إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

فرقة اجنبية من نوع جديد

د. تيسير كوى

نسخة للطباعة 2017-07-03

إقرأ ايضاً


كتبت في آب 2011 مقالاً تحت عنوان " حرب من نوع جديد على سورية " قلت فيه أن حلف الناتو هو الذي يشن هذه الحرب وهو حلف صار من الواجب تغيير اسمه ليصبح " منظمة السطو المسلح الغربية " . وذكرت القارئ بان تركيا هي عضو شبه مؤسس في الحلف العدواني المذكور . و وصفت هذه الحرب بانها تفكيكية.

أضيف في هذا المقال ان " داعش " هي بالفعل " دااعش" أي ( دولة اسرائيل وأميركا في العراق والشام ) وهي بالفعل فرقة في الجيش الأميركي أو جيوش الناتو مؤلفة من عدد من الكتائب العسكرية التي لكل منها اسم يختلف عن اسماء الكتائب الاخرى لأسباب عديدة سأذكر اهمها لاحقاً وتشبه هذه الفرقة الى حد بعيد جداً الفرقة الأجنبية ( ليجيون اترنجير ) في الجيش الفرنسي التي تألفت بمسعى من الملك الفرنسي لوي( لويس) فيليب في آذار 1831 وذلك من " زعران " فرنسا ودول أوروبية أخرى بغية حماية المجتمع الفرنسي من أعدائه الداخليين والخارجيين . وكان من شروط انتساب غير الفرنسيين الى هذه الفرقة أن لا يحاربوا في فرنسا نفسها بل في مستعمراتها التي كانت الجزائر من أوائلها . وتتخذ قيادة هذه الفرقة حالياً من مدينة أوبان الفرنسية مقراً رئيسياً لها , مثلما تتخذ قيادة فرقة أو فرق داعش من تركيا مقراً رئيسياً لهاحالياً . وتتألف الفرقة الفرنسية الان من نحو ثمانية آلاف عسكري جاءوا من ما يقرب من مئة واربعين دولة ( احصاء 2008) ومن المعروف عن هذه الفرقة التي تتمتع بعصبية وروح جماعية تضامنية عالية جداً أن المنتمي اليها يعتبرها وطنه ( أرض الآباء ) وحالما يصاب عضو الفرقة في حرب من الحروب يصبح له الحق في اكتساب الجنسية الفرنسية أي يصبح فرنسياً " بفضل الدم المسفوك أو المراق " .

شاركت هذه الفرقة في حروب فرنسا الاستعمارية كلها وفي الحربين المعروفتين بالعالميتين الأولى والثانية . وكان أول استخدام لها في الحرب التي خضعت فيها الجزائر للاحتلال الفرنسي نحو 1830 . ثم شاركت هذه الفرقة المعروفة بوحشية جنودها في حرب القرم وحرب استقلال ايطاليا ( القرن التاسع عشر ) وحرب فيتنام وحرب التشاد وحرب الخليج كما شاركت في الحرب اللبنانية لا سيما بين عامي 1982ـ 1984 . وتستضيف الامارات العربية المتحدة حاليا جنودا ً من هذه الفرقة .

والمعروف أن تدريب هذه الفرقة شاق الى أبعد الحدود جسدياً ونفسياً ويذكر ان الغاية الأساسية من انشائها لا حماية المجتمع الفرنسي من زعرانه وشواذه فقط كما اسلفنا بل استخدامها في توسيع الامبراطورية الفرنسية وحماية مصالحها . وفي هذا السبيل فقدت الفرقة أعداداً كبيرة من جنودها لا سيما في معركة ديان بيان فو( فيتنام) في الخمسينات من القرن الماضي . وتعتبر الفرقة حالياً جزءاً هاماً من قوى التدخل السريع الفرنسية التي تسهر على مصالح فرنسا في بعض دول أفريقيا والدول التي كانت مستعمرات فرنسية .

يذكر أن دول أخرى حذت حذوة فرنسا وأنشات فرقاً أجنبية مماثلة في جيوشها مثل اسرائيل وبريطانيا وغيرهما لخدمة الغايات نفسها التي انشئت لخدمتها الفرقة الأجنبية الفرنسية .

الجديد في الدواعش التي تحارب في دول الشرق الحضاري أنها مؤلفة من عدد من الفيالق لأسباب منها ايهام العالم بان عدد الراغبين في تفكيك دولتي سوريا والعراق كبير جداً ومتنوع , ومنها الخوف من أن تتوحد الفرق وتصبح فرقة واحدة ذات عصبية قوية اذ تصعب عندئذ السيطرة عليها وخصوصاً اذا تمكنت من تمويل نفسها بنفسها كما يبدو أن داعش صارت جزئيا على الاقل ذات تمويل ذاتي (جباية ضرائب وسرقة نفط وابتزاز الخ ...)

خلاصة القول ان الدواعش في سورية و العراق ما هي الا استنساخ للفرقة الاجنبية الفرنسية. وتعكس الدواعش ما تعلمه الغرب و اكتسبه من خبرة عملية جراء استخدامه المتواصل للفرقة الفرنسية المذكورة.

قد يغير الغرب سياساته لكنه لا يغير استراتجيته الأساسية وأساليبه في الغدر والقتل والتدمير و الخداع و الكذب . ان انشاء " داعش " أو " الدواعش" لا يخالف التقاليد العسكرية الغربية بل ينسجم معها ويعصرنها او يجددها وهو يلبسها حالياً لباسا دينياً اسلامياً كما ألبسها في مناسبات أو حروب أخرى سابقاً لباس الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان .

المؤكد أن الغرب لن " يضحي" بمواطنيه الاصليين بعد حربي العراق وأفغانستان والحروب البربرية التي سبقت بل سيشن حروبه كلها من الآن وصاعداً بواسطة جنود ودول مرتزقة لا دين لهم ولا شرف ولا انسانية, جنود مدربين على نحو يستفيد الى اقصى حد ممكن من المكتشفات العلمية المعاصرة لا سيما في علمي النفس والطب التي ينفق الغرب وحلفاءه وأتباعه عليها أمولاً طائلة .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024