إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

المجلس الوطني للتفجير

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني - البناء

نسخة للطباعة 2015-03-16

إقرأ ايضاً


بجهد جهيد، ومباركة صاحب العمر المديد، الوارث عن أبيه الاعتدال والوسطية والتجديد، تكدّست تنسيقيات 14 آذار لإطلاق المجلس الوطني في لبنان على خطى «الثورات» التي اندثرت قبل أن تولد. الهدف المعلن كما المضمر إسقاط النظام الصفوي، العلوي، البوتيني، العلماني، المتمثل بالجهاز الأمني السوري ـ اللبناني المشترك، وطرد الشراذم اللبنانية الموالية له خارج حدود «الهدنة» الموقعة سابقاً المسمّاة مجلس التنسيق والتعاون.

إن حماس ومباركة التنسيقيات كانا ظاهرين للعيان، فتنسيقيات طرابلس وعرسال على رغم بعدها الجغرافي أعطت كلمتها لفؤاد السنيورة، على عكس التنسيقيات الأخرى التي حضرت على أعلى المستويات، من معراب إلى بكفيا، ومن طريق الجديدة إلى زحلة والبقاع الغربي وزغرتا المعوّضية. وقد زاد بهاؤها حضور الأحزاب جارفة الشعبية، الكتلة الوطنية، الوطنيون الأحرار، وحزب السلام لصاحبه روجيه إدّه، وجماعة المتغفرنين نسبة إلى تشي غيفارا سابقاً وبعض المستقلين المستقتلين في تنسيقيات بيروت والبترون. ولا ندري إذا كان حضور الشاهد الشهيد مروان حمادة بصفة شخصية أم تمثيلاً لتنسيقية المختارة التي اعتادت على إجر بالبور واجر بالفلاحة .

كان المؤتمر ديمقراطياً للغاية، وخرج استناداً إلى مراجعات الذاكرة بهيئة تأسيسية أشبه بالمجلس النيابي اللبناني، فالأسماء ذاتها، والمهمات ذاتها، والاستهدافات ذاتها. فلم يُستثن أحد، حتى الكوتا النسائية ألحقت في اللحظات الأخيرة تكريماً ليوم المرأة العالمي.

لقد تميّز هذا المؤتمر ببيانه الختامي الذي أكد الحوار الدائر على الساحة المحلية، فحزب الله ليس إرهابياً بل هو من استجلب الإرهاب بحروبه العبثية الدائرة هنا وهناك وهنالك. والإرهاب فقط هو النظام الأسدي في سورية الذي «يقتل شعبه وأهله وأطفاله السلميين». وإنّ شركاء هذا المجلس هم فقط «الإخوان الأقربون الديمقراطيون» كالسعودية وقطر والبحرين إلخ… والإخوان الأبعدون نسبياً، الباحثون عن كيفية مساعدة لبنان اقتصادياً وعسكرياً كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

ولعلّ لهذا المؤتمر المتحوّل جسدياً إلى مجلس، رسالة إلى العالم والمنطقة، فهو سيسعى بالتأكيد إلى تصدير لوحة الترقيع الفسيفسائية إلى دول الجوار والأخوة. وهو سيحارب الفتنة الشيعية السنية واستبدالها بالفتنة السنية الشيعية. فالأولى صناعة فارسية خارجية والثانية إنتاج محلي ولو بمصانع سعودية وهابية. وبالتأكيد أيضاً سيجعل من الفساد المستشري أمراً منسياً من الذاكرة على نموذج الـ11 مليار دولار المسروقة من الخزينة اللبنانية، والتي استخدمت في شراء الذمم والأصوات وإقامة المهرجانات «المليونية».

إنّ هذا المؤتمر حالياً والمجلس الوطني لاحقاً، لن يكون جزءاً من محور النهب والقتل والتدمير العالمي. فهو كاد أن يكون فريداً على مستوى المنطقة لولا أنّ بعض زبانية الأميركيّين تجاوزوه في سورية وليبيا وتونس والعراق واليمن. ولن يكون جزءاً من الهجوم المعاكس بعد انتصارات الجيش العربي السوري والجيش العراقي والحراك الشعبي في اليمن وسقوط «الإخوان المسلمين» في تونس ومصر وتراجعها في اليمن وحتى في ليبيا.

غير أنّ ما يحيّرنا فعلياً، هو غياب العنصر القطري التركي، واقتصاره على جماعات معروفة بولائها الأساسي للسعودية. فهل تسعى السعودية إلى الاستفراد بالوضع اللبناني؟ لاستخدامه ورقة على طاولة المفاوضات مع «الإمبراطورية الفارسية»؟ أم أنّ الضربات التي تلقاها محور قطر/تركيا، والمتمثلة بحالة الأسير، وقادة محاور طرابلس ومنطقة الشمال جعل هذا المحور خارج دائرة الصراع؟

ما هو دور الجماعة الإسلامية واتحاد علماء المسلمين والجماعات التي تدّعي التركمانية في الشمال وحزب الدعوة وبعض فاعليات عرسال والبقاع الأوسط والغربي التي تموّلها قطر؟ هل ستبقى خارج المجلس؟ أم أنها ستسعى إلى إنشاء مجلس أو مجالس موازية؟

هل سنشهد مجلساً وطنياً واتحاد تنسيقيات و«جيشاً حراً» متمايزة على الساحة اللبنانية؟ أم أنه الشكل المعتمد في الحرب الأميركية بالوكالة؟

لا شك في أن تجزئة القوى الموالية للخط الأميركي ستجعل قبضة أميركا أقوى على كلّ منها. وأنّ إعلان هذا المجلس ليس إلا بداية لمرحلة أميركية جديدة أكثر مكراً وخبثاً ودهاءً.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024