إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

من هم هؤلاء

راجي سعد

نسخة للطباعة 2015-06-24

إقرأ ايضاً


في 2013 استشهد الرفيق محمد علي عواد ابن جبيل اللبنانية دفاعا عن حمص الشام وخلال اقل من سنة استشهد الرفيق ايهم أحمد ابن طرطوس دفاعا عن القنيطرة واستشهد الرفيق سامي سعاده ابن وادي النصارى بجانب الرفيق عبد العزيز محمد الهلال ابن حلب دفاعا عن جسر الشاغور ومؤخرا وليس آخرا استشهد ابناء السويداء الرفيق فيصل الأطرش والرفيق رشوان مشرف دفاعا عن ارضهم ضد التكفيريين واعوانهم.

في هذا الزمن الذي تخنق فيه الطائفية انفاسنا من كثرة التحريض والترغيب والترهيب، ما الذي يدفع هؤلاء المنتجين فكرا وصناعة وغلالا من طلاب ومهندسين وغيرهم الى التضحية بحياتهم قريبا او بعيدا عن مسقط رأسهم ومسقط طوائفهم وليس لوعود في جنة السماء تشفي غرائزهم المكبوتة. ما الذي يدفع هؤلاء الى التجرؤ على تخطي القلم الذي استعملاه سايكس وبيكو لعصر شرايين التواصل والحياة في جسم الوطن الواحد منذ اكثر من مئة عام. من هم هؤلاء ومن أين أتوا.

هؤلاء الشهداء لم ياتو من العدم فقد سبقهم ابطال آخرون مارسوا البطولة المؤيدة بصحة العقيدة العلمية الواقعية التي عرفت ان الصهيونية هي الداء الخبيث الذي يفتك بمجتمعهم، فنبهوا منها وحاربوها قبل تاسيس كيانها وحتى اليوم. في فلسطين حاربها امثال الرفيق حسين البنّا ابن جبل لبنان والرفيق محمد الشلبي ابن حيفا وفي لبنان طردها امثال الرفيق وجدي الصائغ نسر الجبل والرفيقة سناء محيدلي عروسة الجنوب والرفيق عمار الاعسر أسد بانياس. كذلك واجه شهداء اخرون كثيرون المشروع الصهيوني بكل امتداداته الداخلية فثاروا على النظام الطائفي في لبنان في 1949 وفي 1961 وواجهوا الانعزاليين والانفصاليين والعنصريين على انواعهم.

هؤلاء الشهداء لم تدفعهم عاطفة الدين الى جنة الخلود بل دفعهم إيمانهم بفكر أطلقه زعيم الشهداء وقدوتهم انطون سعاده الذي درس وعرّف من نحن وما الذي جلب علينا هذا الويل فحدد الخطة المعاكسة لوحدة امتنا ووطننا التام من المتوسط الى الخليج ومن اعلى جبال طوروس وزغروس الى الصحراء العربية والتي كان من اهم بنودها فصل الدين عن الدولة لكي لا نتقاتل عبثا على السماء فنتمكن من صون الارض واهلها. سعاده لم يضع فكره على رفوف المكتبات بل أسس الحزب السوري القومي الاجتماعي في 1932 وقاتل وحاول تأسيس جيش قومي للدفاع عن فلسطين وارتبطت حياته فكرا وممارسة بأمته حتى استشهد في 8 تموز 1949 بعد إعلانه الثورة القومية الاجتماعية الاولى لصد مؤامرة عليه وعلى حزبه شاركت فيها المارونية السياسية الانعزالية والبرجوازية السنية النفعية مع السلطات الشامية العميلة وبتخطيط وتنسيق من المخابرات الإسرائيلية والغربية.

هذه المسيرة لم تنطفئ رغم الويلات المستمرة فكانت وما زالت شعلة تضيء طريق البطولة المؤمنة بشعبها ووطنها، والتي جعلت هؤلاء الشهداء يؤمنون بان كل المشرق موطنهم واهلهم فان بكت بيروت تدمع بغداد وان تألمت القدس انّت دمشق وحلب فلا تهزهم مجزرة بحق أبناء طائفتهم فقط بل كل المجازر تذبحتهم في الصميم فدماء الشيعي ليست أغلى من المسيحي وروح الدرزي ليست اسكن من السنّي.

هؤلاء هم حركة الشعب العامة في مواجهة مئة عام اخرى من السايكس-بيكوية الجديدة التي قد تقضي على الحياة فينا وتترك لنا العيش الذليل. هذه السايكس-بيكوية الجديدة ليست سياسية فقط كسابقتها بل هي اجتماعية تشرد وتهجر وتفصل وتشرذم لكي تضع حدودا جديدة على اساس نقاوة الدين والعرق قد يصعب اعادة اللحمة اليها فيما بعد وستكون تشريعا للكيان الصهيوني العنصري اذا نجحت. هذه الحركة اذا لم يفهمها ويدعمها الشعب هذه المرة كما لم يفهموا سعاده سابقا فنحن ربما نسير الى عبودية طويلة.

هؤلاء الشهداء من الشعب الواحد وللشعب الواحد ولم ياتوا من كوكب آخر بل هم من رحم هذه الارض. انهم اصحاب رسالة ارض تسعى الى التكامل مع السماء وليس الاقتتال من اجلها. انهم اصحاب رسالة العقل فيها يشرع الحياة والسماء فيها تزرع الخير والجمال والحب على الارض ليحيا شعبها بالعز. انهم رجال الله في الميدان. انهم أبناء الحياة.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024