في سنوات الحرب اللبنانية، كان له تواجده الناشط في مركز الحزب.
وكان طبيعياً ان التقي به، ان اصعد في السيارة التي يقودها في مهمات حزبية، وفي ظروف صعبة.
اصيب في قدمه في احدى المعارك، ثم تعطلّت احدى كليتيه.
كثيراً ما كنت التقيه. تشدّني إليه دماثة اخلاقه، تهذيبه، وقد كان ودوداً، محباً، صادقاً، وملبياً لكل واجب.
ومضت سنوات، لم اعد اعرف عنه شيئاً، خاصة ان انصرافي الى العمل عبر الحدود ابعدني عن الكثير من المتابعة لرفقاء في الوطن.
منذ نيّف وشهر كنت ذات يوم انتظر سيارة الاجرة لتقلّني الى منزلي في بيروت. توقفت سيارة، وسائق يطل برأسه مرحباً يسألني الى اين.
لم اعرفه في البدء، لضعف لدي في ذاكرة الوجوه، عكس ذاكرتي القوية جداً بالاسماء. صعدتُ، تحدث، وتحدثتُ. اعادني الى سنوات الحرب. ذكرّني كم مرة حضر الى منزلنا ليقلّني في مهمات الى البقاع، او الى اماكن اخرى.
واستعدته الى ذاكرتي كاملاً. سألته عن والدته، كما كنت افعل دائماً اذ التقيه،
- لقد فارقت الحياة(1)
وعنه
- يخضع لمعالجة كليتيه.
رغبت إليه ان يمرّ الى مكتب اللجنة فاني ارغب ان اسأله اكثر، ان اطمئن، وان ادوّن له معلومات اعلم انه يملكها، وكثير منها جرت في الايام الصعبة، وعدني ان يمرّ.
سألت عنه الرفقاء الحرس في المركز، افادوني انهم يعرفونه باسمه الحقيقي ابرهيم بو عمو وانه يتردد من حين الى آخر الى عمدة العمل.
*
منذ ايام قليلة علمت انه رحل. شعرت بألم عميق، فقد كنت راغباً جداً ان التقي به، ان اسأله كثيراً، ان اطمئن لوضعه، ان اُشعرهُ انه غال لدي بفضل سنوات نضاله. اذ اني اعلم كم ناضل، كم عانى ووالدته، واستمر واثقاً، مؤمناً، حاملاً اخلاق النهضة .
لعلني في كلمتي هذه اكون وفياً لرفيق عرفته جيداً في السنوات الصعبة، وكان فيها حاضراً لكل واجب قومي اجتماعي.
*
بطاقة هوية
- ابرهيم بو عمو
- الاب: فرنان
- الام: فهيمة زيد
- تاريخ ومكان الولادة: بيروت 20 تموز 1963.
- من مسؤولياته الحزبية: مدرب مديرية رأس بيروت.
*
هوامش
(1) توفيت منذ ما يقارب العشر سنوات، ونقلت الى مسقط رأسها مصياف، حيث ووريت الثرى.
|