إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

لانه نظام فاسد

راجي سعد

نسخة للطباعة 2012-12-28

إقرأ ايضاً


بعد استقلال الاقطار العربية في القرن الماضي من الاحتلال الفرنسي والانكليزي ولن نقول العثماني لان البعض لا يعتبره احتلالا، حكمت الكيانات المشرقية (سوريا والعراق) انظمة دكتاتورية "ثورية وتحررية" ذات افكار وطموحات كبيرة لكن هذه الطموحات لم يتحقق منها الا القليل وظلت ضمن الضوابط التي خطها لهم سايكس وبيكو والتي مهدت لانشاء اسرائيل واستمرارها. بدل من الاصلاح والنهوض جمعت هذه الانظمة ميزة اخرى ولو بدرجات متفاوتة هي الفساد والقمع. اليوم وبعد صبر طويل ها هي الشعوب تنتفض على هذه الانظمة ومن يمثلها من "فاسدين وطغاة" وتستعمل اي وسيلة للخلاص منها. في العراق رحب البعض ضمنيا او علنيا بالاحتلال الأميركي لانه خلصهم من "الطاغية" وكانت النتيجة ضوابط جديدة فرضها الحاكم بريمر ووزير الحرب رمسفيلد باسم الديمقراطية قسمت العراق وكرست الطائفية والعرقية فيه وخلقت "طغاة" جدد. في سوريا اليوم يعتبر البعض ايضا ان كل الوسائل مبررة لاسقاط النظام "الفاسد" حتى ولو رسم ضوابتها بريمر ورمسفيلد جديدين.

لانه نظام "فاسد"، اقضوا على ادمغته ورجالاته التي بنت الدولة والجيش فاحدى عشر طيارا سوريا الذين اغتيلوا عندما كانوا ذاهبين مع اسرهم في اجازة (قبل استخدام الطيران) واللواء الدكتور نبيل زغيب، احدى ابرز العقول الاساسية في برنامج الصواريخ السوري، الذي اغتيل مع عائلته في دمشق، هم شركاء لهذا النظام في قمع الثورة. كذلك فرجال شبكة الدفاع الجوي السورية، الذين وظيفتهم تقنية بحت ولا ناقة اهل ولا جمل في الصراع الدائر والذين اغتيل واعدم المئات منهم بشكل ممنهج، هم عملاء للاسد. لا ننسى ايضا العلماء واطباء واساتذة الجامعات والفنانين والاعلاميين ورجال الاقتصاد الذين استهدفوا اما بالاغتيال واما بالتهديد والوعيد، فهم ايضا من نفعيي النظام.

لانه نظام "فاسد" دمروا مؤسسات الدولة واقتصادها الذي بناه السوريون بعرق الجبين ولسنين طويلة. دمروا مصافي وخطوط النفط والغاز ومحطات توليد الطاقة وشبكات الكهرباء والمياه والجسور. لا تستثنوا ايضا المعاهد والمدارس والعيادات الصحية والمؤسسات الحكومية، وانهبوا المعامل وصوامع القمح والبذار في ريف حلب وراس العين وهربوها الى تركيا، فكل هذه المؤسسات "أسدية" تستغل السوريين وتخدم النظام.

لانه نظام "فاسد"، عاقبوا الاقلية العلوية جماعيا على اعماله فدمروا معابدها الكافرة في ادلب وحللوا ذبحها في قرية عقرب قرب حمص فهم شركاء للنظام ومرتدين عن الدين. كذلك الدروز فسلطانهم الاطرش المرتد دخيل على الثورة السورية الكبرى فارسلوا لهم السيارات المفخخة الي جرمانا ولا تقصروا في ترهيبهم. اما المسيحيون فاستبيحوا كنائسهم وارزاقهم وهجروهم فاهليتهم للكتاب او الذمة مؤجلة ربما الي ما بعد "الثورة". إنْهوا كل هؤلاء واهل السنة معهم عن المنكر بتشكيل «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في مدينة الباب في ريف حلب فبدل من ان توسعوا الحرية السياسية التي قمعها النظام، اقضموا الحرية الفردية والاجتماعية التي امنها النظام بشكل واسع فافرضوا الصلاة بالاكراه وحجبوا المرأة قسرا وربما ستتجراون على منعها من قيادة السيارة.

لانه نظام "فاسد"، اشبكوا ايديكم مع ايادي اعداء الاسلام للقضاء عليه فهو اخطر عليكم من امريكا واوروبا الذين فعلوا ويفعلون المستحيل من اجل فلاح وتقدم الاسلام والشعوب الاسلامية. هذه الدول تقطع العلاقات وتحاصر النظام اقتصاديا وسياسيا وتراقبه بالاقمار الاصطناعية وتوظف الجواسيس وتزود المخابرات التركية باهم المعلومات عنه خدمة لكم ومن دون مقابل، فهي لا تسعى الى "شرق أوسط جديد" ولم تكن يوما في خدمة اسرائيل فالديمقراطية وحقوق الانسان التي اظهرتموها مؤخرا اذهلتهم وجعلتهم ينسون تاريخهم ويسيرون بجنبكم وامامكم

لانه نظام "فاسد" وقمعي، تمولوا من انظمة عرب أميركا التي هي اشد فسادا وقمعا منه في خدمة أميركا. لا يهم ان كانت هذه الانظمة اطلقت اسم العائلة على مملكتها وتهدر اموال "الامة" على الكيف والبذخ في اوروبا او على شراء الاسلحة وتكديسها فقط لدعم اقتصاد هذه الدول. النظام السوري اسوا من هؤلاء لان فساده لا يستفيد منه الغرب ولا يغذي اقتصادياتها باكثر من 60 بليون دولار سنويا (اكثر من دخل سوريا القومي) لشراء الاسلحة ولا يمضي فاسدوه ليال اللهو والفسق في ربيعها.

لانه نظام "فاسد"، اطيعوا وباركوا دولة الناتو الاسلامية التائبة فمواجهة أوردغان لبيريز ودفاعه عن سفينة مرمرة وعن غزة مؤخرا دليل قاطع على غيرته على الاسلام وفلسطين. لا يهم اذا كانت تركيا ما زالت على تعاون وثيق في مجال الصناعة الحربية مع اسرائيل ولا يهم ان تكون تركيا هي ثاني اكبر دولة تتعامل تجاريا مع اسرائيل في العالم فالسلطان أوردغان "يفش الخلق" ولا يهمه غاز المتوسط ولا الاتفاق الاسرائيلي-القبرصي لتقاسم الغاز فمعاذ الله ان يستعمل الفلسطينيين كورقة ضغط على اسرائيل لكي يكون له حصة من هذا الغاز. أيضا والاهم من كل ذلك، لا يهم ان تكون تركيا بنت وتبني 22 سدا عملاقا على "هبة سوريا والعراق" نهري دجلة والفرات الذين يعتمد 60% من اقتصاد سوريا عليهم. لا يهم ان تستأثر تركيا بكل مياه الفرات ايام الجفاف وتهجر 300 الف سوري من الجزيرة الى مخيمات البؤس في درعا ودمشق وغيرها في 2009، بسبب سياسة أوردغان التي أعلنها سلفه تركت أوزال صراحة بان "نهري دجلة والفرات نهرين قوميين تركيين" وان "المياه لتركيا والنفط للعرب"

لانه نظام "فاسد"، خَوِنُوه لان الاسد الاب خاض حرب تشرين 1973 بجدارة ورفض كامب ديفيد وحاول كسر ضوابط سايكس-بيكو في سعيه الى الوحدة القومية مع العراق برئاسة أحمد حسن البكر في 1979 فانقض عليهم صدام واعدم كل عراقي وافق على هذه "الخيانة". خونوه الف مرة لانه قاد معركة اعادة لبنان الى محيطه العربي الطبيعي بعد ان وصلت اسرائيل الي بيروت في 1982 و"انتخبت" بشير الجميل رئيسا فلم يسمح له ان يحكم يوما واحدا، والغى اتفاق 17 ايار مع الوطنيين اللبنانيين. أرجموه لان الاسد الابن رفض مشروع الشرق الاوسط الجديد او سايكس-بيكو-2 الذي رسمه "الفيلسوف" برنارد لويس وكيسنجر وغيرهم من وكلاء الصهيونية العالمية لفرزنا الى قطعانا عرقية وطائفية تاكل بعضها البعض وبذلك شرعنة وجود اسرائيل كدولة يهودية صافية العرق. لا ترحموه ابدا فعدم الموافقة على قرار أوسلو "المستقل" واحتضان حماس ودعم المقاومة في فلسطين وتزويدها بالصواريخ وتبني مقاومة لبنان والوقوف معها وحيدا بين العرب في ملحمة 2006 خطيئة لا تغتفر.

لانه نظلم فاسد لن ارحمه ايضا فسأدعوه الى نبذ الفساد والمحسوبيات وبناء الانسان الجديد المنتمي الي وطنه وليس لطائفته اولا وسادعوه الى تبني الديمقراطية الوطنية المتجانسة وليس الديمقراطية الطائفية المتنافرة والفوضوية التي يريدها برنارد ليفي وكلينتون ومجلسكم وائتلافكم الاسطنبولي-القطري. لدعم مواقفه القومية الشريفة ولكي لا تستغل المطالب الشعبية المحقة من الاعداء المتربصين، سانتقده واصرخ في وجهه وافعل ما استطيعه لاقناعه بالتغيير والاصلاح الداخلي لكني لن اساهم من خلال ذلك، مباشرة او غير مباشرة، في تدمير سورية الحضارة والمؤسسات والجيش وتحقيق اهداف الصهيونية الاستراتيجية في تثبيت وشرعنة اسرائيل كدولة يهودية عبر خلق كيانات عرقية وطائفية مماثلة حولها. لن يغشني أوردغان بانه سلطان سليم العصر الفاتح لأبواب أوروبا، فاعماله تدل بانه أتاتورك العصر الفاتح لمصالح واطماع تركيا القومية في الغاز والمياه والمستجدي على أبواب أوروبا والمستغل لاسلامه. واخيرا لن استبدل نظام قمعي ينخره الفساد باي ثمن وبنظام عنوانه النهي عن منكر الحريات الفردية والاجتماعية والمسلحين الطائفيين التكفيريين والقادة المستريحين في فنادق الاستخبارت بين الدوحة واسطنبول.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024