إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هل يُبرر «النأي» اللبناني ازدواجية المعايير حيال الأحداث السورية؟!

معن حمية

نسخة للطباعة 2012-08-26

إقرأ ايضاً


في الشكل يعتمد لبنان سياسة «النأي»، وفي الشكل أيضاً، يؤكد إعلان بعبدا الأخير أن لبنان لن يكون ممراً أو مقراً ضدّ سورية! لكن على أرض الواقع الأمر مختلف كلياً، فحجم الضرر على سورية انطلاقاً من لبنان لم يعد خافياً، ففي كلّ يوم وعلى مدار الساعة تستخدم الأراضي اللبنانية ممراً لتهريب السلاح وتسلل المسلحين، ومقراً لشنّ هجمات إرهابية ضدّ مواقع سورية. والمفارقة أنه كلما ردّ الجانب السوري على الهجمات الإرهابية تخرج أصوات لبنانية تتحدث عن انتهاك السيادة اللبنانية!

«النأي» اللبناني لا يقتصر على الإحجام عن اتخاذ التدابير الكفيلة بضبط كامل الحدود ومكافحة المسلحين، بل ينسحب إحجاماً عن ملاحقة سوريين وغير سوريين موجودين على الأرض اللبنانية، وبعضهم اعترف لوسائل إعلام لبنانية وعربية وأجنبية بتنفيذ أعمال قتل في سورية؟!

وللتدليل، فإنه قبل فترة وجيزة، شاءت الصدف أن يقع أحد الأشخاص السوريين في قبضة السلطات اللبنانية بتهمة عدم حيازته أوراقاً ثبوتية، وبعد التحقيق معه حول دخوله لبنان بطريقة غير شرعية تبيّن أنه إرهابي وقاتل و«قاطع رؤوس». وهذا الشخص المجرم هو نموذج عن حالات كثيرة موجودة على الأرض اللبنانية، تستفيد في حركتها من مظلة توفرها قوى 14 آذار، وربما من سياسة «النأي» اللبناني!

ومن الوقائع الدالة، أنه ومنذ أكثر من عشرة أيام تمكن أهالي بلدة القاع اللبنانية الحدودية من اعتقال عدد من العناصر (ثلاثة لبنانيّين وسوري) يستقلون سيارة خصوصية وبحوزتهم أموال قاربت المليوني دولار، وهؤلاء كانوا يرافقون «ميني باص» محمّلاً بالأسلحة، ويُنقل عن الأهالي أنهم تمكنوا أيضاً من ضبط «الميني باص» وحمولته، وأنهم سلموا العناصر والمضبوطات إلى القوى الأمنية اللبنانية، لكن حتى اللحظة لم ترشح معلومات رسمية عن هذه القضية، علماً بأن الأهالي ومصادر خاصة تؤكد الواقعة!

وقبل أيام قبضت الأجهزة الأمنية اللبنانية على خلية مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، وضُبط معها سلاح ومتفجّرات وخرائط وأدلى أفرادها باعترافات خطيرة ومذهلة. لكنه لم تكد تمضي ساعات حتى أخلي سبيل أحد أفراد الخلية وهو لبناني الجنسية، وذلك بعد تهديد جهة لبنانية معروفة بقطع طريق المصنع الدولية، على غرار ما حصل في طرابلس بعد إلقاء القبض على شادي المولوي. واللافت أن الجهة التي هدّدت بإقفال طريق المصنع، تطالب بإطلاق عنصر آخر من الخلية وهو سوري الجنسية، اعترف أيضاً بارتكاب جرائم قتل!

وقبل شهور عدة، ضبطت السلطات اللبنانية باخرة محمّلة بأحدث أنواع الأسلحة، ولكن حتى اللحظة لم يُعلن من أي جهة أتت تلك الباخرة ولمصلحة مَن، ومَن أصحابها؟ ومن الجهات اللبنانية التي كانت ستتسلم الأسلحة؟

ما تقدم يبدو أنه غيض من فيض، لكن الخطورة تكمن في التعتيم على هذه الأمور إعلامياً وسياسياً، في حين لم يتأخر بعض المسؤولين في لبنان عن تبني تسريبات التحقيق مع النائب والوزير السابق ميشال سماحة، وتوجيه سهام الاتهام إلى سورية على خلفية علاقة سماحة بمسؤولين سوريين!

والسؤال المطروح: إذا كان لبنان ينأى بنفسه ولا يعتمد ازدواجية معايير حيال أحداث سورية، لماذا إذاً لم يصـدر من بعض المسؤولين في لبنان موقف مشهّر بالمجموعات المسلحة والقوى الداعمة لها على استباحتها السيادة اللبنانية واتخاذ أراضي لبنان منصة عدوان ضدّ سورية، وذلك على غرار ما صدر من مواقف على خلفية توقيف الوزير سماحة!؟

واضح أن سياسة النأي بالنفس التي تعتمدها الحكومة اللبنانية هي مجرّد شعار فضفاض، يترجم نأياً عن الإيجابيات تجاه سورية ومراكمة للسلبيات ضدّها، وهذا يجعل موقف لبنان ضعيفاً في مواجهة رزمة الاستنابات القضائية التي سيصدرها القضاء السوري بحق المتورّطين اللبنانيين في الأحداث السورية؟

ما تقدم، لا يبرّر للدولة اللبنانية، التنصّل من مسؤولياتها والتقاعس عن القيام بواجباتها وتنفيذ التزاماتها، فهي معنية بتطبيق المواثيق والاتفاقيات مع سورية، واتخاذ الخطوات اللازمة والضرورية لعدم جعل لبنان ممراً ومقراً للتآمر على سورية، لأن من شأن هذه الخطوات لجم الاقتتال في طرابلس الذي هو جزء من سيناريو المنطقة العازلة في الشمال اللبناني لجعلها عصية على الدولة اللبنانية ومعادية للدولة السورية.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024