إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

سوريا والمتغيرات على الساحة الدولية

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2013-11-15

إقرأ ايضاً


الجيش السوري البطل يرسم بإيقاع مذهل خطوط المستقبل

من المؤكد أن استمرار ما يحصل على الساحة السورية هو استنزاف لكل الطاقات السورية ، اقتصادياً ، وعسكريا ، وتعليمياً ، واجتماعياً ، ونتائج تداعياته لا تخدم إلا العدو بكل مسمياته ، الغرب الاستعماري ، الصهيونية الاستيطانية ، الأنظمة الرجعية العربية ، وهم جميعا قد اتفقوا على استخدام الأداة الأسوأ في تاريخ البشرية ، المتخلفين القادمين من مجاهل التاريخ ، المغسولة أدمغتهم المعبأة عقولهم كراهية وتعصباً ، وهؤلاء لا جدوى من الحوار معهم بغير اللغة التي يفهمونها وهذا ما يحصل .

اثنان وثلاثون شهراً من القتل والتخريب والنهب وقطع الطرقات ، ومحاولات حثيثة لوقف كل أشكال الحياة ، ومنع أبناء الأمة من ممارسة أنشطتهم في العمل والتعليم والإنتاج ، وتستمر الجهات الخارجية المتواطئة مع الصهيو – ماسونية العالمية بتقديم الدعم اللوجستي والمالي لهم ، وتجميع المرتزقة من كل أنحاء العالم ليطبقوا نظرية السيء الذكر هنري كيسنجر ذات البعدين .. بهؤلاء سنحرق سوريا من الداخل ونضمن " لإسرائيل البقاء " ونتخلص منهم إلى الأبد فلا يعرقلون لنا حراكاً في الدول التي ينتمون إليها ، لكن ما خفي على الدول التي تصدرهم إلى سوريا ، أو تتغاضى عن تجنيدهم من قبل دول أخرى على رأسها السعودية وقطر وتركيا ، أن هؤلاء سيتمرسون في الإجرام ، وتتأصل في نفوسهم غريزة القتل والتخريب حدود الإدمان ، وأن من يبقى منهم على قيد الحياة ويعود ، سواء إلى بلده أو بلد آخر استأجره ورعاه ، سيشكل خطراً اكتشفت بعض الدول عواقبه مبكراً ، أو كانت تدركه وأغضت الطرف لخروج هؤلاء واتخاذ الحيطة حتى لا يعودوا . ( أغلب دول أوروبا أعلنت ذلك ).

من يطبخ القار لا بد أن يلتصق قليل منه بأصابعه فتحترق ، تركيا بدأت تتذوق طعم المغراة ، رغم كل التسهيلات التي تقدمها ، " لا يشفع لك عند الذئب أن تقدم له وجبة أو ملجأ ...إن جاع أكلك " ألا تصلح قاعدة للتطبيق هنا وهناك وفي كل مكان ، التكفيريون بتربيتهم وأخلاقهم لا يمتلكون نعمة الإخلاص في الولاء ، ولا يفقهون أمور الحياة والمجتمع ، إلغائيون ، دمويون ، قتلة ، لا يحتكمون ولا يتقيدون بقواعد تخالف ما يقول به أمراءهم ( شريعة غاب ).

اثنان وثلاثون شهراً ، أكثر من كافية لكل ذي عقل وعينين أن يدرك ويرى نتائج ممارسة هؤلاء على ساحة الوطن من جنوبه إلى شماله ، لم يعد هناك أغصان زيتون ولا متظاهر يحمل الورود ، أصحاب المطالب الحقيقية انحسروا ، إلى زمن ، ربما التزموا الصمت بانتظار جلاء الغبار والدخان عن صورة مشرقة ، لكنها جاءت كارثية مرعبة ، حرائق ودخان ، وموت ، وفقر ، وفقدان للمواد الأساسية الضرورية ، وبدأت الأصوات ترتفع صراخاً .. أغيثونا ، وتشخص الأبصار إلى الجيش الوطني ، فلذات أكبادنا الذين حاروا في البداية لمن يوجهون الرصاص ، ما طال بهم الأمر ليتأكد لهم أن رصاص الغدر يتوجه إلى صدور زملائهم ورفاق السلاح ، لينال منهم حتى في المعسكرات ، ومراكز الإدارة البعيدة عن ساحة المعركة وظهرت حقيقة وأهداف وأبعاد المؤامرة .. إنه الجيش ، المستهدف الأول ، حامي وداعم المقاومة في كل مكان على أرض الأمة ... وبدأت الأنشودة لتسجيل أروع ملحمة للصمود ...اثنان وثلاثون شهراً بين كر وفر ، إخلاء لمواقع بعيدة عن المدنيين والمناطق المأهولة لاستدراج المرتزقة والتكفيريين إليها والقضاء عليهم ، لكنها مهمة أكثر من شاقة ، مهمة عجزت عنها دول أعظم ، وجيوش أكبر وأكثر تجهيزاً وعتاداً ، لكنه جيش الوطن يمارس دوره في أنبل وأشرف واجب ... الدفاع عن وجود ومصير مركز الأمة وقيادتها وحريتها وسيادة قرارها . ونجح في الأداء إلى أبعد الحدود.

انقلبت الموازين وبدأت تتبدل المواقف ، تزايد أعداد المرتزقة من آلاف إلى عشرات ثم مئات الآلاف ، قوبل بتطور الأداء والقضاء على أعداد تفوق قدرة المستوردين ، ودفع بكثير من القوى لاتخاذ مسار مغاير أو الفرملة ، وهبوط لهجة الخطاب ، وكان الإحباط الأكبر سقوط الوعود والمواعيد وأصحابها ، وانهيار صدقية المراهنين ، أصحاب اليد الطولى انكمشت أذرعهم ، واستمر أصحاب الأصوات العالية من الطبول الفارغة في نقيقهم ، تركيا تبحث عن درهم وقاية فلا تجد ، قطر وأضحية برأسين كبيرين ، تلا ذلك رسائل لم تلق الاهتمام ، أمريكا وجدت لها مخرجاً بمعونة الروس وآخرين ، وتنفس أوباما الصعداء وشكر بوتين ، وحفظ الانجليز ماء وجههم بقرار مجلسي النواب والعموم ، بينما لم يخجل هولاند فرنسا كثيراً من خيبته .. واستمر آل سعود في مكابرتهم مثلهم كمثل ثور هائج يناطح صخراً ، رغم فقدهم لكل الحلفاء في تونس و.. ليبيا والأهم مصر ، والموقف الأمريكي النقيض الذي بعث في نفوسهم خيبة مريرة توجت بالغزل بين حليفهم الأكبر – وإيران فكانت الخيبة المريرة وعبرت عنها برفض عضوية مجلس الأمن الذي لم يحقق لأمراء آل سعود أمانيهم ... فأصبح ...!!!!

إنجازات الجيش الوطني السوري على أرض الواقع فرضت إيقاعها على الساحة والجوار ، ودفعت بالكثير من المراهنين إلى قناعة راسخة بأن هزيمة سوريا وسقوط الدولة بات في خانة المستحيل .. مجرد حلم ، البعض كتم غيظه وخيبته وعبر عن ذلك بأشكال وتصرفات فضحت مكنوناته ، ( أتباع السعودية في لبنان ومحاولات إشعال نار الفتنة ) والبعض أعلنها دون خجل وأبدل خطابه مطالبا بالحل السلمي على قاعدة المشاركة والحوار والتفاوض ، مرتكزاً إلى قاعدة بيانات استطلاعات غربية تفيد أن الرئيس بشار الأسد إن ترشح فإنه سينجح بنسبة تفوق 65% ، إذا فليكن شعار المرحلة المطالبة بعدم ترشح الرئيس ، وهو شرط يرفضه السوريون الذين يروا في استمرار الرئيس ضمانتهم للحفاظ على كينونة الدولة واستمرارها وتحقيق الإصلاح إذ لا ثقة بكل من تداول الإعلام أسماءهم بعد افتضاح تبعية وارتباط كل منهم ، وما تكشف عن صراعاتهم على السلطة والمراكز والمكاسب قبل الوصول إلى سلطة ستظل حلماً مستحيل التحقيق ، إن " قادة " لا يحترمون بعضهم ، ولا يحترمون أغلبية شعبهم ، يطلبون من الدول المعادية مهاجمة وطنهم ، ويستخدمون المرتزقة لتخريب الوطن وإفقار المواطن لن يكونوا جديرين بالثقة ولا الاحترام ، وهم صورة عن أسيادهم المرتبطين أصلاً بمشروع الصهيونية العالمية ، والذين نذروا أنفسهم لحمايته واستمرار فعاليته على حساب أصحاب الأرض والحق .

ليس غريباً أن ينعطف الكثير من السياسيين ( بهدوء وبطء أو بطريقة التكويع السريع ) فيبدلون مسارهم وخطابهم وتحالفاتهم كونهم تجار ضالعين في بورصة السياسة المحلية والدولية ، ومعهم بعض الأجراء من الصفوف التالية ، لكن الأغرب أن يجدوا من يقبلهم سواء على طاولة الحوار أو المشاركة بعد احتراق أوراقهم ، أو حتى قبول استضافتهم على الأرض التي أساؤوا إليها وإلى شعبها تراثاً وحضارة ، هؤلاء عليهم أن يخجلوا من أنفسهم ومن بعض الناس الذين كانوا يعتقدون أنهم كبار ، لكنهم تأكدوا أنهم مجرد صعاليك سياسة في عالم الكبار ، وهم أقل شأناً من الوقوف بوجه أبطال الجيش السوري الوطني الذي يرسم الخطوط ويضع اللمسات الأخيرة لرفع راية الانتصار وبدء مسيرة الإعمار بعد ذلك بكل ثقة وإخلاص .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024