إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

سورية: سقط المتآمر في فخ إرهابه

العميد د. أمين محمد حطيط - البناء

نسخة للطباعة 2011-04-13

إقرأ ايضاً


بعد احتلال العراق، خشي البعض على سورية من حرب اميركية على النمط العراقي لتدميرها، لكن إخفاق أميركا وأتباعها في حروبهم اسقط الظن والخشية، ثم كانت مراهنة على حرب «اسرائيلية» «تؤدب النظام» وتضطره الى فك تحالفه مع إيران ومقاومة لبنان، ومنعه من احتضان قادة المقاومة الفلسطينية، لكن العجز «الاسرائيلي» في تموز 2006 والذي لم يعالج الى مستوى بلوغ الثقة بالانتصار، فضلا عن عجز في تحمل كلفة الحرب أسقط الرهان، والآن يبدو ان المنظومة الدولية ذاتها تعود الى المحاولة مجددا متلبسة ثوب «الحرية والإصلاح»، حيث وجدت في البيئة المتشكلة في العالم العربي بنتيجة الثورات الشعبية، التي اسقطت نظامي تونس ومصر حتى الآن، وجدت فيها المدخل المناسب للحرب البديلة. ولذا استغلت الحركة المطلبية التي انطلقت في الساحة السورية طلباً لاصلاحات داخلية، فتسللت اليد الاميركية اليها لتحرفها عن مسارها، ولتتخذ منها سيفاً ضد النظام السوري الممانع والمقاوم لسياستها التدخلية الاستعمارية، وراح الغرب بالقيادة الاميركية يحشد لقتال سورية كل ما يمكن من وسائل دون استعمال الجيوش بشكل مباشر، وهو يزج الآن في المعركة ضدها مال البترول في الخليج، والكثير من الإعلام العربي، ويرسل الارهابيين اليها من دول الجوار السوري دون استثناء، ينفذ بكل هذا حرباً بديلة ترمي الى اقتلاع الصخرة السورية، وإسقاط جبهة المقاومة والممانعة. انها الخطة المحكمة التي دبرت لتنفذ بيد عربية متآمرة على الذات العربية ( البعض يرفض فكرة المؤامرة ويرفض تصديقها ويرد على القائلين بها باتهامهم بانهم مسكونون بفكرة المؤامرة التاريخية)، لكن تكشفت الآن خيوط الخطة – المؤامرة بشكل لا يرفض القبول بوجودها الا جاهل اومغرض.

وهنا لنعد الى البداية، حيث ظهرت في سورية حركات مطلبية واصلاحية مشروعة، وكانت الفئة الظلامية المتآمرة على سورية تعول على رفض الحكم السوري لتلك المطالب، لكن حكمة هذا النظام اجهضت التوجه فاستوعبت المطالب وعولجت في اسبوعين مطالب مزمنة وسحبت بذلك ورقة الإصلاح من يد الفئة المتآمرة والمركبة من غرب وعرب تنفخ في جمعهم الصهيونية العالمية. لذلك انتقل الحال من تظاهر مشروع ومطالب يجب ان تسمع الى اعمال شغب وإرهاب غير مشروع، وتحركات وفتن يجب ان تقمع.

لقد غادر المشهد في الشارع السوري موقعه المطلبي الإصلاحي، وانقلب الى عنف واجرام يجب التصدي له بكل حزم، اذ لا يوجد نظام في العالم يجيز للحركات المطلبية ان ترفع السلاح بوجه القوى المسلحة الرسمية، وفي سورية رفع السلاح واعتُدِي على الناس واملاكهم وامنهم، وإن مجرد ذلك يعني ان الحركة الاصلاحية الشعبية تراجعت لا بل حجبت لتتقدمها حركات ارهاب فتنوية، ويؤكد قولنا هذا ما تبثه الفضائيات الإقليمية والدولية من تلفيقات وسموم من اجل نشر الفتنة في سورية والتشجيع على القتل والصدام، ونحن في الوقت الذي نرى القوات السعودية تعمل في البحرين ضد شعبه المسالم الذي لم يسجل على فرد منه حتى الآن انه رمى بحصيّة واحدة على رجل امن رسمي.



ورغم ذلك فانه يُقتل وتُهدم المساجد وتسوى القبور ومقامات الاولياء وتعتقل النساء من الطبيبات والممرضات لمنعهن من تقديم الاسعاف للجرحى الذين يسقطون بالرصاص البحريني الرسمي والسعودي الشقيق ومع هذا لا نسمع صوتا من امم متحدة وامينها العام او من الاتحاد الاوروبي او من اميركا يسجل حتى امتعاضا ضد هذا السلوك، فضلا عن ان خبر البحرين وما يجري فيه من قمع يغيب كليا عن تلك الفضائيات المأمورة اميركيا في بلاد العرب، وفي المقابل نجد الإدانة الغربية لاستعمال» العنف في سورية ضد المتظاهرين» وهوتلفيق تفضحه نتائج العنف حيث ان معظم ضحايا الأعمال تلك هم من القوات المسلحة الذين قتلوا برصاص الارهاب الذي ترعاه اميركا وعربها في المنطقة.

والآن، وبعد استهداف الجيش العربي السوري من قبل الجماعات المسلحة والقوى الارهابية المصدرة الى سورية، او المضللة من الداخل السوري بات اليقين قائما بان المقصود ضرب العمود الفقري للقوة السورية وهوطبعا لا علاقة له باصلاح اوبما يشبهه، فالذي يطلق النار على الجيش السوري يضع نفسه ومن غير التباس في خندق واحد مع «الإسرائيلي»، وبعد ذلك لا يبقى مجال للشك بان ليس في سورية الآن «ثورة شعبية ضد النظام» ولم يعد في سورية الآن مكان للحركات المطلبية بعد ان استشرى الارهاب، وان ما تشهده بعض مدن سورية القريبة من حدود لبنان او الاردن اوفلسطين المحتلة حيث الكيان الصهيوني الغاصب، ما هو الا أعمال ارهابية يعرفها العسكريون من غير التباس، وهي بالتالي تفرض التعامل معها وفقا لطبيعتها خوفا من ان تمتد نارها الى كل الوطن السوري.

وان مسؤولية المواجهة لا يتحملها منفردا رجال السلطة وقواتها المسلحة بل وانها توزع على كل أبناء الشعب السوري لان كلا منهم بات مستهدفا في نفسه وكل ما يملك، وان المواجهة تقتضي من كل من يعنيه شأن سورية ومستقبلها ودورها العربي والاقليمي ان يقوم بما عليه من واجب قومي ووطني في هذا المجال. ومن اجل ذلك، لا يكون خطأ بل يكون مطلوبا وبالحاح توقف اي نشاط شعبي في سياق الحركة المطلبية الإصلاحية، توقف حتى لا تشكل التجمعات الإصلاحية المشروعة غطاء للحركات الارهابية اذ بعد افتضاح المؤامرة وظهور الارهاب المستهدف لقوة سورية ومنعتها نجد ان من يخرج الى الشارع اليوم ومهما كانت غايته ينتج البيئة المناسبة للارهابيين عن قصد اومن غير قصد،، اما بالنسبة الى السلطة السورية والتي أثبتت براعة في القيادة والاحتواء، فان المنتظر منها التريث في الاستجابة لبعض المطالب التي ان نفذت الان يسرت السبيل الى الفتنة كقانون الطوارئ، على ان يكتفى حاضرا بالعملية الإصلاحية بما لا يؤثر على المناعة الامنية واالدفاعية مع اشراك الشعب فيها ـ وليأخذ الامر وقته - ودون ان تشكل الاستجابة للاصلاح جوائز ترضية لغير الشعب السوري، نقول هذا ردا على هذه الدولة الاقليمية او تلك من الدول الاجنبية التي يحاول قادتها اعطاء دروس للقيادة السورية او استثمار حالات عابرة في سورية للظهور بمظهر المرجعية الاقليمية اوالدولية لسورية. ان الشغب والاجرام والإرهاب الذي تعتمده اميركا ومنظومتها ضد سورية الآن لا يمكن ان يوقف الا بما يناسب الارهابيين من وسائل خطاب: الحزم والنار؟!

لقد تعجل المتآمرون في كشف انفسهم في اللحظة التي لجأوا فيها الى السلاح، وبات امرهم واضحاً وضوح الشمس منذ ان اطلقوا الطلقة الاولى ضد الجيش العربي السوري، وانتجوا واقعا جديدا فرز المواقف، بحيث بات كل من يناصرهم خائنا للوطن، وهنا مقتلهم لان الشعب السوري استاذ في تعليم الشعوب الوطنية والقومية والسيادة، لذا لا خوف على سورية من المؤامرة.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024