السورية. إذ أنّ توجه نية الأكراد لتحرير الرقة، كما قدّرت الحكومة السورية، انما هو مؤشر على توجه الأكراد لضمّ هذه المدينة للإقليم الكردي، المنوي تأسيسه، الأمر الذي أثار مخاوف الحكومة السورية من عدم التزام الأكراد بتعهّداتهم ووعودهم. ومن هنا بدأت الاشتباكات بين الطرفين في مدينة الحسكة، إذ سعت الحكومة السورية، المنشغلة أصلاً بمعركة حلب، والتي لم تكن بالتالي، قد تهيأت لهذه المعركة، لبسط سيطرتها على تلك المدينة المشتركة، كردّ على مخاوفها من المطامع الكردية. لكن الأكراد، الذين كانوا أكثر استعداداً لتلك المعركة، التي لم تؤازر فيها سورية الطائرات الروسية، استطاعوا فرض هيمنتهم على تلك المدينة، وإجبار القوات السورية على الانسحاب منها، في ضربة للتوافق المحدود غير المعلن بينهما، وفي كشف، كما يبدو، لبعض الشرور في النوايا الكردية.

والواقع أنّ النوايا الكردية المتطلعة في عمق تصوّرها وأمنياتها للاستقلال التامّ، الذي وعدت به، كما يبدو، من قبل الولايات المتحدة، ليست واضحة المعالم، في العراق أيضاً، كما هي في سورية. ويعزز هذا الاحتمال، أنّ أكراد العراق لدى إعلانهم عن استعدادهم للمشاركة في معركة تحرير الموصل، طالبوا الحكومة العراقية بتحديد مكتسباتهم من تحريرها، وبالدور الذي سيكون لهم في الموصل، بعد تحريرها من «داعش». فأكراد العراق، الذي يعقد مسعود البرزاني رئيس كردستان، تحالفات غامضة باسمهم مع الرئيس التركي أردوغان، يتطلعون إلى ضمّ الموصل إلى إقليم كردستان، الذي قد لا يظلّ طويلاً مجرد إقليم، إذ يتطلع البرزاني لتحويله إلى دولة مستقلة. وبدأ الإعداد الآن لإجراء استفتاء حول ذلك.

والأكثر من ذلك، أنّ قاعدة عراقية في شمال العراق، يرجح أنها في منطقة سنجار أو تلعفر، جرى تحريرها من «داعش»، استولى أكراد العراق عليها مؤخراً، واعتبروها أيضاً، منطقة كردية. مما يكشف عن نوايا التوسع لدى الأكراد في إقليم كردستان.

وهنا لا بدّ من التساؤل عن حقيقة التفاهمات الأميركية الكردية، وهل تقتصر على حكم ذاتي لهم، ربما موسع في كلّ من العراق وسورية، أو يمتدّ لينجز إقامة الدولة الكردية المستقلة، لتصبح الذراع الثانية للولايات المتحدة في المنطقة، إضافة إلى الذراع الأولى «إسرائيل»؟ ومن أجل تفادي شيء كهذا، حذرت مراراً وفي مقالات سابقة، بوجوب التفاهم الودي مع الأكراد على منحهم الإستقلال طوعاً، عوضاً عن انتزاعه بالقوة، أو نتيجة تحالفات مشبوهة مع أميركا أو مع «إسرائيل».

وهذا يتطلب طرح التساؤل عن مصير التفاهم الروسي الأميركي، ومدى بقائه حياً، على ضوء التفاهم الروسي – التركي المفاجئ، الذي تمّ سريعاً وفي ليلة واحدة، وقبل الانقلاب التركي الفاشل، وبالتالي، لم يكن بوسع المراقب التقدير بأنّ مردّه مخاوف تركيا من النوايا الأميركية نحوها، خصوصاً بوجود شكوك لدى أردوغان، بضلوع الولايات المتحدة بدور في الانقلاب التركي الفاشل، كخطوة لمؤازرة حليفها فتح الله غولن.

وتزداد التساؤلات أيضاً وأيضاً، حول الموقف الروسي، بعد قيام الطائرات الروسية بالانطلاق من قاعدة عسكرية في منطقة همدان، في إيران. إذ انها استخدمت للانطلاق منها لقصف مواقع في حلب. فهل بات هناك تفاهم روسي إيراني، بل وربما، تفاهم روسي – إيراني يشمل تركيا أيضاً. وهو تفاهم يتعلق بالأكراد وتباركه سورية، مقابل تعهّد تركي بإغلاق حدود تركيا في وجه المعارضة السورية المسلحة و«داعش»، في مسعى لوضع حدّ للأزمة الناشبة في سورية منذ أكثر من خمسة أعوام؟

فهناك مصلحة إيرانية مشتركة مع سورية ومع تركيا، بالنسبة للشأن الكردي، لأنّ شمال شرق إيران، هو أيضاً منطقة كردية يتطلع سكانها للاستقلال، أو نحو حكم ذاتي. والمنطقة الكردية تشكل مساحة واسعة من إيران وعاصمتها مدينة مهاباد الكردية، التي كانت في مرحلة ما، في السنة الأولى للثورة الايرانية، هي الموقع الوحيد الذي بقي تحت سيطرة الدولة الإيرانية، حيث تمرّد الأكراد على امتداد المنطقة الكردية الإيرانية، مطالبين بالانفصال عن إيران. والجمهورية الإسلامية بالتالي، تعلم وتقدّر أنّ استقلالاً، أو حكماً ذاتياً، يحصل عليه سواء أكراد تركيا أو أكراد سورية، سرعان ما سوف يمتدّ لهيبه إلى كردستان إيران، كما امتدّ سابقاً، إلى كردستان العراق. فالمصلحة المشتركة متوفرة إذن لدى الأطراف الثلاثة: تركيا، ايران وسورية، وهي مصلحة لا تتعارض مع مصلحة روسيا، خصوصاً إذا تلقت الثمن المقابل المتمثل بحلّ النزاع في سورية، وتسهيلات عسكرية في إيران، إضافة للتسهيلات العسكرية التي تتلقاها الآن، في كلّ من طرطوس وحميميم.

والواقع أنّ روسيا ليست الدولة الوحيدة التي تبحث عن مواقع عسكرية لها في المنطقة. فالولايات المتحدة باشرت أيضاً، فور نجاح العراقيين في تحرير قاعدة القيارة الجوية العسكرية العراقية من هيمنة «داعش»، في توسيع مدرج المطار، الذي يتجاوز امتداده أصلاً ثلاثة آلاف متر. وفي بناء المنشآت الضرورية في القاعدة، التي تقع على بعد 65 كلم من الموصل، وذلك بذريعة إعدادها لتدريب القوات العراقية، التي ستنفذ عملية تحرير الموصل، المدينة العراقية الكبرى، الواقعة تحت هيمنة «داعش». ولكن بعض التكهّنات تشير إلى ما هو أبعد من ذلك، فالقيارة، كما يرى البعض، تعدّها الولايات المتحدة لتكون بديلاً عن قاعدة «أنجرليك» في تركيا، والتي قد تكون الولايات المتحدة مرشحة لفقدان التسهيلات فيها، خصوصاً إذا ساءت العلاقات الأميركية – التركية بشكل أوسع، وهي العلاقات التي كانت سيئة منذ معركة عين العرب كوباني ، وازدادت سوءاً إثر المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا.

مسلسل المفاجآت طويل إذن. ولكن هل أنّ مسلسل المعجزات، في هذا القرن الغريب، مسلسل طويل أيضاً، وقد يحمل لنا المستقبل القريب مزيداً من المعجزات التي علينا توقعها، فيتوجب علينا بالتالي، أن نربط الأحزمة على صدورنا، كي لا نقع أرضاً نتيجة أعاجيب أخرى، كلّ منها بمثابة زلزال بقوة سبع درجات على مقياس «رختر»، يهزّ المنطقة، يفاجئنا، يدهشنا، ولا نملك في المقابل إلا أن نتقبّل آثاره صاغرين.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024