إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الأمين زهدي الصباح (2)

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2016-02-26

إقرأ ايضاً



في النبذة عن الأمين زهدي صباح(1) أشرنا الى أنه كان متوجهاً في طائرة واحدة مع الأمين منصور عازار الى نيجيريا. شاء القدر أن يتوقف الأمين منصور في مدينة "كانو"، فيما تابع الأمين زهدي الى مدينة "لاغوس" ليلاقي حتفه في تحطم الطائرة قبيل هبوطها على مدرج المطار.

*

في كتابه "السيرة" يورد الأمين منصور عازار في اكثر من مكان عن صديقه ورفيقه الأمين زهدي، نختار منها التالي:

- في الصفحة 151: كانت زيارتي الأولى هذه الى عمان ولقائي الرفقاء والأهل وتعرّفي الى رفقاء جدد من الأردن وممن تعرّفت إليهم الأمين زهدي الصباح، هذا الإنسان المؤمن بقضية أمته والملتزم بعقيدة سعاده من رأسه الى أخمص قدميه. الذي غدا بعد تعاوننا مرشداً وموجهاً ومساعداً لي من أجل التعرّف على محيط اقامتي في عمان الذي أصبح ملاذي الوحيد في وطني. كان زهدي مراسلاً صحفياً لمؤسسات عالمية عدة.

- الصفحة 157 نجومية مدير: كنت قد تعرّفت الى الأمين زهدي الصباح في عمان، وكان من هؤلاء الافراد الذي يعزّ كثيراً وجود أمثالهم. فهو انسان مثقف وذو أخلاق تعبّر عن فعل هذه النهضة في نفسه، ولم يكن من الفارين أو المحكومين، لأنه كان فلسطينياً ومن سكان عمان.

وبعد علي غندور(2) وجورج صليبي(3) احتلّ زهدي مكاناً مرموقاً في نفسي وكنت أمضي معه أغلب

ساعات نهاري في عمان، وهو الذي عرّفني الى الكثير من رفقاء القدس وبيت لحم وعمان وبيت ساحور وغيرها. ونال احترامي واعجابي العالي. وفي احدى الجلسات، عرضت عليه السفر والعمل معي في نيجيريا. وكان المصنع هناك قد توّسع جداً وأصبح من الضروري تأمين ادارة على مستوى المسؤولية، وبعد تفكير وتردد، قبل زهدي السفر معي الى "لاغوس" كمدير عام للشركة بفرعيها كانو ولاغوس.

- الصفحتان 210-211 ضحية طائرة منكوبة: يروي الأمين منصور أنه بعد أن كان بدأ الاصدقاء والرفقاء يودّعونهما (هو والأمين زهدي)، للعودة الى منازلهم، وقد انتصف الليل، اقترح عليه مدير بنك الشمال النيجيري، توفيق فانوش، وهو صديق مقرب له، أن يبقى احدهما في "كانو" ليمرّ عنده في البنك ويوقع على معاملات مصرفية. اعتذر الأمين زهدي، فهو لا يستطيع الغياب أكثر من ذلك عن مركز عمله في "لاغوس"، حيث هناك أعمال متأخرة جداً عليه انجازها، مقترحاً أن يبقى الأمين منصور في "كانو".

- في الصفحة 210 يروي الأمين منصور أن توفيق حبذ الفكرة وقال لزهدي: تستفيق أنت باكراً وتركب الطائرة الى "لاغوس" وتهتم بالأمتعة خاصتك والتي تخصّ منصور وتطمئن الجميع في "لاغوس" أن الأمور على ما يرام، وهكذا يأتي اليّ منصور خلال الدوام أو بعده، فأنجز وإياه ما يجب إنجازه في البنك وبعدها يلحق بك الى "لاغوس".

" هكذا عند الصباح، تركني زهدي نائماً وذهب الى المطار وكانت حقائبنا معاً قد سبقته الى هناك، وكان مسؤولو مصانعنا في "لاغوس" و "كانو" على علم أننا ذاهبان معاً وحقائبنا كذلك على الرحلة نفسها.

" عند الثامنة صباحاً وجدتُ الصديق توفيق فانوش في المنزل، وهو يدخل غرفة نومي لأستفيق ويتأكد أني نائم فيها، وعندما فتحتُ عينيّ قال لي: مررت عليك لنذهب معاً الى البنك. لم أفهم لأول وهلة الأسباب التي حدت به ليمرّ علي، وهو تظاهر أنه يريد شرب فنجان قهوة معي قبل أن ننتقل معاً الى مكاتب البنك!

وبعد أن لبستُ ثيابي وهممت بمرافقة توفيق كان عدد كبير من أبناء الجالية ومن الموظفين في شركتنا يصل تباعاً الى منزلي.

" أخذني العجب لما أراه، وسألت توفيق ما الخبر؟ ولماذا كل هذا الاهتمام في يوم باكر؟ وكنا قد تودّعنا في المساء, فما الذي جاء بك وبكل هؤلاء الى منزلي وعند الصباح؟

" عندئذ انفجر توفيق بالبكاء وشاركه الجميع، إذ إن الطائرة التي نقلت زهدي من "كانو" الى "لاغوس"،

وكان من المفروض أن أكون فيها، والكل يعرف ذلك، قد تحطمت على مدخل مدرج مطار "لاغوس" وقضى جميع ركابها، بمن فيهم زهدي.

" سألتهم ما الخبر؟ حاروا كيف يخبروني! وأنا في حالة ذهول لا أعرف ما يحصل حولي: أية نازلة ألمّت بأسرتي؟ أية كارثة ألمت بأحبائي ورفقائي؟ لا أعرف.

" بصعوبة بالغة، وبصوت يقطعه البكاء الحاد، أخبرني توفيق، أن طائرة زهدي سقطت منذ قليل وهي تحط على مدرج مطار "لاغوس". فهرعنا جميعنا مذهولين لنطمئن عليك. "زهدي راح"، فهل أنت هنا، أو عدت غيّرت رأيك بعدما تفارقنا أمس على أن تبقى هنا؟ وقطع كلامه بكاء كثيرين يعرفون أي زهدي الصباح فقدنا.!؟

ما إن استوعبنا جميعاً ما حصل، أخذنا نعزّي بعضنا بعضاً بزهدي، ونهنئ بعضنا بعضاً بسلامتي.

مفارقة عجيبة!

" في الوقت الذي يتفتت كبدي على زهدي الرفيق الأمين، المدير الحبيب، الصديق الصدوق، الأخ الوفي، المستشار الكفوء، الرجل النبيل، المساعد المختص، كدت أفرح كطفل بنجاتي، وأتخايل وقع الخبر على أسرتي في ما لو كنت في طائرة زهدي فعلاً، بل ستفكر هكذا عندما تسمع الخبر، وفكرتُ فوراً أن أوصل خبراً لها ولأهلي أني بخير، وبرضاهم وحبهم نجوت.

هوامش

(1) مراجعة أرشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

(2) علي غندور: منح رتبة الأمانة. تولى رئاسة مجلس ادارة ـــــ مدير عام شركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية (عالية). شارك في تأسيس مؤسسة سعاده للثقافة، وهو رجل أعمال معروف.

(3) جورج صليبي: منح رتبة الأمانة. كان رئيساً لقسم الأشعة في مستشفى الجامعة الأميركية ثم مؤسساً لمركز خاص به. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى الموقع المذكور أنفاً.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024