إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

حزب سعاده لا يقول بحريات فردية وفئوية بل بحرية المجتمع والحقوق الفردية

يوسف المسمار

نسخة للطباعة 2016-08-24

إقرأ ايضاً


وصلتني رسالة من الرفيق العزيز فؤاد جورج في 13/08/2016 تعليقاً على مقالتي :" أشد العلل خطراً التلاعب بالعواطف " يوافقني في جزء منها ويخالفني في جزء آخر " وهذه هي غاية سرور وارتياح الرفيق القومي الاجتماعي الذي تتلمذ على العقيدة السورية القومية الاجتماعي، وفي مدرسة الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أسسه المعلم انطون سعاده لأن الرفقاء القوميين الاجتماعيين الذين انتسبوا الى هذه المدرسة افرادياً ارتفعوا منذ لحظة انتسابهم اليها الى درجة التخلّص من حالة القطيع الفئوية الى حالة ظهور الشخصية الفردية – الامكانيةالاجتماعية التي اقتنعت عن وعيّ ويقين انها ليست صورة طبق الأصل عن افراد الطائفة او الملة او المذهب او القرية او المدينة او المقاطعة،ولا هي صورة طبق الأصل حتى عن مؤسس المدرسة القومية الاجتماعية.ولذلك حين تعاقدت مع المؤسس تعاقدت بمطلق وعيّها واختيارها وحريتها وارادتها لآنها شعرت في نفسها انها امكانية اجتماعية في هذا الوجود وعليها ان ترتقي الى درجة اعلى هي درجة الوجدان القومي الاجتماعي الذي يجعلها جزأ فاعلاً في الشخصية الاجتماعية الصاعدة الى درجة التخرّج في مدرسة الحياة السورية القومية الاجتماعية .

لكل رفيقة او رفيق شخصية متميّزة

ليس من العقل اذن ان يكون الرفقاء نسخاً طبق الأصل عن بعضهم بل هم امكانيات وطاقات وفعاليات يجب ان تكون مؤثرة في هذا الوجود وخاصة في تقوية وتعزيز حركة النهضة السورية القومية الاجتماعية . يؤثر كل منهم في اغناء حركة الفكر النهضوي الراقي الذي لا يقبل لتصاعده ورقيه حدوداً او قمماً نهائية مهما كانت عالية .

اشكر الرفيق فؤاد على الموافقة كما اشكره على الاختلاف لأن الموافقة تشعر الانسان بالرضا عن وجهة نظره، والاختلاف ينبهه الى أخطائه فيصلحها ونسير جميعاً نحو الأصح والأصوب .

وانطلاقاً من هذا المفهوم القومي الاجتماعي أرى من واجبي أن أعلّق على الموافقة والاختلاف فأقول انني اوافقه في موافقته على جزء وأخالفه على جزء آخر حين قال : " إن ما تقوله عن خطر التلاعب بالعواطف هو يطال الجميع . أما ذكر مغالطات تشويهية فيوجب التصويب."

لقد اتفقنا على خطر التلاعب بالعواطف وأعتقد ان جميع الرفيقات والرفقاء يوافقون على ذلك . أما التعميم الذي أطلقه في قوله " خطر التلاعب بالعواطف هو يطال الجميع"، فاني لا استطيع الموافقة عليه. لأن التعميم غير جائز.ولو كان الرفقاء نسخاً طبق الأصل عن بعضهم البعض لكان من الجائز القبول بهذا التعميم ، ولو كان فعلاً التلاعب بالعوطف قد طال الجميع لكان ذلك كارثة حقيقية لا يمكننا الخروج منها الا ممزقين مسحوقين ،وكان على الأمة السورية ان تنتظر عصوراً من الويلات الساحقة التي لا نهاية لها الا الانقراض .

ان عيب التلاعب بالعوطف يا رفيقي لم يصب الجميع ، بل استيقظت جرثومته في قلة قليلة من الذين وصلوا الى مراكز عليا في مؤسسات الحزب السوري القومي الاجتماعي فأصابهم الغرور والعنجهية والوهم فحسبوا انفسهم انهم بمنأى عن الشبهة ، وبعيدين عن الشك، وبعصمة عن الخطأ ، ولهم حصانة لا تخضع للمحاسبة .

اما النقطة الثانية في رسالة الرفيق فؤاد والتي يخالفني فيها الرأي وهي رد على مقالي فقد برزت في قوله التالي : " أولا" لم تكن إنتفاضة 1957 هي إنتفاضة الامين جورج عبد المسيح بل هو إلتحق بها بعد حوالي 6 أشهر بعد أن تبين له أن من يدعون أنفسهم قيمين على المركز بأن إدعاءهم غير قانوني والأخطر أنهم إنحرفوا عن العقيدة وهذا أخطر وإعترفوا بذلك ولكن بعد 13 سنة في مؤتمر ملكارت."

في هذا المقطع من رسالته تظهر للمدقق المحلل أربعة نقاط :



النقطة الأولى هي ان انتفاضة سنة 1957 لم تكن انتفاضة الأمين جورج عبد المسيح بل هو التحق بها بعد حوالي 6 أشهر .


والنقطة الثانية هي ان التحاق الأمين جورج عبد المسيح المتأخر بالانتفاضة حصل بعد ان تبين له أن ادعاء القيمين على المركز كان غير قانوني .


النقطة الثالثة وهي الأهم التي دفعت الأمين جورج عبد المسيح الى الالتحاق بالانتفاضة هي انحراف القيمين في المركز عن العقيدة وهذا هو الأخطر .

والنقطة الرابعة هي ان القيمين اعترفوا بذلك بعد 13 سنة في مؤتمر ملكارت .


النقطة الأولى انتفاضة 1957


بالنسبة للنقطة الأولى نفهم منها ان الأمين جورج عبد السيح كان تابعاً وليس متبوعاً فمن هم الذين انتفضوا ؟ولماذا انتفضوا ؟وما هو الهدف من الانتفاضة ؟ واذا كانوا قد انتسبوا الى الحزب بتعاقد ثنائي مع سعاده او بتعاقد ثنائي مع الحزب السوري القومي الاجتماعي بعد رحيل سعاده الجسد فما معنى هذه الانتفاضة الجماعية ؟ وما هي السلطة ومن هم المسؤولون الذين اعطوهم حقوق فئوية لينتفضوا جماعة أو يمارسوا صلاحيات فئوية وينصّبوا انفسهم قضاة عدل فيحكمون على مسؤولين في الحزب بالخروج عن الدستور والقانون ؟ ويمارسون فوق ذلك صلاحية التكفير فيحكمون على رفقائهم بالانحراف عن العقيدة ؟ وهل ترك لهم الزعيم وكالة او وصية بذلك دون ان يدري بها أحد ؟ وما هو سر ترك هذه الوصية الحصرية بهم بحيث يحق لهم الانتفاض الفئوي ولا يحق لغيرهم ، ويحق لهم الحكم بالخروج عن القانون ولا يحق لسواهم ،ويتصرفون بامور العقيدة ويقررون انحراف البعض ممن يخالفهم ويرضون عمن يجاريهم ؟. وهل يحق لرفيق قومي اجتماعي من العناصر المؤسسة للحزب مع الزعيم كالأمين جورج عبد المسيح اذا حصل خلاف بين الرفقاء ان يلتحق بفريق ويعادي فريقأً وهو حامل لقب عنصر التأسيس، ورتبة الامانه، وميزات الفهم الدستوري والعقائدي الذي استقاه من سعاده المؤسس مباشرة ؟ أليست حركة الانتفاضة هي السوسة الأولى التي يمكن اعتبارها بذرة نكران وحدة الروحية النظامية التي بدأت تنخر في العقيدة والنظام من الداخل بعد ان عجز الخارج عن تدمير العقيدة والنظام من الخارج بعد جريمة اغتيال مؤسس العقيدة والنظام والحزب الزعيم أنطون سعاده ؟


ادعاء القيمين على المركز غير قانوني

أما النقطة الثانية التي تقول ان :" ادعاء القيمين على المركز غير قانوني والأخطر أنهم إنحرفوا عن العقيدة وهذا أخطر" وهذا هو السبب الذي جعل الامين جورج عبد المسيح يلتحق بالانتفاضة ليصبح فيها تابعاً غير متبوع ، وملتحقاً غير ملتحق به ، فاني أقول ان هذا السبب حجة عليه وليس حجة له لأن الأمين جورج عبد المسيح لم يكن عضواً عادياً في الحزب بل هو عضو مؤسس وفي أساس التأسيس. ومن كان عضواً مؤسساً فان مسؤوليته الأولية ان يحافظ على الاساس المتين والبنيان القوي ويجعل الجميع يحذون حذوه فيكون متبوعاً في المحافظة على الاساس والبنيان المتينين وليس تابعاً في تفسيخ البناء واستئصال الاساس .



الاتهام بالانحراف عن العقيدة


أما النقطة الثالثة التي تتعلق بالانحراف واتهام المركزيين بالخروج على القانون والانحراف عن العقيدة فكلامٌ غير مسؤول، وتنقصه الأدلة والبراهين والاثباتات . العقيدة هي مباديء الحزب وغايته . والمباديء واضحة وصريحة والغاية كذلك. فاذا حصل انحراف من أي رفيق أو مسؤول فقد اسقط نفسه قبل ان يسقطه المسؤولون والرفقاء . الانحراف يعني ان يقول أحد الاعضاء: " ان سورية هي لغير السوريين وان السوريين ليسوا أمة تامة أو ان يقول ان القضية السورية ليست قضية قومية قائمة بنفسها وغير مستقلة كل الاستقلال عن اية قضية اخرى او يقول ان القضية السورية ليست قضية الأمة السورية والوطن السوري او ان يقول ان الأمة السورية ليست وحدة الشعب السوري المتولدة من تاريخ طويل يرجع الى ما قبل الزمن التاريخ الجلي او ان يتنازل عن الوطن السوري بحدوده الطبيعية او جزء منه او ان يقول ان الامة السورية ليست مجتمعا واحدا او ان يقول ان النهضة السورية القومية الاجتماعية لا تستمد روحها من مواهب الامة وتاريخها السياسي الثقافي القومي او ان يقول ليست مصلحة سورية فوق كل مصلحة او ان يقول ليست غاية الحزب بعث نهضة سورية قومية اجتماعية واقامة نظام جديد يؤمن مصالحها ويرفع مستوى حياتها والسعي لانشاء جبهة عربية تكون سدا في وجه المطامع الاستعمارية وبكلمة موجزة ان يتنكروينكر العقيدة مباديء وغاية ".

هذه هي العقيدة فأين الانحراف ؟ وهل بالامكان تسمية المسؤولين الذين قالوا ان سورية ليست امة تامة وليست سورية للسوريين وليست القضية السورية مستقلة عن اية قضية أخرى وليست القضية السورية هي قضية الأمة السورية والوطن السوري ، وهل بالامكان ايضاً تسمية المنحرفين الذين تنازلوا عن وحدة الوطن او جزء من أجزائه أو قالوا ان الامة السورية ليست مجتمعا واحدا ولا تستمد روحها من مواهب الأمة بل تستمدها من مواهب فرنسا مثلاً او روسيا أو أميرما أو بريطانيا أو روسيا او الصين ؟ وهل هناك من المركزيين من قال ان مصلحة سورية تحت مصالح الأفراد والفئات والارادات الغريبة؟


الانحرافات في عهد الزعيم واضحة


لقد حصلت انحرافات في عهد الزعيم عندما كان خارج الوطن وسمّى الانحرافات والمنحرفين بكل وضوح وصراحة كقضية نعمة ثابت ومأمون اياس الشخصية والعقائدية واستبدال الامة السورية بالامة اللبنانية وجعل قيم الأمة السورية محصورة بالقيم الكيانية اللبنانية ومنعزلة عن قيم الأمة السورية. وايضاً قضية انحراف فايز صايغ وغسان تويني ويوسف الخال في خروجهم على القواعد الدستورية والاساس العقائدي واستبدال الفكر القومي الاجتماعي بالفكر الفردي والفلسفة الفردية . وكذلك ظهر الانحراف في تفكير فخري معلوف رئيس المجلس الأعلى الأسبق الذي اراد ان يكثلك العقيدة القومية الاجتماعية ويستبدلها بالمذهب الكثوليكي ويعطيها طابعاً طائفياً ويفتح باب النزاعات الطائفية التي ليس من ورائها الا التمزق والتفسخ والبلبلة والتقهقر.

هذه نماذج من الانحرافات التي ظهرت في غياب سعاده وعالجها بما يناسبها من المعالجة المنظمة حتى اعاد الأمور الى نصابها . فطرد من يجب طرده، وفصل من يستحق الفصل، ونبّه من كان بحاجة الى تنبيه ، وأوضح الأمور لمن أشكلت عليه الأمور حتى فهم واقتنع .

ان اجراءات الزعيم الدستورية والعقائدية لم تكن للتشفي ولا للانتقام بل للأصلاح . فلم يتهم احداً بالانحراف او بالخروج على القواعد الدستورية دون دليل واضح ، ولم يوجّه تهمة الانحراف والخروج الا لمن كان بالفعل منحرفاً او خارجاً وثبتت عليه كل الأدلة. أما الذين تفهموا الحقيقة وعادوا عن خروجهم او انحرافهم او اجتهاداتهم الشخصية لم يحصل بحقهم أي قرار بل ناقشهم الزعيم بروية وهدوء ونظام وصبر ولم يظلم بقرار ، والذين صدر بحقهم قرارات فصل أو طرد بسبب الانحراف عن العقيدة او الخروج على الدستور عادوا الى الحزب حين تراجعوا عن أخطائهم وانحرافاتهم . والزعيم نفسه قال نحن نعمل ومن يعمل يصيب ويخطيء ولكن لا يجوز ان نتمسك بالاخطاء بل علينا ان نصلح الأخطاء ونسير على طريق الصواب .


أعتراف المركزيين في مؤتمر ملكارت

أما النقطة الرابعة التي تقول ان المنحرفين القيمين على المركز اعترفوا بذلك بعد 13 سنة في مؤتمرملكارت فأي اعتراف هذا بالانحراف عن الدستور والعقيدة ؟ ومن الذي اعترف ؟ وما هو الاعتراف بالانحراف عن العقيدة ؟ وما هو الانحراف الذي حصل قبل مؤتمر ملكارت ؟ وما هي العقيدة الانحرافية والدستور الانحرافي الذي حصل بين تاريخ انطلاقة الانتفاضة ومؤتمر ملكارت ؟ وهل اصبح قوميو المركز يقولون بأمة غير الأمة السورية ونهضة غير النهضة السورية القومية الاجتماعية ، وسيادة غير سيادة الامة السورية على نفسها ووطنها ،ومصلحة غير مصلحة الأمة السورية العليا ،وغاية غير غاية بعث النهضة السورية القومية الاجتماعية ؟ وهل اصبحت فلسفة الحزب القومية الاجتماعية فلسفة فردية خصوصية او غيبية رومانسية ؟ وهل تكثلكت عقيدة الحزب او تمورنت او تشيعت او تسننت او تكردنت او تدرزنت او تهودت وتصهينت او تأمركت وتفرنست وتسكسنت ليصار الاعتراف في مؤتمر ملكارت من اجل العودة الى العقيدة السورية القومية الاجتماعية ؟ وهل الغيت القومية الاجتماعية السورية في الحزب واستبدلت بالقومية اللبنانية او الشامية او اللبنانية او العراقية او الأميركية مثلاً .


التهمة بالانحراف كاذبة والذين فبركوها صدّقوها


قال رفيقنا الأديب الكبير الراحل سعيد تقي الدين : " اذا اردت قتل شخص أطلق عليه اشاعة " واشاعة الانحراف عن العقيدة التي أطلقتها حركة الانتفاضة على الحزب المركزي في 1957 لم تكن لقتل شخص أو اشخاص وانما كانت لضرب جوهر الحزب والتخلص من وحدة روحيته النظامية لكي لا تقوم له قائمة في مجتمعنا ولا يشبهها شي سوى نفسية التكفير الداعشية اليوم التي تذبح"باسم الله " وتدمّر " باسم الله أكبر" التي لا يعادلها الا العقيدة اليهودية الصهيونية التي تقول " بشعب الله المختار " الذي يعتبر ان كل ما خلق الله وما لم يخلق وما سوف يخلق يجب ان يكون لخدمته. وحركة الانتفاضة هي التي هيّجت كل ما ظهر فيما بعد من بثور مرضية في جسم الحزب وكل ما فرّخ من حركات وتنظيمات وهيجانات وتجمهرات فئوية حتى أيامنا هذه وحتى صار كل عضو اذا انتمى اليوم الى الحزب يتحفنا برأي ذوقي استنسابي، وبحركة عشوائية تخريبية، وبتنظيم طفيلي يعتبره نهاية الاجتهاد الفكري والابداع الفني والخلاصة العبقرية .

ان الكلام عن الانحراف عن العقيدة القومية الاجتماعية كلام متسرع ومستعجل ، ودليل هفوة ، وقرار غير مبرر، وموقف غير مسؤول ليس من ورائه الا زيادة البلبة بلبلة ، والفوضى فوضى ولا يخدم الا الاعداء سواء صدر عن أمين او رفيق او مسؤول ، او تحزب له فريق او شلة او فئة.ولذلك اقول ان تهمة الانحراف كانت اشاعة كاذبة والأخطر ان الذين اخترعوها وروّجوها صدّقوها وما زالوا بعد ستين سنة يكررونها .وما المعارضات التي ظهرت بعدها وما زالت تظهر الا من ثمار تلك الانتفاضة .


الخلط بين العقيدة والسياسة

لقد خلط أصحاب هذا الاتهام بين عقيدة الحزب وسياسة الحزب ، ولذلك وقعوا في هذا الخطأ التاريخي الذي هو اكبر من جريمة . العقيدة ثابتة ولن تتغير مع الزمن ولن يأتي يوم يحق فيه للسوري القومي الاجتماعي ان يقول مثلاً : ان سورية لغير السوريين او أنه لا يحق للسوريين ان يكونوا اسياداً على انفسهم ووطنهم . أما السياسة فهي المتغيّرة دائما وأبداً ولكن تغييرها يكون لخدمة العقيدة ونظام نهجها وغاية الأمة في النهوض وتحقيق مثلها العليا، لأن السياسة كما أوضح معناها ومفهومها ووظيفتها لنا سعاده هي ان "السياسة علم وفن بلوغ الأغراض القومية ،ومن حق الادارة الحزبية العليا ، بل ومن واجبها ومن ضمن صلاحياتها ان تفكّر وتبحث عن الخطة السياسية الأجدى والأنفع ، ووفقاً لمقتضيات الحال ، وبحسب الامكانيات والضرورات لوضع سياستها القومية الاجتماعية .وهذا ليس انحراف ولا خروج على الدستور .

وقد تخطيء الادارة العليا في اتخاذ بعض القرارات في التقدير والحساب وهذا جائز ومنطقي ومشروع ، ولكنها حين تكتشف انها اخطأت التقدير والحساب تعترف بخطئها وتتراجع عنه وتصحح ما حصل من تقدير خاطيء او حساب غير مضبوط لتعود الى جادة الصواب.

ان العمل السياسي هو لخدمة النهضة وليست النهضة لخدمة العمل السياسي . والعمل السياسي يتغير ويتبدل ويتحول ويتطور حسب التغيّرات والتبدلات والتحولات والتطورات وليس هذا انحراف الا للذين يستعجلون الأمور، ويتسرعون في الأحكام. وقد أوضح سعاده هذا الأمر بشأن التغيرات التي حصلت عندما حصل الأمر الواقع في تقسيم سورية الى عدة مناطق حيث قال :"ان الخطة التي انتهجناها للسير نحو هدفنا الاخيرهي الخطة التي لن نحيد عنها ابدا وهي الخطة التي تقول بعدم تجاهل الامر الواقع في معالجة القضايا السياسية وعدم الخروج على هدفنا ومبادئنا.

ان الأمر الواقع يقسم سورية الى عدة مناطق اقرها الاعتراف الانترنسيوني واوجد منها معضلة في الحقوق القومية والانترنسيونية تحتاج الى كل ما في نهضتنا من مرونة سياسية وشكلية لحلها. وهو ما نشعر بوجوب القيام به وهو هو ما تجب معالجته على غير الاساليب العتيقة التي اضرت بحياة الشعب ولم تحقق شيئا في مصلحته .

ان مطاليب العمل السياسي لفروع الحركة السورية القومية الاجتماعية المنتشرة في لبنان والشام وفلسطين والاردن والعراق وضرورة الاهتمام بالعمل السياسي العلني توجب علينا الاهتمام بالبرامج السياسية الخاصة التي يجب ان تقررلكل فرع من فروع الحركة السورية القومية الاجتماعية بطريقة يمكن معها العمل للغاية الكبرى بدون تعريض سلامة الحركة للخطر." وهذا ما أعلنه سعاده في ندائه الى السوريين القوميين الاجتماعيين منذ التأسيس في 16 تشرين الثاني سنة 1936 بعد خروج الزعيم من السجن .

الحزب لم ينشأ بمؤتمر ولا يقرر مصيره مؤتمر

ان الحزب السوري القومي الاجتماعي لم ينشأ بمؤتمر،ولا ينتصر بمؤتمر ولن يقرر مصيره بمؤتمر، بل هو يقرر المؤتمرات ومصير المؤتمرات لأنه عقيدة ونظام ومقبلون على العقيدة والنظام بعد ان وعوا وآمنو وتعاقدوا على أمر يساوي وجودهم .انه تعاقد على فكرة وحركة تساوي مصير المتعاقدين .

كيف وقع بعض القوميين الاجتماعيين في هذا الخطأ الكبير ونسوا او تجاهلوا او فاتهم هذا القول لسعاده :" البحث عن الحقيقة والطريق الصحيح هي أحسن شيء لمواجهة الأخطار المحيطة.نحن القوميين الاجتماعيين قد سلكنا طريق المعرفة واخترنا هذه الطريق على طولها وبطئها، على جميع الطرق الأخرى الاعتباطية المستعجلة التي تريد الخطوة الأولى ولا تدري أي خطوة تعقبها، نحن فضلنا السير في طريق واحدة إلى أهداف صحيحة اهتممنا أن نعرفها قبل أن نسير." ؟

فهل الذين انتفضوا على الحزب المركزي والذين ينتفضون اليوم كانوا يدرون الخطوات التي تعقب خطوة انتفاضتهم او كانوا يدرون في أية طريق يسلكون أو يعرفون الى أين يسيرون وأية نتائج يمكن ان تترتب على تصرفهم الاعتباطي المستعجل ؟

ألم يقرأ الذين انتفضوا نداء سعاده من السجن في 16 تشرين الثاني سنة 1936 الذي قال فيه:"ان خصوم الحركة القومية الاجتماعية لا يعدمون ان يجدوا في كل خطة سياسية فنية من خطط الحركة موضعا للتأويل فمنعا لأي التباس ، نصرّح بان مبادئنا ستظل هي هي ، وبأن كل برنامج سياسي فرعي سيكون مؤسساً على هذه المباديء ومستمداً منها ."؟

ألم يفهم الذين يعترضون ويتظاهرون وينتفضون على الادارة العليا في الحزب ما جاء في رسالة سعادة الثانية من الارجنين التي قال فيها :" لتفعل ادارتكم العليا كل ما تقدر عليه في ميدان السياسة والدبلوماسية فذلك من خصائصها . أما انتم فاياكم من صرف عقولكم وقلوبكم الى السياسة والدبلوماسية واحذروا من اختلاط السياسة والدبلوماسية وأغراضهما بعقيدتكم وايمانكم وعناصر حيويتكم الاساسية لئلا تكون العاقبة وخيمة "؟

ألم يكن من الأنفع لهم ان يتمعنوا ويستوعبوا حقيقة هذا القول للمعلم سعاده : " ان تغيير عقلية شعب هو عملية طويلة ، وفي المنظمات يجب ان تكون المعالجة منظمة . فمتى رأت الادارة العليا وجوب هدم حاجز ،وجب على كل عضو من أعضاء المنظمة القيام بنصيبه من عملية الهدم ليتم ذلك سريعاً ويكون كاملاً لا قيام له بعده. ومتى رأت الادارة العليا انه يجب بناء جدار او حاجز وجب على كل عضو ان يقوم بنصيبه من عمل البناء . أما أن يقوم فرد واحد بالتخطيط وبالهدم والتعمير والآخرون يساعدونه بالآراء والانتقادات والنصائح والتمنيات ، بينما المعاكسون يهاجمون ذلك الفرد ويرمونه بالافتراءات ويطعنون فيه عند مئات من الناس يصغون لأولئك المعاكسين، فالاعتراض صادر عن عقلية يجب أن تتغير لتصبح أصلح للقيام بنصيبها من النهضة "

أمراض الأمة السورية

لقد أسس سعاده حزباً سورياً قومياً اجتماعياً للأمة السورية كلها . لكل فرد من أبنائها أنثى كانت أم ذكراً . ولكل جيل من أجيالها . ولم يعزل ماضيها عن حاضرها ،ولا حاضرها عن مستقبلها . ولم يتنكر لأي حدث من أحداثها مفرحاً كان أو محزناً، ولم يتجاهل انتصارا من انتصاراتها او انكساراً من انكساراتها. ليضيف انتصارات جديدة الى انتصاراتها القديمة . وليتجنب الانكسارات التي يمكن ان تحدث مستقبلاً . لقد أراد سعاده تطبيب الأمة من أمراضها المزمنة القاتلة فأنشأ حزباً - مدرسة يشمل الميدانين : الميدان العقلي الفكري النظري والميدان التدريبي الاختباري الاشفائي العملي لتخليص جسم المجتمع ونفسيته من الأمراض البنيانية والنفسية ، ورأى ان أخطر هذه الأمراض والبلايا التي حلّت بأمتنا كما قال هي : " ان أعظم بلية حلّت بالأمة السورية نتيجة لعصور التقهقر والانحطاط بعامل فقد السيادة القومية هي بلية الأمراض النفسية ، والانحطاط المناقبي ، وقيام المصالح الخصوصية والغايات الفردية مقام مصلحة الأمة ، والغايات الفردية "

الحزب هو مدرسة تطبيب الأمة

ولذلك كانت الأولوية عند مؤسس حزب المدرسة السورية القومية الاجتماعية هي ترسيخ مبدأ الأخوة العمومية أي مبدأ الاخاء القومي الاجتماعي العام بدلاً عن مبدأ الأعمام والأخوال، وأولاد الأعمام وألأخوال وبناتهم، أو أولاد فئويات الاتنيات والملل والطوائف وعصبيات قرابة الدم . نعم لقد كانت اولوية سعاده انتصار مبدأ الاخاء القومي الاجتماعي العام الذي جوهره وحدة روحية مُحبّة رحيمة مناقبية اخلاقية لا يصدر عنها الا كل حق وكل خير وكل جمال وكل ما يمكن ان يكون حسنا يرفع النفوس الى فوق حيث يكون السموّ والتسامي ، لأن من لا ينتمي الى الأرض ولا يؤمن بها ولا يستند اليها أعجز من ان يصل الى السماء او تقبله السماء . وكما لا تكون الآرض من غير سماء فمن المحال ان تكون السماء من غير أرض . وهذا ما حرّك في سعاده شعوره الانساني البديع نحو بلاده ليقول في مغتربه :"أشعر بحنين دائب الى بلادي ، الى الوادي ، الى غابة الصنوبر ، الى النبع ، وأحس بنغصة الحياة عندما أتذكر تلك الأشياء الثمينة ، وكم أتمنى لو أني أعود الى مسقط رأسي . ليس قليلاً ما يلاقيه فاقد الوطن في ديار الغربة ." لكن سعاده لم ييأس وبقي رغم كل ما كان يعانيه من ألم وهمّ، بل نهض ليقول :" يجب أن أقوم بمطلوب مبدأي مع كل ما يعرض لي من الم الروح، فالحياة قصيرة لا تسمح بضياع الوقت في البكاء من الألم . وان في الألم لحياة لذوي الفهم . هي الفلسفة التي عرفتُ حقيقتها بالاختبار. لذلك أنا أرفض أن أكون أنانياً لا يعرف شيئاً غير طلب اللذة والنواح لفقدها . لا . لا . يجب الا أكون أنانياً . بل يجب أن أفتكر بآلام الملايين من بني أمتي ثم أعود فأذكر نفسي ...يجب أن أنسى جراح نفسي النافذة لكي أساعد على ضمد جراح أمتي البالغة."

مبدأ الاخاء القومي الاجتماعي هو الأولوية

هذا هو مبدأ الاخاء القومي الاجتماعي الذي جاء به أنطون سعاده الى الأمة السورية ليحققه أولاً في مدرسة الحزب السوري القومي الاجتماعي ومن ثم يسعى الى تحقيقه في الأمة كلها فيصبح جميع أبناءها أخوة في القومية الاجتماعية. لقد خرج سعاده من انانيته فاعلة فيه محبة أمته ليصبح أخ الملايين ، فرافق بالرفق أعضاء مدرسة الحزب التي أسسها وناضل بصدق معهم وأعطى كل ما تمكن من عطائه ليتوّج عطاءه البديع بتقديم دمه واستشهاده في سبيل نهضة أمته فيعطي بذلك درساً لرفقائه تلامذة مدرسة الحزب كي يتخرجوا أخوة رفقاء رحماء فيما بينهم فيعطون هم بدورهم درساً للاجيال القادمة في حقيقة الأخوة القومية الاجتماعية حيث لا عمومة ولا أخوال ولا ابناء عمومة وابناء أخوال وافخاذ وقبائل وعشائر وملل وطوائف وفئات بل هيئة اجتماعية واحدة . مجتمع واحد . امة واحدة .

هذا هو معلمنا ورفيقنا وأخونا الذي اقتنعنا به معلماً، وتعاقدنا معه رفيقاً، وعشنا وناضلنا معه أخاً، وآمنا به زعيماً لا عمّاً ولا خالاً، ولاشيخاً ولا أسقفاً ، ولا رئيس عشيرة ولا ساحراً مشعوذاً، ولا قائداً غازياً تقوم سلطته على الاستبداد والقهر، ولا عدوانياً غريباً نستجير به على أبناء أمتنا .

من االمؤسف والمحزن والمؤلم ان ترد في الرسالة الموجهة لي هذه العبارة : " وهل ننسى موقف العم الذي هدد كبار الأمنيين لردعهم عن أحكام الإعدام لكل القوميين دون استثناء. أرجو يا رفيقي أن تبصر المواقف الصادرة عن النفوس الكبيرة المحبة الوفية وتترك الأحقاد والشائعات جانبا ".

ان خبرية ان "العم" ،والمقصود بالعم أحد أعضاء التأسيس جورج عبد المسيح ، الذي هدد كبار الأمنيين لردعهم عن احكام الاعدام بحق القوميين دون استثناء وجعلهم خائفين مذعورين متراجعين ، يمكن ان تنطلي على ضعاف العقول ، أما اصحاب العقول الراجحة التي تتلمذت على فكر سعاده ومواقفه التي كانت كلها وقفات عز فهيهات ان تسحرها اشاعة، وتخدعها مزاعم ،وبقاء رئيس جمهورية لبنان على قيد الحياة بعد توقيعه على حكم اعدام الزعيم بعد تنفيذ حكم الاعدام من دون محاكمة خير دليل على بطلان مثل تلك الادعاءات والدعايات والاشاعات .

ان القوميين الاجتماعيين ليسو قاصرين وليسوا بحاجة الى وصاية عم او خال او الى أبناء عمومة أو ابناء أخوال او الى عصبيات قرابة من أي نوع بل هم بحاجة الى ان يعوا قضية وجودهم وحياتهم ومصيرهم ويفهموا ضرورة وجود حزبهم وأهمية وعيهم لواجباتهم وحقوقهم وصلاحياتهم ومسؤولياتهم في تقوية حزبهم وتنميته وتعزيزه، ويدركون بعقولهم وقلوبهم بانهم اذا لم يكونوا هم عناصر بنائه واستمراره وقوته لن يكون له ضمان لا من الأعمام ولا من الأخوال ولا من عصبيات الملل والطوائف والتجمهرات ولا من وصاية او انتداب ، ولن يكون له دور لا في تحقيق مباديء الحزب ولا في تحقيق غايته ولا في تحقيق نهضة الأمة السورية. فالحزب هو الشخصية الاعتبارية. والرفقاء هم العناصر والامكانيات الانسانية الطبيعية . انه البناء النظامي والتنظيمي البديع وهم دماء الحياة الفاعلة التي تملأ البناء حيوية ونشاطاً ، فاذا انهار البناء فلا جدوى من الدماء الي تجففها حرارة الشمس، وتذروها الرياح، وتمحوها الأيام. فالحزب يقوى بأعضائه الأقوياء ويضعف بالضعفاء . ويكبر بالكبار ويصغر بالصغار. ويمارس البطولة بالأبطال ويتقهقر بالخونة والجبناء . فاذا ضعف الحزب وصغر وتقهقر فلإن اعضاؤه ضعفوا وصغروا وتقهقروا.واذا تأزمت مسيرة الحزب فلإن أعضاوه مأزومون ولا ينفع في القضاء على الأزمات تنظيرات وآراء وأفكار نستوردها او تتسرب الينا من دوائر الأعداء .لقد قال سعاده انه لا يريد لأفكاره ان توضع في كتب على رفوف المكتبات بل يريدها حياة تمارس ولذلك أكّد أننا : " نحن اليوم لا نقدم للناس نظريات في الحياة. نحن اليوم نقدم للناس أمة حية، تتحرك، تتكلم، تتعاطى، تأخذ وتعطي، تحتك بالكون حولها، ومع ذلك لا يصدقون . "

ان القوة الفردية المنعزلة عن النظام او قوة التظاهرات والجماهير الضخمة والمتضخمة والمتورمة مهما كانت كبيرة هي قوة زائلة لا تستمر ولا تنقذ نفسها من الزوال .اما القوة المنظمة فهي القوة الدائمة الباقية مهما كانت صغيرة . أليس في كلام سعاده ما يؤكد هذه الحقيقة في قوله :" أن العبرة ليست في التضخم بل في سلامة البناء وتوفر ما يضمنه... إن القوة النظامية مهما كانت صغيرة، أفعل بكثير من الجماهير التي لا تجمعها إرادة واحدة في الحياة، ونفسية واحدة، وبناء مناقبي واحد. "فسلامة البناء من سلامة عناصره وسلامة تماسكها وسلامة نظامها وسلامة وحدة الروحية النظامية . وقيمة العناصر السليمة هي في تماسكها وتفاعلها في البناء السليم .

الحزب السوري القومي الاجتماعي هو الوسيلة التي ارادها الزعيم لاستعادة الوعي السوري القومي الاجتماعي واحتضانه لاستعادة السيادة القومية التي سلبت من الأمة بعوامل الغزوات والاجتياحات والفتوحات التي تعرضت لها الأمة، وبعوامل التخاذل والاستكانة والجبن والتنظير والاستسلام لروايات الرواة وحكايات الحكواتيين وتنظيرات السفسطائببن . أما الذين يطلبون من شخصية الحزب الاعتبارية الذي هو وسيلة النهوض المعجزات ولا يقومون بواجب احترام وحدة قواعد النهوض التي هي الحرية والنظام والوقوة والواجب المتماسكة فيما بينها ويقولون نتمسك ببعض القواعد ونترك بعضأ ولا نريد بعضاً ولسنا بحاجة لبعض ولا جدوى من بعض، اولئك هم المقصرون الهروبيون فعلأ وما كان للهروبيين ان يحققوا نصراً أكيدا ، وأقصى ما يستطيعون أنهم يتساقطون على جوانب طريق الحياة .

فالحرية التي يعطونها لأنفسهم ليست سوى حرية فوضى وعقيدة الحزب لا تقول بحرية فوضى ولا بمبدأ حرية الفرد او الحرية الفردية او الحريات الفئوية بل تقول بمبدأ الحقوق الفردية وحق ابداء الفرد رأيه في اية قضية بدون تحريم وبدون منع .

ان بين الحرية الفردية والحق الفردي فاصل كبير كبير لا يجهله الا الذين لم يقرؤا سعاده بجدية واهتمام .

حزب سعاده لا يقول بحريات فردية وفئوية

قال سعاده : " ان لم تكونوا أحراراً من أمة حرة فحريات الأمم عار عليكم " . الحرية تكون للمجتمع . للأمة . فاذا كانت الأمة حرة فكل أفرادها أحرار. واذا كانت الأمة مستعبدة فكل أفرادها عبيد . والفرد الذي يريد ان يكون حراً بمعزل عن أمته ليس حراً مهما جدول وقدّم من الذرائع والحجج والتبريرات والادعاءات بل ان كل التبربرات ليست الا حجة على كونه مستعبداً. نعم ان للفرد حقوق وهي حقوق مقدّسة ولا ينكرها الا غشيم . ولكل فرد من أفراد الأمة أو كل عضو من أعضاء الحزب حقوقه التي تتفق او تختلف عن حقوق الفرد او العضو الآخر. فما اتفق من الحقوق فهي متساوية . وما اختلف منها فلكل فرد أو عضو حقه الخاص . وهذه الحقوق نشأت اما بحالة معدوديته في المجتمع واما بحالة انتمائه الى منظمة أو حزب ولا يمكن ان يحرمه منها احد . واذا صح في حالة المجتمع الاتني او القبلي أوالطائفي وجود حريات فردية فئوية اتنية او قبلية او طائفية ، فان مجتمع الجماعة الواعية المنظمة كالحزب السوري القومي الاجتماعي ليس فيه حريات فردية او فئوية بل حقوق فردية . والمجتمع الذي يقبل ان تكون فيه حريات فردية أو حريات فئوية هو مجتمع يحمل بذور تفككه وانهياره في داخله. ولذلك نفهم ان ليس في الحزب الذي اسسه سعاده موالاة ومعارضة بل حقوق وواجبات وصلاحيات , وليس فيه أيضاً حرية فردية او فئوية بل فيه حرية الأمة. الجماعة الواعية المنظمة و فيه الحقوق الفردية المرتبطة بالواجبات الفردية وهذا ما جعله عصيّاً على الأعداء في داخل مجتمعنا ومن خارجه رغم كل ما مرّ عليه من آلام وعذابات وجراح واضطهادات وتصفيات وملاحقات وسجون وتشريد وتهجير واغتيالات حتى ظهرت بدعة الانتفاضات والمعارضات ففتحت عليه جبهة جديدة الى جانب جبهة العهد العتيق وعاداته وتقاليده البغيضة، وجبهة يهود الخارج، وجبهة يهود الداخل فكانت الجبهة المستحدثة جبهة الفئويين في الحزب الذين يعتبرون أنفسهم انبياءالاصلاح وملائكة الفهم والآلهة القديرة على احياء كل رميم.

نعم لقد مارست رفيقاتنا الاستشهاديات ورفقاؤنا الاستشهاديون بطولة الوعيّ والحرية والالتزام بقواعد وقيم النهضة ما لا يستطيع ان يحلم به المنظرون ورافعو الشعارات في تظاهر المعارضين والمعترضين والروّجين للحريات الفردية والفئوية .

ان الأحرار هم ابناء المجتمع الحر ، وهم أيضاّ الصادقون الذين يقومون بواجباتهم ويضطلعون بمسؤولياتهم في سبيل تحرير مجتمعهم ماديا وروحياً حيت يتعرض الى غزو وعدوان، ويقدّمون كل ما فيهم ليحقق استقلاله ويمارس حريته فيكونون بعطائهم وبتضحيتهم احراراً ويعبّرون بذلك عن ارادة الحرية في امتهم.والأحرار يكونون أيضاً أحرارا في تقوية حزبهم وتنميته وتنشيطه واعطاء الوجه الناصع لحركة النهضة القومية الاجتماعية فيعبّرون عن روحية الانسان السوري الجديد كما عبّر رفيقنا البطل الشهيد خالد علوان في استهزائه واستخفافه بأكبر جيش يهودي صهيواميركي معتدي في المنطقة مدعوم بكل قوى الشر والظلم في العالم وقتل عسكرييه في وسط بيروت وأمام الملأ. وكما عبرّ عن ذلك أميننا الحبيب حبيب الشرتوني ورفيقاتنا الاستشهاديات الغاليات سناء محيدلي وابتسام حرب ونورما ابي حسان ومريم خير الدين وزهر ابو عساف وفدوى غانم وغيرهن من الرفقاء والرفيقات ،وكما يعبّر اليوم نسور زوبعتنا وسائر المقاومين المجاهدين في لبنان وفلسطين والشام والعراق .

في ختام مقالي هذا لا اجد أفضل من التذكير ببعض العبارات لسعاده علها توقظ نفوس الكثيرين ليعودوا الى مدرسة النهضة السورية القومية الاجتماعية المركزية رافعي الرؤوس ليس لأن رفقاءهم نسوا أخطاءهم بل لأنهم هم كانوا كباراً واعترفوا بأخطائهم وصححوها فاستمروا كباراً استحقوا كل الحب وكل الاحترام وكل التقديروكانوا مثالاً في الوعي والايمان بالعقيدة واحترام النظام السوريين القوميين الاجتماعيين :


"إن التضحية بالرغبات الشخصية هي الطريق لضمان وحدة اتجاه النهضة القومية وانتصارها. وأنه أيسر أن تزول الأرض وتعود فتوجد من أن تنهض أمة على الرغبات الخصوصية".

أن أساس كل قوة مجموعية هو وحدة الروحية ووحدة الصفوف ، وبدون حصول هذه الوحدة تعظم الخشية من الفشل.ومداواة الفساد بستره عن العيون ، بدلا من استئصاله وتطهير الأوساط منه طب قديم قد أهمله الانسان لعدم فائدته."

بهذا الوعيّ ،وباصحاب النفوس العظيمة تنتصر القضايا العظيمة ويُكتبُ التاريخ بمشاعل من نور

الرفيق يوسف المسمار


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024