إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

العروبة أفلست وسورية انتصرت...

اياد موصللي - البناء

نسخة للطباعة 2018-04-19

إقرأ ايضاً


نستعيد اليوم ذكرى تاريخية لوقفة عزّ وقفتها سورية في الشام وأنهت بها مرحلة استعمارية واحتلالاً أجنبياً.. وحققت بعضاً مما قاله سعاده: «لقد شاهد أجدادنا الفاتحين الأوّلين وأما نحن فسنضع حداً للفتوحات…».

هذه المرحلة تجعلنا نشاهد إفلاس العروبة في كلّ طروحاتها ومواقفها وتصرفاتها.. مقارنة بما حقّقته سورية من مواقف بطولية وانتصارات فكرية وميدانية، مثبتة أننا أمة أبت أن يكون قبر التاريخ مكاناً لها في الحياة..

فما حدث في مؤتمر الغمّة العربية هو أحد عناوين هذا الإفلاس، يُضاف إلى رصيد الخنوع والخضوع وقاموس الانحطاط الفكري والسياسي.

ففي هذه القمّة الغمّة التي اجتمع فيها العربان لتدارس الدعم للمسألة الفلسطينية.. وكان مقرّ اجتماعهم في المملكة العربية السعودية التي دشنّت الانفتاح والانبطاح أمام «إسرائيل» بكلّ وضوح..

ولنرَ ماذا صدر عن هذه القمّة الغمّة ..

عقدت القمّة في فترة حدوث العدوان الثلاثي على الشام وقيام دول العدوان بقصف مواقع سورية بالصواريخ.. وقبلها حدث عدوان «إسرائيلي» على مطار عسكري في حمص.. عقدت هذه القمّة وأكثرت من ترداد ما سبق أن تردّد في اجتماعات الجامعة ولم تشُر لا من قريب ولا من بعيد الى العدوان الإسرائيلي والأميركي والفرنسي والبريطاني..

استنكرت القمّة التوغل التركي في العراق، وطالبت تركيا بسحب قواتها من دون قيد أو شرط، باعتباره عدواناً على السيادة العراقية وتهديداً للأمن القومي العربي يا سلام!! أما الوجود التركي في أراضي سورية كاحتلال عسكري مسلّح، فلم يجد العرب في مجلسهم حاجة لاعتبار الأعمال العسكرية التركية خطراً يهدّد الأمن القومي العربي!!

ما تقوم به تركيا من انتشار في العراق واحتلال أراضٍ في الشام هو عدوان يهدّد أمن سورية وسلامتها بدون أيّ مبرّر.. ولكن القادة المجتمعين في السعودية أصدروا بياناً ينسجم مع المكان الذي يجتمعون فيه والذي هو مهد ما يحصل من عدوان وإرهاب في سورية والعدوان. هذا باركته السعودية وقطر والإمارات وشاركت فيه، لذلك لم تصدر عن هذا الاجتماع أيّ إدانة للعدوان..

لم يجدوا في كلّ هذه الاعتداءات ما يحتاج لاستنكار، ولكنهم وجدوا انّ اليمن الذي يُقصف يومياً بالطائرات وتدمّر مدنه ويقتل أبناؤه يستعمل في الدفاع عن نفسه صواريخ بالستية إيرانية الصنع..

لم يستنكروا الأسلحة والصواريخ الإسرائيلية الصنع التي يستعملها الإرهابيون في الشام والعراق، أما دفاع اليمن عن نفسه بصواريخ إيرانية الصنع فاعتبروه تهديداً للأمن القومي العربي وعدواناً صارخاً ضدّ المملكة السعودية.. وأكد المجتمعون حق المملكة بالدفاع عن نفسها وفق قرارات الشرعية الدولية. هذه الشرعية التي لا تنطبق في أيّ مكان آخر..

وصدق المثل الذي قال: «ضربني وبكى وسبقني واشتكى…».

أفلست العروبة أمس.. واليوم.. وغداً يستمرّ هذا الإفلاس..

عروبة ترفع راياتها وتحمل اسمها جامعة تصدر قرارات هزيلة بهذا الشكل وتتغاضى عن كلّ تآمر وتهاون يصدر من بعض دولها ولا تشير إليه لا من قريب ولا من بعيد، كما حصل مع ولي العهد السعودي الذي نطق بصراحة ووقاحة بكلّ ما يعارض ويمسّ ويسيء إلى حقوقنا القومية وسيادتنا في أرضنا ووطننا..

مجرد عقد هذا الاجتماع، وبالشكل الذي عُقد فيه هو إفلاس متكرر لمواقف عربية راسخة في حقل هذا الإفلاس..

نظرة عابرة لما عبّر عنه وليّ العهد السعودي الذي كان حاضراً في هذا الاجتماع تكشف هذا الإفلاس العربي..

قال بن سلمان: «الإسرائيليون لديهم حق العيش بسلام على أرضهم ولا مشكلة لنا مع اليهود ولدينا مصالح مع إسرائيل.. ولا يمكننا المخاطرة بالأمن القومي السعودي في منطقة فيها داعش والقاعدة وحزب الله وحماس وإيران..

وخامنئي أخطر من هتلر..»! فالأمن القومي السعودي هو غير الأمن القومي العربي.. الذي يُعتدى عليه في سورية حيث العدوان تغذّيه السعودية في الشام والعراق.. اعتبر حزب الله وإيران وحماس خطراً أما «إسرائيل» فلا…!

وها هي تبرّره في فلسطين.. هذا الموقف ليس الذي أساء إلينا فنحن نعرف الموقف العربي منذ عشرات السنين، وكذلك الموقف السعودي.. ففلسطين أضاعها الأعراب، كما يحاولون اليوم إضاعة سورية في العراق والشام ولبنان.

فإذا عدنا للتاريخ نجد أنّ الأعراب منذ البداية لم يؤمنوا بهذه القضية بدءاً من السعودية وانتهاء بقطر وما حملته القاطرة من فتات المشيخات والإمارات.

فقبل ولي العهد السعودي، كان الأمير فيصل الذي اجتمع في 14 تموز 1918 مع الصهيوني وايزمن في العقبة ووافق على ما طرحه وايزمن من برناج إسكان اليهود في فلسطين.. لا توطينهم وكذلك فعل والده الشريف حسين الذي استجاب لفكرة إقامة اليهود في فلسطين ووجده لا يتعارض مع استقلال العرب…».

وعندما حصل العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 كانت المواقف السعودية واضحة مكشوفة وهي ضدّ حزب الله ومؤيدة لـ«إسرائيل»..

ففي بداية الحرب وبعد يومين من اندلاعها وتحديداً في 14 تموز صدر بيان لمسؤول سعودي ينتقد «المغامرة غير المسؤولة» ويحمّل حزب الله المسؤولية الكاملة بالتسبّب بهذه الحرب. ولم يحمل هذا البيان أيّ انتقاد لـ«إسرائيل» وحرصت الخارجية السعودية على إيصاله للسفير الأميركي في الرياض جيمس اوبرويتر.. وجاء في البيان كما نشرته السفارة الأميركية تحت رقم 06 Riyadh-5601 تاريخ 14 تموز 2006، وتضمّن هذا البيان هجوماً عنيفاً على حزب الله، معتبراً «أنّ الوقت قد حان لتتحمّل هذه العناصر المسؤولية الكاملة عن أفعالها غير المسؤولة.. وهي وحدها مسؤولة عن إنهاء هذه الأزمة التي خلقتها!».

وعلّقت السفارة الأميركية على هذا البيان، بأنه «تحذير واضح الى حزب الله وحماس وداعميهم الإيرانيين».

وفي كتاب وجّهه الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية إلى السفير جيمس اوبرويتر في 30 تموز، ورد ما يلي:

«أنتم تحوّلون حزب الله الى أبطال، حزب الله يقول للبنانيين أن يصمدوا أسبوعين إضافيين وسيحقق لهم النصر الكامل…».

هذا هو الإفلاس بعينه وتفاصيله نستعيد ذكراه ومراحله ونحن نتذكر مواقف العزّ والبطولة لأمتنا ودحرها للعدوان وطردها للمحتلّ… نتذكّر الإفلاس العربي ونحن نتذكر في 17 نيسان موقف العزّ والأبطال الذين صنعوه على مراحل التاريخ من يوسف العظمة وإبراهيم هنانو وسلطان الأطرش وحسن الخراط ومحمد الأشمر وسعيد فخر الدين وسعيد العاص وحسين البنا وحسين عبد الساتر ومحمد زغيب وصلاح الدين الأيوبي.

أفلس الأعراب وانتصر السوريون في كافة أقطارهم وتحرّروا في الروح والأرض..

ولن يعبأوا بجماعات وتجمّعات فاشلة.. خسئوا وأفلسوا وانتصرت سورية وحققت السلام بجهدها وتضحيات شعبها وبطولة جيشها وشجاعة قيادتها…

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024