اوردت الامينة الاولى في الصفحتين 189-190 من مذكراتها، المقطع التالي:
" صدر اول حكم بعد مرور ثمانية اشهر على توقيفنا، واذكر انه عند عودتنا من المحكمة وقد وصلنا امام باب السجن، وكنا لا نزال في السيارة والحراس من حولنا، وقف الامين كامل حسان وهتف، يا ابناء الحياة، لمن الحياة، لنا، ولمن نحيا، لسورية، ومن هو قائدنا: سعاده، تحيا سورية، تحيا سورية، تحيا، تحيا، تحيا. يحيا سعاده، يحيا، يحيا، يحيا. ورددنا هذه الهتافات كلنا بملء حناجرنا. كان مدير السجن الملازم الاول تركي التركاوي(1) على باب السجن ينتظر نزولنا حسب العادة لاستلام المساجين، وقد بُـهت من هذا الموقف ولم يجرؤ على قول اية كلمة للحرس.
" نزلنا من السيارة وعاد كل واحد منا الى زنزانته، وتركنا وراءنا الاعجاب الشديد في نفوس رجال الشرطة، اذ قال لي عدد منهم في وقت لاحق: نحن لم نرَ في حياتنا شجعاناً مثلكم، فبعد هذه الاحكام الفظيعة تهتفون وكأن الموت لا يعني لكم شيئاً!
هذا الموقف الجريء حصل امام باب سجن المزة.
رغم كل ما تعرّض له الرفقاء من حالات ارهاب وتنكيل وتعذيب وحشي. مع ذلك بقيت نفوسهم مشعّة بالصلابة والايمان والتحدي. و"في سبيلك يا سورية هذا القليل".
*
عرفتُ الامين كامل حسان بعد فترة من خروجه من الاسر، عضواً في اللجنة المركزية التي كان يرأسها الامين عبدالله محسن (وقد تحدثت عنها في اكثر من نبذة).
ثم عرفته بعد العفو (شباط 1969) وكان تولى مسؤولية عميد للداخلية، وكنت تعيّـنت رئيساً لمكتب عبر الحدود، في فترة تولي الامين عبدالله سعادة لرئاسة الحزب.
على مدى كل تلك الفترة، كانت علاقتي بالامين كامل جد وثيقة، كنتُ أكنّ له الكثير من المودة والثقة، وارتاح الى ما يتمتع به من فضائل الالتزام القومي الاجتماعي. لمن يرغب الاطلاع على النبذة التي عممتها عنه، الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info.
واذا كنت اذكر الامين كامل حسان بكثير من الحب والتقدير، فاني لا اغفل رفيقين من آل حسان، احببتهما كثيراً وما زالت صورة كل منهما مرتسمة في وجداني وامام ناظريّ كلما ذكرت بشامون ومن تميّز فيها من رفقاء مناضلين.
1. شقيقه الرفيق عفيف (والد عميدة البيئة الامينة ليلى، والرفيقة سمر) الذي كان فواحاً بطيبته ودماثة اخلاقه وسوية التزامه بالنهضة.
2. ابن اخيه عارف، الرفيق ناجي حسان الذي رافقت انتماءه الباكر الى الحزب، وقد عرفته جيداً في الستينات وكم تردد الى منزلنا في المصيطبة مع الرفيق السابق وليد نويهض ورافقت حضورهما ونجاحهما. الرفيق ناجي الذي خسرناه باكراً، كان من اطيب الرفقاء الذين عرفت، متمتعاً باخلاق النهضة، ومجسداً فضائلها.
هوامش:
(1) الملازم تركاوي: تشير الامينة الاولى في الصفحة 190 انه كان ذا منظر بدوي اسمر قاتم. طويل القامة، نحيل الجسم، تصرفاته مع المساجين فظة وعقوباته كثيرة، لكنه كان يتظاهر امامي بشدة الاحترام ويصرّح لي بأنه مستعد للاستفادة من معلوماتي في بعض المواضيع التي تهمّه في السجن، (عرفت انه ابن اخت الرفيق علي تركاوي من "تدمر")
|