"ذات يوم، فاتح الناموس نبيه نعمة على مسؤوليته الخاصة الرفيق النقيب شوقي خيرالله، في موضوع الانقلاب وإمكانيته، فآنس لديه تقبلاً مبدئياً. طلب إلي نبيه أن التقي الرفيق شوقي لاستكمال البحث في هذا الشأن". هذا ما أورده الأمين الدكتور عبدالله سعاده في كتابه "أوراق قومية" (ص. 93).
حصل ذلك عام 1961، وكان الأمين نبيه نعمة يتولى مهام ناموس الرئاسة.
قبل ذلك، في العام 1958، كان الأمين نبيه نعمة قد خسر ابنه الطفل نهاد في حادث إجرامي كان وراءه عميل المكتب الثاني الشامي، المدعو جورج الداية. و مع الطفل الشهيد نهاد سقط الرفيقان زخور الخال وشهدا الخوري.
و قبل ذلك ايضاً كان الأمين نبيه نعمة يتمكن بعد اغتيال العقيد عدنان المالكي من العبور إلى لبنان ليستقر في الأشرفية – بيروت، وليتابع فيها نضاله الحزبي متولياً المسؤوليات المركزية التي كان آخرها ناموس الرئاسة، إلا أن القدر كان بالمرصاد فقد خطفت يد المنون الأمين نبيه نعمة في أواخر العام 1961 و هو لم يتجاوز التاسعة والثلاثين.
*
ولد الأمين نبيه نعمة في بلدة مشتى الحلو (الشام) عام 1922.
والده الرفيق جميل من أوائل رفقائنا في المشتى. والدته مرتا.
أشقاؤه: جرجي، غصن، فريد، سلمى, و الرفيق الشهيد محمود نعمة.
اقترن من الرفيقة ناديا نسيب خوري، من حمص، شقيقة الرفقاء: الشهيد شهدا، ميشال، بشار وأنطون.
بعد انتمائه الى الحزب نشط الأمين نبيه بشكل مميّز، وتولى مسؤوليات حزبية عديدة منها مسؤولية منفذ عام حمص، وكان يتولى هذه المسؤولية عند حصول حادثة إغتيال العقيد المالكي.
درس الأمين نبيه في حلب وعمل مديراً لشؤون الموظفين في شركة I.P.C متنقلاً بين حمص وبانياس.
منح الأمين رتبة الأمانة أواسط العام 1956.
*
حادثة تفجير منزله
بعد أن تمكن الرفيق محمود نعمة من الفرار من سجن المزة حيث كان معتقلاً بعد حادثة المالكي – و هو الفرار الاسطوري الذي لم يقدر على تحقيقه أي سجين آخر – اعتاد أن يتردد الى منزل شقيقه نبيه في الأشرفية، وأحياناً الى قضاء الليل فيه.
من سخريات القدر أن علاقة قربى تشد الرفيقة ناديا نعمة الى والدة جورج الداية التي كانت تقطن مع ابنها، وابنتين لها في محلة مار متر المجاورة لمنطقة فسوح حيث كان يقطن الأمين نبيه في الطابق الخامس من بناية منصور الفرزلي. وكانت توطدت العلاقة بين العائلتين، و معهما تبادل الزيارات.
و فيما كانت الوالدة وابنتاها تتمتعن بالأخلاق القويمة، كان جورج يتعاطى الميسر (القمار) وبالتالي أسير حاجاته الى المال، مما سهل على جهاز المكتب الثاني الشامي الذي كان يلاحق الرفيق محمود نعمة مذ فراره من سجن المزة، للايقاع به، وبالتالي فقد تمكن من تجنيد جورج للقيام بعملية تفجير في منزل الأمين نبيه نعمة مقابل مبلغ مالي مرتفع.
ولأن جورج كان يتردد الى منزل الأمين نبيه بحكم العلاقة بين العائلتين، فقد أمكنه بسهولة أن يدس متفجرة تحت السرير الذي كان مزمعاً أن ينام فوقه الرفيق محمود نعمة.
إلا ان مجيء الرفيقين زخور الخال وشهدا خوري (شقيق الرفيقة ناديا) الى بيروت في مهمة حزبية، جعل الرفيق محمود ينتقل الى مكان آخر، كي يفسح في المجال للرفيقين ألآتيين في من الكيان الشامي أن يناما في منزل الأمين نبيه.
حوالي الساعة الخامسة من صباح يوم السبت 4 كانون الثاني 1958 استفاق الطفل نهاد وطلب قطعة حلوى، ثم ما لبث ان ذهب الى غرفة خاله الرفيق شهدا، ونام في فراشه اذ كان مولعاً جداً به.
في الساعة 6.15 انفجرت القنبلة لتحوّل جسدي الرفيقين زخور الخال وشهدا الخوري إلى أشلاء، ومعهما الجسد الطري للطفل نهاد إبن الأمين نبيه..
بعد ظهر اليوم التالي، الأحد 5 كانون الثاني كان حشد من القوميين الاجتماعيين والمواطنين يتجمعون في باحة مستشفى أوتيل ديو مع أسرة الشهيد زخور الخال وأصدقائه الذين حضروا من عمار الحصن لمواكبة جثمان الرفيق
الشهيد. أنزل النعش محمولاً على الأكف، وتناوب المسؤولون المركزيون حمله إلى السيارات التي انطلقت في موكب خاشع إلى طرابلس فالحدود اللبنانية، الشامية. وفيما عادت السيارات المرافقة للموكب، تابعت سيارات التشييع طريقها إلى عمار الحصن.
وعند منتصف ليل الثلثاء 7 كانون الثاني تجمع الرفقاء مرة جديدة أمام مستشفى أوتيل ديو يتقدمهم عدد من المسؤولين المركزيين وذلك لتشييع جثمان الرفيق الشهيد شهدا خوري الذي حضر أهله من حمص لحمل جثمانه إلى مسقط رأسه. وكذلك رافقه المشيعون حتى الحدود الشامية .
تشييع الطفل الشهيد
صباح يوم الثلثاء 7 كانون الثاني، كانت باحة مستشفى أوتيل ديو والطرق المحيطة تشهد تجمع حشد من الرفقاء والمواطنين الذين توافدوا من أنحاء مختلفة من لبنان رغم الأمطار، والثلوج في ذلك اليوم العاصف من شهر كانون الثاني. عند الساعة الحادية عشرة وصل رئيس الحزب آنذاك الأمين أسد الأشقر مع والدي الطفل الشهيد، الأمين نبيه نعمة والرفيقة ناديا، وباقي أفراد العائلة، يرافقهم المسؤولون المركزيون.
في الغرفة حيث سجي الطفل نهاد وقف الأمين نبيه والرفيقة ناديا يودعان إبنهما الشهيد وسط حزن عميق لف المكان، وإذ أنزل النعش إلى ساحة المستشفى، إرتفعت آلاف الأيدي زاوية قائمة.
أبى الرفقاء إلا أن يحملوا جثمان الطفل عالياً فوق الأكف، وسارت الجنازة على الأقدام من مستشفى أوتيل ديو حتى كنيسة مار متر وسط الأشرفية على إيقاع أجراس الحزن، فيما كان آلاف المواطنين من أهالي وسكان الأشرفية على الطرقات ومن على الشرفات يشهدون أحد أضخم الجنازات التي عرفتها طرقات بيروت.
سار في مقدمة صفوف القوميين الاجتماعيين عشرات الرفقاء حملة الأكاليل وصور الشهداء، وشارك في التشييع رئيس الحزب آنذاك الأمين أسد الأشقر، وإلى جانبه الأمين نبيه نعمة وزوجته الرفيقة ناديا وعدد كبير من الأمناء
والمسؤولين المركزيين، كان من بينهم الأمناء الياس جرجي، عبد الله محسن، علاء الدين حريب، إنعام رعد، أنيس فاخوري.
من خطاب الأمين أسد الأشقر
الأمم العظيمة لا يمكن أن تستمر عظيمة إلا إذا كانت تقدم الشهداء وتطلب الفداء، والشهادة، لمجدها وعظمتها، هكذا كانت الأمم منذ أن وعت نفسها وستستمر الى قرون لا يمكن حصرها في عصر من العصور.
" وأمتنا في هذا العصر تتغذى بالدم الذي يقدمه ويبذله القوميون الاجتماعيون تثبيتاً لقضيتها وتأدية لرسالتها في صراعهم ضد الإرادات الأجنبية التي تتوهم بأن هذه الأمة العظيمة لم تزل أشلاءً ونهباً وغنائم تتوزع على الطامعين.
" ذلك كان ظن الاستعمار الغربي خلال ربع قرن فحاربه القوميون الاجتماعيون وبذلوا الدم وما زالوا يبذلون لتصفية آثاره وتحرير أرض الوطن منه.
" واليوم وهذا هو ظن الاستعمار الشرقي الذي يتوهم أننا بالفعل أشلاء للتوزيع". ولكن ما يتوهمه هذا الإستعمار من أنه شلو ممزق ان هو إلا أمة قد وقفت لتعلن انها لن ترضى إلا بالمجد مطلباً وبالحرية هدفاً ترخص في سبيله التضحيات.
وينهي الأمين الأسد خطابه بالقول:
" أيها القوميون الاجتماعيون،
قد يظن الناس انكم وحدكم المستهدفون وان معركة الحقد والتخريب لا يقصد بها سواكم، إن عليكم أن تشعروا وتبشروا المواطنين ان الأمة جميعها هي المستهدفة وان الاستعمار يستهدف تمزيق الأمة وتجزئتها، وان على المواطنين أن يستعدوا معكم لإنقاذ الوطن من المتحكمين فيه الزارعين بيوته دماراً ودماءً، وأن يعلموا أنكم قوة لا تتراجع وأنكم طليعة الأمة المصارعة العاملة للخير وللمجد والعز".
رغم الفجيعة التي طالت الأمين نبيه نعمة والرفيقة ناديا، فقد بقيا على زخم ايمانهما القومي الاجتماعي، ولم يسجلا تراجعاً عن الاستمرار في حمل لواء القضية القومية الاجتماعية. في رسالته التي وجهها بتاريخ 12 كانون الثاني 1958 إلى رئيس المكتب الثاني الشامي عبد الحميد السراج، يقول الأمين نبيه:
" شهيدنا الصغير الأول، دماؤه الحبيبة، نظرات الشباب الفخورة المعتزة، كفيلة أن تنقذ الأمة والوطن وتنتصر. وسيكون انتصارنا رائعاً بشهدائنا ودمائهم وستشهد أنت الإنتصار وستتعلم كيف نعتز به.
الثأر يا عبد الحميد شأن بدائي. لك أنت أن تأخذ به، أما نحن فسنظل نعمل في سبيل الأمة وعزها ومجدها.
إنتصارنا يوم نحوّل قنابلك إلى "إسرائيل" ، ويوم نحوّل دهاليز سجون أمتنا إلى مدارس.
سنلتقي. وحتى لقائنا والى ما لا نهاية سنبقى نعمل لخلود هذا الشعب.
*
متفرقات
• أبت الرفيقة ناديا نعمة إلا أن تسير وراء نعش طفلها الشهيد نهاد، إلى جانب زوجها الأمين نبيه، ورئيس الحزب الأمين أسد الأشقر.
• رفع الرفقاء نعش الطفل الشهيد على الاكف من مستشفى أوتيل ديو الى مدافن مار متر.
• بالرغم من انقطاع طريق ضهر البيدر بالثلوج وتوقع هطول الأمطار فقد كانت الوفود القومية الاجتماعية تتقاطر الى مستشفى أوتيل ديو حيث ملأت الشوارع المحيطة به، وامتلأت ساحة المستشفى بحشد من المواطنين والرفقاء.
• أجرى التحقيق بالجريمة مستنطق بيروت الأستاذ منير محمصاني.
• كان الأمين نبيه قذ اتفق مع احدى شقيقتي المجرم جورج داية على أن تعمل على تعليم ابنته نهلا (1) كل يوم بعد عودتها من المدرسة. وكانت العائلتان تتبادلان الزيارات باستمرار. ليلة رأس السنة كان الأمين نبيه والرفيقة ناديا يقضيان السهرة في منزل جورج الداية. وليلة الجريمة كانت والدة المجرم جورج وشقيقتاه يسهرن في منزل الأمين نبيه نعمة، وقد ألححن على الرفيقين زخور الخال وشهدا الخوري اللذين كانا ينزلان ضيفين على الأمين نبيه، بأن يناما عندهم بالبيت. وهذا الامر يدل على مدى العلاقة الحميمة التي كانت قائمة بين عائلة الأمين نبيه وعائلة المجرم التي فجعت بالجريمة وكان من الصعب عليها ان تصدق ان ابنها هو الفاعل.
• كان الأمين نبيه نعمة والرفيقة ناديا قد رزقا بابنة، نهلا، وبطفل، نهاد. بعد استشهاد الطفل نهاد، أمكن لهما أن يرزقا بصبي، أسماه نهاد، وهو من الرفقاء العاملين النشيطين.
• تولى الأمين نبيه نعمة مسؤوليات حزبية عديدة كان آخرها مسؤولية ناموس الرئاسة، وهو من الذين أشاروا على رئيس الحزب آنذاك الأمين عبدالله سعاده أن يقوم بالحركة الانقلابية.
عرف الأمين نبيه بصلابته ومناقبيته وبإيمانه المطلق بالنهضة، وهو فارق الحياة أواخر العام 1961 أما
الرفيقة ناديا خوري نعمة فقد وافتها المنية في العام 1986 وشيعت في مأتم حزبي حاشد إلى متواها الأخير
في مشتى الحلو.
• أبرزت الصحف اللبنانية، والكثير من الصحف العربية والأجنبية خبر الجريمة التي أودت بالشهداء الثلاثة. فيما نشرت صحيفتا "صدى لبنان" اليومية و"الزوابع" الأسبوعية، تغطية وافية عن الجريمة، وعن المأتم الحاشد الذي أقيم في اليوم التالي.
ومن بين الصحف الأجنبية نشرت جريدة نيويورك تايمس في عددها الصادر في 5/1/1958 الخبر في
عامود كامل.
• جاء في كتاب "أيام في الذاكرة" للرفيق أنور فهد: "مع بزوغ فجر أحد أيام 1958 كنت نائماً في مركز الحزب ورنّ عندي جرس الهاتف، وعندما رفعت سماعة الهاتف سمعت صوت الأمين نبيه نعمة وهو يقول لي، "رفيق أنور، البقاء للأمة، لقد فجروا منزلي واستشهد الرفقاء زخور الخال، شهدا الخوري وطفلي نهاد، إن عليك فوراً تبليغ المسؤولين في المراكز الحزبية" .
ويضيف أنه اتصل فوراً بمنزل الأمين عبد الله قبرصي، وبحضرة عميد الداخلية، ثم توجه إلى منزل
الأمين نبيه في محلة فسوح – الأشرفية "وكان المنزل محوطاً بقوى الأمن، صعدت السلم لأرى أثاث
البيت المتناثر، وجثث الشهداء الثلاثة وقد غطيت بالشراشف.
*
عن الرفيق الشهيد محمود نعمة
• من المعروف ان الرفيق محمود نعمة (من ضباط الجيش الشامي) تعرّض الى التعذيب الشديد فالإستشهاد في ثكنة المير بشير إثر الثورة القومية الاجتماعية الثانية التي قام بها الحزب ليلة 3031 كانون أول عام 1961.
• يفيد الأمين صلاح دبا أن الأمين نبيه نعمة كان يصرّ في العام 1961، وهو مريض بالقلب، أن يتواجد يومياً في مركز الحزب في شارع بلس – رأس بيروت، صاعداً إلى الطابق الثالث، غير آبه بنصائح الأطباء، ومنهم الأمين الدكتور عبدالله سعاده. كان يقول أنه سيتابع نضاله الحزبي حتى آخر زفرة من حياته، وقد تحقق ذلك.
*
الى الامين نبيه نعمة
نشرت جريدة "الزوابع " في عددها الصادر يوم السبت 11 كانون الثاني 1958 الرسالة التالية الى الامين نبيه نعمة بتوقيع فهمي، (نرجح أنه الرفيق فهمي شريح الذي كان تولى مسؤولية منفذ عام حزور – منطقة مشتى حلو، كفرون، نبع كركر الخ ...).
" كل صدمة.. لك فيها نصيب.. وكل ضربة لك فيها كدمة.. وكل نازلة لك فيها بلاء.. وانت.. انت.. من عرفناك في مدلهم الليالي، وبارقات الأمل.. تعطينا الامثولة تلو الأمثولة، وجبينك الوضاء.. وثغرك البسام، كعهدنا دائماً.. يهزآن بالموت.. ويتغذيان بالألم.. ويتحديان الفناء...!
أيها الامين..!
في ولدك الشهيد.. لأبنائنا قدوة.. وفي رجولتك الصامتة.. لأجيالنا عبرة.. وفي هدوئك الرزين.. عزم ماض وقوة لا تلين.. !
في نفس كل قومي اجتماعي لك منزلة.. وفي صفحات تاريخ صراعنا لك مقام.. وفي أعماق أعماق اولئك الذين عرفوك.. تجلة واحترام.
فإليك أيها الأمين.. عزاءنا القومي الاجتماعي.. بنهادك الشهيد وبرفيقيك الشهيدين.. عزاء كله محبة.. تفيض بالحق والخير والجمال.. ننشره من دماء شهدائنا.. على دروب أمتنا.. في سيرها الحثيث نحو النصر الذي ليس لنا منه مفر...!
إليك.. والى رفيقتنا أم نهاد.. والى رفقائنا أعمامه الابطال.. ما تعجز دونه الكلمات تعبيراً.. نختمه بالصبر الذي لا بد منه.. الى ان يحين الوقت.. وتأزن الساعة التي لا ريب فيها.
*
الرفيقة ناديا خوري نعمة:
من مواليد مدينة حمص، وهي عرفت النضال القومي الاجتماعي رفيقة، وزوجة للأمين المناضل نبيه نعمة، شقيقها الرفيق شهدا استشهد في المتفجرة، وشقيقها الآخر الرفيق أنطون كان غادر إلى التشيلي حيث عمل حزبياً وتولى فيها مسؤوليات محلية إلى جانب الرفيقين المرحومين لويس خوري وحسني قرنفلي، والرفيق الثابت على إيمانه وتفانيه ونشاطه المستمر، لويس كباش .
من كتاب "أنا والتنين" لفقيد الأدب الرفيق سعيد تقي الدين، هذه الرسالة الموجهة منها إلى طفلها الشهيد:
" إلى طفلي
كنت يا حبيبي غافياً تحتضن لعبتك حين أطفأت النار شعلة الحياة في عينيك الغاليتين وتأججت في قلبي... ترى أية أحلام كانت رؤاك تغزو؟. أكنت تحلم ببيتنا الحبيب الذي تشردنا عنه؟ أم كنت ترود الغد القريب تحلم بشبابك المقبل، يا ما كان أروع شبابك لو بلغته.
كان يشرد بي الخيال أحياناً وأتصور انك كبرت وكبرت معك بندقيتك الصغيرة وآمالك، لو بلغت شبابك واستشهدت دفاعاً عن الوطن لكنت تعزيت، أما الآن... ترى ماذا يجني الوطن من تمزيق الأطفال؟.. من يستطيع الجواب؟ أترى يجيبني سفاحو الأطفال،.. ميتمو الأطفال،.. مشردو الأطفال عن صدور أمهاتهم.
آه يا أطفال دمشق، النار التي أطفأت شعلة الحياة في عيني صغيري تتأجج في صدري، لقد جمدت خطى ابني وصمتت تفتفته وأغاريده وانطفأ غده وغاب بلا شروق...
يا أطفال دمشق سلمت عيونكم، أيقظوا الإنسانية التي تحتضر فأنتم عزائي.
***
هوامش
(1) نهلا نعمة، نشطت في ستينات القرن الماضي، وكانت طالبة ثانوية، غادرت الى الولايات المتحدة،
مستمرة على ايمانها القومي الاجتماعي.
|