أجّل الجانب العراقي خطوة افتتاح معبر القائم - البوكمال إلى أجل غير مسمّى، بعد قصف جوي استهدف عدة نقاط قريبة من المعبر من الجانب السوري، ما يترك الأسئلة مفتوحة حول مستقبل المعبر الاستراتيجي بين البلدين بعد أكثر من شهر على إعلان الجانب العراقي قُربَ افتتاح معبر القائم - البوكمال مع سوريا لأغراض اقتصادية، استُهدفت أربعة مواقع تتمركز فيها فصائل مدعومة من إيران قرب الحدود، كما الجانب الأيمن من المعبر، بقصف جوي «مجهول»، لتؤجَّل ترتيبات الافتتاح الذي كان قريباً حتى إشعار آخر، وفق ما ذكرت مصادر أمنية عراقية. القرار العراقي الذي نقلته وسائل إعلام عن مسؤول أمني، ربط التأجيل مباشرةً بـ«العدوان الذي تعرّضت له مدينة البوكمال»، والذي «استهدف فصائل عراقية... وأدى إلى وقوع ضحايا ومصابين».
ولا يمكن قراءة هذا الاستهداف بعيداً من النشاط الإسرائيلي والأميركي داخل سوريا، وفي الإقليم، الذي يهدف إلى «احتواء النفوذ الإيراني»، وحصار دمشق وحلفائها أيضاً. ويمكن عدّه بمثابة تحذير للجانب العراقي بضرورة تأجيل الخطوة، وعدم «التمرّد» على العقوبات الأميركية والغربية المفروضة على إيران وسوريا. وعلى رغم أن الجانب العراقي حاول الالتفاف بعيداً عن أعين الأميركيين المتمركزين على مقربة من القائم، واقترح افتتاح منفذ مؤقت في بلدة الحصيبة، المتاخمة للبوكمال، وهو ما اتُّفق عليه خلال زيارة الوفد العسكري السوري لقضاء القائم مطلع آب المنصرم، إلا أن الافتتاح بقي متعثراً.
وكان يُرجّح أن يُفتتح المعبر بحضور وفود رسمية من البلدين في النصف الأول من الشهر الجاري، بعد عدّة قرارات تأجيل من الجانب العراقي كانت تُعزى إلى عدم الجاهزية اللوجستية للافتتاح. وفي هذا السياق، أكدت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أن «المعبر كان جاهزاً من الجانب العراقي منذ الموعد المقرّر في الأوّل من أيلول، إلا أن الضغوطات الأميركية، ومعها عدم وجود قرار عراقي نهائي، كانت السبب الرئيس للتأجيل». وأضافت المصادر أن «التأجيل المتكرر يعكس عدم وجود قرار حاسم في بغداد حول فتح المنفذ الحدودي الأهم مع سوريا»، لافتة إلى أن «بعض القادة العراقيين يفضلون التريث في الخطوة حتى نضج الظروف السياسية». وأشارت أيضاً إلى «وجود آراء لجهات قيادية عراقية وازنة في افتتاح المعبر بغضّ النظر عن الضغوطات، باعتباره قراراً سيادياً وطنياً».
*الجانب السوري كان قد أنهى التحضيرات لافتتاح معبر البوكمال*
يأتي ذلك في وقت أكد فيه مصدر حكومي سوري، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الجانب السوري أنهى كل التحضيرات اللوجستية والخدمية المتعلّقة بافتتاح المعبر»، مشيراً إلى «تخديم المعبر بالإنترنت والكهرباء، وتجهيز مراكز لوحدات الشرطة والجمارك... وهو في انتظار إخطار من العراق لتحديد موعد رسمي لافتتاحه». وفي هذا السياق، نشرت الصفحة الرسمية لمحافظة دير الزور، نهاية الأسبوع الفائت، صوراً لمحافظ المدينة وقائد الشرطة، خلال تجولهم على الجانب السوري من المعبر، تحضيراً لموعد افتتاحه المفترض.
وتحظى خطوة افتتاح المعبر بأهمية خاصة لدى الجانب السوري، لكونها تُسهم في فتح بوابة اقتصادية مهمة، تساعد في توفير الاحتياجات المهمة من المحروقات وسواها، بالإضافة إلى تنشيط حركة التصدير البري. كذلك من شأن افتتاح المعبر تخفيف آثار الحصار بشكل كبير، وتمكين سوريا من توفير احتياجاتها الطارئة من مستلزمات إعادة الإعمار للمناطق المحررة، بالإضافة إلى المساعدة في دخول كميات من القطع الأجنبي إلى البلاد. لكن هذه الآمال تصطدم بمساعٍ أميركية - إسرائيلية لحصار دمشق وحلفائها، وهو ما أكدته جهات رسمية أميركية مرات عدة، كان آخرها على لسان مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، والمبعوث الخاص إلى سوريا، جويل رايبورن، من مدينة إسطنبول التركية، حيث قال إن بلاده «تعمل على تجفيف موارد الحكومة السورية وحلفائها من خلال العقوبات الاقتصادية»، مشيراً إلى أن الهدف من الضغط على دمشق، إجبارها «على الجلوس إلى طاولة المفاوضات في جنيف، وتطبيق القرار 2254».
|