إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

بري "الجريح المستاء المستنكف"

زاهر العريضي

نسخة للطباعة 2007-12-04

إقرأ ايضاً


حال عين التينة هذه الأيام يختلف عما كان عليه قبل أسابيع وأشهر. فقد كان الرئيس بري محور كل الحركة

السياسية الداخلية في شأن الاستحقاق الرئاسي، وعلى أساس المبادرة التي أطلقها من بعلبك نهاية آب الماضي والتيانطلق فيها خيار التوافق على الرئيس او "الرئيس التوافقي"، مشترطا له الاقرار المسبق من جانب الأكثرية بنصاب الثلثين لجلسة انتخاب الرئيس وتخليها عن مشروع انتخاب رئيس بالنصف زائد واحد. وعلى هذا الأساس بدأ حواره مع رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، وجرى تواصل جيد مع البطريرك صفير على خلفية تقاطع حصل على نقطتين حيويتين: الرئيس التوافقي ونصاب الثلثين. وجرى تحديد الرئيس التوافقي بأنه لا من 8 آذار ولا من 14 شباط.

كما تأكد بري من ان البطريرك صفير لن يمنح تغطيته لفريق 14 شباط ان هو قرر السير برئيس النصف زائد واحد...

كانت كل المؤشرات تدل الى ان عين التينة تحوّلت الى ممر اجباري للتوافق، والى ان الرئيس بري سيكون أحد

صانعي الرئيس الجديد، وان دورا مركزيا ينتظره في المرحلة المقبلة في ظل اشادة دولية وعربية بدوره وجهوده. ولكن الاستحقاق الرئاسي جنح في اتجاهات أخرى وشهد تطورات بعضها خارج عن ارادة بري او عن السياق الذي اعتمده في ادارة الاستحقاق الرئاسي سياسيا، وانتهى الأمر الى ان يصاب الرئيس نبيه بري بالمعنى السياسي للكلمة بجروح، وان لا يكون أول الرابحين، وان تتولد عنده مشاعر الخيبة والصدمة بسبب الضغوط التي تعرض لها من جهات ومصادر عدة، بحيث لم تعد 14 شباط لوحدها مصدر هذه الضغوط عبر حملات التشكيك بنواياه وقدراته وتحميله مسؤولية اقفال مجلس النواب...

في الواقع، لقد "ضرب" الرئيس بري وبضربات متفاوتة الحجم والحدة من ثلاث مواقع:

1- من حلفائه في المعارضة: العماد عون وحزب الله. عون لم يستسغ منذ البداية خيار بري التوافقي الذي يعني حكما استبعاده كمرشح للرئاسة،كما لم يتقبل فكرة ان يكون بري هو مرجعية التفاوض حول الرئاسة مع النائب سعد الحريري تحت مظلة او رعاية بكركي... وحزب الله لم يتأخر في دعم عون والتأكيد على موقعه كممر الزامي للتوافق وكمفتاح للتسوية، محوّلا بذلك مرجعية التفاوض حول الرئاسة عند المعارضة من عين التينة الى الرابية، ومبيّنا ان التفويض المعطى لبري كي يفاوض باسم المعارضة ليس مطلقا وانما هو مقيّد بالتزام تجاه عون. التعبير الأوضح لموقف بري هو في استنكافه عن "المبادرة" والوقوف موقف المتفرج والمتلقي بانتظار موقف رسمي من فريقي الموالاة والمعارضة.. أما الاشارة السياسية المعبّرة فكانت احتجاب أمل عن مهرجان ساحة رياض الصلح الذي نظمته المعارضة بمناسبة مرور عام على الاعتصام...

2- من النائب سعد الحريري الذي بادر الى طرح مشروع ترشيح العماد سليمان والى تسويقه في كل الاتجاهات

المحلية من دون ان يطلع بري على هذا التوجه الذي بدا ردا مباشرا على سقوط لائحة بكركي والمبادرة الفرنسية، بعدما كانت كل الخيارات والاحتمالات التوافقية تمر حكما عبر مرجعية وشراكة بري - الحريري الحوارية وتخرج من عين التينة وليس من أي مكان آخر. وبدا الرئيس بري لوهلة أولى حذرا ومتوجسا من الطرح الذي تقدمت به الأكثرية للتوافق على العماد ميشال سليمان رئيسا، كما أبلغ الى جهات دبلوماسية عربية واوروبية عدم ارتياحه واستيائه لأن الفكرة أنتجت وطرحت من دون احاطته علما بها والتنسيق المسبق بشأنها معه من جانب الحريري. ولكن بري أبلغ أيضا انه رغم موقفه الممتعض مما حصل والطريقة التي جرت فيها الأمور، فإنه منفتح على تعديل الدستور اذا توافق اللبنانيون على ذلك وكان في التعديل خلاص للبنان وخروج من الأزمة. ولكنه اشترط ألا تقدم حكومة السنيورة على اقتراح التعديل الدستوري لأن المعارضة تعتبرها غير شرعية، وموحيا بذلك ان صيغة التعديل المرجحة هي ان تصدر عن مجلس النواب.

3- من بكركي والبطريرك صفير. فما كان من تناغم وتعاون بين عين التينة وبكركي انتهى الى تنافر وتصادم. وتلقى الرئيس بري ما لم يكن يتوقعه ومن الموقع الذي لم يكن ينتظر ان يبادله التحية والاشادة بانتقاد واتهام.

بري الذي كان قبل أيام يشيد بدور بكركي في منع الفتن، فوجئ ببيان غير مألوف في لهجته الحادة والمباشرة صادر عنها يلقي عليه باللائمة في أمرين: اقفال مجلس النواب وعدم التزام الوعود في ما خص لائحة بكركي. واعتبرت اوساط بري ان البيان حمل الكثير من التجني على رئيس المجلس بدلا من ان يتوجه بالشكر لمواقفه، سواء دعمه لترشح الوزير السابق ميشال اده لرئاسة الجمهورية وهو المقرب من البطريرك صفير، او وقوفه وراء الأخير في موضوع قانون الانتخاب. لم يشأ بري الخوض في سجال مباشر مع بكركي، وأوعز الى نواب كتلته بعدم التعليق على الموضوع تاركا للمجلس الشيعي ان يرد على البطريركية المارونية... ولكن ما جرى ترك في نفسه أثرا بليغا، اذ يعتبر ان ظلما لحق به واساءة تعرض لها، وان جهات دخلت على خط بكركي وزوّدت البطريرك صفير بمعلومات خاطئة ومعطيات غير دقيقة للتشويش والايقاع.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024