إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الأحجية وراء مساعي تركيا لإنهاء الاقتتال في سورية بعدما كانت هي من سهّل إشعاله

ميشيل حنا الحاج - البناء

نسخة للطباعة 2017-01-13

إقرأ ايضاً


هذا التبدّل المفاجئ في الموقف التركي من الحرب الجارية في سورية، وانتقالها من مرحلة المساهمة الجدية والكبرى في استدراج دول الخليج وغيرها لإشعال تلك الحرب، إلى الانتقال للعب دور الفاعل الجدي في تحجيمها، بل والتوصل الى إطلاق نار شامل فيها، إضافة الى السعي لتحقيق حلول سلمية لها عبر مؤتمر سلام مقبل في أستانة… هذا كله كان فعلاً مفاجئاً للبعض الذي حاول تفهّم الأسباب التركية الظاهرة لهذا التبدّل، ولم يتعمّق ليتفهّم السبب الجوهري الحقيقي الكامن وراءها، والذي كان مردّه الإدراك التركي المفاجئ لحقيقة الوقائع الجارية فعلاً في المنطقة تحت ستار ثورات «الربيع العربي»، وما تبعها بعد ثلاث سنوات من ظهور الدولة الإسلامية كقزم صغير في النصف الثاني من عام 2013، ليصبح فجأة العملاق الأقوى بين تكتلات المعارضة المسلحة.

فتركيا وبعد سلسلة من التطورات، أدركت أخيراً أنّ ما يجري في المنطقة لم يستهدف سورية والعراق فحسب، بل كان يستهدف تركيا بشكل رئيسي، لكونها العقبة الرئيسية في تحقيق الهدف الحقيقي لما يجري في المنطقة، وهو تنفيذ المشروع الأميركي لشرق أوسط جديد لكن بثوب جديد، والذي أحد ضحاياه بل وأكبرها، هي تركيا ذاتها، إضافة إلى سورية والعراق وإيران. فهذا الإدراك الأردوغاني المفاجئ، هو ما شكل بداية تفكيك الأحجية، بل اللغز الذي كان غامضاً الى حين، وحث تركيا على تبديل موقفها من الصراع بقوة 180 درجة.

والواقع أنّ الدور التركي بعد النجاح الذي حققته سورية وحلفاؤها الروس والإيرانيون في حسم معركة حلب بسرعة فاقت التوقعات، بات دوراً معروفاً، وتعززه مساعي تركيا لتحقيق وقف إطلاق نار دائم بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة الموصوفة بالمعتدلة، إضافة الى التمهيد لعقد مؤتمر أستانة. لكن يتعذّر على الكثيرين تفهّم الأسباب والدوافع وراء هذا التبدّل الغامض في الموقف التركي، خصوصاً أنّ تركيا كانت هي المحرك والمشجع، بل والمسهّل لإشتعال تلك الحرب ابتداء من شهر آذار 2011. فما كان بوسع دول الخليج مجتمعة، وغيرها من الدول التي آزرت المعارضة السورية المسلحة كالولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى، أن تنجح في إشعال تلك الحرب، لو أبقت تركيا حدودها مغلقة في وجه مرور المقاتلين والأسلحة الى الداخل السوري.

وقد تأكدت قدرتها لاحقاً في نهايات عام 2014 على الحيلولة دون مرور المسلحين والأسلحة الى الداخل السوري، لدى وقوع معركة عين العرب كوباني ذات الأغلبية الكردية، عندما رفض أردوغان بعناد مرور الإمدادات العسكرية عبر الأراضي التركية الى المدينة ذات الأغلبية الكردية الواقعة في الداخل السوري، والمحاصرة من قبل مقاتلي «داعش»، مما اضطر الولايات المتحدة إزاء الرفض التركي المتعنّت لفتح الحدود أمام مرور هؤلاء، لاستخدام سلاحها الجوي لإرسال العون العسكري والطبي جواً للمحاصرين في كوباني، مما يرجح أهمية الدور التركي في فتح حدوده أو إغلاقها عندما يشاء…

ويقدّر البعض وجود أسباب متعدّدة لهذا التبدّل المفاجئ في الموقف التركي. ويعدّدون من بينها كأسباب أولية، وقبل أن ينجلي الغموض حول الأحجية التي غلفت بها الولايات المتحدة مخططها الغامض، أنّ الرئيس أردوغان قد أدرك أمرين هامين أولهما أنّ الحرب في سورية قد باتت ماكينة لتفريخ الإرهاب والإرهابيين الذي أصاب بعضه تركيا ذاتها، اذ أثبتت العمليات الإرهابية الأخيرة في تركيا ومنها عملية تفجير حفل زفاف في غازي عنتاب، واغتيال السفير الروسي في أنقرة، والهجوم على الملهى الليلي في اسطنبول في ليلة رأس السنة… هذه وغيرها أثبتت وجود خلايا إرهابية، غير خلايا الKKD، تعمل في الداخل التركي وضدّ المصلحة التركية.

وفي حوار على قناة «آر تي» الروسية تطرق محللان سياسيان تركيان هما أوقتاي يلمز وفائق بولوك الى وجود خلايا إرهابية عاملة في تركيا. وقدّر يلمز قوتها بواحد الى اثتين بالمائة، بينما قدّر بولوك حجمها بين الثمانية الى 14 بالمائة. أما الأمر الثاني الذي قدّره أردوغان فهو أنّ التدخل الروسي المباشر في سورية منذ الشهر التاسع عام 2015، أدّى الى تبدّل جوهري في مجريات تلك الحرب، مما دفع الرئيس التركي إلى السعي لتحسين علاقاته بروسيا عبر الاعتذار لها عن إسقاط طائرتها.

حاجة تركيا إلى روسيا

وشجعته أسباب متعدّدة أخرى على التوجه نحو زيادة التنسيق مع روسيا، كان أدناها كما بدا للعيان للوهلة الأولى، التحرّر من العقوبات الاقتصاية التي فرضتها روسيا على تركيا، لكن أهمّها إحساس الرئيس التركي بالحاجة للتنسيق مع روسيا ودول أخرى في شرق آسيا، بعد أن شعر بتضاؤل احتمالات تحقق التنسيق الاقتصادي مع دول الاتحاد الأوروبي، بل وقبول تركيا عضواً في الاتحاد الأوروبي، أو حتى مجرد السماح للأتراك بدخول أوروبا بدون تأشيرة مسبقة كما نص الاتفاق المتعلق بمرور اللاجئين من تركيا الى الدول الأوروبية.

فتناقض بعض المصالح بين دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من جانب، والمصلحة التركية من جانب آخر، أخذ يتجلى بوضوح أكثر للرئيس أردوغان الذي أدرك أخيراً بأنّ عليه التوجه شرقاً وليس غرباً كما تطلعت تركيا على مدى سنوات طويلة، إضافة الى إدراكه أخيراً بعدم جدوى الحرب في سورية بعد التدخل الروسي الذي كما سبق وذكرت، قلب الموازين العسكرية وجعل إنجاز نصر عسكري على النظام السوري القائم، بات أمراً يكاد يكون متعذّراً انْ لم يكن مستحيلاً.

وعزز مخاوفه من دول الغرب، كما بدت في الطفرة الأولى لتفهّم التبدّل في الموقف التركي، وقوع محاولة الانقلاب العسكري، وانتقادات دول أوروبا للإجراءات المتشدّدة التي اتخذتها تركيا بحق الانقلابيين، ولجوء الولايات المتحدة لحماية فتح الله غولن الذي اتهمه أردوغان بكونه المخطط للانقلاب الفاشل.

التباين مع واشنطن بشأن الأكراد!

لكن هذه الأسباب المتعددة رغم كثرتها، ما كانت مجتمعة أو منفردة، ستردع تركيا عن المضيّ قدماً في إشعال الحرب في سورية وفي صبّ الزيت على النار في أراضيها، بسبب المنافع المادية الكبرى التي كانت الحرب تدرّها على تركيا، والمتمثلة بدعم مالي من دول الخليج، وآخر من دول الاتحاد الأوروبي التي تدفع أيضاً مليارات اليورو كتعويضات لها علاقة بقضية اللاجئين. أضف الى ذلك ازدهار الاستثمار الخليجي في تركيا، وكذلك تنامي عملية تصدير البضائع التركية لتلك الدول، إضافة الى الإقبال الخليجي على السياحة في تركيا. لكن سبباً جوهرياً آخر أخذ في التبلور، بات يقف في طريق المضيّ قدماً في تغذية تلك الحرب، بإبقاء الحدود التركية مفتوحة أمام دخول وتدفق المقاتلين والأسلحة على المعارضة المسلحة في الداخل السوري. وكان السبب الجوهري الآخر في تبدّل الموقف التركي، هو ملاحظة أردوغان لوجود تناقض جوهري بين النظرتين التركية والأميركية حول التوجه الكردي. حيث بات واضحاً على ضوء المسلك الأميركي، سعي الولايات المتحدة لتشكيل دولة كردية مستقلة في المناطق الكردية الواقعة في كلّ من سورية والعراق وايران وتركيا.

فالتوجه الكردي نحو الاستقلال، بات يحظى بتأييد ودعم واضحين من قبل الولايات المتحدة، وهو تأييد لم يعد يقتصر على التأييد السياسي والمعنوي، اذ اتخذ شكل الدعم العسكري المكشوف الذي تمثل بتدريب الأكراد عسكرياً، وتزويدهم بالذخيرة والسلاح والخبراء، كما تمثل بصورة واضحة بتشكيل «جيش سورية الديمقراطية» ذي الغالبية الكردية، الذي سرعان ما بسط نفوذه على شمال سورية، وحرّر مناطق واسعة فيها من مقاتلي «داعش» بما فيها مدينة منبج الاستراتيجية.

وكانت هناك بوادر سابقة توحي بتواجد دعم أميركي وحماية خاصة للأكراد، تميّزت بها مواقف أميركية سابقة في كيفية الدفاع المتميّز عن الأكراد كلما تعرّضوا لخطر «داعش». وقد تمثل ذلك بشكل واضح في كيفية دفاعهم عن أربيل عندما سعى تنظيم «داعش» إلى محاصرتها في حزيران/ يونيو 2014. وتكرّر النهج ذاته لدى محاصرة «داعش» لمدينة كوباني ومن ثم لجبل سنجار والقرى الأزيدية المحيطة به.

فهذا التطور الذي أصبح ملموساً وواضحاً ومتجهاً نحو التزايد والتنامي خصوصاً بعد تشكيل «جيش سورية الديمقراطية»، بات يشكل تناقضاً واضحاً مع المصلحة التركية التي تحارب بضراوة ومنذ عدة سنوات، حركة التمرّد الكردية في ديار بكر والمناطق الكردية الواسعة في جنوب شرق تركيا المجاورة للحدود السورية، حيث سعت تركيا دون جدوى على مدى سنوات، لإنشاء منطقة تركية عازلة في شمال سورية، ولم تفلح في ذلك، وإذا بـ»جيش سورية الديمقراطية»، بدعم أميركي، يحقق ذلك الآن فجأة وبسرعة فائقة، فيحرّر نسبة عالية من مساحة الشمال السوري، ويخضعها لسيطرته تمهيداً لإعلانها قريباً منطقة كردية ذات استقلال ذاتي وهو ما تخشاه تركيا كثيراً.

فتركيا التي تقاتل منذ عدة عقود، التمرّد الكردي في جنوب شرق تركيا، باتت الآن تخشى أن يحظى هذا التمرّد الكردي أيضاً بدعم سري وربما تسليحي، خصوصاً إذا تشكل الكيان الكردي بحكم ذاتي في شمال سورية، وبعد إعلان الولايات المتحدة عن تشكيلها «جيش سورية الديمقراطية»، ما كشف عن تزايد تعاطفها مع الحركة الكردية الساعية لإعلان استقلال كردستان الكبرى عاجلاً أو آجلاً.

وهنا شرع الرئيس بوتين في ممارسة قدراته على التخطيط بمكر لزيادة الهوة بين الطرفين. ففي الوقت الذي غضّ فيه بوتين الطرف عن نشاط «جيش سورية الديمقراطية» في الشمال السوري وعن سرعة انتشاره في تلك المنطقة، حث الجيش التركي تحت شعار استخدام الجيش الحر ، على الشروع بعملية «درع الفرات» انطلاقاً من منطقة جرابلس، مع التوجه نحو مدينة الباب التي باتت الآن محور صراع بين عدة أطراف حول من يحرّرها من مقاتلي الجماعات المسلحة، وبالتالي يسيطر عليها.

الانكشاف الأميركي

وفي الوقت ذاته، كشف بوتين لأردوغان الأبعاد الحقيقية للمخطط الأميركي في المنطقة، وهو المخطط الساعي لبعث مخططها القديم في إنشاء شرق أوسط جديد لكن هذه المرة، بثوب جديد، لا يتنافى مع القوانين الدولية والاعتراضات الدولية التي شابت مخطط الشرق الأوسط القديم، والذي تضمّن آنئذ سعياً لتفتيت دول المنطقة إلى دويلات، خلافاً لرغبات شعوب تلك الدول، وذلك تنفيذاً لخرائط برنارد لويس لـ«شرق أوسط جديد»، كما وضعها لويس في مطلع التسعينات، ليستعاض عنها منذ نهايات التسعينات، مع وصول اليمين الأميركي المتطرف الى السلطة، بتقسيمات أخرى لشرق أوسط جديد، شملت تقسيم عدة دول الى دويلات بما فيها السعودية التي أراد رالف بيترز المفكر للمحافظين الجدد تجزئتها الى أربع دول صغيرة، وكشف عن خطوطها عبر مقاله الشهير بعنوان «حدود الدم»… قاصدا به تأكيد الرغبة في تحقيق هذه الحدود الجديدة حتى لو اقتضى الأمر إراقة الدماء في سبيل تنفيذها… وجاء بعد عام واحد رفيقه جيفري كولدبرغ، قائد آخر من قادة المحافظين الجدد، ليرسم تقسيمات أخرى لدول أو دويلات المنطقة، وذلك في سلسلة مقالات نشرها في مجلة «اتلاتنتيك»، وتضمّنت المطالبة بتأسيس دولة في جنوب السودان وأخرى في سيناء.

ومن هنا، وبعد فشل المحافظين الجدد في تكريس تقسيم العراق رغم غزوه عام 2003، وما أفرزته عملية الغزو من امتعاض العديد من الشعوب والدول، وجد الأميركيون أنفسهم مضطرين للجوء الى وسيلة أخرى لتفتيت دول المنطقة، وهي وسيلة لا تتناقض مع القوانين الدولية بل تتماشى معها، حيث أنها عملياً أيّ هذا النهج الجديد انما يساعد الآن شعباً هو الشعب الكردي الذي خضع طويلاً لحكم دول أخرى وشعوب أخرى خلافاً لإرادته ولرغبته… يساعده على الحصول على الاستقلال وتأسيس دولته القومية التي طالما تطلع اليها ورغب فيها.

ولكن الولايات المتحدة على أرض الواقع، تحت هذا الشعار، تمزق عملياً وتقتطع مساحات واسعة من أراضي أربع دول رئيسية في المنطقة هي العراق وسورية وإيران وتركيا التي تتواجد أجزاء من كردستان الكبرى على أراضيها، والتي تخطط الولايات المتحدة لإعلانها دولة مستقلة في المستقبل القريب. فمن أجل ذلك سعت لإشعال الفوضى في المنطقة عوضاً عن الغزو المباشر للدول تحت شعار «الربيع العربي»، كما عملت على إنجاح تنامي قوة «داعش» إمعاناً في ازدياد حجم «الفوضى الخلاقة» كما تسمّيها الولايات المتحدة وتسعى للاستعانة بها، وفي ظلالها، لإنجاز مخططها ذاك في المنطقة.

وإذا نظر المراقب بعين ثاقبة، يصبح قادراً على التساؤل عن الأسباب التي حالت دون إشعال طفرات ربيع عربي في المغرب العربي، في الجزائر، في موريتانيا، في السودان، في جيبوتي، في الصومال وجزر القمر، بل وفي أي من دول الخليج، أو حتى إشعال حرب أهلية في مصر وتونس، علماً أنّ الحرب الأهلية في كلّ من اليمن وليبيا لها أسباب أخرى مضمونها تصفية حسابات . فالفوضى الخلاقة في هذه الدول البعيدة تماماً عن المناطق الكردية، ما كانت ستحقق فائدة، أو تصبح ذات جدوى في تحقيق مشروع كردستان الكبرى، تنفيذاً لمشروع الشرق الأوسط الجديد لكن بثوب جديد.

وقد لا تكون روسيا الاتحادية وكذلك دول المنطقة التي تضمّ مناطق كردية، معارضة تماماً لمشروع حصول الأكراد على استقلالهم. وكان العديد من الكتاب قد حثوا دول المنطقة على منح الأكراد استقلالهم بالتوافق والتراضي دون الحاجة لخوض نزاعات مسلحة. فالاعتراض ليس على حصولهم على الاستقلال الذي هو حق لهم، بل على حصوله تنفيذاً لمخطط أميركي لا يسعى لتحقيق مصلحة الأكراد، قدر ما يسعى لاحتوائهم وتطويعهم عملاء ينفذون مصالح الدولة الأميركية وحليفتها «إسرائيل».

ويرجح ذلك التوجه أنّ العراق قد منح الأكراد استقلالاً ذاتياً، واتجهت سورية لمنحهم أيضاً نوعاً من الاستقلال الذاتي، فتركت جماعات الحماية الكردية تدير شؤون البلاد في الشمال السوري دون اعتراض رسمي. وقد لا تكون تركيا ذاتها لديها اعتراض على منح الأكراد مستقبلاً مزيداً من الحرية والمراعاة لبعض حقوقهم القومية كخطوة نحو تطور مستقبلي لمنحهم حكماً ذاتياً في مرحلة لاحقة. فكلّ ما يثير الشك والتساؤل هو الأهداف الأميركية الحقيقية وراء نهجها المتسربل بحماية حقوق شعب ما على حساب حقوق شعوب أخرى.

فهذا الوعي المفاجئ لدى تركيا، هو الذي استدعى تعزيز التنسيق الروسي التركي، بل وتوسيعه ليشمل إيران، والذي كرّسه المؤتمر الذي ضم وزراء خارجية ودفاع كلّ من ايران وتركيا وروسيا، وباركته سورية، وقد يباركه العراق لاحقاً عندما تنقضي الحاجة للتحالف مع الأميركي ولدوره في مقاتلة «داعش» في الموصل. فهذه الدول باتت تدرك أنّ سورية والعراق ليستا المستهدفتين الوحيدتين، بل إيران وتركيا أيضاً مستهدفتان بالمخطط الأميركي الساعي لتحقيق شرق أوسط جديد بثوب جديد يطبق الخناق على دول المنطقة، بل وعلى روسيا الاتحادية أيضاً، بإيجاد حليف جديد مؤكد لها، تماماً كـ»إسرائيل».

بعد هذه الإطالة في الشرح والايضاح، يمكن فهم ما هو المقصود بالفوضى الخلاقة؟ ولماذا وقع «الربيع العربي» في دول عربية دون أخرى، ولماذا استهدف ما سمّي بدكتاتورية ما، وأهمل العديد من الدكتاتوريات الأخرى، بل والمعروف بعضها بشراسته المغرقة في بشاعتها؟ هل… هل… هل… فالسبب الكامن وراء هذه الأحجية التي كانت غامضة، هو مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، لكن بثوب جديد.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024