يواجه الجيش العربي السوري في أكثر من جبهة قتالية القوى المتطرفة والمجموعات المسلحة مسنوداً بغطاء جوي بمختلف أنواع الأسلحة، وتقف خلفه والى جواره دول تعتبر الأقوى عسكرياً وسياسياً، ليس في المنطقة فحسب، بل وعلى مستوى العالم، واليوم بات واضحاً أمام الجميع أنّ العالم عاد ليعترف ليس فقط بقوة وصمود الجيش السوري، وإنما أيضاً بقدرة السوريين على التحدّي وكسب الرهانات الصعبة وتجاوز الصعاب.
لقد انتصرت سورية، وانتصر من راهن على شعب سورية، أما من راهن على المجموعات الإرهابية فما عليه إلا البحث عن سلّم للنزول من على الشجرة التي ورّط نفسه بالصعود إليها بسبب اندفاعه الهمجي الذي أصابه بالعمى الاستراتيجي والتكتيكي.
متغيّرات متتابعة ومتتالية على الساحة السورية تكشف حالة القلق والإرتباك بعد الضربات الموجعة التي تلقتها المجموعات المسلحة على يد الجيش السوري وحلفائه، والتي أدّت الى تحرير عدد من البلدات والقرى في الغوطة الشرقية بريف دمشق، التي كانت تسيطر عليها هذه المجموعات، وقد تحقق هذا الإنجاز بفضل التخطيط الاستراتيجي والتكتيك العسكري والأمني للجيش السوري وطريقة تعاطيه مع الأحداث المتغيّرة في الساحة السورية.
لا شك أنّ العملية العسكرية التي أطلقها الجيش السوري وحلفاؤه في منطقة الغوطة هي بالغة الأهمية من حيث توقيتها، لا سيما أنها أتت بالتزامن مع المعارك الطاحنة التي تشنّها القوات السورية في حلب، ورغم اختلاف الأهداف بين الجبهتين، إلا أنها تؤكد على جهوزية الجيش السوري للتحرك على مختلف الأراضي السورية، فاليوم بسط الجيش السوري سيطرته في المنطقة، وأفقد التنظيم الإرهابي مصادر تمويله ومعاقل كان يتمركز فيها لفترة طويلة، لا شك أنّ هذه العملية جعلت الإرهاب يفقد بوصلته ويتكبّد هزيمة ساحقة له بكلّ تنظيماته، وهذا النصر والتحرير الكامل لن يترك لهم أية فرصة للغدر والخديعة كأن يلجأوا مرة أخرى إلى حروب العصابات والشوارع لتختبئ فلولهم وراء المدنيّين العزل…
بذلك حقق الجيش السوري إنجازاً عسكرياً نوعياً بعد أن حرّر 3 بلدات جديدة في الغوطة الشرقية لدمشق ليصبح عدد القرى والبلدات المحرّرة 13، تتجاوز مساحتها 40 كيلومتراً مربعاً، موجهاً بذلك ضربة موجعة للفصائل الإرهابية، التي تعاني أيضاً من اقتتال في ما بينها حصد إلى الآن أكثر من 1000 قتيل في صفوفها، لذلك فإنّ الساعات القليلة المقبلة ستشهد أوسع عملية أمنية سورية روسية – إيرانية لتحرير كلّ منطقة الغوطة، وقطع طريق الإمدادات العسكرية التي تصل إلى المجموعات المسلحة.
في سياق ذلك هناك انهيار كاملا في صفوف جبهة النصرة والفصائل الأخرى التابعة لها فی القطاع الجنوبي من الغوطة الشرقية، وسط تقدم الجيش السوري وحلفائه المتسارع وتحريرهم لهذه المساحات الشاسعة في عمق ريف دمشق، وبذلك شهدت صفوف الجماعات المسلحة حالات هروب كبيرة الى عمق الغوطة الشرقية بعد تقدّم الجيش على عدة محاور، حيث لم تكن هذه الفصائل تتوقع أنّ الجيش سيصل إلى تلك البلدات بهذه السرعة، وبذلك يكون تحرير تلك البلدات قد وسّع نطاق الأمان حول العاصمة دمشق، ومحيط مطار دمشق الدولي والطريق المؤدّي إليه.
إنّ إنهيار روح المعنويات لدى المجموعات المسلحة وإنهيار ارادة القتال لدى عناصرها يؤكد مرة أخرى يقينهم التامّ بأنّ الجيش السوري قادم وامكانية بقائهم في هذه المنطقة في حدودها الدنيا، فضلاً عن أنّ الغوطة هي بوابة دمشق باتجاه البادية المفتوحة على الأردن والعراق، وهذا يعني ضمان عدم وصول إمدادات نوعية بالسلاح والمسلحين للتعويض عن الخسائر.
في هذا الإطار يمكنني القول إنّ فزاعة «داعش» التي كانت في يد أميركا وتركيا وحلفائهم، وكانوا يقامرون بها في ألعاب وحيل مشبوهة ومكشوفة، وبقوا لأكثر من خمس سنوات يحركونها من وراء الستار كيفما يشاؤون وفق مصالحهم وأهدافهم، لا تعدو كونها تنظيمات إرهابية هشة، فضلاً عن كونها مجرد حجج واهية وخبيثة للابتزاز استعملها الغرب وحلفاؤه لتهديد السوريين وجذب الدعم من قبل المجتمع الدولي والعالم ليرسّخوا به دعائم سيطرتهم في المنطقة، لكن بعدما انقشع تهديد الإرهاب والإرهابيين عن العاصمة دمشق وريفها وتمّ طردهم، وطويت عن هذه المدينة صفحة حقبة سوداء مرّت بها، بات كثير من السوريين يأملون أيضاً أن يعمّ ذلك مناطق أخرى في سورية لا تزال ترزح تحت سطوة الإرهاب، لذلك فإنّ الغوطة لن تكون المحطة الأخيرة للجيش السوري العازم على اجتثاث الإرهاب من كلّ الأراضي السورية.
سورية هي رمانة الميزان وحجر الرحى، والتي تتجه إليها كلّ الأنظار، في السنوات الخمس الماضية قد واجهت ظروفاً صعبة وكان يظنّ البعض أنها لن تخرج من حالتها المرضية التى تعاني منها، وسرعان ما تعافت سورية، وبدأت تخطو خطواتها من جديد بفضل الجيش السوري والمخلصين من أبنائها، وها هي تعود لتلعب دوراًً جديداً لنشر السلام فى المنطقة أقوى من الدور الذى كانت تقوم به من قبل.
مجملاً… إنّ سورية تنتصر دائماً على أعدائها وتقاوم الإنحناء والموت جبناً، لم ولن تستطيع قوة خارجية أن تنتصر عليها، هذه هي سورية وتاريخها وحضارتها تتكلم عن نفسها، أعداؤها يهابون جيشها وشعبها، وسوف تبقى سورية قاهرة الأعداء صخرة صامدة قوية على الرغم من الدماء والجراح.
وباختصار شديد… إنّ الجيش السوري سيقاتل ويبذل دمه في سبيل الله والوطن، ومعركته المقبلة ستكون أقصر وقتاً من معركة الغوطة وأسهل، إنّ الإرهاب يلفظ آخر أنفاسه، وهذه هي صرختهم الأخيرة، وأن المرحلة المقبلة ستشهد القضاء على الإرهاب واجتثاثه من كلّ الأراضي والمناطق السورية.
|