إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

من النشاط الحزبي ابان حصار بيروت عام 1982

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2016-01-23

إقرأ ايضاً


في العام 1982 كنت توليت مسؤولية عميد المالية. أذكر أن جهاز العمدة كان مؤلفاً من :

الأمين ابرهيم زين: وكيلاً

الأمين يوسف الدبس: ناموساً

الأمين حنا قيصر: خازناً عاماً(1)

الرفيقة هلا نابلسي: ناموساً

وكان الرفيق غسان الشومري سائقاً مرافقاً للعميد .

قبل ان يبدأ حصار بيروت من قبل الجيش الاسرائيلي، كان الوكيل والناموس قد انتقلا الى البقاع فيما كنت بقيت مع حضرة الخازن والرفيقة هلا في بيروت.

أشهد للأمين حنا قيصر استمراره في مسؤوليته رغم ما كانت تتعرض له بيروت المحاصرة من قصف مدمّر يزيد من العذاب الذي كان يعاني منه الأهالي، وقد انقطعت عنهم المياه والكهرباء إلا لماماً، ومعهما أصناف الفاكهة والخضار ومواد تموينية كثيرة.

تبلغت قراراً من حضرة الرئيس(2) بسحب كل المبالغ المالية المتوفرة في المصارف، وان لا نودع فيها أي مبلغ قد يحوّل الى الحزب في تلك الأشهر الصعبة. وبالفعل تم ذلك. في الأيام الأولى وضعت الأمينة اخلاص (عقيلتي) المبالغ ضمن اوراق بلاستيكية ونايلون ووزعتها وسط التراب في احواض "الزريعة" على الشرفة ورحت افكر مع الأمين حنا، ترى هل يصح أن نبقي تلك المبالغ في الأحواض؟ وفي حال تعرّض منزلنا للقصف أو للحريق فماذا نفعل؟

قرّ الرأي أن نوزع المبالغ الى منازل أمناء ورفقاء موثوقين بحيث انه اذا حصل أي مكروه لمنزل اي منهم، تكون الخسارة نسبية ومحصورة بجزء من المبلغ الكبير. رحنا نوزع المبالغ ( 50.000، 100.000، 150.000، 200.000) الى المنازل لقاء اوراق استلام صغيرة يحتفظ بها الخازن العام ويسجلها على دفتر المحاسبة، كذلك كان يسجل كل المصاريف تباعاً.

اذ اسجل تقديري الكبير لتميّز الأمين حنا قيصر في تلك الأشهر الصعبة، لا يسعني ايضاً الا أن أنوه بالرفيق البطل غسان الشومري (فدى) الذي كان يؤمن جولات العميد في مناطق العاصمة. كما ينفذ توجيهات الخازن العام.

في تلك الأشهر عرفت الرفيق "فدى" جيداً. اشهد انه قومي اجتماعي حقيقي، بجرأته، بأمانته، بنظاميته، بأخلاقه، فلم يتوقف عن الحضور الى منزلنا في أي يوم، حتى في الأيام التي كانت تتعرض له بيروت الى القصف الشديد، ولا الى التوجه معي الى مناطق خطرة.

وأشهد ايضاً للرفيقة هلا التي لم تتوقف يوماً عن متابعة عملها مخاطرةً بحياتها، تتنقل من مكان الى آخر رغم القصف الذي كانت تتعرض له العاصمة(3).

وكنا اذ نحتاج الى مبلغ معيّن، نتصل بالأمين او بالرفيق الذي أودعنا لديه مبلغاً مالياً، فنسحبه أو نسحب جزءاً منه. والأمين حنا قيصر يسجل كل تلك الحركة.

بعد انتهاء الحاجة الى هذا التدبير الاحتياطي، سحبنا ما تبقى من مبالغ مالية، وأودعت مجدداً بتصرف الخزانة العامة.

البيان المالي الذي أعدّه الخازن العام رُفع الى المجلس الأعلى (برئاسة الأمين مصطفى عزالدين) الذي أخذ قراره بالمصادقة عليه (ابراء ذمّة).

من كل المبالغ التي وزعت الى منازل أمناء ورفقاء، حصلت خسارة مبلغ 5000 ل.ل فقط . لقد اضطر الرفيق ع. ن. الى الاستفادة منه، من اصل مبلغ 50.000 ل.ل. مودعة لديه.

- اضطررت، حضرة العميد، وأنا مستعد لتسديد المبلغ اقساطاً .

لم نطالبه، وقد تفهمنا اضطراره الى المبلغ في واقع صعب جداً.

ذكرت لي الرفيقة هلا النابلسي مؤخراً انها عمدت مع الخازن العام الى اتلاف الأوراق الصغيرة التي كانت

تضبط حركة الصندوق، بعد أن كان سجلها الأمين حنا على دفتر خاص بالمحاسبة، وذلك في مكتب الشركة التي كان يملكها ويديرها الفاضل يوسف والد الأمين ميشال خوري(4). وكان الأمين حنا قيصر هو مسؤول المحاسبة في الشركة، ويعتمد المكتب لمزاولة عمله كخازن عام، مستفيداً من مخبأ استحدثه في مكان خفي لحفظ الأوراق.

عند دخول القوات الاسرائيلية الى بيروت، أُمكن متابعة العمل المالي، وهنا اذكر بتقدير كبير الدور الذي قام به الرفيق طوني روكز(5)، بين العميد وكان انتقل الى مكان آمن، وبين مسؤولين ورفقاء كلما احتاجت المراكز الحزبية الى مال.

عند خروجها من بيروت مندحرة، رحت اداوم في مستوصف عمدة العمل، تواكبني الرفيقة هلا، وينضم الينا المواطن في حينه يوسف خيرالله الذي كان – وهو مواطن – يكلّف بأعمال كثيرة من قبل عميد العمل الامين نصري خوري.

هكذا لم نترك رفيقاً كان مفرغاً في العمل الحزبي، الا وقدمنا له ما يمكّنه من تدبر امره في تلك المرحلة الصعبة جداً.

من الرفقاء الذين شهدوا على ذلك اذكر الرفيق محمد نحلة، الذي اعرف جيداً جرأته وتفانيه، وصموده في تلك الاشهر.

هوامش

(1) حنا قيصر: من الجنوب السوري. للاطلاع على ما كتبت عنه الدخول الى ارشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info. عاونه لفترة، الرفيق شوقي ابراهيم، والمتميز ايضاً بسويته الأخلاقية.

(2) الأمين انعام رعد في حينه

(3) كانت تقطن وعائلتها في حارة حريك، في منزل مجاور لدارة العلاّمة الشيخ محمد حسين فضل الله. فانتقلت العائلة الى شقة في بناية مجاورة لمحلات "غوديز" في شارع فردان على مقربة من مركز الحزب في حينه

(4) كان يقع في البناية المجاورة للبناية التي يقطن فيها الأمين يوسف الأشقر في منطقة القريطم. وكان الأمين ميشال غادر الى احدى الدول العربية حيث أسس فرعاً للشركة، شهد نمواً ونجاحاً وما زال.

(5) طوني روكز: من "باب مارع" (البقاع الغربي). كان يتولى مسؤولية منفذ عام الطلبة الجامعيين. تعرّض للخطف وما زال مصيره مجهولاً. تميّز بجرأته، بثقافته القومية الاجتماعية، والتزامه المتفاني بالحزب.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024