إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

القامشلي بين 2004 و2016

عامر نعيم الياس - البناء

نسخة للطباعة 2016-04-23

إقرأ ايضاً


«بيجا بيجا كردستان» تحيا كردستان الشعار الذي رفعه أكراد القامشلي في الثاني عشر من آذار عام 2004 في البداية، وأصبح مشتركاً بين تظاهرات الحسكة وعامودا والدرباسية وصولاً إلى جبل الرز في الضواحي الغربية للعاصمة دمشق. حياة كردستان في عام 2004 عندما كانت الدولة السورية في أوج قوّتها ما كان لها لتبصر النور إلا في حال سيناريو واحد وهو استجلاب الاحتلال الأميركي في العراق. وهذا أيضاً ما نادت به التظاهرات حينذاك عبر دعوة مبطّنة إلى الرئيس الأميركي جورج بوش بالتدخل بشكل أو بآخر من خلال شعاري «بافي آزاد» أبو الحرّية ، و«البارحة بغداد واليوم دمشق».

العودة إلى التاريخ ربما تعطينا لمحة عمّا يجري اليوم في مدينة القامشلي، حيث شنّت ما تسمّى «وحدات حماية الشعب» مدعّمةً بالشرطة المسمّاة «الأسايش»، هي وحدات أمن داخلي خاصة بإقليم «روج آفا» كما يحلو للأكراد تسمية مناطقهم التي يملكون في بعضها غالبية عددية كمدينة القامشلي، وهي إحدى أكبر مدن محافظة الحسكة، شنّت هجوماً على قوات الجيش السوري والدفاع الوطني الموجودة في جزء من أحياء القامشلي غير الكردية وسيطرت الوحدات الكردية على المخبز الآلي، ولا تزال تهاجم منطقة المربّعات الأمنية الواقعة ضمن المدينة السورية.

صالح مسلم والسباق الأميركي الروسي:

مع حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يقوده صالح مسلم، تحوّلت الورقة الكردية إلى جائزة ترضية تريد المحاور المتضادة دولياً روسيا والولايات المتّحدة الفوز بها بشكل كامل من دون قبول بالمناصفة في ما بينها. وهو أمر التقطه الأكراد جيّداً، ولعبوا عليه بمنتهى البراعة منذ اندلاع الحرب على سورية في آذار من عام 2011. وقد حافظ الأكراد على خيطٍ رفيع بين الدولة السورية وما يسمّى «المعارضة المسلّحة»، يقوم على عدم الهجوم على الدولة السورية، مقابل التعاون مع بعض الفصائل المسلّحة في إدارة المناطق التي يتواجد فيها الأكراد والعرب سوياً، أو في سياق الحرب على الإرهاب.

لكن مما لا شك فيه، أن الصراع الأميركي ـ الروسي على جذب الورقة الكردية، وتحرّك موسكو باتجاه فتح ممثلية لحزب صالح مسلم في روسيا، مقابل تحرك الأميركيين لإنشاء قاعدة عسكرية لهم في الرميلان، والموقف الغربي المضاد لأنقرة في أيّ محاولة لها لضرب الأكراد داخل سورية، هذه الأمور مجتمعة دفعت الأكراد إلى المرحلة الثانية المتمثلة بإعلان إقليم شمال سورية عبر اجتماع للعشائر والأكراد في مدينة الرميلان في السابع عشر من آذار الماضي، أي في توقيت مقصود يتعلق ويرتبط مباشرةً بذكرى أحداث القامشلي عام 2004. وهو ما يوضح أن الأكراد يلعبون على استغلال اللحظة القائمة حالياً والدفع بمشروع دولة الأمر الواقع الكردية في سورية، كونها مسألة «قومية» تتميز عن القضايا العامة الأخرى المطروحة للتداول الدولي في سورية. ربما هذا ما يفسّر عدم اعتراضهم كثيراً على عدم إشراكهم في العملية التفاوضية الدولية لحلّ الأزمة السورية في جنيف، كما أنه يفسّر هذا الهجوم على القوات السورية في القامشلي والذي تكرّر أكثر من مرّة في الأشهر الأخيرة. إذ إنّ التوجّه هو لطرد الجيش السوري من مطار القامشلي والسيطرة على هذه المدينة الحيوية بكاملها.

إن الوضع الكردي العائم في سورية لن يكون مستقراً ولن يتجه نحو تكريس الدولة الكردية والانفصال عن سورية. ويبدو أن حزب الاتحاد الديمقراطي انتقل من اللعب بحذر وحنكة، إلى اللعب بغباء، وهو ينزع ذاتياً ورقة من أهم أوراق قوّته على الساحة السورية، وهي تجنّبه الصدام المباشر مع الجيش السوري والقوات الرديفة.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024