يقف السوريون اليوم على مشارف نهاية سنوات من الحروب والمؤامرات، كانت أميركا بأيدٍ عربية، المتربّصة بسورية والمدبّر والمموّل لمعاركها والمستفيد الأول من نتائجها. لو تابعنا المسار الذي رسمته واشنطن في سورية، نجد بأنها خسرت رهانها لذلك نرى أنّ سياستها تجاه سورية في حالة يُرثى لها وتعاني من ضربات مستمرة انطلاقاً من وقائع الميدان…
فبعد سيطرة الجيش السوري على القابون والمناطق المجاورة له بدت المسألة أقرب الى الحسم النهائي من أيّ وقت آخر، وبذلك أفشل أبطال سورية مقولة الغرب وحلفائه بأنّ سورية ستسقط خلال أسبوعين أو ثلاثة، وبدلاً من أن تسقط سقط التكفيريون وداعموهم على أرض سورية.
ورغم مما ارتكبه الإرهابيون في سورية من عمليات استهدفت الجيش السوري كما طاولت المدنيين، إلا أنهم لم يحققوا غايتهم الكبرى في فرض سيطرتهم على مساحات من الأرض، بفضل تضحيات وصمود الشعب السوري وما يتمتع به الجيش من عقيدة قتالية فريدة تميّزه عن أغلب جيوش المنطقة، لم نسمع يوماً عن مقاتلين انسحبوا من مواقعهم أو فرّوا هاربين، بل نجدهم دائماً يقاتلون حتى آخر نقطة من دمائهم، وبهذا يصونون الأمانة التي أقسموا على صونها وهي الدفاع عن سورية، ولهذا لم يحقق المسلحون أهدافهم، برغم كلّ أشكال الدعم الذي يتلقونه من دول إقليمية ودولية نعرفها جميعاً.
في هذا السياق يخوض الجيش السوري حرباً شرسة ضدّ مسلحي النصرة في القابون، تلك الحرب التي يستخدم فيها جميع أنواع الأسلحة ستكون فارقة في الحرب على الإرهاب في سورية المستمرة من سنوات عدة حتى الآن، وفي الوقت نفسه يتعامل الجيش السوري مع هذه العمليات العسكرية بمنتهى الدقة والحرفية، هدفها الأول تطهير دمشق وريفها من الإرهاب، إذ استطاع أن يضيّق الخناق على المسلحين وأن يقطع عنهم الدعم اللوجيستي عن طريق تدمير الأنفاق التي كانت تمتدّ لمسافات كبيرة، حيث كان يصلهم من خلالها السلاح والمعدات والعناصر الداعمة، وتمّت محاصرتهم، وتكبيدهم خسائر فادحة، حتى تمّ هروب من تبقى من تلك العناصر الى مناطق أكثر أمناً بالنسبة لهم.
في السياق ذاته تمكّنت قوات الجيش السوري بعد سلسلة من العمليات الناجحة من بسط سيطرتها الكاملة على شارع الحافظ بحي القابون، والذي يُعدّ أحد أهمّ معاقل الجماعات المسلحة وأخطرها في المنطقة ويُعتبر آخر شارع في حي تشرين. ومن أبرز نتائج السيطرة عليه من قبل الجيش أنّ معاقل المسلحين في حرستا الغربية وحي تشرين تكون بحكم الساقطة عسكرياً… وخلال الأيام القليلة الماضية استعاد الجيش السوري جامعَي الرضوان والحسين وجميع نقاط الإرهابيين حولهما، وبالتالي فإنّ هذا التقدم مكّن الجيش من فصل القابون عن منطقة بساتين برزة بالكامل.
بالموازاة… حقق الجيش السوري وحلفاؤه تقدّماً كبيراً في ريف حماة الشمالي واستعاد السيطرة على بلدات وقرى حلفايا، ولم تمنع مفخّخات المتطرفين الجيش السوري من تحقيق الإنجازات والانتصارات التي ترجمت على مدى أيام عدة من انطلاق العمليات العسكرية ليتمكّن الجيش خلالها من تحرير وإعادة الأمن والاستقرار إلى بلدات وقرى حلفايا وزلين والويبدة وزور الناصرية وزور أبو زيد بعد القضاء على آخر تجمّعات إرهابيّي النصرة في ريف حماة.
مجملاً… إنّ شراسة المعركة الجارية في شرق العاصمة دمشق، وزيادة ارتباك الغرب وحلفائه التكفيريين، يشيران إلى أنّ الحرب اقتربت من جولتها الأخيرة، فالتحالف الأميركي الغربي ومَن معه من حلفائه من الدول العربية والإقليمية حشدوا كلّ مرتزقتهم لتحقيق أيّ كسب معنوي، لكن دمشق الصامدة أبت إلا أن تدفن أحلامهم وتعلن عن قرب حسم المعركة…
وباختصار شديد يمكن القول إنّ الجيش السوري يخوض حرباً حقيقية فى شرق العاصمة ليس مع جيش نظامي يسهل التعامل معه، انما مع جماعات إرهابية متطرفة تتخفّى وسط المدنيين العزل، الا انّ الجيش السوري يسلك خططاً محكمة لخنق المجموعات المسلحة، ومعركة القابون التي تدور الآن ستكون حاسمة ومصيرية لإنهاء الإرهاب وداعميه في المنطقة.
|