اكتب عنه وفي القلب دموع. فالرفيق حاتم بركات الذي عرفت منذ ايام قليلة برحيله كان من بين اقرب الاعزاء، وكنت اكنّ له مودة فيها كل الحب وكل الثقة وكل الارتياح.
في اواسط الستينات عندما توليتُ مسؤولية رئيس مكتب الطلبة، عرفته. كان مدرّساً في "برمانا" وطالباً في كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، مساهماً مع الرفيق شوكت حكيم(1) في تأسيس نواة صالحة للعمل القومي الاجتماعي ـــــ تحوّلت الى فرع ناشط بعد ان انضم إليها رفقاء اذكر منهم يوسف الشاعر(2)، ايلان مجدلاني(3)، نجوى نصر(4)، سعد نصر(5)،
كان الرفيق حاتم يتردد باستمرار الى منزلنا.
كان دائم البشاشة وصاحب الوجه الضاحك والقلب الذي لا يعرف ضغينة او حقداً. وعندما زرته في منزله في "بشمزين"، وتعرّفت الى والدته، شاهدت بشاشة حاتم في بشاشتها، وضحكاته في وجهها المشرق، الضاحك الذي يستقبلك بكل المحبة الدافقة من قلب ناصع، شفاف وممتلىء صدقاً.
وسافر الرفيق حاتم الى تكساس منضماً الى رفقاء عديدين من بلدته بشمزين ومن كفرحزير المجاورة. كلهم عرفتهم طلاباً وكنت اتفقدهم في زيارات صيفية: اذكر منهم: ديران الصيفي. بسام بركات. حليم عودة. اليف (الفرد) طربيه. موريس عودة.
وعندما انتقلتُ الى مسؤولية رئيس مكتب عبر الحدود تابعتُ تواصلي مع الرفقاء وقد انتقلوا الى هيوستن والى بوسطن.
واتت الحرب اللبنانية، وفي احدى حالات الجنون تعرّضت والدة الرفيق حاتم وشقيقاه جورج وفوزي للاغتيال فيما هم في منزلهم في بطرام.
كان حزني عليهما مماثلاً لحزن الرفيق حاتم. اذ كنت اعرف، مثله، مدى الحب الذي تكنّه والدته للحزب، وكم ان العائلة، هي عائلة قومية اجتماعية، حياةً وممارسة وحضوراً جيداً في البلدة.
منذ ايام كنت بدأت اكتب عن "بشمزين" كما عرفتها، وعن الرفيق وديع نجار. اتصلت بالامين كمال نادر مستفسراً منه عن رفيق عرفته جيداً في الستينات (موسى نعمة) كما عرفت شقيقه المواطن يوسف. فاجأني الامين كمال بابلاغي عن وفاة الرفيق حاتم بركات في "هيوستن" وان ذلك حصل منذ مدة، وأقامت له العائلة المفجوعة قداساً عائلياً.
رفقاء عديدون تواصلتُ معهم في الستينات. جميعهم يحتلّون ذاكرتي وما زلتُ اذكرهم بكثير من الحنين. لا
ابالغ اذا قلت ان الرفيق حاتم كان من الاكثر قرباً، ومثله الرفيق يوسف سالم(6). ليس فقط انه كان يتردد كثيراً الى منزلنا واتابعه مدرّساً في برمانا وطالباً في كلية الاداب، بل لانه كان شعلة ذكاء ومروءة ومحبة وصدقاً. كل ما فيه كان يحكي حزباً وعقيدة، عنوانهما سعادة، الزعيم، المعلم وباني الحياة للامة.
اذ نحكي عن فترة تأسيس العمل الحزبي في ستينات القرن الماضي يحتل الرفيق حاتم بركات، ومثله الرفقاء داود باز، انطون خوري، كمال الحلبي، يوسف سالم، نبوغ نصر، بهيج ابو غانم، يوسف المسمار، وغيرهم ممن نشطوا جيداً في السنوات الصعبة، حضورهم المميز .
كتبت عن هذه المرحلة، وآمل ان اكتب اكثر، وان ينضم رفقاء ناضلوا في تلك السنوات الصعبة، للكتابة وفاءً لمن رحل من رفقاء وعن مآثر نضالية يجب ان تبقى امثولة وعبرا.
لك يا رفيق حاتم، للرفيق الشهيد ايليا نقولا، وللرفقاء الطلبة الذين رحلوا: غسان ابو حيدر، طنوس طعمة، يوسف زعرور، بطرس مطر، نبيل حبيقة، يوسف سالم، انطون خوري، يوسف الشاعر، مهى سعاده، الكثير من حبي ومن وفائي ومن شهادتي كم كنتم مميزين في ايمانكم وفي جرأتكم وفي تجسيدكم لفضائل الالتزام القومي الاجتماعي.
*
هوامش:
البعض من تلك المعلومات كانت وردت سابقاً في نبذات متعددة. لمزيد من الاطلاع، نوردها في الهوامش.
(1) شوكت حكيم: نشط وتولى مسؤولية الفرع الحزبي في كلية الاداب، مكلّفاً بمتابعة العمل الحزبي الطلابي في كفرشيما، وله الفضل في انتماء عدد جيد من الرفقاء.
(2) يوسف الشاعر: من منطقة " تنورين". كان يتمتع بشخصية قوية. تولى مسؤولية العمل الحزبي في كلية الآداب، وفي هيئة منفذية الطلبة. غادر الى التشيلي وفيها قضى بحادث سيارة.
(3) ايلان مجدلاني: من منطقة "المزرعة". كانت نشطت حزبياً، كما شقيقها الرفيق جبران. غادرا الى الولايات المتحدة.
(4) نجوى نصر: استاذة جامعية .
(5) سعد نصر: من منطقة "جزين". تولى مسؤوليات في منفذية الطلبة فناموساً لرئاسة الحزب (الامين يوسف الاشقر) مع الرفيقين انطون خوري ووديع الحلو.
(6) يوسف سالم: من بلدة " نابية". والده الرفيق ميشال من اوائل الرفقاء في "نابية" ومن مؤسسي العمل الحزبي فيها. للاطلاع على ما اوردت عن الرفيق يوسف سالم الدخول الى قسم "من تاريخنا" على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
|