اشكر منفذ عام دير الزور الامين المحامي عبد الوهاب بعاج الذي امدّني بمعلومات جيدة، وكتب، عن الحزب في دير الزور مما جعلني اعمم عنها النبذات التالية:
1. دير الزور في الحزب السوري القومي الاجتماعي (عممت بتاريخ 10/02/2015)
2. الرفيقة الرائدة في العمل النسائي والاجتماعي في دير الزور، محسنة عياش (عممت بتاريخ 24/02/2014)
3. دير الزور كما كانت وكما ستعود (عممت بتاريخ 11/03/2015)
لفائدة اطلاع الرفقاء الذين لم تصلهم النبذات اعلاه على حزبنا في "دير الزور"، ومناطق اخرى مجاورة، نعيد تعميم معظم ما جاء في النبذتين 1 و 2 الواردتين اعلاه.
*
دير الزور التي يخال القارئ أنّها غريبة عن الفكر السوري القومي الإجتماعي، فيما هو يسمع كلّ يوم تقريباً عن تنظيمات مسلحة في منطقتها، أبرزها حالياً "داعش" وما تعنيه من فكر ظلامي، ونهج تكفيري وممارسات وحشية.
"دير الزور" هذه كانت عرفت الحزب السوري القومي الإجتماعي، وانتمى من أبنائها العشرات، واستشهد منهم الرفيقان محمد جمعة الدغيم ومحمد ويس مرهج(1) وتميّز فيها رفقاء ورفيقات كنا نشرنا بتاريخ 24 شباط 2014 نبذة عن احداهن، رائدة العمل النسائي الرفيقة محسنة عياش.
في السبعينات التقيت أكثر من مرة الرفيق حسن عياش(2). قبل ذلك، عام 1958، التقيت الرفيق عبد الرزاق منديل في مخيم كان اقامه الحزب في ضهور الشوير، وبعد سنوات عديدة التقيته عندما تولى مسؤولية العمل الحزبي في أحدى البلاد العربية، وكنت أتولى مسؤولية عميد شؤون عبر الحدود. ولا شك أنّ عدداً غير قليل من الرفقاء ما زالوا يذكرونه متكلماً في مؤتمرات حزبية تعبّر عما في أعماقه من شفافية وصدق وإيمان بالحزب.
ومن أبناء دير الزور رفيق مميز توجّه طالباً إلى "تايوان" فإلى جزيرة تسمانيا (استراليا)، تحضيراً لشهادة الدكتوراه في الهندسة الزراعية وتنمية الثروة السمكية، وقد لفتني في الذاتية التي رفعها إلى العمدة، تنوع مواهبه، وتقدم كفاءاته. هو الرفيق رامز هزاع.
منها أيضاً الرفيق الياس خليفة الذي غادرها شاباً، مستقرا في لبنان، أستاذاً في أكثر من مكان، ناشطاً حزبياً، أديباً وشاعراً ومثقفاً قومياً اجتماعياً، (وهو غير الامين الياس خليفة من بلدة "الحواش").
واني، شخصياً، لا يسعني، كلما ذكرت دير الزور الا ان اتذكر قنصل الشام العام في سان باولو الراحل ماجد الرداوي، الذي كان صديقاً للحزب، يحضر جميع مناسباته ويتكلم عنه ايجاباً اينما تواجد، وكنت اثناء إقامتي في البرازيل التقيت به كثيراً وعام 1990 قدّم لي مؤلفه القيم عن تاريخ "الهجرة العربية الى البرازيل 1870 -1986"، قدّم له "رفيق السلاح القديم ورفيق النضال في عهد الاعتقال في الزنزانة رقم 5 علوي في سجن المزة العسكري" العماد مصطفى طلاس ".
الحزب في دير الزور
عرفت دير الزور الحزب السوري القومي الإجتماعي عن طريق أبناء منها تلقوا العلم في مدن كبرى، كدمشق وحلب، إضافة لرفقاء من مناطق أخرى انتقلوا إلى دير الزور للعمل.
لم يقتصر انتشار الحزب على عشيرة او عائلة، ولا على طبقة من الناس، فقد حوى ابناء عشائر ومن كبارها، متعلمين ومثقفين، الى جانب عمال وناس في العرف العشائري من المسحوقين. وهؤلاء بعد مدة وجيزة تفوقوا ليس على اقرانهم فقط، بل مع من يعتبرون قادة لدى الغير وذلك نتيجة السلوكية التي بدأت تظهر عليهم، وأصبحت مثالاً يتحدث عنه الآخرون.
الناس – الاهل، اذا حدث خلاف مع اي من القوميين الاجتماعيين، كان ملجأ هؤلاء الى الحزب وليس الى السلطات.
هذا الانتشار القومي والاختراق للعشائر، حرك نوازع الحقد والحسد عند نفرٍ اخذ يفتش عن العراك بالايدي ما دام لا يقدر على ذلك بالفكر، ومعتمداً ايضاً على ما له من عناصر في اجهزة السلطة بشكل عام.
أول تنظيم رسمي معلن حمل اسم "مديرية دير الزور المستقلة". تولّى مسؤولية المدير فيها الرفيق محمد كافي الرجي وهو من مدينة "الميادين"، ومن عائلة اشتهرت بالأدب والشعر.
بدأ الظهور العلني للحزب، رغم أنه لم يكن مرخصاً رسمياً، عبر الرفقاء الطلبة: عبد الوهاب بعاج، عبد الرزاق بعاج، رفيق ملحم، مصطفى عكل، وآخرين كثر، وكانت مجلة "الدنيا" لعبد الغني العطري تؤدي دوراً فاعلاً في خدمة الحزب، الذي لم يقتصر فعله على الطلبة إنما ضم العديد من العمال والتجار، منهم – على ما يذكر الأمين عبد الوهاب بعاج- كلاً من الرفيق جعفر صياح، الذي كان عامل نجارة، ثم أصبح مثالاً في نشاطه، وفي فهم الفكر القومي الإجتماعي، الرفيق عبد الله طه الذي اضطر بعد أحداث المالكي للهجرة إلى ألمانيا، إلا أنه عاد منها بعد عشر سنوات، وفي عام 2000 تولى مسؤولية ناظر عمل وشؤون اجتماعية في منفذية دير الزور إلى ان وافاه الأجل.
تمّ استئجار مكتب للعمل الحزبي في منطقة العرضي(4) فتزايد عدد المواطنين المقبلين على الحزب فكانت الحلقات الإذاعية تعقد بشكل يومي تقريباً يغطيها كلّ من المدير الرفيق محمد كافي والرفيق محمد سعيد بعاج والرفيق صالح عبود(5) .
في السلوكية القومية الاجتماعية
تميُّز القوميين الاجتماعيين في عملهم الحزبي، وسلوكيتهم العامة، بات ظاهرة يحكى عنها في كافة الاوساط في المدينة. كان الرفيق يؤدي واجباته بشكل دقيق حضوراً للاجتماعات وتسديداً للاشتراكات، وكان لا يدخل مكتب الحزب الا وهندامه مرتب، وبعد ان يأخذ التحية.
كانت المنفذية تعتمد على نسبتها المحلية في الاشتراكات، لتسديد ايجار المكتب وبقية النفقات، وترفع الى عمدة المالية النسبة المركزية التي تعود اليها من الاشتراكات.
كان يُمنع على الرفقاء التردد على الاماكن التي تُسيء الى سمعة الحزب، فقد كانت في دير الزور محلات لتعاطي المشروبات الروحية (خمارات) ويرتادها الكثيرون من اعضاء الاحزاب الاخرى، ومواطنون من المدينة وجوارها، وغالباً ما كانت تحدث مشاجرات تؤدي الى مخافر الشرطة.
زيارات مركزية:
المسؤول الوحيد الذي عرفته دير الزور قبل اغتيال العقيد عدنان المالكي كان الأمين الياس جرجي الذي كان يتولى مسؤولية عميد الداخلية، يرافقه غالباً الامين جميل مخلوف.
لقد كان يحضر مرة أو أكثر في العام الواحد ويقوم بجولة في منطقة الجزيرة: الحسكة، القامشلي، ثم يحضر إلى دير الزور.
كان الرفقاء يستقبلونه في صفوف منتظمة خارج دير الزور ثم يدخلون معه إلى المدينة في موكب يتقدمه الرفقاء من راكبي الدراجات النارية، وفي المكتب كان الأمين الياس يستقبل المواطنين، يعقد الإجتماعات الحزبية مع المسؤولين، ويغطي الندوات الإذاعية بما عرف عنه من أسلوب إذاعي مميز.
كان المحامي الامين عمر أبو زلام(6) يتردد بحكم عمله، إلى دير الزور، فكان يقدّم محاضرات إذاعية، كانت غالباً ما تتطرق إلى موقف الحزب من الدين، وهو الموضوع الذي كان الشغل الشاغل للكثيرين في ذلك الوقت، (كما يوضح الأمين عبد الوهاب)، وذلك باعتبار الأمين أبو زلام من عائلة دينية ومتفهم بعمق لهذا الموضوع، فكان مجلياً في النقاش وفي الشروحات التي يقدمها.
بفضل تلك الأنشطة كان الحزب ينمو في دير الزور، فتشكلت مديريتان فيها (باسم الرفيقين الشهيدين محمد أديب الصلاح وميشيل الديك).
*
اما خارج المدينة، فكان للحزب مديرية في مدينة الميادين(7)، من أعضائها الرفقاء محمد صلاح الدين حريب، فوزي فريح، عبد المجيد فريح، نجم الدين حريب، عبد القادر فريح، خلوف عوجان، شاكر عوجان، اسماعيل زركان، ومديرية أخرى في مدينة "البوكمال" (مديرها الرفيق عزيز عثمان المرعي) ومديرية في محطة نفط العراق الثانية، حيث كان يتردد إليها الأمين نبيه نعمة بصفته موظفاً مسؤولاً في الشركة. وقد ساهمت زياراته في نمو العمل الحزبي في هذه المحطة.
كان طبيعيا أن تنشأ منفذية باسم منفذية الفرات تولاها الرفيق المحامي صالح عبود. فانتقل مكتب الحزب إلى بناء وسط المدينة كانت تشغله بلدية دير الزور.
توالى على منفذية الفرات كل من المنفذين الرفقاء صالح عبود، نديم عبد الرؤوف سليمان، حسن عياش. وفي هيئات المنفذية: عبد الوهاب بعاج، حسين عياش، ابراهيم هنيدي، اسعد حاج كمال، رفيق ملحم، نديم سليمان، عبد الوهاب رداوي.
الصدام الفعلي واستشهاد الرفيق محمد امين جمعة: خرجت مظاهرة من ثانوية التجهيز (الثانوية الوحيدة آنذاك)، بمطالب لم يشارك فيها الحزب، وكان طريقها يمر من امام مكتب الحزب، وما ان وصلت المكان، حتى اخذ عناصر من المتظاهرين بالهتاف ضد الحزب.
وكان يتواجد اثناءها عدد قليل من القوميين. منهم الرفقاء: احمد مضحي (مدرب المديرية)، عبد الرزاق بعاج (مدير المديرية)، جبرا توما، عصام خوري، وجيه خوري، عبد الله طه (كان محله التجاري يقع مقابل مكتب الحزب)، وقد تلقوا الايعاز بمهاجمة هذه المظاهرة وكانت النتيجة تفرق المظاهرة، وعودة القوميين الى المكتب مع بعض الجروح وخاصة الرفيق عبد الرزاق بعاج.
كان صدى هذه المشاجرة، في البلد كبيراً، ذلك ان عدداً قليلاً من القوميين تمكن ان يصد ويفرّق مظاهرة كبيرة .
الا انه بعد فترة تلقى مكتب الحزب ان هنالك تجمعاً ينوي الاعتداء على الرفيق نديم سليمان الذي يبعد محله مسافة بين 500 و 600 متر عن مكتب الحزب. فاتجه الرفيقان محمد امين جمعة وعبد الحميد منديل على دراجة نارية باتجاه محل الرفيق نديم حيث تبيّن ان كميناً نصب لهما فأصيب الرفيق محمد امين بطعنة في ظهره ادت الى وفاته (مراجعة البنذة المعممة عن الرفيق الشهيد محمد امين جمعة في القسم الخاص بأرشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info .
هذا الحادث كان في آذار 1955، وفي نيسان نُفذت المؤامرة على الحزب باغتيال العقيد عدنان المالكي. وما جرى بعده بات معروفاً لجهة ما تعرّض له الرفقاء من سجون وملاحقات.
من رفقاء دير الزور.
يورد الامين عبد الوهاب بعاج الاسماء التالية:
- عبد المنعم الرجي، وكان معلما وشاعراً.
- أسعد الحاج كمال من عائلة تملك سيارات كبيرة (بوسطات)، وتعمل في مجال النقل العام.
- محمد سعيد البعاج كان مدرّساً للأدب العربي. بعد قرار حلّ الحزب عقب اغتيال العقيد عدنان المالكي، انضم للعمل في إذاعة دمشق.
ومن الرفقاء الطلبة :
- أنور حباش وكان لاعباً ماهراً في كرة القدم.
- حسن الحاج محمود: التحق بالكلية العسكرية وكان ماجور(9) دورته إلا أنّه سرّح بعد فترة من تخرجه بسبب عضويته الحزبية.
- عن مجلة البناء – صباح الخير بتاريخ 05/12/1981
" انتقل الى رحمة الله تعالى في دير الزور: الرفيق نديم رؤوف بتاريخ 04/11/1981 وشيّع الى مثواه الاخير من قبل رفقائه ومحبيه بعيون دامعة وشعور مرير بالخسارة الكبيرة.
استلم الرفيق نديم في اشد الظروف، مسؤولية منفذ منفذية دير الزور وذلك بعد استشهاد الرفيق امين جمعة 1955، حيث اوقف نزيف الدم بحكمة وعمل بمدة قيادته القصيرة بأفق واسع.
وكان ينفذ كل المهمات الحزبية بكل شجاعة حتى بالفترة الاخيرة من حياته" .
*
- وعن العدد 1100 تاريخ 10 حزيران 2008
" غيب الموت في 07/05/2008 الرفيق الفنان فهد عبد الرزاق الكبيسي في بلاد الاغتراب – اسبانيا عن عمر 73 عاماً.
والرفيق الراحل من مواليد دير الزور. متأهل وله بنتان.
انتمى الى الحزب السوري القومي الاجتماعي في عام 1951 وتسلّم مسؤولية مذيع مديرية الحسكة، قبل ان يهاجر الى اسبانيا حيث درس فن الرسم في كلية الفنون الجميلة بمدينة فالنسيا وتخرّج. عام 1961 اصبح استاذاً يدرس مادة الهندسة.
يعتبر الفنان فهد الكبيسي من مشاهير الرسامين الاسبان وقد دوّن اسمه على عدة لوحات مشهورة " كما ذكر في الموسوعة الاسبانية لمشاهير الرسامين الاسبان على مدى صفحتين تضمنتا نبذة عن حياته ووصفا لأعماله.
اقام الفنان فهد الكبيسي مئات المعارض الفنية في اسبانيا والتي عادة يحضرها كبار رجال الدولة الاسبانية والمشاهير في شتى مجالات الحياة. وكان له معرض شبه دائم في مدينة فالنسيا كما اقام عدة معارض في المانيا وبريطانيا وبولونيا وايطاليا وغيرها من الدول الاوروبية .
بقي الرفيق فهد الكبيسي مؤمناً بالعقيدة السورية القومية الاجتماعية ومثالاً للرفيق القومي الاجتماعي، القدوة في مجالات عمله وحياته في المغترب " .
*
من الحضور القديم للحزب في دير الزور
اورد الامين نواف حردان في مؤلفه "على دروب النهضة" (ص.164)، عند شرحه لتوجهه على رأس منفذية مرجعيون الى مطار بيروت للمشاركة في استقبال زعيم الحزب في 2 آذار 1947 "كما انضمت إلينا مواكب اخرى قادمة من كل انحاء الوطن الكبير: من دمشق وحمص وحلب وحماه واللاذقية وحوران ودير الزور " .
بدوره يعرض الامين شوقي خيرالله في الصفحة 96 من مؤلفه "قصة الحزب" في معرض وصفه لاستقبال الزعيم في مطار بيروت: " واختلط القوميون لاول مرة وغير القوميين من اعالي الجزيرة الفراتية الى اللاذقية وحلب وحماه وحمص ودمشق وبلاد العلويين وجبل العرب "
*
الرفيقة محسنة عياش
رائدة في العمل النسائي والاجتماعي
رفيقتان، على ما اعلم، اقترنت كل منهما بمواطن ناشط في حزب البعث العربي الاشتراكي، واستمرتا ملتزمتين بالحزب، قوميتين، عقيدة ونظاماً ونهجاً.
الاولى: مرسال نصار التي اقترنت من السيد يوسف فارس (عرف بـ "جو") ادامها الله بعافيتها وصحتها.
والثانية: محسنة محمد عياش التي اقترنت من الوزير واحد قياديي حزب البعث العربي الاشتراكي،
السياسي جلال السيد.
عنها نخصص هذه النبذة.
*
قدم منفذ عام دير الزور الامين عبد الوهاب بعاج نبذة عن الرفيقة محسنة في تقرير له بتاريخ 11/11/2003 نختار منه المعلومات التالية:
" الرفيقة محسنة عياش من مواليد دير الزور 1935 وهي اخت الرفيق حسن عياش، درست في دير الزور وحصلت على أهلية التعليم الابتدائي عام 1957 وكانت من الرعيل النسائي الاول الذي تعلم في هذه المدينة. وتابعت الدراسة مجدداً وحصلت على الثانوية العامة عام 1963، ثم إجازة في التاريخ من جامعة دمشق عام 1976.
عملت معلّمة ومربية في المدارس والمعاهد الرسمية حتى 1985.
ثم اسست دار حضانة "جيل الهلال" التي لا زالت قائمه، كرمت من وزارة التربية عام 1969، وشهادة ثناء من نقابة المعلمين عام 1970.
ساهمت في تأسيس "جمعية المرأة العربية" عام 1960، ومن انشط اعضائها.
مثلت الجمعية في "مؤتمر المرأة العربية" في بيروت عام 1962.
ساهمت في تأسيس فرع الهلال الاحمر في دير الزور، ودار الحنان للمسنّات. تولت مهام نائبة لرئيس "جمعية العاديات" في دير الزور.
انتمت الى الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1953، واستمرت على إيمانها ونشاطها واتصالاتها بالحزب حتى وفاتها عام 2000.
وكانت قد اقترنت في العام 1984 من احد قياديي حزب البعث العربي الاشتراكي الوزير الاستاذ جلال السيد(10).
*
وبتاريخ 28/11/2013 قدم الامين بعاج هذه المعلومات الجيدة عن عدد من افراد عائلتها، وعن زيارات قام بها امناء الى دير الزور:
الرفيقة محسنة عياش من عائلة من عوائل دير الزور المعروفة، والتي لها شأن اجتماعي – ثقافي – سياسي.
والدها محمد العياش ناضل ضد الفرنسيين، مما جعلهم يفرضون عليه الاقامة الجبرية منفياً مع عائلته الى مدينة جبلة الساحلية، التي كانت بلدة صغيرة، اشبه بقرية، يتواجد فيها الفرنسيون.
عمها محمود اعدمه الفرنسيون، لأنه كان احد المشاركين في تشكيل مجموعة كمنت بركب من الضباط الفرنسيين وقتلتهم. اعتبر والدها محمد وراء هذه المجموعة، مما دعا لنفيه.
شقيقها الرفيق حسن عياش، تولى عدة مسؤوليات في منفذية دير الزور، منها منفذ عام عام 1955. كان موظفاً، فطلب إليه التفرغ للحزب، فترك الوظيفة، بالوقت الذي لم يكن له مورد سوى المرتب الوظيفي، وبعد التوقيف والسجن والمحاكمات، اضطر للرجوع الى الوظيفة في مدينة الرقة.
عمها المحامي عبد القادر عياش. الكاتب ومؤرخ التراث الشعبي للفرات، وكان يصدر مجلة باسم "صوت الفرات"، يكتب موضوعاتها ويطبعها على نفقته الخاصة، اصبحت هذه المجموعة تشكل الموسوعة المعتمدة عن وادي الفرات وتراثه.
محمد العايش (عايش وعياش اخوة ومنها تحدرت عائلتا عياش وعايش) شخصية مرموقة في مدينة دير الزور والشام بشكل عام. فهو الى جانب كونه اقتصادي، كان نائباً دائماً عن دير الزور، وزيراً للزراعة. ولداه عبد اللطيف، ويحيى من القوميين الاجتماعيين، توفيا عام 2013.
الرفيقة محسنة، من المجموعة الاولى من بنات دير الزور اللواتي تابعن دراستهن، ونشطن اجتماعياً وسياسياً كون اغلبهن بنات عوائل معروفة، لها مكانة وسمعة مما اعطى هؤلاء البنات حرية النشاط، دون خوف أو وجل.
بهذا الجو تربت ونمت الرفيقة محسنة، ثم صقلتها بفكر المعلم سعاده.
لم يحضر قومي اجتماعي بمسؤولية رسمية او غير رسمية الى دير الزور إلا وكان سؤاله الاول عن الرفيقة محسنة.
وعلى ما أذكر:
• بعد ابعاد واكراه. وضغط مرّ على منطقة الفرات بشكل عام، ودير الزور خاصة، حضر الى دير الزور الامين الياس جرجي، وهو الذي لم يكن ينقطع عنها في زمن العمل العلني، وكان حضوره يعني نشاطاً إعلامياً، محاضرات فكرية، توجيهات ادارية.
كانت له دعوة على الغداء في بيت الرفيقة محسنة، بحضور زوجها الاستاذ جلال السيد، أحد مؤسسي حزب البعث وكنت الى جانب الامين الياس، مع شقيقها المحامي احسان وقريب هو القاضي امين فنوش ورفيق كان مع الامين الياس.
كان الحديث ودياً متنوعاً، وقال الاستاذ السيد ممازحاً "والله يا محسنة بآخر عمري رح تعمليني قومي". وهذا دليل على قوة شخصيتها وتمسكها بإيمانها من جهتها، واحترامه لها كما هي من جهته.
• بتأثير بعض الاشخاص من الاصدقاء في المركز الثقافي الذي يشرف عليه حزب البعث عن طريق السلطة، تمّ دعوة الامين عمر ابو زلام محاضراً، وكان اول وصوله الى بيت الرفيقة محسنة حيث الغداء بناء على طلبه، وكنت مع الحضور وصديق هو الدكتور قاسم عزاوي، حيث اجتمعنا مع الامين عمر موضحين له الجو العام للبلد والحضور.
وحضر الامين انطون حتي، وكان عميداً للعمل الى دير الزور، مرتين على ما اذكر، وكان اللقاء في بيت الرفيقة محسنة مع البعض لتدارس الوضع العام بالنسبة للقوميين الاجتماعيين.
• في مساء يوم شتوي، تلقيت مكالمة من الرفيقة محسنة التي تقيم في بيتها بعد وفاة زوجها، تدعوني للحضور، وحين حضرت فوجئت بوجود الامين سعيد مخلوف(11).
الامين سعيد بالنسبة لي رفيق سجن القلعة عام 1955 ولم تنقطع العلاقة واللقاءات في مشغله الكائن بالمعرض الدولي، ولكن الذي صدمني، ان الامين سعيد لم يستقبلني بمزحة او بنكتة بل بوجه كئيب عابس، فقلت له انت لست سعيد، قال باختصار: المرض.
وبعد السهرة، انتقل الامين سعيد الى بيتي لتمضية الليل، بعد جولة في المدينة.
وفي اليوم التالي، طلب الي ان اخذه الى مدينة "ماري" التي تبعد حوالي المئة كيلو متر عن دير الزور. فقلت له في حالتك هذه وبهذا الجو البارد لا استطيع أن اجيبك لهذا الطلب. لكن ان عدت في الربيع يمكن اخذك الى مدينة ماري.
فقال اذن سفّرني. لكنه لم يعد وقد زاد عليه المرض.
هذا بعض ما يرد في خاطري من ذكريات عن الجو والحياة للرفيقة القومية الاجتماعية، ذات الشخصية المميزة، التي لم يمهلها القدر فغادرت باكراً.
*
وفاتها:
وافت المنية الرفيقة محسنة في كانون اول عام 2000، فاقيم لها احتفال تأبيني بدعوة من محافظة دير الزور في المركز الثقافي في المدينة حضره حشد كبير من الرسميين والمثقفين والفعاليات والمواطنين. كما حضر وفد مركزي من الحزب السوري القومي الاجتماعي ضم العميدين الرفيقين صفوان سلمان (الامين لاحقاً) وغسان ابي جابر إضافة الى منفذ عام دير الزور وهيئة المنفذية.
ألقيت في الحفل كلمات باسم: نقابة المعلمين والشؤون الاجتماعية والعمل وجمعية المرأة العربية وجمعية العاديات.
وقد ألقى كلمة مركز الحزب السوري القومي الاجتماعي العميد د. صفوان سلمان ومما جاء فيها:
"على ضفاف الفرات السوري سطّر الانسان ملامح التفاعل الاولى مع الارض باتجاه نشوء المجتمع حقيقة كبرى في التاريخ.
إن الانسان المنتمي إلى دورة التفاعل الخصب في الحياة هو المولّد للتاريخ والانسان الواعي لحقيقة انتمائه لمجتمعه، هو الانسان الصانع للتاريخ. وعندما نحتفل اليوم تأبيناً لرفيقتنا الفقيدة، فإننا نحتفي أولاً بمثال جلي لأنموذج الانسان- المجتمع الذي يشارك في حياة أمته وحركة مجتمعه، انطلاقاً من كونه إمكانية فاعلة وقيمة مثمرة في دور التفاعل المادي الروحي الضامنة لاستمرار المجتمع ورقيّه وتطوره.
فالانسان- المجتمع، لا الانسان - الفرد، المنكفئ والمنقطع عن وعي الانتماء، هو الانسان الباني لمجتمعه والمنتصر لأمته عبر اشتراكه الايجابي في الوظائف الحياتية والمعرفية في عمق المجتمع. وهذا ما جسدته رفيقتنا الفقيدة، عبر ممارسة الدور المعرفي في الحقل التربوي والفعل الثقافي الاجتماعي في مساحات عملها الريادي. وتوّجت دورها بتعاقدها العقلي والوجداني على قضية آمنت انها تساوي وجودها، قضية امتها ومجتمعها، فانتمت الى مشروع النهضة، نهضة، العقل شرعها الاعلى ووحدة المجتمع ونهضة الامة في جوهر قضيتها..
لقد آمنت رفيقتنا كما آمن رفقاؤها بالطاقات الكامنة القادرة على الفعل والتغيير والبناء في شعبها، وجسدت إيمانها هذا بدورها الرائد في مدينتها ومتحدها في تفعيل هذه الطاقات.
آمنت رفيقتنا كما رفقاؤها: ان الوجه القاتم للتاريخ لا تغيّره إلا القوة الكامنة في الشعب، في الانسان- المجتمع. إن فعلت صنعت ألقاً يبدد القتامة ويشرّع آفاق الشمس للامة.
واضاف: إن الرؤية القومية الاجتماعية لبناء المجتمع وتطويره وصيانته تنطلق من حقيقة أن " المجتمع معرفة والمعرفة قوة " ولهذا فان القوميين الاجتماعيين يعملون على تحقيق وظائف منهجية ومبدئية في عمق المجتمع تتضمن في خطوطها الرئيسية تعميق الوعي القومي في الانتماء الاجتماعي وتعميق ثقافة وحدة المجتمع وتحصينها في مواجهة العوامل المرضية التقسيمية لبنية المجتمع وترسيخ منهج وعي المواطن لواجبه المستند الى ايمانه بوحدة المجتمع وضرورة بنائه وتطويره، فالمواطن هو موقع فعل ايجابي وبنّاء في المصهر الحضاري المجتمعي".
*
اثر العراك الذي حصل في مدينة دير الزور في أوائل خمسينات القرن الماضي وادى الى استشهاد الرفيق محمد امين جمعة الدغيم، اصدر الاستاذ جلال السيد بياناً ادان فيه تصرفات اعضاء في حزب البعث، ومتخذاً القرار بحل الفرع. وهذا نصه:
" ان حزب البعث العربي الاشتراكي اذ يأسف للحوادث التي وقعت بين المواطنين فإنه في الوقت نفسه يستنكر اسلوب الشدة والعنف والقسوة الذي شاع استعماله في الحوادث الاخيرة لان هذا الاسلوب ليس اسلوب حزب البعث العربي الاشتراكي ولا منهاجه وانما منهاجه كما يعلم المواطنون جميعاً الدعوة الى مبادئه بالحكمة والموعظة الحسنة واذا كان في الشعب قابليات للنضال والكفاح فانها يجب ان يدخر للاعداء والمستعمرين.
ولما كان المشرفون على ادارة فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في دير الزور لم يستطيعوا ضبط بعض الافراد ولم يستطيعوا السكوت على الاستفزازات التي حصلت مع انه كان يجب عليهم ان يستعملوا المزيد من التسامح مع المواطنين رغم كل التعديات التي تقع عليهم وبناء على الصلاحيات والتفويض المطلق المعطى إليّ هذا اليوم برقياً من قيادة الحزب فانني اقرر:
1- حل فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في دير الزور ليعاد تنظيمه في الوقت المناسب.
2- ترك الامور للقضاء يعالجها بمقتضى القوانين.
3- الطلب من السلطات ان تستعمل اقصى الشدة في تهدئة الاحوال.
*
هوامش
(1) الشهيدان محمد جمعة الدغيم ومحمد ويس مرهج: للاطلاع على النبذة المعممة عن كل منهما، الدخول الى موقع
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info.
يضيف منفذ عام دير الزور الامين عبد الوهاب بعاج اسمي الرفيقين الشهيدين:
- عرفان احمد العاني وقد سقط في عملية استشهادية في لبنان بتاريخ 25/12/1986. منح وسام الشهادة، بمرسوم
صادر عن رئاسة الحزب رقم 928/79 تاريخ 31/07/2011.
- توفيق فريح الذي سقط اثر اصابته بشظية صاروخية من داعش عام 2014. رفعت المنفذية ملفه لإصدار مرسوم
بتسميته شهيداً للحزب.
انما لم يصدر المرسوم الخاص بتسميته شهيداً للحزب والمنفذية معنية بمتابعة ذلك.
(2) حسن العياش: تولى مسؤولية منفذ عام دير الزور. شقيقته الرفيقة محسنة كانت ناشطة حزبياً وذات حضور متقدم
في المدينة. كان الرفيق حسن موظفاً في وزارة العدل. استقال بناء على طلب الحزب للتفرغ للعمل الحزبي، خاصة بعد
تعيينه منفذاً عاماً.
(3) جلال السيّد: اقترن من الرفيقة محسنة عياش. للاطلاع على النبذة المعممة عنها الدخول الى ارشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
(4) يفيد الامين عبد الوهاب بعاج ان البيت يملكه أهل الرفيقة زوجة المدير الرفيق محمد كافي الرجي، من آل عداي .
(5) صالح عبود: قدم إلى دير الزور بعد أن تخرج محامياً من كلية الحقوق في دمشق، فتسجل محامياً في مكتب الرفيق
المحامي خضر بطاح .
(6) عمر ابو زلام: منح رتبة الأمانة وتولى مسؤوليات مركزية، منها عمدة العمل. كان ضليعاً في الدين الإسلامي المحمدي، فوالده كان مفتياً في حلب. يصح أن يكتب عنه نبذة تغطي مسيرته الطويلة.
(7) لا يصح حين نتحدث عن الحزب في "الميادين" الا ان نذكر الامين علاء الدين حريب، مؤلف كتاب "تاريخ سوريا السياسي" الذي كان تولى مسؤولية عميد الداخلية عام 1957، غادر الى البرازيل فالولايات المتحدة حيث اقام فيها، ناشطاً ومتولياً مسؤوليات حزبية. وافاه الاجل في ولاية فلوريدا حيث كان اقام في السنوات الاخيرة من حياته. للاكلاع على ما نشرنا عنه الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.
(8) كان للجد الاول للعائلة ولدان: عايش وعياش.
من ابناء عايش: الحاج محمد الذي كان نائباً ووزيراً وتاجراً.
وعياش: من اولاده: محمد، والد الرفيق حسن والرفيقة محسنة عياش .
اثنان من ابناء النائب محمد العايش كانا قوميين اجتماعيين: عبد اللطيف ويحي.
(9) كلمة ماجور Major تعني القائد او الاول، وكانت لا تزال تستعمل في الكلية العسكرية، لمن يحصل على الدرجة الاولى بدورته، ويحمل علم تلك الدورة .
(10) رغم ان الاستاذ جلال السيد من مؤسسي حزب البعث العربي، إلا انه قضى حتى أخر ايامه مع الرفيقة محسنة على انسجام ومحبة.
(11) الامين سعيد مخلوف: فنان معروف، له منحوتات في معظم ساحات دمشق. للاطلاع على النبذة المعممة عنه
الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.
|