إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

«إسرائيل» تتمدّد براً وبحراً وأموال العرب تجعل أيامها أعياداً

اياد موصللي - البناء

نسخة للطباعة 2018-02-26

إقرأ ايضاً


هنالك مثل عامي يقول: الناس بالناس والقطة بالنفاس .

اليهود يوقدون النار لطبخ فلسطين عليها ويحضرون الوليمة لإكمال التهامها.. وتحضر القوانين لتحديد «القومية اليهودية».. وقادتنا يتنافرون ولا يتواصلون.. ومصر تعقد صفقة مع «إسرائيل» بخمسة عشر مليار دولار لشراء الغاز.. ويعلن نتنياهو عن فرحه وسعادته لأنّ «إسرائيل» ربحت مبلغاْ كبيراً سوف تنفقه على التعليم والمؤسسات الاسرائيلية!!

ذكرني هذا الأمر بموقف رئيس وزراء مصر النقراشي باشا في اجتماع اللجنة السياسية للجامعة العربية الذي انعقد في مدينة عاليه بلبنان في تشرين الأول 1947 حيث قال: «اني اريد أن يكون معلوماً من الجميع انّ مصر إذا كانت توافق على الاشتراك في هذه المظاهرة العسكرية!! مظاهرة هل قرأتم مظاهرة ما شاء الله فإنها غير مستعدة قط للمضيّ أكثر من ذلك!؟

ان مصر توافق على الحشد العسكري على الحدود ولكنها لن نشارك بالحرب فعلياً.. دخلت مصر الحرب رفعاً للعتب لا تعبيراً عن موقف غضب ووقعت الهدنة منفردة مع اليهود في شباط 1949.. ولا ننسى موقف انور السادات وزيارته لاسرائيل وتوقيعه الاتفاقيات معها..

في شباط 2018 وقعت صفقة قيمتها 15 مليار دولار.. واذا استثنينا فترة عبد الناصر فجميع المواقف المصرية ممالئة لـ«إسرائيل».

فنزويلا قطعت علاقاتها بالدولة اليهودية تعبيراً عن موقف تضامني مؤيد.. واليوم في أدق المراحل وأحرجها توقع مصر اتفاقية نفطية بخمسة عشرة مليار دولار وحكومتها الحالية كان أحد مآخذها على من سبقها هو اتفاقية الغاز مع «إسرائيل» وقامت بالغائها..

المخزي في هذا الموقف هو أنه أتى بعد قرار ترامب إعطاء القدس عاصمة لـ«إسرائيل» وتزويدها بكلّ الاحتياجات العسكرية والمالية، ويأتي في وقت تسعى «إسرائيل» للتمدّد في حدود لبنان الجنوبية والبحرية والتعدي على حقوق لبنان النفطية في البحر، ولم نسمع عن موقف من الشقيقة الكبرى سوى هذه الاتفاقية.. «إسرائيل» تحاول سرقة مياهنا وبترولنا وتبني جداراً على حدودنا وتنال مكافأة على فعلها!! ما شاء الله. وهذه الصفقة جاءت بعد إعلان مصري بتحقيق الاكتفاء الذاتي في الغاز الطبيعي.. وكانت هذه الصفقة بالنسبة لـ«إسرائيل» كما قال نتنياهو يوم عيد وهذا الذي حصل هو الأخطر بعد اتفاقية كامب ديفيد..

تعود حالة الودّ بين مصر و«إسرائيل» فيما يتصاعد التوتر بين «إسرائيل» ولبنان على الحدود البرية والبحرية واعتبرته «إسرائيل» معزّزاً لمكانتها في المنطقة حيث عبّر وزير الطاقة الاسرائيلي بوفال شتايننس انّ هذه الصفقة تجعل من «إسرائيل» لاعباً مركزياً في مرافق الطاقة الإقليمية وأنها أكثر الصفقات التصديرية أهمية مع مصر منذ عام 1979..

قبل مصر كان الأردن قد وقع مع «إسرائيل» في شهر أيلول من العام 2016 اتفاقاً لشراء 300 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً ولمدة 15 عاماً.. وقيمة هذه الصفقة عشرة مليارات دولار.. ونذكر قول جبران: «يا أمة ضحكت من جهلها الأمم».

تتمّ هذه الخطوات وأميركا متحمّسة بشكل جنوني لتحقيق أطماع «إسرائيل» وأحلامها مهما كان الثمن والثمن باهظ كما ظهر حتى الآن وهذا الهدف الذي تعمل «إسرائيل» واليهودية العالمية لتحقيقه هو السيطرة السياسية والاقتصادية على العالم العربي وما يجري الآن جزء تعمل أميركا على تحقيقه والذي تمّ بفضل الخطوات السعودية والمصرية والأردنية والتي قال نتنياهو انّ علاقات تنمو مع دول عربية وهي مفاجئة له.. فالسعودية ترى في نتنياهو و«إسرائيل» حليفاً أساسياً ضدّ إيران..

ومحاولة «إسرائيل» ضبط الحدود مع لبنان كما تحلم هي هو جزء من هذا المخطط الذي سبق لكونداليسا رايس ان بشرت به تحت عنوان «الشرق الاوسط الجديد»..

أطماع «إسرائيل» في جنوب لبنان مكشوفة منذ نشأت فكرة دولتها وإذا عدنا لمذكرات الشيخ محمد الجسر مدير دائرة مجلس النظار في المندوبية السامية الافرنسية في بيروت والتي ذكر فيها ما يلي:

«الاربعاء 16 تموز 1924 اشتغلت في دائرة «مجلس النظار» كثيراً لانّ الأوراق كانت مكدّسة ولم يصادفني شيء مهمّ اليوم سوى انّ المسيو روزورو رئيس الغرفة السياسية أعلمني بموافقة الحاكم على وضع قانون يمنع اليهود من التملك في لواء الجنوب، أيّ يمنع الصهيونيين من التملك ويبدو أنهم شعروا أخيراً بهجوم اليهود على التملك في لبنان لأغراض سياسية وقد كنت نبّهتهم الى هذا الأمر منذ سنة وقلت لهم إنّ الحكومة العثمانية منعت اليهود من التملك في لواء الجنوب خشية من أغراضهم السياسية، وهكذا رجعوا الى قولي الآن من أنّ الوجود الصهيوني سيكون يوماً شوكة في جانب العرب تستغلها دول الغرب».

هذا هو وجه الحرب الجارية في جنوب لبنان وهذا هو مخاض الشرق الاوسط الجديد الذي بشر به «شيمون بيريز» قبل عشر سنوات .

إنّ لحلم «إسرائيل» بالسيطرة على لبنان شواهد كثيرة وأبرزها ما أورده «وايزمن» في مذكراته ص312 .

فاتفاقية النفظ مع مصر والأردن والعلاقات مع الخليج تتطابق مع ما ورد في البروتوكول الثاني من بروتوكولات حكماء صهيون ومنه تتوضح صورة المخطط الصهيوني للسيطرة على البلاد المجاورة ووضعها تحت هيمنتها حيث جاء فيه:

«إنّ غرضنا الذي نسعى إليه يحتم أن تنتهي الحرب بلا تغيير حدود ولا توسع اقليمي، وينبغي تطبيق هذا ما أمكن فإذا جرى الأمر على هذا قدر المستطاع تحوّلت الحرب الى صعيد اقتصادي وهنا لا مفرّ من أن تدرك الأمم من خلال ما نقدم من مساعدات، ما لنا من قوة التغليب، تغليب فريق على آخر، ومن التفوق وفوز اليد العليا الخفية .

وهذا الوضع من شأنه أن يجعل الفريقين تحت رحمة عملائنا الدوليين الذين يملكون ملايين العيون اليقظة التي لا تنام. ولهم مجال مطلق يعملون فيه بلا قيد. وحينئذ تقوى حقوقنا الدولية العامة على الحقوق القومية الخاصة في نطاق المعنى المألوف لكلمة حق. فيتسنّى لنا أن نحكم الشعوب بهذه الحقوق تماماً كما تحكم الدول رعاياها بالقانون المدني داخل حدودها».

انها المحاولات التي شهدناها في كثير من المحافل الدولية وآخرها ما حاولت أميركا تحقيقه مؤخراً.

انّ ما تحاوله «إسرائيل» اليوم مع لبنان جزء من هذا المشروع لذلك على شعوبنا بكلّ تكاوينها ودولها وأنظمتها بدءاً من مصر والسعودية والخليج بأكمله وكذلك على شعبنا تحديداً بمنظماته المتعدّدة والمتنوّعة في ايدولوجياتها وولاءاتها القطرية وتنافر قياداتها، ان تقتنع بوحدة قرارها. إنّ استرجاع فلسطين مصلحة فوق كلّ مصلحة، فتعمل لتحقيق هذا الهدف بتوحيد البندقية والراية… فعودة فلسطين هي الدين والدنيا، فلا حماس ولا جهاد اسلامي، ولا فتح ولاجبهة شعبية بتنوعها، ولا ديمقراطية ونضال، ولا صاعقة، ولا ولا… بل يد وإرادة فلسطينية واحدة تضع حداً للشرذمة وتضع حداً للهرولة والزحف وراء أولئك الذين جلبوا الويل والكارثة، وتقبر التخاذل والمتخاذلين، تنظف بيتنا الداخلي وتفتح القبور للخونة والمتعاملين مع العدو أو مع الأنظمة المتواطئة معه. ويصبح نشيدنا واحداً، «كلنا للوطن… يا بالوطن يا بالكفن» نجعل فلسطين أغنية أطفالنا اليومية ـ نستبدل كلّ اسم باسم فلسطين كولا والشوكولا فلسطين، اذ ننام او ننهض كلّ فرد فينا بدلاً من التحية اليومية نرفع اليد عالياً ونصيح تحيا فلسطين ونعلن توحّد هدفنا وقرارنا وإرادتنا… ونوقف الزحف المشين وراء «المحميات» ونعلنها وقفة عزّ وعندها وعندها فقط سنحقق أروع انتصار لأروع شعب وليرى بعدها العالم مواكب العزّ تسير تحت رايات النصر معلنين انّ زمن الهزائم قد ولّى…

ونعلن كما قال سعاده:

«اننا لا نريد الاعتداء على أحد ولكننا نأبى أن نكون طعاماً لأمم أخرى، اننا نريد حقوقنا كاملة ونريد مساواتنا مع المتصارعين لنشترك في إقامة السلام الذي نرضى به وإنني أدعو اللبنانيين والشاميين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين إلى مؤتمر مستعجل تقرّر فيه الأمة إرادتها وخطتها العملية في صدد فلسطين وتجاه الأخطار الخارجية جميعها وكلّ أمة ودولة اذا لم يكن لها ضمان من نفسها من قوّتها هي فلا ضمان لها بالحياة على الإطلاق.

يجب أن نعارك يجب أن نصارع، يجب أن نحارب ليثبت حقنا. واذا تنازلنا عن حق العراك والصراع تنازلنا عن الحق وذهب حقنا باطلاً، عوا مهمتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل».

عندها إذا اسرنا على هذا الطريق سوف تولول ريح الفناء وتهز انتفاضة الأحرار نوم العبيد ويومض شعاع الحرية والعزّ معلناً بأنّ قوى الأحرار لا تقهر..

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024