لمحافظة حماه خصوصية متفردة بموقعها وسط الشام ، وامتداد حدودها ، وتنوعها السكاني ( إثنياً وطائفيا ، ومذهبيا ) الذي لم يكن مقصوداً ، ولا يلتفت السوريون لهذا الأمر ، أما بعد ثورة العراعرة برعاية ودعم خارجيين فقد بدا المشهد مختلفاً وأخذت تبرز الكثير من المظاهر التي يعول عليها المجرمون ونراهم يتبعون أساليب مستحدثة وربما باستشارة خارجية تعتمد قاعدة الدراسة المسبقة لهذا الواقع والاستفادة من أي تناقض يبرز إلى السطح بعد عمليات التحريض والضخ الإعلامي الخارجي وفتاوى شيوخ الفتنة والتخريب الفاعل في بنية المجتمع ، مذهبياً وعشائرياً وحتى مناطقياً .
الكل يعلم أن لعصابات القتل والإجرام عيون ومساعدون للقيام بعمليات الاستطلاع والإبلاغ عن طرق ومواعيد تحرك الآليات العسكرية والحكومية وخاصة في المناطق المستهدفة ، وبما أن الهدف الأساس لثورة العراعرة المعلن أصبح مجرد حلم فقد أصبحت العمليات في نطاق إرباك الدولة ووقف عمليات الإصلاح ، ودب الفوضى عن طريق المزيد من عمليات القتل والتخريب في صفوف المواطنين السوريين والممتلكات الخاصة والعامة ، وسأكتفي بذكر عمليتين في يوم واحد ودلالة هاتين العمليتين واستنتاج الغاية منهما على أن ذلك يمكن إسقاطه على الكثير من العمليات المشابهة من حيث النتيجة .
الأولى : يوم الأحد الرابع من أيلول ، عند السابعة صباحاً تعرضت حافلة تنقل عسكريين ومدنيين إلى مركز عملهم لكمين غادر، وسقط تسعة شهداء بينهم ضابط مهندس ( ستة عسكريين ، وثلاثة مدنيين ) وسبعة عشر جريحاً ، وقد قدر عدد المهاجمين بأربعين مسلحاً . والثانية : في نفس اليوم السادسة مساء تم خطف ستة من ركاب حافلة مدنية تعمل على خط حلب مصياف ، وصباح الاثنين وجدت خمسة من الجثث ملقاة على جانب الطريق قرب كفرزيتا تم إعدام أصحابها بطرق مختلفة بعد تقييد أيديهم ، وبعضها منكل به وبقي السادس مفقوداً حتى اللحظة .
أغلب العمليات – حالياً - تحصل في مناطق وقرى الريف التي تعتبر آمنة والتواجد العسكري والرسمي يقتصر على الشرطة المدنية ، وفي مواقع متباعدة ، وتستهدف عمليات القتل – أغلبها – أبناء مذهب معين حيث يتم إلقاء الجثث في خراج أو قرب قرى من مذهب آخر استدراجا لعمليات ثأر لا شك سيأخذ طابع حرب أهلية بشكل أو بآخر ، ولأن الأمر في منتهى الوضوح وفيه الكثير من الخبث إذ أن من يقوم بعمليات القتل وتصفية المخطوفين ليس من أبناء المنطقة ، بل من مناطق أخرى ، والدليل على ذلك بعض قتلى المسلحين والآليات المسروقة من محافظات أخرى ، يمكن القول أن هذا النوع من التحريض ومحاولة إثارة صراع على هذه القاعدة قد لاقت فشلاً ذريعاً ، وأثبت أبناء الشعب السوري وخاصة في الأرياف ( وهم من تعرضوا لأكبر الخسائر على الصعيد الشخصي ) أن وعيهم يتفوق على ما يمكن تسميته غرائز يراهن عليها أبناء " ثورة " العرعرة والنباح المتواصل ، داخلياً وخارجياً عبر فضائيات الكذب والتضليل .
الشعب السوري الغني بمكوناته ، الحضاري بثقافته وتسامحه ، يتجاوز التجربة – المحنة – بثبات وصلابة ، وشعب كهذا لا بد له أن ينتصر ، أولاً لإيمانه بقيادته وقدراته على كافة الصعد ، وثانياً لأنه يرفض الخضوع والإذلال ، ويرى أن التدخل الأجنبي تحت أية ذريعة هو نوع من الوصاية والاستعمار الجديد ، السوريون يرفضون التنازل عن السيادة والكرامة الوطنية ، ويؤكدون أن من يطالب بفتح أبواب الوطن أمام الغرباء ، هو كمن يفتح أبواب بيته أمام هؤلاء متنازلاً عن أخلاقه وشرفه وكرامته ، وإذ يوجد أفراد يبيعون هذه المثل لقاء المال فيمارسون حريتهم على هذه الشاكلة فإنه من المحتم أن أحداً من شرفاء الوطن وهم النسبة الأعظم ، لن يسمحوا لهم ، ولن يتسامحوا معهم ، بل يطالبون اليوم بإسقاط حتى الجنسية عنهم إذ لا يشرف الوطن انتماءهم إليه ، وهم لن يجرؤوا يوماً على العودة والظهور في ساحاته لأنهم ارتكبوا جرم الخيانة العظمى بحقه وسيكون عقابهم محفوظ طالما بقوا على قيد الحياة ، ولن تسقط جريمتهم بالتقادم .
أحدث ابتكارات قيادة العرعرة في تسمية أيام الجمع . . جمعة الحماية الدولية ، وكأنهم يجهلون أن هذه الحماية محصورة ومختزلة بحلف الناتو ، مع مساهمة صهيونية حتمية ، كما حصل في ليبيا ، وكفى بهم وصمة العار هذه ، بمن يستجيرون ، وممن يستجيرون . . ! فقط نذكرهم بقول نابوليون وهتلر مع فارق الزمن عندما سئلا عن نظرتهما إلى أحقر الرجال .؟. فكان الجواب واحداً . . إنه الرجل الذي يدعو أو يساعد على احتلال بلده .،. وهذه ستكون حتماً نظرة قادة الناتو لهم ، من أوباما إلى ساركوزي وأمثالهما . . وهذا شرف عظيم ما بعده " شرف " لقادة ثورة العراعرة .
|