الآن ابتدأ الدرس! لم ينتهِ إلا بالنسبة للأغبياء كما في المسرحية المصرية الساخرة. الآن ابتدأ الدرس الذي يتعيَّن على الجميع استيعابه, اذا ما أرادوا ألا يفوتهم قطار التغيير وأن يكون لهم حيِّز ودور في العالم الجديد الذي تتمخض به البلاد العربية. فلا مكان للجامدين وللمهتزين فيما الأرض ترتج والشعوب ترعد. تكفي نظرة مستعرضة لما يجري في أرجاء الوطن الكبير من مغربه إلى قلبه, ومن قلبه إلى مشرقه فشماله فجنوبه, لنفهم ما يدور, و نعي مغزاه ووجهته: انتهى العهد القديم البائس المُذِل المُحبِط وابتدأ عهد جديد واعدٌ بالآمال والخيارات. عهد يضع فيه العرب مجدداً اسمهم في صفحات العصر الحاضر كأمة حية جديرة بالإحترام, قادرة على أن تصنع مصيرها بأيدي شعوبها الثائرة التي نفضت عنها ركام وقيود الاستعباد. ولن يجرؤ أحد بعد الآن – في الداخل أو في الخارج- على الإستهانة بها وتحقيرها والتعامل معها كرقم إحصائي, أو ككتلة من المواد الأولية الخام المعروضة للإستباحة.
* * *
خلال السنوات الماضية, تعرضت اُمتنا لما لم تتعرض له أية اُمة من العدوان على جبهات متعددة, فقاومت الغزاة الطامعين, وها هي تلتفت لمواجهة الطغاة الفاسدين وتكنسهم كما القمامة, في مشهد يذكرنا بنهوضها التحرري العارم في بدايات النصف الثاني من القرن الماضي ضد المستعمرين وضد حلفائهم التابعين الرجعيين.
ليس العرب اُمة نافلة إذن. ولا هم أطلال حضارة قديمة انقرضت كما نعق مثقف حداثوي باع روحه وصوته! انهم اليوم في العصر ومنه, لا كشهود غائبين, بل كشركاء اُصلاء فاعلين مثلما كان أسلافهم بالأمس.
وغداً أو بعد غد, سيرى العالم من هم هؤلاء العرب الذين ظن أنهم مجرد آبار نفط, أو ميادين رماية, أو حراس حدود وشواطىء!
* * *
لسنا آسفين على ما مضى, ولا قلقِين مما سيأتي.
حسبنا أننا عرفنا الطريق وبدأنا السير. سنترك لهم الأسى والقلق وانشغال البال على المصير الذي سيحل بالثروات التي كانوا ينهبونها, وعلى المستقبل المُعتِم الذي يحيط بكائنهم المغروز في بلادنا:"اسرائيل".
وإذا كان لنا أن نقدم لهم نصيحة, فهي أن ينسوا كل ما كرَّسوه وكدَّسوه من مفاهيم وصور نمطية ومصطلحات جاهزة عنا, وأن يشرعوا بالتعلم من جديد, ومن درجة الصفر..
فلقد إبتدأ الدرس!
|