إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الحزب في الوطن بغياب سعاده

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2017-07-18

إقرأ ايضاً


بعد مغادرة سعاده بيروت بتاريخ 11 حزيران 1938 متوجهاً الى المهاجر عبر دمشق ــــ عمان ـــ حيفا ـــ قبرص ـــ ايطاليا ـــ المانيا وصولاً الى البرازيل فالارجنتين تولى المجلس الأعلى(1) صلاحياته الممنوحة له من الزعيم، فدعا لعقد مؤتمر إداري عام في أيلول 1938(2) يضم جميع المسؤولين العاملين في المركز، وهيئات المنفذيات في الوطن. عقد المؤتمر بمنزل الرفيق أحمد المفتي(3) في بيروت ودعي "مؤتمر الاستعداد"(4) وكانت الغاية منه ما يلي:

أ‌. بحث الأوضاع الإدارية .

ب‌. وضع خطة للعمل الحزبي في المرحلة الجديدة .

- كان أبرز موجّه فيه رئيس المجلس الأعلى الأمين فخري معلوف، وكانت القيادة الحزبية اتخذت عدة تدابير لتأمين وصول الرفقاء إلى مكان الاجتماع، مع ذلك تمّ اعتقال الرفقاء جبران جريج، أنيس فاخوري، وديع الياس مجاعص، فريد صباغ، وعمر ترمانيني. واستمرّت مدة توقيفهم بين الخمسين والخمس وخمسين يوماً، باستثناء جبران جريج الذي حكم عليه لمدة شهرين .

- قبل ذلك في 4 تموز 1938 كانت عقدت معاهدة الصداقة التركية – الفرنسية التي نصّت في البند الثالث منها على سلخ "لواء الاسكندرون" عن جسم الوطن السوري وإعلانه دولة تتمتع بحكم جمهوري، ذات استقلال تام في شؤونها الداخلية، وأعطيت اسم "هاتاي".

- كان الوضع الحزبي المركزي عند ختام السنة الحزبية السادسة (16 تشرين الثاني 1938) قد انتقل بعد "مؤتمر الاستعداد" إلى نوع من العمل يتراوح بين السرية وشبه السرية: تحوّل مكتب جريدة "النهضة" إلى مركز للحزب وانتقلت محتوياته إلى عهدة الرفيق عبد الرحمن عكاوي (من الرفقاء المناضلين في بيروت)، كذلك كانت محتويات مركز الحزب قد جُـمعت ووُضبت ونُـقلت إلى منزل الرفيق نقولا بردويل(5) في الأشرفية التي احتفظ بها في مكان مجهول.

- مع ذلك، فالنشاط الحزبي لم يتوقف، ومعها الانتماءات، الرفيقان خليل طفيلي وسميح قصيباتي يلقيان متفجرات على كنيس اليهود في وادي أبو جميل. أوقفا وحكم على الرفيق طفيلي بالسجن لمدة شهر كامل وعلى الرفيق قصيباتي ستة أشهر، لأنه كان عمد إلى الفرار، فاستسلم بعد حين.

ولاحقاً قام الرفيق محيي الدين كريدية يعاونه أحد الرفقاء(6) بإلقاء متفجرة من شباك غرفة كان يقيم فيها أحد اليهود مما سبب بمقتله، إلا أن عمليته هذه لم تنكشف.

- استمرار العمل في الندوة الثقافية، يقول الأمين السابق فخري معلوف في مقال له في جريدة "سورية الجديدة" بتاريخ 29 نيسان 1941 أنه في خلال العام الدراسي 1938-1939 "شرفتني عمدة الإذاعة(7) بتولي رئاسة الندوة الثقافية وطلبت مني أن ينحصر عمل الندوة في درس كتاب "نشوء الأمم" .

ثم يضيف: " وقد أخذنا نجتمع بعد ذلك نحوا من أربع ساعات متوالية كل أسبوع. وكان عدد الأعضاء يتجاوز الأربعين، منهم أساتذة في الجامعة الأميركية، والجامعة اليسوعية وكلية المقاصد وغيرها من كليات بيروت، ومنهم المحامي والطبيب والصحافي. في هذه الأبحاث المتوالية درسنا كل كلمة من كلمات الكتاب ورجعنا إلى مراجعه الأولية، وكثيراً ما كانت تستمر الأبحاث في سائر أيام الأسبوع " .

ثم يضيف: " رأت عمدة الإذاعة أن توسع دائرة هذا العمل فأمرت بإنشاء الندوات الثقافية في مختلف الفروع وكانت ترسل أعضاء مؤهلين من المركز لحضور تلك الاجتماعات والإشراف على توجيهاتها فنشأت فروع للندوة في مناطق عديدة أذكر منها: دمشق، طرابلس وحلب".

- لم يحتفل الحزب بمناسبة الأول من آذار عام 1939، كعادته كل عام، الا في اجتماعات دورية في شكل سرّي جداً. مع ذلك أشعلت النيران على قمة جبل صنين، وبهذه المناسبة نظم الامين عجاج المهتار، قطعة زجلية رائعة بعنوان "بكرا بيجي"، وقام منفذ عام بيروت جبران جريج (باسم مستعار إحسان سالم) بطبع كراس إذاعي من عشرة صفحات يتضمن ملخصاً لسيرة الزعيم ولمسيرة الحزب خلال السنوات الثلاث التي انقضت بعد انكشافه. كانت عمدة الإذاعة قد وافقت على طبع الكراس وجرى توزيعه بسرية تامة، بعد أن كانت تشكلت في كل مديرية زمرة أو زمرتان. رفيق واحد خالف التعليمات هو الأمين فيما بعد شكيب أبو مصلح(8) الذي توجه بمساعدة الرفيق شحادة رزق الله(9) إلى منزل القاضي فرنان أرسانيوس، الذي كان يتولى رئاسة مكتب التحريات، وسلمه الكراس "هدية من أنطون سعاده بمناسبة عيد مولده".

- في دمشق احتفل الرفقاء بالأول من آذار بمظاهرة رائعة اخترقت شوارع المدينة، وهم يحملون علم الزوبعة الحمراء .

ألقي القبض على عدد من الرفقاء، إلا أن رفقاء لهم توجهوا إلى سراي الحكومة يطالبون بالإفراج عنهم وهم يهتفون بحياة سورية وسعاده، فتمّ إخلاء سبيلهم في اليوم التالي .

- في 10 آذار 1939 وجه "مكتب عبر الحدود" بياناً إلى الفروع الحزبية في الخارج "بقلم ناموس الإذاعة في مكتب عبر الحدود الرفيق رئيف عصام"(10) يشرح فيه بعض الأوضاع السياسية في الوطن ويدحض أقوال الصحف التي تتهم الحزب بالعمالة وغير ذلك من الترهات.

- في غياب مركز للحزب توزعت أعمال العمدات في منازل رفقاء، وتمّ إنشاء مكتب مواصلات سري للبريد الحزبي (تعين له الرفيق أنطون جقليس، من الاشرفية). وكأمثلة، كان مركز أعمال عمدة الداخلية في منزل الرفيق نقولا بردويل في الأشرفية، وأعمال عمدة المالية في منزل الوكيل الرفيق منير الحسيني (الأمين لاحقاً) في رأس بيروت.

- ليس ممكناً، لعدم توفر الأرشيف الحزبي، إيراد ضبط كامل لأسماء العمد والوكلاء والمنفذين، باستثناء ما يكون قد ورد عنهم في كتاب "من الجعبة" للأمين جبران جريج.

في الجزء الرابع (ص 435) يكتفي الأمين جريج بالإشارة أنه تمّ مع بداية فصل الصيف (1939) "تعيين الأمين معروف صعب رئيساً لمجلس العمد بعد أن كان قد قرر عدم الرجوع إلى مركز وظيفته في مدينة سامراء، العراق".

يشير إلى أنه (الأمين جريج) كان عميداً للمالية، وكيله منير الحسيني، جورج عبد المسيح عميداً للإذاعة، مأمون أياس عميداً للتدريب ــــ عمدة (الدفاع لاحقاً)، وكيله الرفيق الركن منير الملاذي . ويورد الأمين جريج أسماء المسؤولين الذين جرى تعيينهم في المناطق، على الوجه التالي:

الأمين أنيس فاخوري منفذاً لطرابلس، توفيق التيني مسؤولاً إدارياً في منفذية زحلة، الرفيق عبد الكريم سيروان مديراً لمديرية الهرمل المستقلة، الرفيق منصور اللحام(11) مسؤولاً إدارياً لمنطقة راشيا الوادي. الرفيق حسن الطويل منفذاً عاماً للشوف، الرفيق محمد أمين أبو حسن (الأمين لاحقاً) منفذاً عاماً للساحل الجنوبي، الأمين كامل أبو كامل منفذاً عاماً للغرب، الرفيق الشاعر أورخان ميسر(12) منفذاً عاماً لحلب، والرفيق (طبيب الأسنان) صادق الطيار منفذاً عاماً لصافيتا، والرفيق زكي صواف منفذاً لدمشق.

- بالنسبة لوضع الحزب شبه السري فلم يكن لعمدة الإذاعة عمل كبير لجهة البيانات والمهرجانات، لذلك اهتمت بإصدار نشرة مختصرة سميت "النشرة الإخبارية"(13) تحتوي على أهم ما يجب أن يعرفه العضو عن حزبه، أو عن أعماله، وعلى مراسلة جريدة "سورية الجديدة" التي كانت بدأت تصدر في "سان باولو"، كانت عمدة الإذاعة تمارس عملها في غرفة استأجرتها في منزل الرفيق عيسى حمادة، خلف مبنى بلدية بيروت.

في تلك الأيام الصعبة لم يتوقف الرفقاء عن النشاط الحزبي، ولا إقبال المواطنين على الحزب. في يومياته يورد الرفيق إبراهيم يموت أنه في 18/7/1939 انتمى الرفيق محمد عبدالله عيتاني في بيته في منطقة قريطم، وفي 19/7/1939 انتمى الرفيق ظافر جريديني(14) في محل الرفيق متري عقاد (من الاشرفية) في سوق سرسق، وهذا غيض من فيض.

- كان عميد التدريب مأمون أياس يهيء لإقامة مخيم تدريبي في الشوف عملاً بتوجيهات سعاده استعداداً لمواجهة الأحداث الضخمة المقبلة، كما كان الوكيل الرفيق منير الملاذي يقوم بجولات في المناطق لتدريب القوميين الاجتماعيين.

- في النصف الثاني من آب 1939 غادر الأمين فخري معلوف إلى الولايات المتحدة، فتولى الأمين جبران جريج رئاسة مكتب عبر الحدود. كانت أوراق وسجلات المكتب تحفظ لدى الطالب الجامعي الرفيق إبراهيم يموت (الأمين لاحقاً) .

- اندلعت الحرب العالمية الثانية في أول أيلول 1939 ومعها بدأت قوات الاحتلال الفرنسي تعتقل المسؤولين والقوميين الاجتماعيين، كان أولهم جورج عبد المسيح الذي اقتيد من منزله في بيت مري، والرفقاء بشير فاخوري، الياس سمعان، أديب قدورة، محمد القاضي (أمناء لاحقاً)، وليم سابا، اسبيريدون ديب، والأمين نعمة ثابت .

- أمكن لعميدي المالية والتدريب (الدفاع) الأمينين جبران جريج ومأمون أياس أن يصلا إلى بلدة بتعبورة في منطقة القويطع في الكورة بعد أن تواريا لوقت في مبنى مرصد الجامعة الأميركية الذي كان يتولاه صيفاً طالب الطب الرفيق عبدالله سعاده (الأمين، رئيس الحزب لاحقاً) .

- فيما كانت السلطات تعتقل المزيد من القوميين الاجتماعيين (عبدالله قبرصي، فكتور أسعد حنا(15)، يوسف اليازجي، حسن الطويل، رفيق أبو كامل، خالد موره لي، إحسان مسوح، صلاح شيشكلي، عبد العزيز أرناؤوط، الياس جرجي قنيزح، أنيس فاخوري، منصور اللحام (راشيا الوادي)، عبد الكريم سيروان (الهرمل)، جورج حنكش (رومية) وغيرهم..) تحوّلت القويطع إلى مركز للحزب، وفيها راح العميدان جريج وأياس، إلى الإشراف على العمل الحزبي في منطقة القويطع، يزوران فروعاً للحزب في الكورة، وينتقلان إلى طرابلس بالرغم من كل العيون المتربصة، والملاحقات بحقهما.

- في 8 تشرين الثاني 1939، ورداً على بيان كان وزعه قلم المطبوعات في المفوضية الفرنسية العليا على الصحف(16) أصدر الأمين مأمون أياس بصفته ناموساً للمجلس الأعلى بياناً عنيفاً يفند فيه مزاعم البيان من أن سعاده مقيم في برلين، وأن الحزب يعمل لحساب المانيا، البيان المذكور نشرته بعض الصحف، وتمّ إرسال نسخة منه إلى "سورية الجديدة" في البرازيل فنشرته بكامله.

- قبل ذلك، في 4 تشرين الثاني، أذاع عميد المالية الرفيق جبران جريج بياناً إلى الصحف أوضح فيه، بناءً للمسؤوليات الحزبية التي تولاها في عمدة المالية منذ حزيران 1937 وفي إدارة جريدة النهضة منذ أيلول 1937، وبصفته الحالية كعميد للمالية، أن ليس بين المعتقلين في سجن القلعة من يحمل أية مسؤولية مالية، وأنه ليس لدى قاضي التحقيق أية وثائق أو سجلات تختص بمالية الحزب سوى سجل مالي يومي، نافياً التهم الملفقة الواردة في الصحف من أن الحزب يتقاضى مبالغ مالية من السلطات النازية.

- وفي 8 كانون أول 1939 أصدر مركز الحزب (القويطع) بياناً إلى الصحف باسم عمدة الإذاعة تحدث فيه عن الاعتقالات التي تطال الرفقاء في مختلف المناطق اللبنانية والشامية ومعلناً عن وصول وثيقة من بيونس أيرس – الأرجنتين، تثبت وجود سعاده في العاصمة المذكورة .

- بعد ذلك بفترة، 30 كانون أول، أصدر المركز نشرة إذاعية تضمنت البيانات الثلاث الصادرة عن عميد المالية (4/11/1939) ناموس المجلس الأعلى (8/11/1939) وعن عمدة الإذاعة (8/12/1939) كما تضمنت صادرة خاصة موجهة إلى المسؤولين في الوطن وعبر الحدود، وقد وزعت النشرة بنجاح بالرغم من الصعوبات الأمنية، وبالتالي صعوبة الاتصال بالمناطق.

- ورغم الملاحقات والأعين الراصدة قام عميد المالية بزيارتين حزبيتين إلى حمص وحلب، وأخرى إلى صافيتا ــــ طرطوس ــــ بانياس ــــ اللاذقية، فيما بقي العميد أياس في بتعبورة.

- بصفته عميداً للداخلية بالوكالة، أصدر الأمين مأمون أياس قراره بإنشاء مديرية للأشبال، وكان قبل ذلك أصدر قراراً بإنشاء فرع حزبي للرفيقات من بلدتيّ كفرحاتا وبتعبورة .

كذلك حُلّت منفذيتا الكورة والقويطع وأنشئت منفذية واحدة باسم منفذية الكورة وتعين الرفيق ميشال خوري (من كفرحاتا) منفذاً عاماً لها.

- أبلغ الرفيق فارس معلولي (الأمين لاحقاً) وكان يقوم بمهمة ضابط ارتباط، العميدين جريج وأياس أنه بات يستطيع أن يستقبلهما عند مجيئهما إلى بيروت في المنزل الذي استأجره مع رفيق آخر، ذلك أن الأعمال الحزبية التي توسعت كثيراً باتت تحتاج إلى تواجدهما في بيروت .

- في 10 حزيران 1940 غادر العميدان القويطع إلى بيروت واستقرا في المنزل المذكور قبل أن ينتقلا إلى بيت أوسع تنطبق عليه الأوصاف السرية المناسبة، منه راحا يقودان الحزب، وخاصة مأمون أياس الذي كان يملك، إلى مسؤوليته كعميد للتدريب، صفة ناموس المجلس الأعلى .

كان المنزل يقع في منطقة أوتيل الكومودور حالياً، وصدف أن انتقل الشرطي الرفيق نجيب حلاوي(17) بعد اقترانه، للإقامة في الشقة المقابلة، مما زاد في طمأنينة المسؤولين.

- قبل ذلك كان الرفيق أسد الأشقر قد غادر مغتربه في غانا وعاد إلى لبنان، فأمكن تشكيل مجلس عمد من:

مأمون أياس رئيساً لمجلس العمد ــــــ عميداً للتدريب .

جبران جريج عميداً للمالية .

عبدالله سعاده ناموساً للمجلس ـــــ عميداً للداخلية .

أسد الأشقر عميداً للإذاعة .

ووضع رفقاء ــــــ ضباط ارتباط بتصرف عميد الداخلية، كما طُلب إلى الرفيق فارس معلولي (الموظف في الجامعة الأميركية) أن يقيم في المنزل ــــــ المركز السري وأن يتوقف عن أي عمل حزبي.

-كان قاضي التحقيق الفرنسي القومندان فيتو Vitu قد رفع تقريراً سرياً مطولاً إلى القيادة العسكرية يفيد فيه أن سعاده ليس في المانيا وأن ليس للحزب أية علاقة بأية دولة أجنبية خصوصاً بدولتيّ المحور، وهو لذا يقترح تبرئة القوميين الاجتماعيين من هذه التهمة، كما يرى أن المصلحة المشتركة تقضي بالتعاون من أجل استقلال البلاد وحريتها، لا بالتطاحن والاعتقالات والنزاعات لأن الحزب السوري القومي يمثل حضارة القرن العشرين(18).

كان متفائلاً بالنتيجة لأن القسم المدني في المفوضية مع فريق من العسكريين بات مقتنعاً بوجهة نظره وقد رفعت هذه المسألة إلى السلطة المركزية في فرنسا.

بعد انتقال "المركز" إلى بيروت أمكن للأمين أياس أن يقوم بمفاوضات مع الجانب الفرنسي بواسطة الدكتور سامح فاخوري(19) رئيس المجلس القومي الإسلامي إلا أنها توقفت نهائياً خصوصاً بعد ورود الجواب السلبي من فرنسا على تقرير المحقق Vitu .

- في حزيران 1940 (22 و24) تمّ إعلان الهدنة بين المانيا وكل من فرنسا، وإيطاليا. في فرنسا تسلّم الماريشال بيتان رئاسة الدولة وانتقلت العاصمة الفرنسية من باريس إلى مدينة "فيشي" في الجنوب الفرنسي.

على أثر ذلك تشكلت لجان هدنة، فكان من نصيب بلادنا لجنتان: المانية، وإيطالية، وراحت الأوساط السياسية تجري اتصالاتها مع اللجنتين، ويقدم بعضها النصيحة للحزب باستحسان الاتصال باللجنتين – أو على الأقل باللجنة الألمانية – بهدف تسوية أوضاع الحزب، وربما التوصل إلى إلغاء المحاكمة العسكرية .

- على صعيد الكيان الشامي كان تعيّن الرفيق فكتور أسعد مندوباً مركزياً. اهم عمل قام به بعد تشكيل هيئة منفذية لدمشق على رأسها الرفيق جورج بلدي(20) هو توزيع بيان باسم الحزب يذكّر الشعب بوجوده. وزّع البيان فجأة ولم يُـعتقل احد(21).

- في مواجهة الوضع أصدر مجلس العمد باسم عمدة الإذاعة بياناً في 2 تموز 1940، وزع على نطاق واسع، واختتمه بالتوجه التالي:

أيها السوريون القوميون

لقد دقت ساعتكم، الساعة التي تبرهنون فيها لأمتكم وللعالم أنكم لستم من فئات الكلام الأجوف التي تعودت الأمة سماع ضجيجها المزعج المنتهي باستغلال الظروف لإشباع الأطماع الخاصة. لقد دقت ساعتكم لتبرهنوا أنكم جوهر الأمة الخالد، العامل بتجدد ونظام وتضحية للقضاء قضاءً مبرماً على عوامل الهدم والانحطاط ولخلق نظام جديد يضع حيوية أمتكم في مجاري نموها الطبيعي .

قفوا في مراكزكم مستعدين وانتظروا !

لتحي سورية وليحي سعاده زعيمها الخالد.

- كذلك تقرر توزيع صور للزعيم في أحياء العاصمة، لصقاً على الجدران. تمّ ذلك في 12 تموز 1940، واعتقل على أثرها الرفقاء بطرس كيروز (الشهيد لاحقاً)، عبد العادل طفيلي، خضر سلام، صلاح عيتاني وادوار توتنجي(22) .

- تقرر في إحدى جلسات مجلس العمد إصدار بيان سياسي باسم رئاسة المجلس، وتوزيعه بشكل مكثف، كما تلاوته في اجتماعات شعبية عامة، ولتحقيق ذلك جرى اختيار الخطباء وتوزيعهم على المناطق واتخاذ التدابير الاحترازية والأمنية. حدد يوم الأول من آب 1940 موعداً لتلاوة البيان في المناطق(23) ومن التدابير المتخذة تشكيل زمر وتسليحها بالعصي مهمتها شل قوى الأمن إن هي تدخلت لتفريق الاجتماعات، والعمل على إلهائها ريثما يكون انتهى الخطيب من تلاوة البيان .

تمّ تلاوة البيان وتوزيعه في مختلف المناطق اللبنانية والشامية وتعرض رفقاء عديدون للاعتقال، من بينهم الرفيق عبدالله محسن الذي تلا البيان في بلدته مشغرة، الأمين عجاج المهتار، الرفقاء سليم صافي حرب (الأمين لاحقاً)، محمود بيان، سعد الله حدبا وأحمد طبيخ (في طرابلس)، تاج الدين خالد وفكتور أسعد في دمشق.

- في 22 آب 1940 جرت محاكمة الرفقاء ، ومنهم من كان قيد الاعتقال، وصدرت الأحكام بحقهم. كان منها 20 سنة سجناً و 20 سنة منع إقامة على سعاده(24)، فتحوّلت إقامته في الأرجنتين إلى اغتراب قسري بسبب الأحكام ، كما نشوب الحرب العالمية الثانية.

- بعد تلك النشاطات العلنية، بات المقر السري في رأس بيروت شبه علني، خاصة أن الرفقاء راحوا يقصدونه في الليل كما في النهار، فتقرر الانتقال إلى مكان آخر، وجرى تكليف الرفيق فارس معلولي بالبحث عن مقر بديل، إلا أن أجهزة الأمن كانت أسرع فداهمت المنزل ليلة 26-27 آب واقتادت من كان فيه من مسؤولين ورفقاء(25) أفلت من الاعتقال العميد عبدالله سعاده الذي كان توجه إلى أميون لزيارة والدته، والرفيقان عيسى حمادة (من الجنوب، كان مقيماً في بيروت) وإبراهيم بشارة من بلدة (كفرحاتا ـــــ القويطع)، ومن المسؤولين المحليين منفذ عام بيروت الرفيق إبراهيم يموت ومعاونه الرفيق بدري جريديني (الأمينان لاحقاً).

- تولى الأمين كامل أبو كامل ــــــ عضو المجلس الأعلى ـــــ رئاسة مجلس العمد، فشكل مجلس عمد من الرفقاء عبدالله سعاده للمالية، إبراهيم يموت ناموساً للمجلس(26)، فريد مبارك للإذاعة (تم لاحقاً تعيين محسن سليم بديلاً عنه)، زكريا لبابيدي للدفاع، وجورج صليبي عميداً دون مصلحة. واحتفظ الأمين كامل بعمدة الداخلية(27) جرى ذلك في 29 آب 1940.

- في 26 أيلول 1940 أصدر رئيس مجلس العمد بياناً إلى الشعب باسم مستعار "معروف حمدان" يعرض فيه للمحاكمة التي تعرض لها القوميون الاجتماعيون، وما تبعها من أحكام ويرد على كلام رئيس المحكمة الذي قال "نحن في مأتم الحزب السوري القومي". كذلك تناول البيان الخطاب الذي كان أذاعه المفوض السامي الفرنسي في 30 آب .

- بعد ذلك أصدر بياناً بالاسم الصريح "كامل أبو كامل" كي لا يترك أي سبيل لسلطة الانتداب للتمويه على أنه بيان لا قيمة له ما دام فاعله غير معروف.

أما الغرض من البيان فهو أن معلومات وردت إلى قيادة الحزب تؤكد أن السلطات الفرنسية ستنقل احتياطي الذهب من الخزانة اللبنانية إلى فرنسا، وقد أتى بيان رئاسة مجلس العمد ليفضح ذلك مما اضطر السلطات الفرنسية إلى العودة عن قرارها، خاصة أن الحزب لم يكتف بإرسال بيانه إلى الصحف إنما عمد إلى توزيعه بشكل واسع في مختلف المناطق، وإلصاقه في الساحات العامة وعلى الجدران .

- عدد كبير من الرفقاء اعتقلوا أثناء توزيع البيان، أو إلصاقه، منهم خليل طفيلي، محمد اللحام، أحمد الشيخ، عبد الرحمن عكاوي، عيسى حمادة (بيروت)، نسيم نصر، عزيز عودة (الكورة)، إبراهيم حنا الخوري، ميشال الدورة (الحاكور ــــ عكار، الامينان لاحقاً)، حسيب وسعيد صعب (الشويفات) .

- اعتقل رئيس مجلس العمد الأمين كامل أبو كامل في منطقة بشامون – شملان، فتعين الرفيق زكريا لبابيدي رئيساً للمجلس فاعتقل بعد أيام، فتولى الرفيق عبدالله سعاده المسؤولية مكانه، باسم مستعار "جلال طالب"، وكان ما يزال في الثانية والعشرين من عمره وطالباً في كلية الطب في الجامعة الأميركية .

- وطالت الاعتقالات عدداً كبيراً من الرفقاء، منهم ناموس مجلس العمد إبراهيم يموت، وكان يتم نقلهم إلى سجن القلعة في بيروت، وسوقهم إلى المحكمة العسكرية الفرنسية، حتى إذا صدرت بحقهم الأحكام، أودعوا السجون.

- يقول الرفيق إبراهيم يموت في كتابه "الحصاد المر" أنه في أثناء غيابه في السجن تألفت لجنة في بيروت "من الأمين فؤاد أبو عجرم والرفقاء أديب قدورة (الأمين لاحقاً) وشفيق نقاش وادمون الشويري ومحي الدين سنو وغيرهم ، انيط بها الإشراف على العمل الحزبي .

- في هذه الأثناء كانت السلطات الفرنسية التي باتت مرتبطة بحكومة فيشي الموالية لألمانيا تتفاوض مع الأمين نعمة ثابت لقاء أن يتمّ التعاون ضد الفرنسيين الديغوليين (نسبة إلى الجنرال شارل ديغول الذي كان يقود حركة فرنسا الحرة ضد الاحتلال الألماني لها) الذين كانوا يتأهبون مع القوات البريطانية في فلسطين للزحف باتجاه لبنان .

- بقي الوضع الحزبي على حاله: مسؤولون ورفقاء قيد الاعتقال ومسؤولون ورفقاء يتولون العمل الحزبي(27) في 8 حزيران 1941 أغارت الطائرات البريطانية على بيروت، وفي العاشر منه تقدمت جيوش الحلفاء التي كانت دخلت الجنوب اللبناني من فلسطين باتجاه العاصمة بيروت، وفي 11 حزيران 1941 أطلق سراح القوميين الاجتماعيين.

وفي هذا الصدد يقول الرفيق إبراهيم يموت(28) " كان من أسباب الإفراج عنا قبل انقضاء الأحكام هو أن الفرنسيين أرادوا رفع المسؤولية عنهم بعد أن اشتد ضرب القنابل من الطائرات البريطانية ونحن في السجن"، ثم يضيف(29): " أن الرئيس ثابت أخبرنا أن قضية العفو عنا كانت بمبادرة شخصية من الجنرال الفرنسي".

- ما إن خرج الرفقاء من السجون حتى عادوا إلى نشاطهم الحزبي، واعادوا تنظيم الفروع. على صعيد منفذية بيروت تعيّن الرفيق زكريا لبابيدي منفذاً عاماً، والرفقاء إبراهيم يموت ناموساً، ادمون شويري للمالية، شفيق نقاش للإذاعة، وفكتور أسعد للتدريب(30) .

- كانت الطائرات البريطانية تقصف وتقوم بغارات، وقوات الحلفاء تتقدم وصولاً إلى الدامور. عرفت بيروت الملاجئ ، والدمار.

- بعد دخول القوات البريطانية والفرنسية الحرة إلى بيروت لم يتصرف الفرنسيون "الأحرار" خلاف من سبقهم ، فراحوا يعتقلون القوميين الاجتماعيين بدءاً من أواخر أيلول 1941(31) ويسوقونهم إلى سجن القلعة قبل نقلهم إلى منطقة "المية ومية" شرقي صيدا حيث حوّل الفرنسيون مدرسة تابعة لإحدى الإرساليات الأجنبية إلى معتقل للسجناء السياسيين من لبنان والشام.

- تمكن الأمين عبدالله قبرصي من الإفلات من الاعتقال، وأمكنه الوصول ــــــــ كما الأمين جبران جريج في مرحلة سابقة ــــــ إلى بتعبورة(32) لتتحول البلدة الوفية لتعاليم النهضة القومية الاجتماعية مرة جديدة إلى ما يشبه مركزاً للحزب .


بدأت هذه المرحلة في 9 تشرين أول 1941 مع الأمين قبرصي. في أحد أيام كانون أول 1941، وإلا أواخر تشرين الثاني(33) وصل الرفيق جورج عبد المسيح بعد أن قطع الجبال والأودية سيراً على الأقدام. انضم إليهما الرفيق نهاد ملحم حنا الذي راح ينقل الأوامر والتعليمات إلى سائر فروع الشمال وأحياناً إلى بيروت والمتن(34).

- عن تلك المرحلة يفيد الأمين قبرصي(35) "كانت لقاءات مستمرة مع القيادات الحزبية في العلويين والشام وطرابلس وكل الشمال. لم يكن بالإمكان الاتصال بفروع المتن والشوف التي كان يتولاها من هم خارج القفص من رفقائنا القياديين كحسن الطويل وكامل ورفيق أبو كامل وسواهم.

- في 2 تشرين الثاني 1942 وبعد مفاوضات عبر صديق استسلم الأمين قبرصي إلى السلطات الفرنسية بعد أن راحت المداهمات وتسيير قوى الأمن إلى قرى منطقة القويطع تتواصل وتتكثف، ابتداءً من شهر أيلول 1942 .

وكان الرفيق جورج عبد المسيح اضطر للرحيل فبقي الأمين عبدالله قبرصي وحيداً يتنقل بين قرى القويطع والبترون إلى أن استسلم، فاقتيد إلى "المية ومية" لينضم إلى رفقائه فيها.

معتقل المية ومية

يتألف المعتقل من بناء رئيسي يشتمل على عدة طوابق، وعلى بيوت متفرقة، وحول البناء ملاعب لكرة السلة والكرة الطائرة وملعب كبير لكرة القدم وأراضي مزروعة بالزيتون وأشجار السرو والشربين. خصصت البيوت عند مدخل المعتقل لعائلات الضباط المشرفين على المعتقل، أما الأبنية الصغيرة المجاورة للبناء الرئيسي، فقد خصصت واحدة منها للمعتقلين المتزوجين وعائلاتهم، وبناية أخرى للنساء المعتقلات العازبات.

ألحق بالمعتقل مبنى من الاترنيت وكذلك مخزن كبير وبيوت من التنك ليستعملها المعتقلون للغسيل والاستحمام.

في كل بناء من أبنية المعتقل مطبخ ومستودع للمونة. لا وقت محدد للنوم ولا للنهوض، يدعى المعتقلون مرة كل صباح ليتفقدهم آمر المعتقل في الساحة العامة، وينادى على كل معتقل باسمه، ينقسم المعتقلون إلى وحدات تهتم كل وحدة بتنظيم مطبخ خاص بها، تعطى المواد الأولية بنسب معينة، لكل معتقل حصته اليومية أو الأسبوعية، ويشرف على مستودع الإعاشة والمستشفى معتقلون يعينون بالتراضي من بين الإداريين وأصحاب الاختصاص، يحصل القوميون على إعاشتهم كمجموع ولهم مطبخهم الخاص، ويتبرع القادرون منهم بمبالغ شهرية تساعد على تحسين نوعية الطعام. يسمح للمعتقلين بشراء مواد غذائية إضافية من دكان ملاصق للمعتقل، كما يشترون من الدكان أغراضاً وأدوات يحتاجون إليها. تعرض الجرائد والمجلات يومياً للبيع، خصص المعتقلون مكاناً للحلاقة وآخر للخياطة والكوي، ويتمتع المعتقلون بحرية اقتناء الراديو وآلات الموسيقى.

كان عدد المعتقلين يتراوح في البناء المخصص للرجال بين الماية والخمسين والمايتين بمن فيهم القوميون الذين كان عددهم بين الأربعين والستين. العدد يتغير من يوم ليوم بفعل حركة القادمين والخارجين.

مرّ على المعتقل رجال معروفون أمثال عارف النكدي، عبدالله المشنوق، زهير عسيران، سعيد سربية، الأمير نهاد أرسلان، معروف سعد، علي ناصر الدين، ناظم القادري وغيرهم. ومن الشام قادة معروفون ايضاً: رشاد برمدا، أحمد قنبر، د. عاطف الغوري، الشيخ مصطفى السباعي الخ..

نظم المعتقلون فرقاً لكرة القدم والكرة الطائرة، كانت هذه الأخيرة هي اللعبة المفضلة وتقام لها المباريات الدورية. لم ينعزل القوميون عن غيرهم في الحياة الاجتماعية أو الرياضية. كانت فرقهم الرياضية مفتوحة للغير، وكذلك المطبخ الخاص بهم .

الحياة اليومية للقوميين منتظمة. كان على رأسهم مسؤول إداري هو مرجعهم في كل شيء. قبل مطلع العام 1942 كان الرفيق وليم سابا هو المسؤول، ثم تعاقب على المسؤولية كل من الأمناء أنيس فاخوري، مأمون أياس وفؤاد ابو عجرم، ويصير تعيين هؤلاء من قبل الرئيس نعمة ثابت، أكان خارج المعتقل أم داخله.

إلى معتقل المية ومية كان ينقل العديد من القوميين الاجتماعيين فيقضون فترات معينة، قد تقصر أو تطول(36) .

يروي الامين إبراهيم يموت في كتابه "الحصاد المر" أنه : "يوم الثالث والعشرين من شباط 1942 جاء من سجن القلعة العسكري نعمة ثابت، مأمون أياس، جبران جريج، زكريا لبابيدي، فارس معلولي وعجاج المهتار. استقبلنا الرئيس ثابت وصحبه عند الباب استقبالاً رسمياً واُديت لهم التحية". ويضيف: " أقمنا احتفالاً ليلة الأول من آذار 1942 دعي إليه الأصدقاء من المعتقلين. كان عريف الاحتفال مأمون أياس وألقى الرئيس ثابت خطبة ارتجالية عن تاريخ الحزب، وأنشدت فرقة الإنشاد بعض الأناشيد. وزع الشاي والحلوى ثم قام البعض إلى رقص الدبكة " .

في الرابع من كانون الأول 1942 أبعد إلى سجن راشيا كل من نعمة ثابت، مأمون أياس، أنيس فاخوري، جبران جريج وزكريا لبابيدي، حيث التقوا فيه بعض القوميين الاجتماعيين. إلا أن الاتصال بين معتقل المية ومية وسجن راشيا لم ينقطع، فقد استمر بواسطة البريد العادي، كما بواسطة الرسل من مأموري السجن وأفراد الدرك والأمن العام الذي كان بينهم أصدقاء ورفقاء.

استمرت حياة المعتقل خلال عام 1943 رتيبة، الوافدون قليلون، والخارجون قليلون. إلى أن اندلعت معركة الاستقلال في تشرين الثاني من العام 1943.

معركة الاستقلال

معركة الاستقلال بدأت فعلياً في 11 تشرين الثاني 1943 وإن كانت مقدماتها بدأت في 8 منه عندما انعقد مجلس النواب للنظر في تعديل الدستور والاقتراع على مشروع أعده مجلس الوزراء قبل ثلاثة أيام مضمونه إلغاء جميع المواد المتعلقة بالانتداب الفرنسي وصلاحيات المفوض السامي وكل ما يتصل به، وجعل اللغة العربية وحدها لغة لبنان الرسمية، تمّ ذلك رغم احتجاجات المتفرنسين وعلى رأسهم النائب اميل اده .

كان من جراء ذلك أن اعتقلت السلطات الفرنسية كلاً من رئيسي الجمهورية والحكومة، بشارة الخوري ورياض الصلح، الوزراء كميل شمعون، عادل عسيران، وسليم تقلا والنائب عبد الحميد كرامي، واقتادتهم إلى قلعة راشيا، فيما تمكن الوزيران مجيد أرسلان وحبيب أبو شهلا من الوصول إلى بشامون بعد أن ترك الرقيب في الدرك، الرفيق أديب البعيني مركزه في جرود عكار وأتى إلى بيروت يصطحب الوزيرين إلى حيث يمكن أن تتأمن لهما الحماية.

ولاحقاً وصل إلى بشامون رئيس المجلس النيابي صبري حمادة .

إلى بشامون وعين عنوب تقاطر المئات من أبناء منطقة الغرب وجوارها، ومنهم القوميون الاجتماعيون الذين كان لهم حضورهم البارز في الحرس الوطني، الذي كانت قيادته الميدانية بعهدة الرفيق أديب البعيني، وفي التصدي للقوات الفرنسية عندما تقدمت محاولة الوصول إلى بشامون واعتقال رجال الحكومة المؤقتة. عند مثلث الطرق الذي يربط بشامون إلى عين عنوب وعيناب كان يقف الرفيق سعيد فخر الدين ورفقاؤه والمواطنون الذين كانوا لبوا نداء الواجب .

لم ترهب المصفحات الرفيق فخر الدين ولم تثنه الرشاشات الثقيلة تطلق الرصاص، بل اندفع من وراء متراسه يلقي قنبلة على المصفحة، فإذا بضابط فرنسي يرديه من رشاشه ليسقط مضرجاً بدمائه شهيداً وحيداً في معركة التصدي، والدفاع عن معقل الاستقلال.

أما في راشيا، التي كان نقل إليها أمناء ورفقاء من معتقل المية ومية، فقد قام الرفقاء أنيس فاخوري، جبران جريج (الأمينان لاحقاً) وزكريا لبابيدي بدور هام إزاء "رجالات الاستقلال" الذين كانوا اقتيدوا في 11 تشرين الثاني إلى معتقل راشيا، وخاصة الرفيق جبران جريج الذي أمكنه بفضل توليه لمهمة مسك دفاتر حسابات المعتقلين، أن يؤمن الاتصال برجال الحكم المعتقلين، وينقل لهم أخبار الانتفاضات والإضرابات في الخارج، فتقوى عزائمهم وترتفع معنوياتهم شبه المنهارة(37).

وفي بيروت شارك الرفقاء والرفيقات في المظاهرات التي اندلعت إثر الاعتقالات التي طالت رجال الحكم فسقط منهم جرحى الرفيقان ادمون كنعان (الأمين لاحقاً) ووفيق عضاضة .

بعد ما يناهز الخمسة أشهر، سقط الدركي الرفيق حسن عبد الساتر شهيداً عند البرلمان اللبناني دفاعاً عنه عندما تعرّض لهجوم أنصار السياسة الفرنسية محاولين إنزال العلم اللبناني عن قبة البرلمان ورفع العلم السابق الذي كان قائماً أيام الانتداب (العلم الفرنسي وفي وسطه أرزة)(38) .

معركة الجلاء

صحيح أن لبنان، والشام نالا استقلالهما(39) إلا أن فرنسا كانت حريصة على إبقاء نفوذها وأن يكون لجيشها قواعد له في كلا البلدين فراحت تماطل في تسليم صلاحيات الاستقلال، وفي عدادها الجيش اللبناني ــــ الشامي الموضوع تحت القيادة الفرنسية، ثم تمسكت بضرورة عقد معاهدة قبل تسليم الجيش.

كانت أول بادرة استفزازية قام بها الفرنسيون، في الوقت الذي كانت الحرب قد توقفت في أوروبا، إرسال 800 جندي من الجيوش السنغالية وفي 17 منه، 1500 جندي آخرين.

لم يكد يمضي يوم واحد على وصول الدفعة الثانية حتى سلم الجنرال الفرنسي بينه مذكرة باسم حكومته إلى وزيري خارجية لبنان والشام في اجتماع ثلاثي عقد في دمشق في 18 أيار، تحدثت عن مصالح فرنسا الثقافية والاقتصادية والاستراتيجية، وجاء فيها: " أما الأوضاع الاستراتيجية فتتضمن قواعد تمكن من ضمانة طرق مواصلات فرنسا وممتلكاتها فيما وراء البحار. وعندما يتم التفاهم على هذه النقاط توافق الحكومة الفرنسية على نقل القطعات الخاصة إلى الدولتين مع الاحتفاظ بإبقاء هذه الجيوش تحت القيادة العليا الفرنسية ما دامت الظروف لا تسمح بممارسة القيادة الوطنية ممارسة تامة ".

ما إن تسرّبت المعلومات عن المذكرة حتى قام الشعب يعلن الإضراب في المدن، فأقفلت مدينة بيروت وكثير من المدن الشامية. أما الحكومتان اللبنانية والشامية فقد قررتا بعد مؤتمر عقد في شتورة وحضره رئيسا الجمهوريتين وأعضاء الحكومتين، قطع المفاوضات مع فرنسا وكان الإضراب مستمراً ومتزايداً في حدته فوقعت اصطدامات دامية في دمشق بين الطلاب والجنود الفرنسيين كما اختلّ الأمن في حلب فوقع قتلى وجرحى من الفريقين.

تلك كانت بداية الأزمة بين فرنسا وكل من لبنان والشام والتي انتهت لاحقاً برضوخ فرنسا لمطالب الشعب الواحد في دولتيه، تحت ضغط المواجهات التي اندلعت في الكثير من المناطق، كما لتدّخل بريطانيا وتوجيهها بلسان رئيس وزرائها "تشرشل" رسالة إلى الجنرال "ديغول" تطلب منه فيها أن يأمر حالاً قواته بالانسحاب إلى ثكناتها ويبلغه أنه أصدر أمراً إلى القائد العام البريطاني في الشرق الأوسط أن يتدخل لسفك الدماء .

ولم يقتصر التحرك البريطاني على المذكرة، إنما أعطيت التعليمات للقائد العام للتدخل بقصد إعادة النظام إلى نصابه، وتنفيذاً لهذه الأوامر احتلت القوات البريطانية المراكز الكبرى التي جرى القتال فيها.

تلك الأزمة استمرت خلال شهري أيار وحزيران عام 1945، وهي فترة شهدت الكثير من الاتصالات الدبلوماسية، من اللقاءات اللبنانية – الشامية على مستوى الحكومتين، كما تحركاً شعبياً في الكثير من المناطق الشامية التي تعرّضت إلى قصف عنيف أسفر عن دمار وخراب، والتي شهدت معارك ومواجهات سقط فيها العديد من القتلى والجرحى في الجانبين.

وكما أن القوميين الاجتماعيين، لم يقفوا في لبنان مكتوفي الأيدي في معركة الاستقلال في تشرين الثاني 1943، فرفقاؤهم في الشام شاركوا بفعالية في المواجهات التي اندلعت، وفي هذا الصدد نعرض بإيجاز لتلك المشاركة إذ أن الحديث عنها، كما عن أحداث شهري أيار وحزيران تتطلب أكثر من مقالة.

تسلّم الرفيق الضابط صلاح الشيشكلي قيادة "قوى التحرير" في مدينة حماه، وقامت هذه القوى بخوض مواجهات قتالية مع الفرنسيين، تعرّضت أثناءها أحياء في حماه للقصف المدفعي.

في حماه سقط في المعارك الرفيقان الشهيدان عبدالله فردوس العظم ومحمد الشقفة .

في درعا هاجم الأهالي الأمكنة التي تحصن فيها الفرنسيون وكان يتقدم المهاجمين الرفيقان ميشال الديك(39) ورفعت شوقي(40)، ثم قادا الهجوم العام على ثكنات الجيش الفرنسي إلى أن تمّ حصر الفرنسيين في الثكنة الكبرى، فالانسحاب من درعا إلى ازرع، بعد أن سقط منهم العديد من القتلى والجرحى.

ومن الرفقاء الذين تميزوا في القتال نذكر: عبد الرحمن رجا المسالمي، حسين الجمالي، رشيد أبا زيد، زيدان المسالمي، أحمد المرشد، علي أبي العيون، حسين الجهماني، جابر حمدان أبا زيد، أحمد زطمه، حسين البرمادي، مروح مسالمي، جمعة المسالمي، مأمون نور منيمنه.

وقد تسلّم كل من الرفيقين، ميشال الديك ورفعت شوقي شهادة تقدير من محافظ حوران.

في حمص تطوع مئة رفيق وسجلت المنفذية أسماءهم في صفوف القوى الوطنية، وشكلت المنفذية لجنتين مالية وإذاعية، ولجنة للدفاع الوطني.

أما العمل الأبرز فهو قيام الرفقاء صفوح الدروبي، ماهر الجندي وانور طليمات ورفقاء آخرين بالاستيلاء على المستوصف الفرنسي الذي يديره الطبيب الرفيق عبد الكريم الشيخ(41) والقريب من القلعة وأماكن أخرى يتواجد فيها الفرنسيون، ونقلوا جميع الأدوية والأدوات الضرورية بالتعاون مع الرفيق الشيخ إلى جامع بازرباشي(41) حيث أنشأ القوميون المستوصف الجديد وبدأ الطبيب الرفيق عبد الكريم بإسعاف الجرحى الذين كان الرفقاء يأتون بهم من الشوارع، وكان الرفيق الشيخ يذهب أيضاً لعيادة الجرحى الذين يتعذر وصولهم إلى الجامع يعاونه في عمله الطبيب وجيه كبا والصيدلي بهيج توما، وقد قضى أعضاء هيئة منفذية حمص أربع ليالي في الجامع ساهرين على سلامة الجرحى. كذلك أسس القوميون مستوصفاً آخر في بيت المختار بمحلة الشياح.

في دمشق كان الرفيق ممدوح العظمة دليل الطيارين السوريين الذين فروا من رياق للالتحاق بالقوى الوطنية في العاصمة السورية، وكان الرفيق مرعي الحامد من حراس دار الحكومة في دمشق، قد رد برشاشه دبابة كانت تقدمت نحو السراي، وساعده في عمله الرفيق كمال الكنج. أصيب الرفيق مرعي برصاصة في عينه اليسرى .

وفيما هاجم المناضل "محمد الأشمر" ثكنة شارع النصر، ووالد الرفيق كمال الكنج ثكنة المزة، قام الرفيق كمال الكنج ومعه "هايل الأطرش"، بكري قدوره وآخرون بمهاجمة ثكنة شارع بغداد .

أما الأطباء الرفقاء جورج عبود، إميل لطفي، تيودور شان وسامي الخوري فقد كانوا يقومون بالإسعافات في المستشفى الإنكليزي ويسهرون على راحة المصابين طيلة مدة الحوادث.

إلى ذلك تطوع الرفقاء لنقل الجرحى، وإسعاف المصابين .

- في تدمر، كان الرفيق رشيد محمد أول متطوع ترك جيش الشرق ففرّ من ثكنة الجبخانة بسلاحه وحرّض الباقين على اللحاق به. وقد شارك الرفيق بالقتال في أكثر من موقع .

- في ادلب، قام الرفقاء بإلصاق نشرات الحزب على جدران الشوارع وعملوا على تقوية معنويات السكان، كما شاركوا في معركة ادلب.

الرفيق وصفي أبو زيد كان أول من فرّ بسلاحه والتحق بالقوى الوطنية .

بعد انتهاء معركة ادلب دعي جميع المقاتلين إلى دار والد منفذ عام ادلب، السيد عبد القادر العياش حيث

أقيمت لهم وليمة غداء، وفي المساء انتقل الجميع إلى دار الرفيق أحمد البحث حيث تناولوا طعام العشاء .

- في حلب، إلى إصدار المنفذية عدة نشرات تحث على مواصلة الجهاد، شارك الرفقاء في الثورة المنظمة التي كانت مهمتها الأولى مهاجمة الثكنات العسكرية طوال الليل، إرهاباً للفرنسيين وتشجيعاً للجنود الفارين.

وشارك الرفقاء أيضاً بفرقة مسلحة مع الحرس الحكومي والأهالي لتثبيت الأمن .

وقد جرح في المعارك، الرفيقان، الشاعر أورخان ميسّر وعمر ترمانيني .

- أما العمل الكبير البارز فهو الذي قام به الرفيق غسان جديد، في شمالي لبنان، تلكلخ وحماه، وهذا ما سنأتي على ذكره حين نتحدث عن الرفيق الشهيد غسان جديد.

• نقترح الاطلاع على ما نشرناه عن اعمال القوميين الاجتماعيين في معركة الجلاء عن الشام، على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.ino

*

بعد أن نال الحزب بتاريخ 2 أيار 1944 رخصة رسمية من الدولة اللبنانية باسم الحزب القومي، بادر إلى عقد مهرجانات شعبية واجتماعات عامة في الكثير من المناطق الحزبية، كما إقامة مخيمات تدريبية - ثقافية.

وهنا عرض لتلك النشاطات:

مهرجانات الحزب

"يوم الدفاع": أقيم المهرجان في عيناب صباح يوم الأحد 29 تموز 1945، في اليوم الذي تمّ فيه افتتاح المخيم القومي الثاني، وهو المهرجان الأول الذي يعقد في صيف العام 1945 .

تجمع الرفقاء الوافدون من فروع "الغرب" ومناطق حزبية أخرى في ساحة المخيم. وبعد أن استعرض رئيس المجلس الأعلى نعمة ثابت يحيط به عدد من العمد والمسؤولين، فرق القوميين، أعلن العريف ابتداء المهرجان بتحية العلم. بعدها ألقى عميد الدفاع كلمة حدد فيها مهام عمدته وأهميتها في هذه المرحلة من تاريخ البلاد، وتلاه رئيس مكتب الطلبة بكلمة عمدة الثقافة بوصفها مشاركة في إقامة المخيم .

واستمع الحضور إلى عدة زجليات قومية، للرفقاء خطار أبو إبراهيم(43)، عجاج المهتار (الأمينان لاحقاً) ويوسف تاج(44) بعدها ألقى الأمين عبدالله قبرصي كلمة مرتجلة، ووكيل عميد الدفاع كلمة عن مواطن القوة في الحزب، واختتم رئيس المجلس الأعلى المهرجان بخطاب شامل .

وعن المهرجان يقول الأمين عبدالله قبرصي(45): " لقد اخترنا عيناب مسرحاً لمهرجاننا الأول في صيف 1944(46) لو طلب إليّ أن أختار اسماً لذلك المهرجان لأسميته مهرجان الانبعاث.

" المشهد الذي لا ينسلخ عن ذهني هو مشهد الرفقاء القوميين الاجتماعيين يسيرون صفوفاً بديعة النظام ليأخذ كل مكانه في الساحة المعدة للمهرجان، المطلة على عيناب وبيروت والساحل.

" أذناي ما زالتا تسمعان هدير الرصاص الذي كان يعانق أغصان الصنوبر والسنديان، كلما ورد مقطع في خطاب حماسي أو بيت من الشعر ينبض بالحياة والثورة والتحدي. كان يوم عيناب يوم إثبات الوجود بعد غياب خمس سنوات متواليات.

" كان عساف كرم (الشهيد عام 1949) يقود القوميين(47). عريف الاحتفال غسان تويني كان يقف على المنبر، وكان لا يتجاوز الثامنة عشرة من عمره ".

- مهرجان لبنان الشمالي: عقد في بلدة بشمزين يوم الأحد 19 آب 1945، وقد توافد إليه، إلى رفقاء الشمال اللبناني، رفقاء من بيروت ومناطق أخرى .

افتتح المهرجان منفذ عام الكورة الرفيق وديع الأشقر(48) تلاه عميد الإذاعة الرفيق كريم عزقول، ثم منفذ عام طرابلس الرفيق وصفي المغربي، فعميد المالية الرفيق جبران جريج، وكانت الكلمة الأخيرة لرئيس مجلس العمد الرفيق أسد الأشقر.

-مهرجان مرجعيون: أقيم يوم الأحد 17 تشرين أول 1945 وشارك فيه رفقاء من مختلف المناطق اللبنانية. باشر المدرب العام(49) تنظيم العرض فيما توجه رئيس المجلس الأعلى والمركزيون إلى منزل الرفيق سليمان غلمية لاستقبال بعض الأصدقاء قبل بدء المهرجان .

افتتح المهرجان الرفيق سليمان غلمية باسم المنفذية، ثم تلاه ممثلو المناطق الحزبية المشاركة، فتكلم كل من الرفيق خليل حلاوي منفذ عام صور، الرفيق حسن قنديل(50) مدير مديرية النبطية، الرفيق نواف حردان ناظر إذاعة مرجعيون وألقى الرفيق إميل رفول ناظر إذاعة البقاع الجنوبي قصيدة قومية.

بعد ذلك ألقى عميد الإذاعة الرفيق كريم عزقول البيان الذي كان ألقاه في مهرجان بشمزين، وناموس المجلس الأعلى الرفيق عبدالله محسن(51) كلمة عن المسألة الفلسطينية. وألقيت خلال المهرجان قصائد لعدد من شعراء الزجل ، منهم الأمين عجاج المهتار والرفيق يوسف حاتم .

المخيم: نظراً لعدم تمكن منفذية مرجعيون من الاشتراك في المخيم القومي العام في عيناب فقد قرر المنفذ العام، بعد موافقة عمدة الدفاع، إقامة مخيم خاص بالمنفذية في محلة رأس النبع (الحاصباني).

يوم لبنان: يعتبر يوم لبنان في بعقلين الذي عقد يوم الأحد 16 أيلول 1945 قمة المهرجانات الحزبية لصيف العام 1945، فالرفقاء من المتن الشمالي والأعلى التقوا في قرنايل قبل التوجه إلى الشوف، فكان اللقاء اجتماعاً عاماً حقيقياً خطب فيه عدد من الرفقاء وألقيت قصائد وزجليات. وفي طريقهم إلى بعقلين قام الرفقاء بزيارة قصر بيت الدين حيث كان يصطاف رئيس الجمهورية بشارة الخوري، فتكلم باسم القوميين الرفيق أسد الأشقر والأمين عبدالله قبرصي. ورد رئيس الجمهورية بخطاب قصير صفق له القوميون طويلاً وأخذت الصور التذكارية.

افتتح منفذ عام الشوف الأمين حسن الطويل المهرجان بكلمة ترحيبية ثم ألقى رئيس المجلس الأعلى نعمة ثابت بيانه عن "الواقع اللبناني" وبعد كلمة عميد الثقافة فايز الصايغ اختتم الرفيق أسد الأشقر المهرجان بكلمة حلل فيها الصراع بين المدرسة القومية والمدرسة البالية .

وأثناء فترة الاستراحة، ألقى الأمين عجاج المهتار والرفيق يوسف حاتم قصائد زجلية كما أنشد الرفيق يوسف تاج بصوته الرخيم قصائد قومية اجتماعية .

يفيد الأمين عبدالله قبرصي(52) أن الأمير مجيد أرسلان وكان وزيراً للدفاع "مشى مع قيادة الحزب، نعمة ثابت وحسن الطويل وفؤاد أبو عجرم ومجلس العمد بمن حضر من أعضائه، يستعرض الصفوف القومية".

"يوم فلسطين": وقد أقيم في صور يوم الأحد 28 تموز 1946 "تأييداً لفلسطين في جهادها المشرف ونضالها الجيد ضد الصهيونية" وقد شهدت المدينة تدفق آلاف القوميين الاجتماعيين والمواطنين من القرى المجاورة ينضمون إلى الآلاف التي تجمعت من أحياء مدينة صور التي أقفلت متاجرها تضامناً مع القوميين وتأييداً لدفاعهم عن فلسطين .

نظم المهرجان عميد الداخلية والرياضة (الدفاع) جورج عبد المسيح، منفذ عام صور الرفيق خليل توفيق حلاوي، منذ عام الطلبة الرفيق فوزي معلوف(53)، رئيس مكتب الدعاية والرأي العام الرفيق فكتور أسعد فضلاً عن أعضاء هيئة منفذية صور .

تكلم في المهرجان كل من منفذ عام صور الرفيق خليل حلاوي، الرفيق عبدالله محسن (الأمين، رئيس الحزب لاحقاً) وكان يتولى عمدة المالية، الرفيق نظمي عزقول، وكيل عميد الإذاعة الرفيق وديع الأشقر، الرفيق ممتاز الخطيب، عميد الإذاعة فايز الصايغ، الرفيق الدكتور شكر الله حداد، ورئيس المجلس الأعلى نعمة ثابت، وأنشد الرفيق يوسف تاج قصيدة قومية عن فلسطين .

• للاطلاع على النبذة المعممة عن "يوم فلسطين"، الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.ino

"يوم الإصلاح": أقيم في ضهور الشوير، يوم الأحد 31 آب 1946 في فندق قاصوف الكبير الذي غصت شرفاته وساحاته وحدائقه بالقوميين الاجتماعيين وقد توافدوا إلى بلدة سعاده منذ الصباح من كل أنحاء لبنان، ومن الشام وفلسطين.

اصطف القوميون من الساحة حتى ما بعد فندق القاصوف الكبير وكان السير مؤمناً والسيارات الكبيرة

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024