إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أكراد سورية جزء أساسي في تكوينها ولن يدخلوا لعبة الأمم لأنهم السيف والترس في حماية الأمة والوطن

اياد موصللي - البناء

نسخة للطباعة 2017-11-04

إقرأ ايضاً


في الوحدة القومية تضمحلّ العصبيات المتنافرة وتنشأ الوحدة القومية التي تتكفل بإنهاض الأمة. في تاريخنا تنوّعت العصبيات وتعدّدت القوميات وتشوّه تاريخنا الى أن جاءت النهضة القومية الاجتماعية وحدّدت هويّتنا وأسس وحدتنا، وأصبحت لنا قضية قومية قائمة بذاتها مستقلة عن أية قضية أخرى، وهي قضية الأمة كلها والوطن كله.. انّ وحدتنا هي الوحدة المتولدة من تاريخ طويل يرجع الى ما قبل الزمن التاريخي الجلي وحدود وطننا هي…

الوطن السوري هو البيئة الطبيعية التي نشأت فيها الأمة السورية وهي ذات حدود جغرافية تميّزها عن سواها تمتدّ من جبال طوروس في الشمال الغربي وجبال البختياري في الشمال الشرقي إلى السويس والبحر الأحمر في الجنوب شاملة شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة، ومن البحر السوري في الغرب شاملة شبه جزيرة قبرص إلى قوس الصحراء العربية وخليج العجم في الشر،ق ويعبّر عنها بلفظ عام الهلال السوري الخصيب ونجمته جزيرة قبرص. الأمة السورية مجتمع واح، ومصلحتها فوق كلّ مصلحة.

وحدّد سعاده في مبادئ النهضة الغاية والخطة، فقال إنّ غاية الحزب السوري القومي الاجتماعي بعث نهضة سورية قومية اجتماعية تكفل تحقيق مبادئه ويعيد إلى الأمة السورية حيويتها وقوّتها وتنظيم حركة تؤدّي إلى استقلال الأمة السورية استقلالاً تاماً وتثبيت سيادتها وإقامة نظام جديد يؤمّن مصالحها ويرفع مستوى حياتها والسعي لإنشاء جبهة عربية.

وضوح الرؤية والمسار يبدّد كلّ هوى ورغبة وهوس لدى اية مجموعة تقيم في هذا الوطن وتدفعها المصالح والغايات الى البحث عن ذاتها بهوية غير هويتنا ولغايات بعيدة عن حقيقتنا ومصالحنا.

من هذا المفهوم ننظر الى التحركات والدعوات التي تطلق بين حين وآخر بعنوان كردي لا يمتّ لمصالح أمتنا ووحدتها بأيّ ارتباط.. فالممارسات الخاطئة لا يمكن ان تبني وطناً ولا ان تكوّن مجتمعاً قوياً متماسكاً…

الدعوى التي أطلقتها مجموعات كردية معينة والتي لم نسمع بها إلا في فترات وجود الاستعمار ونشوء الحركة الصهيونية واستيلائها على فلسطين وتركيا واستيلائها على الاسكندرون وامتداده على أقضية الموصل…

جميع منابع الأفكار الكردية تولدت في أحضان وأفكار اجنبية وفي ظروف الحاجة للزنود الكردية من أجل الانتصار في الحروب..

فالأكراد على مرّ التاريخ وابان السيطرة الأجنبية والحكم التركي الذي استمرّ أكثر من 400 سنة في بلادنا لم يصدر عن الأكراد ايّ تحرك عنصري كما صدر عن بعض الذين قمعوا… وكان الأكراد عنصراً متفاعلاً مع المجتمع السيادي ولم تتملّكهم عقد النقص في الأصل وفي الانتماء، فهم كانوا في بلادنا أصلاء فيما جاء الأتراك مماليك وخدم وانخرطوا في الجيوش القائمة في الحكم الإسلامي.. الأموي والعباسي والمملوكي.. وبسبب مركزهم هذا وصلوا الى أعلى المراتب مما أفسح المجال لأن يبرز صلاح الدين الأيوبي ويؤسّس دولة امتدّت من الشام الى مصر والعراق. لم يعلنها دولة كردية وهو كردي من وجوه أكراد تكريت في العراق، بل اسماها الدولة الأيوبية، ولم يجعل حدودها في مناطق كردستان.. كما جعل الأتراك مقرّهم في الأناضول وما تعداها ممتلكات وأسلاب حكموها مستعمرين..

حكم صلاح الدين الأيوبي سورية الطبيعية كأحد أبنائها وحارب الصليبيين الذين احتلوها وانتصر عليهم في حطين بفلسطين. تمكن صلاح الدين الأيوبي من السيطرة على أعظم دولة عربية ولكنه وهو كردي لم يتزعّم حركة كردية ضيقة الحدود وإنما رفع شعار الإسلام في معاركه ومفاوضاته مع خصومه الأوروبيين. في ذلك الزمن الذي كثرت فيه الانتماءات العرقية والمذهبية… في مصر ودمشق وبغداد أصالة الانتماء الكردي راسخة في تاريخهم الناصع ولن يعكره طموح فردي مؤقت ودخيل.

للبرزاني او للمجموعات الكردية التي جاءت من تركيا بعد الاحتلال التركي للأراضي السورية في الشام والعراق وضمّها بمؤازرة من فرنسا وبريطانيا للبلاد التركية ابان حكم مصطفى كمال.

في مثل هذه الأيام احتاجت بريطانيا لليهود في حربها ضدّ تركيا والدولة العثمانية فقدّموا لها فيلق بغال اسرائيل المؤلف من 30 ألف جندي ليحاربوا مع الجيش البريطاني فنالوا مكافأة هي عبارة عن وعد من آرثر بلفور وزير خارجية المملكة المتحدة بتوطين اليهودي فلسطين وإقامة دولة لهم فيها.. كما حصل بعد ذلك بمنح فرنسا سنجق الاسكندرون وملحقاته الى كمال اتاتورك رئيس جمهورية تركيا ثمناً لوقوفه مع بريطانيا وحلفائها ضدّ الألمان..

بلادنا قسّمت ووزعت هبات وهدايا ثمناً للولاءات والخدمات..

ولما احتاج الروس الى قوة مؤازرة في حروبهم استعانوا بالأكراد ووعدوهم بإقامة دولة مستقلة لهم وساعدوهم في ذلك فنشأت جمهورية مهاباد.. التي لم تدم سوى فترة زمنية وجيزة..

تاريخ الأكراد جزء من تاريخ بلادنا، والأكراد جزء أساسي من التكوين القومي.. وفكرة الدولة الكردية ولدت من الغايات والأهداف الأجنبية خاصة في تركيا والمناطق المحيطة بها.

في الشام حيث كان صلاح الدين وورثته في ما بعد لم تقم اية حركة ذات نزعة انفصالية بين الأكراد الذين كانوا عنصراً فعّالاً ثابتاً راسخاً مكين في التكوين القومي والوحدة الوطنية لعبوا الأدوار العامة في السياسة والحرب من أجل الشام وسيادتها.

ففي فلسطين برز الضابط في الجيش الشامي إحسان كم الماز بطلاً من أبطال الإنقاذ، واستشهد في معركة بحيرة الحولة في سمخ… وبرز قادة في الجيش ورؤساء أركان وحكومة ووزراء ونواب وسياسيّين والعائلات الكردية هي من أبرز عائلات الشام في دمشق وإدلب واقضيتها وحلب والجزيرة وقرى درباسية عامودا رأس العين المالكية القامشلي..

ومن العائلات الكردية البارزة.. حاجو آغا بكداش الايوبي كفتارو وكان منهم المفتي محمد كفتارو العظمة… ومنهم البطل يوسف العظمة الذي يتصدّر تمثاله الساحة الرئيسة في دمشق وبطل معركة ميسلون والغطمة، والشاعر نذير العظمة المسؤول في الحزب السوري القومي، والبرازي، ومنهم رئيسا وزارة محسن نظام الدين وحسني وبوظو وشمندين آغا وباسم شمدين، انشئ حي كامل في دمشق يُعرف بحي الأكراد كرد علي ومنهم رئيس المجمع اللغوي العربي.. وأديب الشيشكلي ومنهم بطل الثورة السورية ابراهيم هنانو. وتولى الأكراد أهمّ المناصب من الأعلى الى الأدنى.. رؤساء جمهورية ورؤساء وزارة ووزراء وقادة جيش وأئمة ورجال دين.. هم في الفكر والزند والوجدان..

ما نراه مؤخراً هو جزء مكرّر لما جرى من وعود للأكراد في معاهدة سيفر 1920.. ولوزان 1923 ومراحل متعدّدة من استغلالهم من أجل تفتيت سورية، وهم جزء أساسي وصلب من التكوين القومي.. فبعد فشل الحركة التكفيرية التي حركتها أميركا و«إسرائيل» وتركيا بفعل صمود وثبات وشجاعة السوريين في الشام والعراق. تجددت اللعبة مع الأكراد لتحويل البوصلة من محاربين لأجل بلادهم الى محاربين ضد بلادهم تحت خدعة إقامة دولة أو كيان كردي مصطنع نغمة ومعزوفة جديدة على أوتار انفصالية جديدة.

هذه الأوتار لن تستطيع عزف هذا النغم لأنّ الأكراد في سورية متجذرون ثابتون أصيلون وهم ليسوا دخلاء كالأكراد الأتراك الذين جاؤوا إلى الشام بعد استيلاء الأتراك على مناطقهم..

محاربو «سورية الديمقراطية» الذين نزلوا الى الميدان لمحاربة الإرهاب الذي تحتضنه تركيا حوّلوا مؤخراً البوصلة تحت الإغراء الأميركي والإسرائيلي، لكن الأكراد السوريين أبناء البلاد وأحفاد صلاح الدين وابراهيم هنانو ويوسف العظمة وشهداء الحزب السوري القومي الاجتماعي والعنصر البارز فيه ليسوا في هذا الخط.

ثم انّ تجمعات المقاتلين من «قوات سورية الدمقراطية» سيجدون أمامهم وفي محيطهم أبناء البلاد عرب شركس آشوريون تركمان شيشان. كلهم يرفضون هذا المشروع وسيجدون انّ اميركا لن تبيع تركيا من أجلهم وستتخلى عنهم..

أكراد مجموعة «سورية الدمقراطية» مدعوّون لليقظة والإيمان ببلد احتضنهم وشعب امتزج معهم والابتعاد عن الدسائس والمؤامرات الإسرائيلية والأميركية التي ستتركهم لقمة سائغة للأتراك، ولن يجدوا عندئذ من يحميهم ويؤويهم سوى أبناء وطنهم وشعبهم في وحدتهم معه.. سيشعرون انّ الممارسات الخاطئة خاصة التي تصدر عن أكراد العراق لا يمكن ان تبني وطناً ولا تكوّن مجتمعاً قوياً متماسكاً، انّ ما يطالب به أكراد تركيا وإيران لا تصحّ ممارسته في العراق والشام.

عندما جاء الفرنجة المعروفون باسم الصليبيين وعندما جاء الأتراك وحكموا البلاد مئات السنين وطردوا منها لم يطالبوا بحقوق لهم فيها.. في القنيطرة بالشام وفي راس العين وسواها بمحافظة الجزيرة شركس وشيشان.. كما يوجد أرمن وتركمان.. فهل يطالب كلّ هؤلاء بكيانات مستقلة؟! فأين الوطن اذاً…؟

لم نسمع بهذه المعزوفة التقسيمية والكردية منها على وجه الخصوص إلا بعد ظهور المشروع الصهيوني لإنشاء دولة والاستيطان بفلسطين.. لذلك تسهيلاً لتحقيق هذا المشروع يتوجّب خنق فكرة الوحدة القومية ومحاولة تفتيت هذه الوحدة والتجانس في مجتمعنا.

انّ التحركات المريبة التي بدأت تظهر مؤخراً من قبل عناصر «سورية الدمقراطية» بإيعاز من أميركا، لن تستطيع ان توجد تفكيراً ونهجاً وأسلوباً في الحياة القومية والوطنية في الشام.

ابان الاستعمار الافرنسي حاولت فرنسا ما تحاوله السعودية وأميركا و«إسرائيل» اليوم عن طريق الزجّ بالعشائر في دير الزور والحسكة ليدخلوا اللعبة مع وضدّ وفشلت سابقاً وستفشل حالياً.

حاولت فرنسا تقسيم العشائر بتبني بعضاً منها ضدّ البعض الآخر كعنزة والموالي والولار والعكيدات وشمر الزور والجبور.

وتماسكت هذه العشائر ووقفت في وجه كلّ المحاولات وتصدّت لقوى الاستعمار وشاركت في حرب فلسطين.

نقول لأكراد «الديمقراطية» انتبهوا فالثمن سيكون باهظاً لمن يريد ان يتلاعب بالوحدة الوطنية. عوا مهمتكم بكامل خطورتها وتأكدوا انّ سلامتكم بوحدتكم مع شعبكم على أرض وطنكم الواحدة وتذكروا المثل القائل: اذا كنت لم تمت بعد انظر إلى من مات قبلك.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024