تفجيرات الجناح ، دليل جديد على انحطاط أخلاقي لأدوات المؤامرة .
أيا تكن الجهة التي خططت ، وأيا تكن الأدوات من حيث التابعية واللون ، فإن نتائج العمل الإرهابي الموصوف في منطقة الجناح – بئر حسن لا تخدم سوى العدو الصهيوني وتقدم دليلاً جديداً يضاف إلى أدلة سابقة تؤكد مستوى الانحطاط الأخلاقي والتجرد من المشاعر الإنسانية لأن عشوائية التفجيرات لا تستثني الأبرياء من الضحايا ، ولا يبرر ذلك القول إنها الحرب ، فبيروت ليست ساحة معركة ، والجناح منطقة سكنية ، التسلل إليها وتفجير العبوات لإرسال رسائل سياسية هو نوع من اللصوصية والغدر ، إنه إجرام موصوف .
التحالف مع العدو الصهيوني والتنسيق معه ، علناً أو سراً هو بالعرف الشعبي العربي عمالة تنعدم معها الأخلاق والكرامة الوطنية حتى ولو كانت الغاية المعلنة ، جهاد تحت راية الإسلام على قاعدة المذهبية البالية ، فإيران التي تحولت إلى حليف وداعم للقضية الفلسطينية – السورية ، ولا أقول العربية لأن أغلب من يتصدون لحمل راية العروبة بعيداً عن السوريين ، في كل كياناتهم ، وشرائح من شعوب العالم العربي ، إنما يستظلونها كذباً ورياء ومتاجرة بهذه القضية وتشعباتها ، إيران وبسبب موقفها النقيض لدورها زمن الشاه – حراسة الكيان الصهيوني ، وشرطي المنطقة الأمريكي - تصبح المستهدفة صهيونياً ، وغربياً ، وانكشاف الاصطفاف العربي ( أنظمة بعينها ) إلى الجانب الصهيو – غربي ، إنما يكشف الموقف الحقيقي وتقية تلك الأنظمة خلال المرحلة الماضية حيث كان التضليل سائداً وربما انطلى على الشارع العربي ، الآن ، ورغم كل الضخ الإعلامي العالمي الذي يحاول التغطية على العمالة والنذالة السعودية – القطرية وانخراط النظامين في خدمة المشروع الصهيوني ، يأتي إعلان بعض الإعلام الغربي والعبري عن سماح النظام السعودي لطيران العدو باستخدام أجوائه لضرب إيران ، متذرعاً بالخوف من برنامج إيران النووي وخطورته على وجوده ، بالرغم أن هذا البرنامج ما زال قيد التخمين ، بالمقابل يتم التغاضي عن برنامج العدو الذي حقق أكثر من مائتي قنبلة نووية كافية لإزالة العالم العربي عن الخريطة ، هذا كله يؤكد أن الغاية الأساس من إقامة ودعم النظام السعودي على الأرض العربية في نجد والحجاز إنما كان لوظيفة محددة بدأت تتكشف تفاصيلها بعد ستينيات القرن الماضي ، وأصبحت في أوضح صورها حالياً ( ألا يتساءل العرب : لماذا كانت الأنظمة – عدا مصر وسوريا ، والعراق – على وفاق لدرجة التحالف مع الشاه ) .؟.
نظام العائلة السعودي – الجانب الأكبر منه – ينتهج خطاً معادياً للمصالح الوطنية ، المحلية والعربية ، بسبب عقليته الرجعية وارتباطه بالجانب الإرهابي في النظام الأمريكي المتمثل بالمخابرات المركزية وأنشطتها التخريبية عبر العالم ، وبندر وأنداد له تدربوا وأتقنوا ألاعيب هذه الاستخبارات على مدى سنوات طويلة فاكتسبوا الخبرة والمهارة ، وفي الظروف الراهنة والحرب الدولية التي تستهدف سوريا ومحور المقاومة ليس هناك من هو أكثر أهلية وخبثاً لإدارة عمليات التخريب من بندر ، وهذا جوهر أمر العمليات الذي جاء بموجبه ، ولأن المال هو الوسيلة الأنجع في استدراج الأتباع والمرتزقة ، نجد أن أصابع بندر تصل إلى أماكن كثيرة وبها يحرك أدواته قتلاً وتخريباً وإشعال حرائق تبعد الأنظار عما يجري في الداخل الفلسطيني وفي القدس بالذات والأقصى على وجه الخصوص ، ويرفض هو وعائلته أخذ العبرة من التاريخ والواقع وأن ما يفعلونه لا يغير في الواقع شيئاً وإنما يزيد من معاناة الشعوب ، يمارسونه فقط لأنه يمد في عمر سيطرتهم وتسلطهم على ثروات الشعب السعودي وتحويل معظم هذه الثروة لصالح العائلة والنظام الاحتكاري الأمريكي والعدو الصهيوني بشتى الوسائل والأساليب ويبقى أبناء الأرض أصحاب الثروة يعانون الفقر والبؤس ، القتل العشوائي والتخريب والتفجير أسلوب ينتهجونه لتحقيق غاية أقصاها استمرار الفوضى وخلط الأوراق ، يؤمنون به ، ويعملون له عن طريق خلق وتمويل تنظيمات أصبحت معروفة عبر العالم ، ولأن هذه الأعمال مجردة من الأخلاق والإنسانية فإن الرد لا يكون بنفس الوسائل وإلا لسمعنا ورأينا عبر نفس الشاشات تفجيرات وأعمال قتل وتخريب في الرياض وجدة وغيرها من مدن نجد والحجاز، الأطراف المستهدفة بالتخريب السعودي تؤمن أن الرد لا يكون باستهداف الأبرياء من أبناء الشعب العربي هناك أو حتى في قطر ، ولهذا نجد الردود تأتي على شكل هزائم متلاحقة لأدوات هؤلاء المنتشرة في كل مكان ، لتكون النتيجة هزيمة المشروع الرئيس ، وهي نتيجة قد تتحقق في القريب العاجل وبعدها دور آل سعود في دفع الحساب .
لبنان بواقعه الحكومي ، وتجاذب سياسييه ، وقدراته ليس مؤهلاً لمنع مثل هذه العمليات التي تستهدف أمنه المهتز أصلاً ، ولأن جانباً من نتائج هذه العمليات يرضي بعض أطراف التحالف المؤيد لنهج السياسة السعودية ، فإن توفير الغطاء للتنظيمات التكفيرية – الوهابية ، وتقييد حركة الأمن والجيش في ملاحقتها ، يعطيها أكثر من فرصة لتنفيذ مخططات يصدر أمر عملياتها من خارج الحدود ، يتحدد زمانها ومكانها طبقاً لحاجة أصحاب التخطيط ، وهي الرد على تفاصيل الهزائم في أكثر من موقع ، هذه الرسائل مفهومة المضمون ، مقروءة بوضوح لا تحتاج إلى ترجمة أو إيضاح ، رسائل في غاية الانحطاط الأخلاقي ، مع ذلك لم تلق استنكاراً من قبل حكومات آل سعود ، منها العمليات التي حصلت وما زالت تحصل في شوارع دمشق وباقي مدن وسوريا ، وسقط ضحيتها الآلاف ، وحصلت في عديد من مدن لبنان ، حتى ما حصل في طرابلس لم تكن أصابعهم منه براء والغاية منه فبركة رد انتقامي مفترض من الطرف الآخر ، وهو ما لم يحصل ، فعلوا ذلك لتسجيل تعادل متجاوزين الرادع الأخلاقي الذي لا يبيح قتل البشر لتحقيق غايات سياسية .
كل ما فعله ، ويفعله آل سعود ، وخدام الصهيونية العالمية ، لن يتعدى وصف : خربشات على جدران قلعة المقاومة ، رغم الأثمان الباهظة من دماء الأبرياء ، فقد جرب الصهاينة وهم الأصل ، ودعمتهم أمريكا ، وأكثرية الأنظمة في أوروبا وما استطاعوا أن يحرفوا دفة المقاومة أو يحدوا من قدراتها ، على العكس تماماً ، ازدادت صلابة ووعياً ، وانتشاراً ، ولهذا تنصب عمليات الانتقام على حاضنة المقاومة ومراكز دعمها وتوفير مقومات صمودها والشعب في كل كيانات الأمة هو من يقف خلفها ويدعمها ولهذا فهو المستهدف بعمليات الانتقام .
نجح آل سعود وتنظيمهم الوهابي – التكفيري – القاعدي في كسب عداء العالم ، وربحوا الصهيو – ماسونية العالمية فقط ، ورسائلهم أفهمت شعوب العالم بما في ذلك الشعوب العربية أنهم أعداء للإنسانية والحضارة ، وأنهم مجردون من الأخلاق ، بل ومن صفات الرجولة والفروسية لاعتمادهم أسلوب الغدر نهجاً وحيداً في التعامل مع الآخر .
|