لم يكن سعيد صعب صحافياً، بمعنى أنه انصرف إلى مهنة المشقات، إنما كان قومياً إجتماعياً في الصحافة .
فالحزب كان صباحه ومساءه وكل نهاراته ولياليه، كان يتنشق الحزب، يحياه في أعماقه وفي فكره وفي وجدانه وعلى لسانه.
لم يعرف سوى الصدق في كلامه والجرأة والصفاء، ومصلحة الحزب.
طيباً كان، محباً، ودوداً، لا يعرف الحقد ولا البغضاء، لم أعرف أنه خاصم رفيقاً، أو قاطعه أو تناوله بنميمة، إن غضب قال كلامه بوضوح، وإن رأى سوءاً في رفيقه ذهب إليه وعاتبه بحب أو عالج خطأه برغبة أن يصقل رفيقه بكل ما هو قومي إجتماعي .
عرفته في "البناء" مع مطلع العام 1971، وبقيت التقيه، ودائماً أحبه وأرتاح إليه .
عند رحيله (21 آذار 2003) كتبت عنه كل الصحف، نعاه حزبه، نقابتا الصحافة والمحررين، وتكلم عنه كثيرون، من أبرزهم طلال سلمان، عزت صافي، غاصب المختار، زهير هواري، نجيب البعيني، وشهدت دار الطائفة الدرزية في بيروت تدفق عشرات الشخصيات السياسية والإجتماعية والبلدية والعسكرية والإعلامية للتعزية بالرفيق الراحل، ووقفت إلى جانب عائلته قيادة الحزب السوري القومي الإجتماعي ومدير عام السفير ياسر نعمة.
التشييع
ــــ
قالت السفير في عددها بتاريخ 23 آذار 2003 :
" ودعت أسرة "السفير"، مدينة عاليه، نقابتا الصحافة والمحررين والحزب السوري القومي الإجتماعي الزميل الراحل سعيد صعب شميط أمس. كان مأتم التشييع الذي أقيم في قاعة "جمعية الرسالة الإجتماعية" يشبه سعيد. المأتم عائلي بقدر ما كان رسمياً، مهني بقدر ما كان حزبياً، وكانت السماء تمطر بغزارة خلال المراسم، التي كان كل من فيها هم عائلة سعيد، عائلة سعيد كبرت فجأة أنبتت من بين حبات الشتاء، وكأنها تزجي له ولرفيقة عمره رسالة حب من زمن الحزن وفي لحظة الرحيل المؤسف.
شارك في التشييع ممثل رئيس الجمهورية قائمقام عاليه جوزف حبيش، ممثل رئيس مجلس النواب الزميل عرفات حجازي، ممثل رئيس مجلس الوزراء معروف الداعوق، الوزير بيار حلو، النائبان أكرم شهيب وعلي عمار، رئيس المجلس الأعلى اللبناني – السوري نصري الخوري، رئيس الحزب القومي جبران عريجي ونائبه محمود عبد الخالق وعدد من أعضاء القيادة، النائب السابق أنطون الحتي، ممثل رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان رئيس دائرة عاليه في الحزب لواء جابر، رئيس بلدية عاليه وجدي مراد وفاعليات المدينة السياسية والنقابية والحزبية والتربوية. كما شهد التشييع زملاء الراحل سعيد تقدمهم ناشر
"السفير" ورفيقه على إمتداد أربعين عاماً الزميل طلال سلمان، والمدير العام ياسر نعمة. وقد صلي على جثمانه لفيف من رجال الدين تقدمهم الشيخ إبراهيم الريس، وحضره حشد من الأهل والزملاء والأصدقاء " .
تكلم في المناسبة كل من مستشار نقابة المحررين كمال فضل الله، عميد الإذاعة الأمين توفيق مهنا، ثم ووري الرفيق الراحل الثرى في مدافن مدينة عاليه،
من كلمة عميد الإذاعة آنذاك الأمين توفيق مهنا :
نودع في الثرى جسده.. وفي القلب والوجدان والذاكرة يحيا..
يحيا إنساناً عصامياً، إلتزاماً وسلوكاً وعطاء..
يحيا صحافياً لامعاً ومرموقاً.. احتلّ عقله وقلمه وثقافته مساحات واسعة في كبريات الصحف، وكان علماً من أعلام الصحافة اللبنانية، فضلاً عن موقعه المميز – كمثقف – ملتزم في صحافتنا الحزبية القومية التي لم يكتب فيها وحسب، وإنما أغناها بتجربة مهنية مميزة، شكلت زاداً لكثيرين منا، وإني واحد منهم..
كان صاحب قلم حر،.. لم يقف على باب سلطان جائر، ولا على باب سفارة أو على باب رأسمالي ظالم، لم يساوم على قناعات إعتنقها.. ولا إنساق وراء موجات ثقافات الإحباط والتيئيس، مراعاةً لظرف..
هكذا عرفته في عز الصراع، في مواجهة الإجتياح الصهيوني للبنان عام 82، وفي ذروة المواجهة لنظام 17 أيار ورموزه.. هكذا بقي مثقفاً متميزاً في زمن العولمة وشعاراتها التضليلية حول حقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية التي كثر في هذه الأيام حملة الأقلام المأجورة، التي تبشّر بها لقاء حفنة من المال ترمى من سفارة، او من حاكم متواطئ..
يحيا إنساناً عقائدياً، آمن بقضية تساوي وجوده حتى الرمق الأخير. ونهضوياً إرتقى في صفاء فكره وشفافية وجدانه وثقافة نفسه إلى علياء المجتمع الأمثل، حيث القيمة، كل القيمة للإنسان المؤمن برسالة التوحيد، التي تؤمن بالله واحداً لا شريك له، وتؤمن بالمجتمع الواحد غير المنقسم على ذاته، لا على أساس ديني ولا عنصري ولا قبلي، ولا كياني منغلق..
يحيا في ذاكرتنا القومية مناضلاً قومياً، يرى الإلتزام القومي بوحدة الأمة الممزقة بخناجر الإستعمار المسمومة، والمطعونة في صميمها بكيان الإستيطان العنصري اليهودي الصهيوني، يفتك في جسدها سرطاناً لا شفاء منه إلا بالإستئصال، لا بالتعايش معه. والأخطر، الإعتراف به، وعقد إتفاقات السلام الزائف معه ضد مصالح الأمة وهويتها ومصير عالمنا العربي .
من أجل حياة أفضل، ومستقبل زاهر، ترسمل الرفيق سعيد بقيم الحق والخير والجمال.. لتعود بلادنا مصدر إشعاع حضاري، ونبراساً هادياً للأمم..
هو إيماننا بحق شعبنا في الحياة الحرة.. نحمل ما نحمل.. دمنا على كفنا.. ونعشنا على أكتافنا.. نمضي في مقاومة الإمبراطورية الأميركية-الصهيونية في هذا القرن حيث تبني سلطانها فوق أشلاء شعبنا في العراق وفلسطين..
نمضي واثقين أن إرادتنا هي التي تصنع مستقبل هذه الأمة.. "
ذكرى الأربعين
ــــــــ
في ذكرى مرور أربعين يوماً على غياب الرفيق سعيد صعب شميط، أقام الحزب السوري القومي الإجتماعي، نقابة المحررين، جريدة السفير وآل صعب شميط إحتفالاً في قاعة جمعية الرسالة الإجتماعية في عالية كان في مقدمة الحضور، كما أوردت مجلة "البناء – صباح الخير": رفيق شلالا ممثلاً رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، وعرفات حجازي ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري وقائمقام عاليه جوزف حبيش ممثلاً رئيس الحكومة رفيق الحريري والوزيران السابقان النائبان اكرم شهيب وفؤاد السعد، النقيب ملحم كرم، ناشر جريدة "السفير" طلال سلمان ورؤساء بلديات ومخاتير عاليه وجوارها وممثلو أحزاب الإشتراكي والشيوعي والبعث العربي والديمقراطي .
كما حضر رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي الأمين جبران عريجي وعدد من أعضاء قيادة الحزب وجمع من الرفقاء وأهالي عاليه " .
إستهل الإحتفال بكلمة تعريف للرفيق وائل صعب، تكلم كل من نقيب المحررين ملحم كرم، طلال سلمان، النائب أكرم شهيب، ورئيس الحزب الأمين جبران عريجي .
بعد كلمة العائلة التي ألقاها سليم مسعود شميط، ألقى مستشار رئيس الجمهورية رفيق شلالا كلمة جاء فيها:
" كلفني فخامة رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، فشرفني، بتمثيله اليوم في هذا الحفل الذي يُقام إحياءً لذكرى الزميل الكبير سعيد صعب شميط، الذي إنتقل من بيننا، بعد عمر قضاه في خدمة الكلمة والحرية والحقيقة .
ولعل ما تركه الراحل الكبير من عطاء مهني مميز يجعله حاضراً معنا دائماً، وذكراه خالدة في نفوس أهله وزملائه وقرائه ومحبيه .
وما هذا التكريم اليوم، وما قيل عنه وفيه، إلا الدليل على ما كان يمثله سعيد صعب شميط من قيمة فكرية وإعلامية كبيرة، نفتقدها كلما شئنا أن نقرأ ونحلل ونتثقف .
وتقديراً لعطاءات الراحل الكبير، ولحضوره الإعلامي المميز، وللقيمة الفكرية التي اتسمت بها كتاباته، قرّر فخامة رئيس الجهورية العماد إميل لحود منحه وسام الأرز الوطني من رتبة فارس .
ويشرفني أن أسلمه اليوم إلى عائلته الكريمة عربون وفاء من لبنان، تجاه علم من أعلامه البارزين .
وفي ختام الحفل سلّم شلالا الوسام إلى أرملة الفقيد السيدة سليمة صعب شميط .
كلمة ناشر جريدة السفير طلال سلمان :
فقدت " السفير" فجر أمس الجمعة، واحداً من الكبار بين صحافييها: سعيد صعب، الذي كان يتولى تحرير "صفحة الرأي" فيها .
وسعيد صعب الذي واكب "السفير" بإمتداد عمرها تقريباً، ودعها عند باب سنتها الثلاثين، "وغاب عن مكتبه الذي لم يغيّبه عنه دهر الحروب الأهلية / العربية / الدولية، فافتقده رفاقه الذين كانوا يرون فيه – مهنياً – نموذجاً ممتازاً للدقة والأمانة والإخلاص في العمل، فضلاً عن كونه – على المستوى الإنساني – الأخ – الزميل – الصديق لرفاقه جميعاً العاملين في "السفير" كتاباً ومحررين وفنيين وموظفي استقبال وعمال طباعة .
أمس، مع الصباح الكئيب لمباشرة الهيمنة الأميركية حربها على العراق، أغلق سعيد صعب عينيه على ألمه، ومضى إلى الرفيق الأعلى راضياً مرضياً " .
نعي الحزب :
ــــــ
نعى الحزب السوري القومي الإجتماعي الرفيق سعيد صعب وقد جاء في عدد أول أيار 2003 من مجلة "البناء - صباح الخير" ما يلي:
" ينعي الحزب أحد اعضائه الإعلامي سعيد صعب الذي يعد واحداً من أركان الصحافة اللبنانية البارزين، بالإضافة إلى عمله في الوسائل الإعلامية الأساسية في لبنان. كان للراحل حضور دائم في مجلتي الحزب "البناء" و "صباح الخير" حيث أغناهما بالمقالات السياسية التحليلية التي تعالج شؤوناً قومية وعربية ودولية .
إنه واحد من الصحافيين الملتزمين بالقضية القومية، آمن إيماناً عميقاً بمبادئها السورية القومية الإجتماعية، فكان دائم الحضور والتلبية لكل ما يطلب منه، وخلال سنوات إغترابه في البرازيل شغل مسؤولية ناظر الإذاعة والإعلام في منفذية البرازيل، إضافة إلى مسؤوليات إعلامية مختلفة في الحزب .
برحيل الرفيق سعيد صعب يفتقد الحزب السوري القومي الاجتماعي مناضلاً قومياً، لطالما عالج بقلمه قضايا المجتمع. رحل سعيد صعب وعينه على العراق وفلسطين " .
ومن نعي نقابتي الصحافة والمحررين في بيان مشترك :
هو من صحافيي الرعيل المخضرم، الذين أدوا خدمات كبيرة للمهنة وأبنائها وكانوا في طليعة المناضلين في سبيل الحرية والتحرر. والفقيد الكبير ممن تمتع بثقافة رحبة ومركزة على معرفة واسعة باللغات الفرنسية والإنكليزية والبرتغالية عدا تضلعه واتقانه للعربية .
وكان الفقيد من أبرز العاملين في صحافة الحزب وتنقل في حياته المهنية الطويلة بين عدد من كبريات الصح ، صدى لبنا ، السياسة، اليوم، الكفاح، الأحد الجديد، النهار، البناء، والسفير" .
* * *
- ولد الرفيق سعيد صعب شميط في عاليه عام 1928 .
- إقترن من السيدة سليمة جابر .
- شقيقاه: الرفيق مسعود والمرحوم كامل .
- شقيقتاه: جميلة وبدر .
- تولي في الحزب مسؤولية ناظر إذاعة منفذية البرازيل عندما كان مهاجراً إليها، وفي الوطن مسؤوليات إعلامية عديدة .
- وافته المنية في 21 آذار 2003 بعد مرض عضال كابده ثلاثة أشهر وشيع يوم السبت 22 آذار إلى مثواه الأخير في عاليه .
|