إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

فلسطين: بين استجداء الدولة والتحرير بالمقاومة.

العميد د. أمين محمد حطيط - البناء

نسخة للطباعة 2011-10-07

إقرأ ايضاً


في مشهد مسرحي دراماتيكي تقدم رئيس السلطة الفلسطينية بطلب الى الامم المتحدة لاعتبار فلسطين دولة مكتملة العضوية فيها عاقدا على ذلك الكثير الكثير من الامال ومعتبرا ان مجرد القبول سيمنحه القدرة على الدخول في مفاوضات مع اسرائيل تختلف عن سابقاتها من حيث الجدية والقدرة على الوصول الى نتائج يرتضيها الشعب الفلسطيني. ورغم ان من قدم الطلب كان يعلم بعقم المسيرة بعد ان ابلغته اميركا بالفيتو الذي ينتظره في مجلس الأمن، لقطع الطريق عليه الى الدولة فيما اصر على الطلب متباهيا " بمناعة يمتلكها ضد الضغوط الاميركية”. وهنا رغم اننا لا نثق مطلقا بنجاعة هذا السلوك لأننا نرى فيه من المخاطر ما لا يمكن أن نتجاوزها واهمها:

- الخطر الاول – المأساة المتمثلة بتنازل فلسطيني رسمي عن 78% من ارض فلسطين التاريخية لصالح الكيان الصهيوني والاعتراف "بإسرائيل" دولة لها حق بهذه الارض والقبول بمساحة 22% من ارض فلسطين مقطعة الاوصال بالمستعمرات ومتباعدة بالمسافات (بين الضفة الغربية وقطاع غزة مسافة 45 كلم). وهذا يعني التخلي حتى عن الحق الممنوح للفلسطينيين باقامة دولة فلسطينية الى جانب "اسرائيل" بموجب القرار 181 وعلى مساحة 45% من ارض فلسطين.

- الخطر الثاني: الإجهاز على حلم الفلسطينيين اللاجئين الى دول عربية او المشتتين في العالم، والتفريط بحق العودة الذي اقرته الامم المتحدة منذ نيف وستة عقود (القرار 194)، لان وضع 8 ملايين فلسطيني في مساحة لا تتسع لسكانها اليوم امر غير منطقي او معقول، ما سيفرض التوطين والتخلي عن حق العودة بصورة او باخرى.

- الخطر الثالث: منح الكيان الصهيوني شرعية نهائية وجعل اي صوت معارض او عمل مقاوم لهذا الكيان بمثابة الخروج على القانون او اعتباره عملاً ارهابياً كما تسميه اليوم "اسرائيل" والمنظومة الغربية بقيادة أميركا.

- الخطر الرابع: تهديد الفلسطينيين الذين ما زالوا في فلسطين حيث الكيان الصهيوني سيقوم بالتهجير الى الدول العتيدة عملا بيهودية الدولة الصهيونية كما تسعى اسرائيل.

في المقابل وفي الفترة ذاتها طرح " المؤتمر الدولي الخامس لدعم الانتفاضة الفلسطينية " والمنعقد في طهران تزامناً مع تقديم رئيس السلطة الفلسطينية طلب العضوية المنوه عنه اعلاه، طرح عبر كلمة الامام الخامنئي مرشد الثورة الاسلامية، استراتيجية للتحرير اعتمدها المؤتمرون بعد ان رأوا فيها واقعية وشرعية وقابلية للتحقق فتبنوها حتى باتت استراتيجية يعمل بها المؤتمر (الذي جمع نيفاً و80 دولة) وهي تقوم على اركان اربعة:

1) اعتماد مبدأ التحرير الشامل لكل فلسطين من البحر الى النهر، مبدأ لا يمكن التنازل عنه مع القبول بآلية للتحرير التدريجي وفرض السيادة الفلسطينية على اي جزء يستنقذ منها ومتابعة العمل حتى اكتمال التحرير.

2) اعتماد مقاومة الشعوب طريقا رئيسيا للتحرير، يسلكها كل قادر ويدعم المسيرة فيها كل مستطيع بمقدار استطاعته باعتبار ان التحرير مسؤولية عامة للعرب والمسلمين تمارسها الشعوب بارادة وعزم.

3) تجنب الحرب التقليدية في المواجهة من دون اسقاط فكرة بناء الجيوش الدفاعية، والعمل لامتلاك القدرات النارية والصاروخية الفاعلة، لا بل ضرورة الاعتماد على هذه القدرات النارية التي تؤلم العدو وتشل قدرته وتمكن المقاومة الميدانية المتحركة من السير في دروب المواجهة للتحرير.

4) حل قضية السكان والمقيمين في فلسطين اليوم على اساس مبدأ " حق الشعب بتقرير المصير " واعتبار الشعب الفلسطيني هو من يقرر مصير فلسطين، وكلمة الشعب هنا تعني كل من كان في فلسطين في العام 1948 او تحدر ممن كان في فلسطين بصرف النظر عن دينه او مكان اقامته الحالي.. والشعب هذا هو الذي يقرر اي نظام سياسي يختار ويقرر مصير الوافدين الى فلسطين بعد العام 1948.

ومن مقتضيات العمل بهذه الاستراتيجية، نشر الوعي في صفوف العرب والمسلمين لشحذ الارادة والعزم على المقاومة، وامتلاك القدرات العسكرية والاقتصادية التي تمكن من السير الميداني فيها، وتحديد العلاقة بدول العالم على ضوء موقفها من القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين بأرضهم.

و بهذا وضعت القضية الفلسطينية مجدداً على مفترق طرق بين استراتيجيتين:

- مفاوضات غير مضمونة النتائج ان نجحت فانها لن تؤدي الى تحرير اكثر من خمس فلسطين، واقامة دولة منزوعة السلاح محدودة الامكانات والسيادة واستثمار الموارد الطبيعية، مع ضياع حق العودة للفلسطينيين في الشتات وتعريض مليون ونصف مليون فلسطيني في الداخل الى التهجير.

- مقاومة يمارسها الشعب الفلسطيني مدعوما من الشعوب العربية والاسلامية وفئات دولية واسعة تؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها، مقاومة قد تكون طريقها طويلة لكنها مع توفر العزم والارادة مضمونة النتائج لجهة حفظ المصالح الوطنية والقومية والدينية للجميع تحت سقف عودة الحق لاصحابه وعودة الشخص الى داره.

بين هذين الطريقين يوضع الشعب الفلسطيني مجددا امام الاختيار ومعه العرب والمسلمون وشعوب العالم المتمسكة بالحق وقواعد حقوق الانسان، ولا اعتقد ان الاختيار سكون صعباً على عاقل. خاصة مع ظهور متغيرات دولية كبرى ومع تشكل مجموعات استراتيجية فاعلة، تواجه اليوم السياسة الغربية الصهيونية، بدءا من منظومة المقاومة التي فيها ايران وسوريا التي اسقطت المؤامرة الغربية عليها، والصين وروسيا اللتان مارستا الفيتو المزدوج بوجه الغرب في مجلس الامن وقالتا كفى للغطرسة الغربية ضد الشعوب، او صعود الهند والبرازيل وجنوب افريقيا للبحث عن دور على المسرح الدولي، وعليه نرى ان فلسطين لن تحرر بالتفاوض بل ان التفاوض هو طريق الاستسلام والتنازل ولن يحرر فلسطين الا مقاوم آمن بحقه وسعى اليه بالقوة.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024