بعد اتفاقيات " مخيـم داوود " السيئة الذكر بين مصر والعدو الصهيوني التزمت الحكومة الأمريكية بدفع معونة عسكرية لمصر تصل حدود الملياري دولار بموافقة صهيونية ضمنية وذلك للحفاظ على مسيرة " السلام " وضمان ارتباط النظام المصري بالسياسة الغربية الهادفة ضمان أمن الكيان الصهيوني وتفادي وقوع حرب جديدة قد تودي بالمشروع الصهيوني .
المعونة المالية الأمريكية لا تقتصر على مصر أو دول بعينها ، الكيان الصهيوني هو المستفيد الأول من المساعدات الخارجية الأمريكية التي يقرها الكونغرس الأمريكي إذ أن المشروع هو صهيو – ماسوني منذ التأسيس ، ولأن الماسونية الصهيونية تسيطر على الكونغرس الأمريكي بمجلسيه فإن استمرارية دعم المشروع تبقى من أولويات السياستين الخارجية والعسكرية الأمريكيتين ، وأما المعونات الأخرى فإنها لا بد ترفد مصالح المشروع بكل الأشكال ومنها الحفاظ على حيادية مصر أو شراء صمت دول أخرى أو ولاء دول بعينها في المنطقة المشرقية ، وحتى ضمن الصف الفلسطيني ، وعلى هذا الأساس يبدأ التلويح بحجب المساعدات عن السلطة الفلسطينية بسبب توجهها إلى الأمم المتحدة مطالبة بتبني قرار إنهاء الاحتلال أو انضمامها إلى محكمة الجنايات الدولية لملاحقة القيادات الصهيونية التي ارتكبت وما زالت ترتكب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني .
مشروع حل الدولتين هو مشروع أمريكي تم طرحه منذ حوالي ربع قرن ، على أن لا يصل إلى وضعية التحقق ، - سأجعل المفاوضات تمتد إلى قرن من الزمن دون أن تصل إلى نتيجة ( اسحاق شامير ) ..!! لم يمض منذ بدء المفاوضات في اوسلو سوى ربع المدة .. السياسة الأمريكية الأكثر التزاماً بتنفيذ رغبات الأساتذة الماسون العظام ..! الولايات المتحدة ، كما بريطانيا ليستا مع إنهاء الاحتلال ، أو قيام دولة فلسطينية فعلاً على أراضي ما قبل العام 1967 ، وأما القبول والمطالبة باستمرار المفاوضات فله هدف واحد هو الاستمرار في عمليات التهويد وتغيير ديمغرافية الأرض ، ومعالم المدن والبلدات والقضاء على ذاكرة الأجيال ، والأمر الأخيرهو الأصعب منالاً .
الولايات المتحدة الأمريكية بما لها من قواعد على امتداد العالم ، عملت على عقد اتفاقيات ثنائية مع أغلب الدول التي تقيم قواعد على أراضيها توفر الحصانة لعسكرييها والعاملين في هذه القواعد بحيث لا يتعرضون للمحاكمة أو الملاحقة ، كذلك لم توقع على اتفاقيات محكمة الجنايات الدولية ..! موقف استعلائي ، لا يعترف بالقانون الدولي بل يعتبر أنه فوقه لأسبابه الذاتية ..! نتنياهو يكرر نفس الموقف فيعلن أنه لن يسمح بمحاكمة جنوده أو قياداتهم العسكرية أمام محكمة الجنايات الدولية رغم ارتكابهم لأقبح وأشنع جرائم الحرب والإبادة ..!! هل نحن أمام مجتمع دولي عاجز أم ..؟.
الحقائق التي تتسرب عن الأصول المالية التي تندرج في الموازنة الأمريكية تحت بند المعونات والمساعدات الخارجية تشير إلى أنها من فائض ، أو فوائد الأموال المتراكمة – المخزونة من عائدات النفط ، أو المحجوزة ، أو المصادرة بسبب التقادم الزمني كونها سندات خزينة ، وأغلبها من أموال الخليج ، بالنتيجة يمكن فهم أن الكرم الأمريكي هو من جيوب الآخرين ، بالتالي يكون السؤال مشروعاً ، لماذا لا تكون المعونة مشهرة المصدر سواء لمصر أو للفلسطينيين أو حتى باكستان وأفغانستان باعتبارها دول إسلامية ..؟. أم لأن السعودية في واقع الأمر لا تعتبر نفسها المالك الحقيقي لهذه الأموال إلا بالقدر الذي ينص عليه الاتفاق الأول ( 10% ) فقط من قيمة العائدات ، والباقي سندات خزينة أمريكية لا تصرف المملكة منها إلا بموافقة وزير الخزانة الأمريكي ، وتسقط قيمة السندات بعد عشر سنوات وهكذا .. إذاً وبكل بساطة ( أموال عائدات النفط ) في خدمة المشروع الصهيوني منذ الأساس وطبقاً لقول أمريكي : نحن من اكتشف النفط ، ونحن من يستخرجه .. إذا نحن أصحاب الملكية وما نعطيه لأصحاب الأرض أكثر من حقهم ..!!.
كيف نطالب السعودية بأن تكون صاحبة " فضل " في تقديم المعونات وهي السباقة في استدراج النكبات إلى عالمها العربي " هذا ، إن كانت العائلة تعتبر نفسها من هذا العالم " لقد كان عبد العزيز أول من تعهد بحماية " اليهود المساكين حتى تصيح الساعة " مقابل ضمانة الغرب حماية عائلته ومملكته ، وجاء في وصيته : لا تدعوا اليد السورية تصل إلى اليد المصرية ، ولا اليد السورية إلى العراقية ، فلكل جسد رأس وقلب ، ورأس العالم العربي مصر ، وقلبه سوريا ، .. اضربوا الرأس ، واطعنوا القلب لتستمر مملكة آل سعود . ولقد كان الملك فيصل الأشد حرصاً على تطبيق وصية والده ( رسالته إلى الرئيس جونسون عام 1966 ومطالبته دفع العدو الصهيوني لمهاجمة مصر وسوريا واحتلال أراض منهما ... ، نشرنا النص كاملاً في مقالات سابقة ) وقد قام بالتعويض سراً على العدو الصهيوني في حينه طبقا لما تعهد به في الرسالة ، واستأذن في تعويض الدولتين عن بعض خسائرهما على حد قوله ( ارحموا ذليل قوم ذل ) لكسب الشعب في الدولتين والالتفاف على القيادة فيهما وإظهارها بمظهر الضعف والخيبة ، وهكذا ارتفعت أسهمه على مدى سنوات ونال لقب الملك العربي بامتياز ..!
السعودية قد تقدم في الزمن الحاضر معونات لمصر ، كما أعلنت عن تقديم هبات للجيش اللبناني ، وكلها مشروطة بحيث لا يكون خروج على الرأي والقرار السعودي في المجالين السياسي والعسكري ... نقول في المعونات الأمريكية أنها رشوة أبعد ما تكون عن الأخلاق ، وهكذا هي المعونات السعودية والقطرية وغيرها التي لا تصرف إلا بالموافقة الصهيو – ماسونية العالمية التي تتحكم بالبنوك والصناديق ، قواعد التعامل الأخلاقي لا وجود لها في عالم السياسة ، والحكومات التي تنهج مسالك التحكم بالشعوب الصغيرة أو الفقيرة لا تأخذ بالحسبان لا حقوق الانسان ، ولا النظم الديمقراطية ، ولا الحريات .. هي توائم سلوكها في سياق الحفاظ على مصالحها ، أما العدو الذي يسيطر على عائدات ومداخيل الضرائب والرسوم الفلسطينية ، فإنه يستخدمها لممارسة الضغوط على ما يسمى الحكومة الفلسطينية لتطويق مساعيها ، ودفع الدول المؤيدة له لممارسة الفعل ذاته ، والقول أن المفاوضات هي الطريق الوحيد للوصول إلى دولة ..! ولكن ، ربما بعد قرن ، أو بعد فقدان الأرض التي يجب أن تقوم عليها دولة ...أو ربما بلدية .
العالم بحاجة ماسة لنظام مالي – تجاري يتحرر من سيطرة الغرب ، ومن مقدرته على استثماره في خدمة مصالحه ، وممارسة التجويع والإفقار وفرض الحصار على الدول والشعوب التي تستهدفها مشاريعه التي تزداد تغولاً وشراسة ، وهذا ما يعبر عنه نهج معاقبة دول كبرى مثل روسيا وإيران والبرازيل وغيرها .. نظام تتساوى فيه الأصوات وتتحقق فيه العدالة .. هل نحلم .؟.
|