إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

من آستانة 6 إلى 7 إلى 8 ، من أعطى لتركيا مسمار جحا .؟.

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2017-11-03

إقرأ ايضاً


تركيا التي كانت تدعم البرزاني لبعض مصالحها انقلبت عليه عندما استشعرت أنه يعمل للانفصال عن العراق ، وهو بذلك سيكون النموذج والقدوة لغيره ممن يحلمون بدولة كردية تتناقض كليا مع النظام التركي ، فالأكراد أكثريتهم تحت الحكم التركي في الأراضي السورية المحتلة منذ أكثر من قرن ( محافظات خمس و .. 96 ألف كيلو متر مربع ) والأكراد من يصارعون الاحتلال التركي عبر تاريخ طويل ، ليس من أجل العودة إلى الوطن الأم سورية ، بل من أجل دولة تمتد من ايران إلى المتوسط شاملة شمال العراق ، وشمال سورية ، وما تعتبره تركيا جنوبها ، سقط البرزاني الذي لم يحسبها جيدا ، ولن يستمر في الحكم ، ربما ليستمر من خلف الكواليس وهذا ما لن تسمح به قيادات كردية منافسة خصوصا بعد أن احترقت ورقته وأصبح فاقدا لقـوة كان يراهن عليها ، فخذلته ، وسيلحق به مسلم وجماعته بالتأكيد ، قريبا .

تركيا المصابة بفوبيا الكرد ، وحزب العمال الكردستاني لا تدع فرصة إلا وتستثمرها ، حتى ولو جاءت على هامش الصراع معهم ، وهكذا ، مع أن ما تم اقراره في مؤتمر آستانة - 6 - لم يعط لتركيا الحق في احتلال ادلب السورية وفرض السيطرة عليها عسكريا ، بل ارسال مراقبين كما فعل الروس إلا أنها اعتبرت ذلك تفويضا وفهمته كما تريد لا كما ينص الاتفاق ، وبدلا من عزل النصرة المصنفة دوليا إرهابية ، نراها تتعاون معها ويقوم عناصر النصرة بمهمة الاستطلاع العسكري وحراسة جنبات ومقدمة الأرتال العسكرية التركية وتسليمها المعسكرات والمناطق الصالحة لإقامة معسكرات جديدة وهذا بحد ذاته اثبات أن العملية منسقة ومتفق عليها ، وعلينا أن نتوجه بسؤال إلى الضامنين الروسي والايراني : هل أنتم من طلب من الجانب التركي الدخول إلى ادلب أم أنكم وافقتم بناء على طلب أردوغان وربما إلحاحه .؟. ونفهم أن الجانب السوري لم يوافق أبدا على انتشار أية قوة عسكرية تركية أو غربية .

من خلال متابعة مقررات آستانة 6 التي نشرت أو حتى ما تم تداوله لم نجد سندا يعطي لتركيا الحق في ادخال قوات عسكرية نظامية تتضمن آليات ثقيلة ، مدرعات ودبابات ومدفعية ، فقط نص الاتفاق على وجود مراقبين هم بالأساس من الشرطة العسكرية المعروفة على نطاق دولي ( MP ) ، وهؤلاء يستخدمون آليات خفيفة ويمكن اعتبارهم مراقبين دوليين لا يتعرض لهم أحد ، ولا يشتبكون مع أحد ، أما ما حصل على أرض الواقع فكان استغلالا يتجاوز الاتفاق ، لفرض نوع من الوصاية والاحتلال بعنوان – مؤقت – لإعداد المنطقة وتتريكها والتمهيد لإنتاج واقع مختلف يمكن معه الدعوة إلى استفتاء محلي واظهار رغبة شعبية للبقاء مع النظام التركي أو تحت حمايته أو الانضمام للدولة التركية نهائيا ، ومن يقول ..لا ، أو يستبعد حصول ذلك نحيله إلى تاريخ قريب ومجريات ما حصل في اللواء ( سنجق الاسكندرون ) وما أعلنه المسؤولون الأتراك في حينه ، إضافة إلى الفرنسيين المنتدبين على سوريا ، بالأحرى المستعمرين لها حينذاك .

الذريعة التركية حاضراً ذات شقين ، الأول منع تواصل كردي بين الشرق وعفرين والبحر ، وهي ذريعة ساقطة جغرافيا وديمغرافيا ، ويعلم الأتراك ذلك إلا إن كانوا على اتفاق مع الأمريكي لإخراج المسرحية بهذا الشكل ، دعم أمريكي ، تحرك كردي ، ورد فعل تركي ، وكل ذلك حصل واقعيا دون إعلان ولكنه لا يحتاج إلى تنجيم أو ترجمة ، الشق الثاني هو فصل هيئة تحرير الشام - جبهة النصرة عن باقي التنظيمات المسماة " معتدلة " وهي في الحقيقة واحدة ولا خلاف إلا على الزعامة والغنائم ، وهي الأخرى ذريعة ساقطة بعد هذا التعاون والاستقبال الحميمي ، وإذاً ، تركيا ليست معنية بمحاربة الارهاب والتنظيم الارهابي المعرف دولياً ، بالعكس تبدو تركيا معنية بحماية هذا التنظيم واستثماره وأشك بأنها تأخذ بالاعتبار أي تعهدات أو اتفاقيات التزمت بها تجاه الأطراف الأخرى – ايران وروسيا .

بعد آستانة -7 - وربما خلاله تعرض روسيا التوسط بين دمشق وأنقرة ..! . هل هو الموقف المنطقي والمقبول ، وهل يكون توسط مع الاحتلال .؟. نحن لا نطالب الروسي أن يقوم بإخراج التركي بالقوة ، بل أن يعلن أن الجانب التركي خالف وخرج على الاتفاق وليس من حقه إقامة قواعد عسكرية على الأرض السورية واستنكار فرض سلطته المدنية والخدمية وعمليات الربط الخدمي والاقتصادي واعلان تفهم الموقف السوري وتأييد اجراءات الدولة السورية في هذا الخصوص ، وأولها طلب انعقاد مجلس الأمن لإصدار قرار يطالب بخروج القوات التركية حفاظا على الأمن والسلم الدولي وحتى لا تكون حربا بين الدولتين الجارتين خصوصا وأن النظام التركي لم يحافظ على علاقات حسن الجوار مع كل ما أبداه من عدائية في التعامل ودعم للإرهاب الدولي وتسهيل مروره عبر حدود مفتوحة .

رئيس الوفد السوري إلى لقاء آستانة -7- وفي مؤتمره الصحفي اعتبر الدخول العسكري التركي إلى محافظة ادلب عدوانا صارخا على السيادة السورية ، وكان على الضامنين الروسي والايراني تبني هذا الموقف الوطني – السيادي ، والطلب على المكشوف من النظام التركي الخروج ، ليس همسا ، بل بموجب بيان صحفي واضح وصريح ، وتحميل تركيا مسؤولية التطورات السلبية الناجمة عن سلوكها ، سورية قالت كلمتها ، وأصبحت الكرة في ملعب الضامنين والأطراف الدولية الأخرى التي تقول بالحفاظ على وحدة أراضي الجمهورية ، وبضمنها أراضي اللواء السليب لو أحسنا الطرح باعتبار القضية ما زالت معلقة في المنظمة الدولية ، وليس من حق أحد منح ما لا يملك لمن لا يستحق ، فقط مع شريعة الغاب ومنطق القوة الذي تتعامل به دول الاستعمار ، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية .

لو يفهم أكراد سورية اللعبة الدولية التي تلعبها أمريكا على ساحة الدول الصغيرة ، لتمزيقها اثنيا وطائفيا ومذهبيا لما شاركوا ، ولما شكلوا مخلبا يؤذي وطنهم وأبناء شعبهم ، لو يفهموا عمق العلاقة بين التركي وحلف الناتو ، وأن هذا الحلف بقيادة أمريكا ليس على استعداد لخسارة تركيا بموقعها وبما تمثل لأدركوا أنهم لا يمثلون أهمية للمشغل الأمريكي ، ليس هم فقط ، بل أيضا السوريون من اثنيات وطوائف أخرى الذين سقطوا أمام الاغراء المادي وضعف الرابط الوطني ، وأيضا التحريض الاعلامي والتضليل الذي قام به رجال دين لا علاقة لهم بالإيمان ولا بالدين إلا أن يكون وسيلة للكسب الحرام .

قد يدفع تركيا اعتقادها بدعم حلف الناتو لها وأنها في منأى عن العقاب ولا خوف على قواتها المحتلة ، وهو أمر يؤخذ بالحسبان ، لكن هل يكون موقف الحلف منطقيا في الوقوف إلى جانب العدوان أم سيلتزم أعضاؤه الحياد طالما لا تتعرض الأراضي التركية لاعتداء .؟.

الأمر الأهم ، عدم الانتظار وإفساح المجال وإعطاء الوقت للقوات التركية لتقيم قواعدها وتحصيناتها ومراكز دفاعها الجوي ، وقد تكون المفاجأة إعلان أجواء ادلب محظورة على الطيران السوري ليكون هذا اضافة إلى باقي الاجراءات التي تطبقها على أرض الواقع ، حري بشعبنا أن لا ينتظر الاجراء الحكومي ، وليكن هناك نداء وطني – شعبي لتشكيل وحدات المقاومة للاحتلال التركي ، فالحدود مفتوحة ، والسلاح متوفر والعزيمة والايمان بالوطن بلا حدود ، فإن لم نكن أحرارا في الدفاع عن أمتنا التي نريدها حرة ، فإن حريات العالم ستكون عارا علينا ... لا نحتمله .

حماية الأقلية التركية في اللواء كانت مسمار جحا في حينه ... بعدها استولت عليه ...

اليوم نسأل : من أعطى لتركيا الحق – مسمار جحا الجديد ، وهل ننتظر لتهدم البيت على ساكنيه أو تطردهم وتضع يدها عليه .؟.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024