لم يكن مفاجئا خروج الولايات المتحدة الأمريكية من مجلس حقوق الانسان ، كان من الأفضل لها أن تتخذ قرارا بطرد باقي الدول من المجلس والحفاظ على عضوية ميكرونيزيا والسعودية والكيان الصهيوني .
الخروج الأمريكي من المجلس جاء على خلفية ادانة المجلس سلوك الكيان الصهيوني بمواجهة الفلسطينيين سواء في غزة التي خرج منها وفرض عليها حصارا بريا وبحريا ، وجويا بعد تدمير مطارها ، أو في الضفة وأراضي 1948 ، المجلس الحالي متحيز ضد الكيان الذي تعتبره الإدارة الأمريكية الصورة المصغرة عنها في المنطقة والذي يعمل على استعادة تاريخ الاستيطان الأبيض للقارة العظمى .
المستوطنون الأوائل للقارة الأمريكية قضوا على الملايين من الهنود الحمر – السكان الأصليين بطريقة " انسانية " إذ بدلا من تركهم يموتون طبيعيا ، كان يتم حصادهم بالأسلحة النارية التي امتلكها المستوطنون فقط ، عشرات الملايين تمت ابادتهم واستولى الأبيض على أراضيهم الخصبة ومواشيهم وحتى خيامهم ، كان ذلك قبل مئات السنين ، ذكريات لا بد من استعادتها ويحلو للأمريكان أن ترى أجيالهم الحاضرة حضارة أجدادهم يجسد الصهيوني تفاصيلها على أرض فلسطين التاريخية ، رغم أن اليهودي لم يستكشف فلسطين ، بل هو البريطاني اللئيم المخادع .
كان يكفي في الزمن القديم رؤية الهندي عن بعد ليقوم الفرسان بمطاردته وقتله ، كان محكوما سلفا بأنه إن بقي سوف يسلخ فروة رأس أحدهم ، كانت أسلحة البيض عجيبة ولم يعهدها الهندي ولم يدرك خطرها فيقف متفرجا ، مذهولا ، لكنه بعد التجربة وفناء مئات الآلاف بالمدافع سريعة الطلقات ذات الفوهات المتعددة أدرك الواقع ، الصهيوني في الزمن الحاضر يكفيه أن يرى فلسطينيا يضع يده في جيبه ليطلق عليه النار من عدة بنادق فقد يكون مشروع طاعن بمدية .
يصدف أن يصيب الهندي مستوطنا بسهم ، فيكون ذلك سببا كافيا لإحراق قرية بكاملها وقتل كل من فيها حتى الأطفال ، في القرن الحادي والعشرين إذا تعرض جندي أو مستوطن لطعنة سكين يتلقى طاعنه عشرات الطلقات ، ويحكم مجلس الانسانية في الكيان الصهيوني بهدم منزله وتشريد أهله ومن يقاوم يقتلونه ببرودة أعصاب ، ذكريات العقوبة الجماعية تتساوى بعد مئات ومئات السنين ، الأمريكي لا يزعجه ذلك فهذا دفاع مشروع عن النفس مارسه الأبيض زمن إبادة الهنود الحمر .
الأمريكي كان يسيطر على مساقط المياه والطرق السهلة والمناطق الجميلة ليقيم حصونه فيها ويطرد الهنود بعيدا إلى الجبال والصحارى ويمنع اقترابهم من المياه ، الصهيوني يمارسها اليوم مع فارق بسيط ، عدم قدرته على بسط سيطرته على كل منابع ومساقط المياه رغم رغبته .
أن يعبر الفلسطينيون عن غضبهم بالتظاهر حتى في المناطق التي غادرها الصهيوني صاغرا ، أمر لا تستسيغه الادارة الأمريكية ، لم يكن التظاهر موجودا زمن استيطان أمريكا ، ولن يكون مسموحا في هذا الزمن ، مسموح إنسانيا للصهيوني أن يطلق النار على المتظاهر حتى وهو على كرسي المقعد فاقدا ساقيه ، وعلى طفل يرمي حجرا لا يمكنها تجاوز الحدود ، وعلى صبية تحاول اسعاف مصاب ، مسموح للجنود الصهاينة التدرب على قنص هؤلاء وقد يتلقى بعضهم المكافأة على فعلته بموجب القوانين الانسانية الأمريكية .
ادانة الأفعال الصهيونية ضد الفلسطينيين لا تندرج تحت بند العدوان على حقوق الانسان ، فالشريعة الصهيونية تقول أن هؤلاء الغوييم خلقوا على شكل بشر ليكونوا جديرين بخدمة أبناء الله ، ومن حق اليهودي ابن يهوه إماتتهم حين يقرر .. هو لا يقتل ، هذه ليست جريمة .
عندما يختلف العالم كله مع الادارة الأمريكية حول مفاهيم الانسانية ، وحقوق الانسان ، فعلى هذا العالم أن يترك مجلس حقوق الانسان للادارة التي ترى نفسها وصورتها في مرآة الكيان الصهيوني ولهذا هي ترفض معايير الادانة وتراها متحيزة .
الادارة الأمريكية ومعها ميكرونيزيا والكيان الصهيوني من حقها ادانة الفلسطينيين الذين يقابلون الرصاص وقنابل الطائرات بالحجارة والمقاليع والطائرات الورقية ، القانون الانساني الأمريكي يفترض بالفلسطيني الوقوف مجردا حتى من ثيابه بمواجهة الصهيوني ليتأكد هذا أنه غير مسلح ، هكذا تتحقق العدالة ويمكن توجيه الثناء لمجلس الحقوق الأمريكية ،.. وقد فعلها نتن ياهو .
الادارة الأمريكية تمول المنظمة الدولية .. إذا المنظمة مملوكة أغلب أسهمها لها ، هي تديرها ، توجهها ، تملي عليها قراراتها وإلا ... أغلق الصندوق ، طار التمويل .
وقفت الادارة الأمريكية ضد تسلم سوريا المجلس الدولي لنزع السلاح ، حتى لا تطالب سورية أو تثير موضوع السلاح النووي الصهيوني ..!!. الولاية الأكثر دلالا ، والحصانة استثنائية على مستوى العالم . ليس لدى سورية أسلحة كيميائية ، الغرب يرسلها عبر تركيا ويوجه باستخدامها ويتهم سورية حتى لو تم استخدام السلاح ضد الجيش السوري ... !! . ماذا يسمي العالم هذا السلوك ، عهر سياسي أم نفاق وفجور وسقوط من عالم الأخلاق .؟.
|