مهـرجان بـشامـون
3 أكتوبر ليس يوماً عادياً في سلسلة الجولات والرحلات التي قام بها زعيم الحزب للمناطق فقد كان مهرجاناً مشهوداً اشتركت فيه اكثر من خمسين مديرية من منفذيات الساحل الجنوبي، الغرب، المتن، صيدا، صور، بيروت والسيدات.
وزاد عدد السيارات على خمسين معظمها كبيرة عدا عن وفود القرى القريبة التي جاءت سيراً على الاقدام وكان عددها كبيراً ناهز 1500 شخصاً في شكل نظامي مليء بالروعة.
وكانت الاعلام الحزبية تخفق فوق مكان الاجتماع وعلى الشرفات المطلة. اما اقواس النصر فلم تنقطع من عين عنوب الى بشامون كلها ترحب بالزعيم المنقذ.
اما الخطباء فكانوا عديدين وهم الرفقاء كميل جدع(1) ناموس منفذية الساحل الجنوبي العامة ومنفذ عام حيفا، كامل حسان(2) ناموس منفذية طرابلس العامة، الامين الدكتور عبدالله سعادة(3) منفذ عام الكورة، الرفيق يوسف تاج(4)، أنشد اناشيد قومية زجلية والرفيق رضا طعان صعب(5) ألقى قصيدة زجلية، وكان مسك الختام كلمة للزعيم من الكلمات التي يعرفها القوميون الاجتماعيون تحمل الأشعة وتحمل مع الأشعة لهيباً، واختتم المهرجان بنشيد الزعيم أنشدته فرقة الاناشيد في مديرية سعاده (منفذية بيروت العامة) اما عريف الحفلة فقد كان الرفيق طنوس نصر.
وقد كانت كل الخطب موفقة ورائعة وخصيصاً خطاب الزعيم الذي نعد بنشره على حدة في المستقبل ونكتفي هنا بنشر مقطع من قصيدة الرفيق رضا صعب:
والمدهش، بأثناء الملمـة وكنا جمجمه، وخافق، ودارع
امام الله نوفي ديون ذمـه ونعطي، لا نكاسر او نشارع
قتلنا الحية الرقطا المسمـه وحملها غيرنا وطاف الشوارع
قايل، راس الأفعى المهمه سحقنا، وعمرها الأسود قصفنا
عن النشرة الرسمية – كانون الثاني 1949
*
عرس للرفيق وليم عبد الصمد في السجن
يروي الامين يوسف الدبس(6) في كتابه "في موكب النهضة" التالي:
"كنت في بيروت يوم أطلق الرفيق توفيق حمدان الرصاص على رياض الصلح فأخطأه وكانت الساعة الثامنة صباحاً عندما قصدت كاراج زحلة استعد للرجوع الى البقاع ولم يكن لي أي علم بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني. في تلك الساعة مرت دورية للشرطة أمام الكاراج بينها شرطي من بلدة صغبين يدعى جورج صوان وكنت اعرفه جيداً اذ كان شقيقه عزت زميلي في مدرسة الشويفات ثم عين معلماً للمدرسة الإنجيلية في دير الغزال وكان شقيقه الشرطي المذكور ووالدته يترددان عليه وكان الجميع ينزلون ضيوفاً كرماء في بيتنا إذ لم يكن في المدرسة الإنجيلية مكان لهم وقد توطدت الصداقة بيننا كثيراً حتى انه قبل محاولة الاغتيال بليلة واحدة كنت رأيت هذا الشرطي في ساحة الشهداء فدعوته الى السينما ثم لتناول العشاء.
"وفي الصباح كما ذكرت آنفاً مرت الدورية فرأيت جورج وكأنه أراد أن يكافئني وإذا به يدل بإصبعه علي وأنا داخل الكاراج ويدخل مع اثنين من زملائه ويلقون القبض علي بتهمة الاشتراك بمحاولة اغتيال رياض الصلح.
"دخلت النظارة في ساحة البرج (ساحة الشهداء وسط المدينة) فإذا هي مملوءة بالقوميين وعلى رأسهم محمد بعلبكي وخليل أبي عجرم فهللا لقدومي وقد فرحت أنا بلقائهم، ولو كان في السجن، مما يخفف قليلاً من غيظي ليس لأني اعتقلت بتهمة كاذبة بل لهذا الشرطي الذي لا يعرف معنى للصداقة ومعنى الوفاء".
كان من جملة المقبوض عليهم رفيقنا وليم عبد الصمد، ويوم السبت بعد الظهر جاء يهمس في إذني ان عرسه كان مقرراً في اليوم الثاني أي يوم الأحد وان أفكاره مضطربة ماذا ستقول العروس وأهلها، وماذا يكون موقف أهله وغصتهم الكبرى انه عوضاً أن يفرحوا بعرس ابنهم اصبح في السجن ولا يعلم أحد متى تنتهي القضية وماذا سيقول المدعوون.
"تباحثت مع الرفيق بعلبكي وأبي عجرم ماذا نقدر أن نفعل إكراماً لرفيقنا وليم، فقر رأينا أن نقيم عرساً له ولو كان في السجن واستدعينا رفيقنا عبد الرحمن بشناتي هذا الرجل الطيب المملوء غيرة ونشاطاً وطلبنا منه أن يكون العروس فرضي بكل طيبة خاطر وهكذا قسمنا القوميين الى فريقين، فريق مع العريس وفريق مع العروس وجلس كل فريق في جهة وتقدم آهل العريس وطلبوا يد العروس من أهلها وبالسرعة الممكنة أقمنا حفلة العرس وتبارى شعراء الزجل بمدح العروسين، العريس الفارس الشجاع، والعروس فريدة الحسن والجمال، واشترك جميع الموجودين في القاووش، نصري المهتار، هايل دهام، امين خويص، شكيب بدور وغيرهم، وامتدت الحفلة حتى منتصف الليل.
"في تلك الساعة كان القاضيان يوسف شربل وأديب عفيش قد انتهيا من التحقيق وغادروا غرفتهما في سراي البرج فسمعا الغناء والرقص وتعجبا كيف يكون ذلك. كيف ان هؤلاء السجناء المجتمعين من أديان مختلفة يهزجون ويرقصون كأن الأمر لا يعنيهم او كأنهم في برية لا حارس ولا رقيب.
"في صباح اليوم التالي وقبل الساعة الثامنة صباحاً جاء المحقق واخذ يستدعينا فرداً فرداً ليسأل عن سبب الضجة في الليلة السابقة وماذا نقصد بجملة "حسين ومعروف وحنا وكلن أخوان" وكانت هذه اللازمة التي كنا نغنيها بصوت عال، لم يصدق السيد عفيش أننا كنا نقيم حفلة عرس لرفيقنا وليم عبد الصمد.
*
الرفيق وليم عبد الصمد كما الرفيق مسعود عبد الصمد(6)، وابنه الرفيق نديم عبد الصمد(7) من أوائل الرفقاء في عماطور.
هوامش:
(1) كميل جدع: للاطلاع على النبذة المعممة عنه، الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية ssnp.info
(2) كامل حسان: كما آنفاً
(3) عبدالله سعادة: كما آنفاً
(4) يوسف تاج: كما آنفاً
(5) رضا طعان صعب: كما آنفاً
(6) مسعود عبد الصمد: يقول الامين السابق أديب قدورة في كتابه "حقائق ومواقف" ما يلي: "مسعود عبد الصمد من عماطور، الشوف، كان دركياً عادياً في الدرك اللبناني – ادخله الى الحـزب في العام 1934 – 1935 كامل ابو كامل وفؤاد ابو عجرم (الأمينان) – مسعود بطل، قبضاي، فتى الفتيان، أشبهي، مقاتل، يخافه الموت ويخافه الطياح والعصابات واللصوص. اسمه أسطورة، شجاعته لا تصدق.
دخل في الحزب سراً وظل أميناً للعقيدة ومناقبها ونظام الحزب، ولم يخن وظيفته ولا شرف الدرك.
عندما اعتقلتنا سلطات الانتداب في مطلع الحرب العالمية الثانية أرادت السلطات أن تعتقله أيضاً فتمترس في جبال
الشوف وأرسلت حملة بعد حملة لتطويق المناطق التي كان يقال انه فيها، واستكشفت الطيارات اكثر من مرة، وتحركت
الدبابات عليه مرات ومرات يساندها المشاة وأعوان الانتداب في الشوف. فتارة يضيعون أثره ويعودون بدونـه، وتارة
يوقفون أهل بيته وجيرانه وأصدقاءه. الشوف كله يعرف أسطورة مسعود عبد الصمد. ولكنهم قبضوا عليه أخيراً بحيلة
وخيانة، فأتوا به الى سجن القلعة وكان مثال الأسير القومي الأبي المتعالي الصبور والصدوق والمعزي والخدوم. وقد توفي
بالسكري في مطلع السبعينات".
الرفيق مسعود عبد الصمد هو والـد الرفيق نديم عبد الصمد الذي كان تولى مسؤوليات عديدة، محلية ومركزية، ومنح
مؤخراً وسام الواجب.
(7) نديم عبد الصمد: للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى الموقع المشار إليه آنفا.
|